بعد أن أثار أخي و صديقي موحى بن ساين مسألة التنظيم السياسي، وجدت نفسي متشوقا لقراءة مقاله و الوقوف على الأفكار التي تضمنها بغض النظر عن مدى مواكبتها لتحديات المرحلة التي نعيشها. لم يكن المقال أول طرح للموضوع إلا أنه كان بمثابة إعادة طرح و تذكير بضرورة وحتمية هذه المسألة نظرا لأهميتها الإستراتيجية في رسم معالم مستقبل الامازيغية في بلدنا.
يكاد الصوت الامازيغي يجمع على ضرورة العمل السياسي رغم بعض الآراء المحدودة عددا والتي تنادي بتغليب الطرح الثقافي في المسألة الامازيغية، خاصة في ظل فقر المكتبة الامازيغية و شح رصيدها من المؤلفات و المطبوعات والكتب حسب تقديرها. فالعمل السياسي على ما يبدو أسلم السبل إلى إعادة الاعتبار للمكون الامازيغي، إذ عبره سيمتلك المناضلون الامازيغ الحق في المشاركة في رسم ووضع سياسات الدولة و تشريعاتها.
ما أثارني في المقال المذكور، تكريسه لنظرية "المؤامرة الداخلية" و الصراع الأمازيغي-الأمازيغي و الذي قد يصل مستوى "التخوين"، مما يجعل الوضع استثنائيا يجب التعاطي معه بشكل جديد. ففي مرحلة البناء التي نحن بصددها في الحقل الأمازيغي، وأمام السهام الموجهة إلى الأمازيغية من طرف بعض القوى المعروف عداؤها للأطروحة الأمازيغية عبر التاريخ، خصوصا أنها لجأت بعد ترسيم اللغة الأمازيغية برغبة و مباركة من عاهل البلاد، لجأت الى أساليب أكثر التواء و تعقيدا في عرقلة حسن سير الامازيغية ومنها عدم وضع القانون التنظيمي لتفعيل ترسيم الأمازيغية ضمن سلم أولوياتها الحكومية، إلى جانب بعض الخرجات الاعلامية المستفزة من جانب بعض المحسوبين على هذا التيار أو ذاك، بنية تعكير صفو المياه و خلط الاوراق على المواطن البسيط، وصرف النظر عن هذا التماطل المقصود في فتح ملف الأمازيغية. في ظل هذه الحرب غير المعلنة إذا، نجد هناك من الأمازيغ من "يشكك" في حسن نوايا بعض المناضلين و الإطارات الأمازيغية. صحيح، أننا قد نختلف في زوايا النظر، في المنطلقات، في المرجعيات، في الوسائل، في الأهداف أو في غيرها من المعطيات، إلا أن الامازيغية تجمعنا كقضية اختارتنا بدون استئذان، لنرافع عنها و ندافع، نحن في مرحلة أحوج ما نكون فيها إلى الوحدة و التضامن و التآزر رغم كل هذه الاختلافات، يجب وضع كل الخلافات جانبا و التجند لتوحيد الكلمة الامازيغية حتى تتبوأ هذه الأخيرة مكانها الطبيعي على أرضها، أما من يركب على الأمازيغية لتحقيق مآرب شخصية فندعه لمحكمة التاريخ باختصار. نعم قد تكون هناك أخطاء أو اساءات أو تجاوزات، عفوية أو مقصودة صدرت عن هذا أو ذاك، لكن المرحلة تتطلب منا طي كل هذه الملفات الخلافية ورص الصفوف خصوصا أمام تعنت و تحجر من يعادون قضيتنا و عدالتها.
نحن في غنى عن التشرذم والانشطار الذي قد يحدثه هذا التصريح أو ذاك المقال، نحيي عاليا - وبدون استثناء - كل مناضلينا، كل أساتذتنا، كل باحثينا، كل طلبتنا، كل نسائنا و كل من يؤمن بعدالة قضيتنا و يسعى الى نصرتها. نحيي عاليا كل اطاراتنا الجمعوية التاريخية و الحديثة،الصغيرة و الكبيرة، الحضرية و القروية، نحيي مرصدنا الامازيغي للحقوق و الحريات، نحيي شبكتنا الامازيغية للمواطنة، نحيي معهدنا الملكي للثقافة الأمازيغية و كل المؤسسات التي تعمل لصالح الأمازيغية. ليس من باب التزكية أو المجاملة ولكن من باب حساسية طبيعة المرحلة و توظيف هذه "الصراعات" من طرف الأعداء الحقيقيين للمشروع الأمازيغي.
ليعلم كل المناضلين الأمازيغ أن البحث عن القواسم المشتركة في خطاباتهم المتنوعة هي الاستراتيجية المثلى، يجب أن يبحثوا عما يوحدهم، عن كلمة سواء بينهم، أن يستحضروا مبدأ الاختلاف و النسبية في علاقة بعضهم البعض، أن يكفوا عن اطلاق "النيران الصديقة"، أن يكثفوا اللقاءات والمشاورات، انه ما تقتضيه "تيموزغا"،تلك القيم التي ورثتموها عن أسلافكم منذ قرون وقرون. يجب التفكير في وضع سياسة نضالية تجمعنا ولا تفرقنا، سياسة نضالية تأوينا جميعا، سياسة توفق بين الثقافي والسياسي، سياسة تعترف بجميل الرواد و تنفتح على مبادرات الشباب. لقد آن الأوان أكثر من أي وقت مضى أن نستثمر طاقاتنا وأعداد مناضلينا المتزايد ثم عدالة وشرعية مطالبنا لتمكين الأمازيغية من حقها في الوجود والعيش في كرامة و عزة.
التعليقات (0)