متى يعتذرون للناس
في زمنِ ماضِ لن يعود إذا استمرت جرعات الوعي في مكافحة الجهل والتطرف والأفكار السوداوية كانا الواعظ والداعية شخصيتانِ تحتلانِ موقعاً مرموقاً عند الجماهير التي أجرت عقلها لتلك الفئة طاعةً لله ، في ذلك الزمن كان كُل شيء مُسير لا مُخير فما يقوله الواعظ أو الداعية من قولِ قد يكون مُنكراً فهو دين لا يسع أحدُ الخروج منه أو عليه ، في ذلك الزمن المُظلم حُرمت أشياء ليس لأنها حرام في أصلها بل لأنها ستؤدي بصاحبها إلى جهنم فهي لا تنسجم آبداً مع رغبات تلك الشخصيتين المريضتين اللتانِ وقفتا على باب سد الذرائع تدفع الناس للدخول دفعاً ، عقولُ أُختطفت وآرواحُ مُسخت وحياةُ كئيبة كان شعارها إحذر الشجاع الأقرع وأحذري الهاتف أيتها العفيفة فالعفة عفة الفرج عند أولئك القوم الذين لم يكن لهم ساحة سوى ساحة التحريم وساحة التضييق على المرأة بصفتها كائنُ شيطاني.
بسبب تلك الزُمره تساقط الشباب في براثن الإرهاب والتشدد بعدما كانت الوسطية غالبة ظاهرة وبسببها تحولت الصراعات السياسية السلمية في بعض البلدان إلى صراعاتِ دموية تكفيرية وصلت نيرانها إلى الداخل السعودي فيما بعد ، كان الناس في السابق آُمةُ واحدة لا يفرقها شيء وبسبب تلك الزمرة المتطرفة انقسم الناس بعدما وزعوا صكوك الغفران والاتهام في ليلةِ ظلماء فظهر التحزب الفكري والانتماءات الضيقة ولم يسلم من ذلك أحد وبرزت ظاهرة التقسيم المرضية وبات يخشى كل فردِ من اتهامة أو تصنيفة وكأن عقله يجب أن يكون تبعاً لمن يمتلك موهبة الصراخ والبكاء وتأليف القصص وترديد المرويات التاريخية والخرافية ، أشياء كثيرة تسببت فيها شخصياتِ كانت تظن أنها الدين وأن تدينها هو الصحيح السليم وبعد مدة اكتشف الناس أن تلك الشخصيات ماهي إلا شخصياتِ تبحث عن مجدِ تتسلق على أكتاف الآخرين ليكون لها بصمة وتاريخ أكتشف الناس أن تلك الفئة الكاذبة تمتلك المليارات من الريالات وتركت للناس الزهد وقصص الترغيب فيه واكتشفوا أيضاً أن مستوى تعليم ابناء وعاظ الخديعة والنفاق عالِ ذكوراً وإناثاً أما ابناء الآخرين فقد وقعوا ضحايا لتاريخ أسود شعاره التعليم تغريب والفتاة مكانها البيت فهي المدرسة وهي للفراش فأستحلوا فيها كل شيء حتى طفولتها التي لم تسلم من شهوة المضاجعة .
لو آردنا عد كوارث اولئك القوم لبتنا وأصبحنا ولم ننتهي فالكوارث لن تزول من ذاكرة المجتمع الذي تنفس الحرية وأكتشف أنه دينه الصحيح ليس عبارة عن وجهة نظر تُسمى فقهياً بفتوى بل نصوص واضحة صريحة وخلاف الفقهاء القدامى حقيقة يجب احترامها والاخذ بالقول الذي تطمئن إليه النفس يعد ديناً لا ينكره إلا جاهلُ أحمق فمتى يعتذر من هرول بإتجاه الوسطية والعقلانية بعدما كان في أقصى اليسار يدعو إلى الحرمان والتحريم بإسم الشريعة الغراء هم مدينون للمجتمع بإعتذار ومدينون للأسر وللمقابر وللشعوب التي اخترقوها بإعتذار فهل سيعتذرون أم أنهم سيقولون لا شأن لنا بكل ماحدث سابقاً فتلك عادتهم إن حِشروا في زاويةِ ضيقة وانهالت عليهم سِياط الوعي تجلدهم بالحقيقة المُره.
التعليقات (0)