مواضيع اليوم

متعة الاختيار..

ازهار رحيم

2009-02-09 06:59:56

0

د.ازهار رحيم

ـــــــــــــــــــــــ

azharrrehim@yahoo.com

 

كابته وصحفية عراقية

 جميل ان يشعر المرء بالحرية .. والاجمل  ان يمارسها  ضمن حدودها التي  رسمها هو لنفسه  وليس الاخرون . وهذه أمنية  تدخل  في قائمة الأحلام  المستحيلة  ما دمنا نعيش  في عالم من المجموعات البشرية  المختومة  بأسماء مختلفة مثل  العائلة والعشيرة  والمجتمع والدولة ومسميات أخرى .. اننا لا نختار وجودنا، يوم مولدنا   ،أسمائنا ، مماتنا..  ولا يتبق لنا سوى مساحة ضيقة  من الخيارات  لنعبر  من خلالها عن خياراتنا  القليلة حقا..  وأحيانا  نعبر فقط ولا نجرؤ على التنفيذ  .. المهم ان نهفو  لحلم صغير  يراودنا جميعا  وهو  فرصة لنختار ما نريد دون ضغوط  أي كان نوعها ..ان نختار   شئ ما، يفيضنا سعادة  ورضى،  ويسكب نهر من ضوء  يكنس عتمة صارت لازمة لأيامنا .. هذا الحديث نتداوله بكثرة هذه الأيام ليصبح هما جديدا في سلسلة همومنا  اليومية، ونحن محاصرين  بأفكار الاخرين  التي تهاجمنا  عبر الفضائيات  والشبكات  المحلية  وجيش الصحف  و والمجلات والاذاعات  التي لايعرف احد عددها بالضبط، وجميعها تغرقنا في  لجة من التساؤلات .. هل تتأجل الانتخابات ام لا ؟ ومن ننتخب؟ وكيف؟  واسئلة كثيرة تزدحم لتزيد من وقع همومنا..
الذي يهمنا هو ان نقف امام صناديق الاقتراع  دون  بعثي  او أي مسمى اخر يشغل  كل انظمته الحسية ،ليرقب  ما نكتب  ويحرص على قراءة الوجوه اكثر مما في ورق الاقتراع  للبحث عن شارة قد تهديه اذا فكر احدهم  ان  يخط كلمة (لا للقائد الضرورة )كما حدث في مهزلة الاستفتاء  التي خرج بنتيجة 99,9% تؤيد بقاء صدام على رأس نظامه الظالم  ، تساءل الكثيرون حينها   عن  الذي قال لا  و حرمه من نسبة 100% على سبيل المزاح، و فعلت روح النكتة التي يتمتع بها العراقيون في الازمات والنوائب اكثر منها في الافراح ..لكن رفيقة لي كانت تتباهى امامنا بعد انتهاء مهزلة الاستفتاء  بانها صاحبة الصوت الذي قال لا !! هكذا روت لنا نحن المقربون منها عن ماعانته امام عائلتها وهي تصر على ان تكتب كلمة لا ..  كاللصوص ،لان الجميع كان قد احترف الخوف من  بطش النظام في تلك الايام السوداء التي لم يسلم  فيها معظمنا  من  معاول ظلمه التي   حفرت عميقا قبور للموت في دواخلنا ، وبعد ان  دخلت في نقاشات عنيفة مع ذويها  من اجل اقناعها ان تكتب كلمة نعم ،طبعا ليس حبا  وولعا به   ولكن  دروس الظلم والبطش  التي   عاشها كل من عارض وتمرد كانت ماثلة امام اعين الجميع، وهي التي بكت دما وغزت الاشواك  روحها  تنتحب فجيعة غياب اثنين من اشقائها في سجون الطاغية دون اثر والى الابد.. لكن حظها التعس قاد اليها في يوم التصويت احد (اللوكية) من المشرفين على الاستفتاء  ليقف بالقرب منها ليرقب  بلؤم ماذا كانت تكتب ،فتظاهرت بان القلم لا يكتب وعليها ان تستدين  اخر من شقيقتها وهكذا مرت اجمل.. لا..   منسابة  برشاقة من اناملها الى الورق  دون خسائر ، نجح البعض بتمرير  كلمة لا ،وكتب الكثير نعم  خوفا ،وتمادى من اتقنوا تقبيل احذية مسوؤلي النظام الطاغية  وتعودوا الاجترار من فضلات موائده، بكتابتها بالدم مثل ما اسأوا  للدين الاسلامي  بكتابة القرآن  بالدماء  ،لتوصم تلك المرحلة من تاريخنا  بالمظلمة  .. رفيقتي تلك كانت ومازالت تتباهى بكلمة لا .. وتعترف ان متعة كلمة لا تلك.. لا تضاهيها سوى  سعادتها عندما وقفت امام القاضي لتزهو شفتيها بكلمة نعم، في  يوم عقد قرانها.. و اليوم تصر  والكثيرون مثلها  بان يدلوا برأيهم حتى وان اجتمعت  كل شياطين  التفخيخ  لتزرع  الموت   وتنحر ذلك اليوم ..
   لحظات الفرح يتيمة في حياتنا.. ويصر واقعنا الحزين على استلاب ما تبقى منا  فتبقى فرص متعنا في الحياة  نادرة وفرصة ان تقول  رأيك  فيمن ننتخب  بحرية، متعة  لا نضير لها  لانها  تثبت بحقنا في  اول  الغيث ، الذي سيفتح مرجا اخضر امامنا  لنحس اننا نمارس  انسانيتنا وبقوة ... 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !