مواضيع اليوم

متى يذوب الجليد

د.سلوى الأنصاري

2009-11-04 09:49:29

0

 

 

 

مشت متثاقلة تجر قدمها جرا ورأسها منكسا الى الأرض يملؤه الحزن تخنقها العبرة من روتين الحياة الذي بات يكبلها كل يوم. نظرت بحزن الى البعيد مبصرة سفن ومحطات منتظرة في البعيد وفي وسط البحر السماوي دون أن تنطق ببت شفة. هذا الشارع الذي اعتادت ان تزوره كل يوم لتنفض عن عاتقها بعض الهموم وتقابل بعض الوجوه الجديدة التي تقطع روتين حياتها المملة. كانت وحيده لا تملك غير الوظيفة وبيت صغير ترمي به اشلائها حين تتعب من الحركة في الشوارع بعد الانتهاء من العمل الصباحي الذي بدوره يضيف ضيق وروتين آخر الي الذي تعيشه كل يوم. لم تكن جميلة ولم تكن رشيقة ولا تملك من صفات الانوثه سوى الاسم المسجل بالهوية. أصحابها يعيشون حياتهم الخاصة ولا يخلطونها بالعمل ابدا وينتظرون مرور السنين حتى يتسنى لهم التقاعد والجلوس بين الهل اما هي فقد تعدت سن التقاعد وتجاهلت نفسها ودفنت ما تبقى لها من عمر في العمل.
جاءت يوما الى العمل مبكرة مستهلة لتبدا يوم جديد وحين رآها المدير تذمر وتمتم قائلا لمن معه نحتاج الى دماء جديدة وروح تضفى التجديد الى المكان فما كان منهم الا ان ضحكوا !. انتهت من يومها وسارت الى شارعها المفضل فلم تر احدا سوى بعض القطط التي تحوم مع ابنائها فامسكت بواحده صغيرة وأخذت تحدثها وتضحك وتسرد لها ما فعلت في العمل حتى هاجت القطة وكشرت عن مخالبها التي سرعان ما انغرست في يدها فرمتها على الارض متأوهة. سارت الى المنزل مرتعبة تبكى هذا الزمن الأغبر الذي جعلها وحيدة تحط من قدر نفسها الى كل متسول في الشارع حتى القطط تفر منها. انتظرت بفارغ الصبر صباح اليوم التالي لتذهب الى العمل وما ان حصل لها ما تريد ارتدت احسن ما تملك وذهبت الى مقر عملها تعبة وما ان دخلت حتى بادرتها السكرتارية بقرار نقل الكثير من الموظفين والذي ارج اسمها من ضمنهم الى منطقة نائية؟ بكت كثيرا وسارعت الى تقديم اوراق التقاعد في غضب وخرجت مسرعة الى شارعها المفضل وجلست في احدى المقاهي صامتة ترشف فنجان القهوة الذي امتلأ وما عاد يخلص على الرغم من شربها المتكرر ليحرق غضب وحزن امتلأ به القلب وتحركت احدى السفن البعيدة واطلقت صفارة التنبيه الا هي فقد جلست محنطة تفكر وتفكر ... متى يذوب الجليد.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !