ربما الشعور بالنقص الذي أصبح يُكبّل أمتنا، هو ما يدفعنا للتّنكر دوما لبعض إخواننا من (المتطرفين)، وبمجرّد ثبوت تورّطهم في أعمال تخريبية، أو حتى بدون إثباتات أحيانا، ننبذهم ونتفل على وجوههم (أعزكم الله)، رغم مشاعر الإنتماء والشفقة التي تنتابنا لحظتها، لكننا نكبتها سريعا، وندفنها عميقا، ونتراقص على أنقاضها مع المتراقصين على كرامات إخواننا وإنسانيتهم، كتلك المهدورة في دهاليز (غوانتنامو)، حيث الشر المُجسّد ضد الإسلام ؟!..
فلا أدل على ما قلته وما سأقوله، مما رُوي ويُروى في فصول حكاية جحيم المسلمين ذاك، لأن المفارقة تبقى أن كل إرهابيي العالم ومتطرفيه (يجب) أن يكونوا من المسلمين ؟!.. ورغم أن أغلبهم بريء، ولا يساورنا أدنى شك في أن الإسلام (الأمة) هي المستهدفة، وليس أولئك الأفراد المساكين .. لكننا ننكر كل ذلك، ونستمر في لعنهم مع اللاعنين ؟!..
هي ليست دعوة مني إلى التطرف كما تبدو، بل هي إعادة صياغة المفهوم الذي نتشاركه مع إخواننا الذين ينسفون أنفسهم وغيرهم بإسم الله . هو ذاته الله الذي نشاركهم عبادته . لأننا حتى وإن كنا قد توقفنا في درجات معتدلة، فيما إستمروا هم في غلوّهم حتى عيّنوا أنفسهم (مُطهّرين للأرض)، فإن قاعدتنا ومنطلقنا معهم واحد، وصلتنا معهم لن تنقطع بضلالهم الطريق !.. لكننا نستمرّ رغم ذلك في لعنهم مع اللاعنين ؟!..
الله، قطعا لايدعو إلى التهلكة، ولا إلى إزهاق النفس . لكن يشفع لأخواننا ـ عندنا نحن الأحياء ـ أنهم حملوا لواءه وإسمه، أما حسابهم فهو عنده وحده !.. ومع ذلك نستمر في لعنهم مع اللاعنين ؟!..
الحقيقة، أنه لايوجد إنسان على وجه الأرض، لايتطرّف لفكرة أو مبدأ أو مُعتقد، حتى ولو أنكر ذلك . لكن درجات التطرف هي التي تخلف . و لا أدلّ على ذلك من بعض الملحدين الذين يقولون ويكرّرون مليا، أنهم لايعتنقون شيئا، رغم أن تطرفهم لإلحادهم لم يعد خافيا على أحد . بمهاجمتهم الدائمة لمعتقدات غيرهم بأبشع الصور، وأقذر الكلمات . ويقينا لو حُمّلوا قنابل أو أحزمة ناسفة لتفجيرها في المسلمين مثلا، لفعلوا .. لأن المسلمين بمفاهيم هؤلاء، حُمّلوا جميع عيوب البشرية ومساوئها، ولا يملكون حسنة واحدة تجعلهم يستحقون العيش بسلام ؟!.. فبماذا يختلف هؤلاء عمّن ينتقدونهم من متطرفينا، حتى نعينهم عليهم ونكون معهم من اللاعنين ؟!..
فما دامت كل أمة تقريبا تحفل بمتطرفيها حتى وإن كانوا يحاربون ذويهم وجيرانهم كما هو حال ألمانيا مع متطرفيها (النازية)، أو كما هو حال النرويج مع سفاحها المتطرف والمختل . فكيف بمن يحاربون الإسلام والمسلمين ؟!.. فلماذا نستمر نحن في لعن إخواننا بدل أن ندعوا لهم بالرحمة والمغفرة ؟!.. ففي النهاية كلنا متطرفون، ولكن .. ؟!.
24 . 07 . 2012
التعليقات (0)