وثائق رسمية أوصت الفنادق بضرورة تثبيت أجهزة أمن وحماية بتوجيهات من جلالة الملك قبل أكثر من عام ونصف على وقوع إنفجارات عمان
متضررو أحداث تفجيرات عمان ينتظرون القضاء الأردني للفصل في قضاياهم ..
• بعضهم لم يستكمل علاجه من الإصابات.. وآخرون فقدوا معيلهم ..
ينظر القضاء الأردني الآن حوالي خمسون دعوى أقامها متضررون ومصابون وورثة ضحايا تفجيرات عمان الأليمة وذلك للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم جراء تلك التفجيرات.
ولا يزال هؤلاء المدعين في إنتظار صدور قرارات المحاكم في هذا الخصوص، حيث توجهوا منذ نحو عامين لمحامين من أجل إقامة دعاوى موضوعها التعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهم جراء حادث التفجيرات المذكور، فيما يظهر من حيثيات الدعاوى عدد من التساؤلات التي يتم البحث عن إجابات لها، أبرزها ما يتعلق بغياب الأمن والتفتيش في مداخل وأروقة الفنادق الثلاثة.
وتدور في المحاكم الأردنية حالياً جلسات خاصة بالقضايا للنظر بمطالب المتضررين سواء أكانوا من أهالي الضحايا أو المصابين المتمثلة بتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة الحادثة بواسطة دعاوى قضائية ضد الفنادق التي وقعت بها التفجيرات من خلال محامين محليين.
وحول السبب في إقامتها دعوى قضائية ضد فندق راديسون ساس تقول السيدة زينب عبدالقادر زوجة المرحوم زهدي أخو إزهية أحد ضحايا فندق راديسون ساس "لقد سمعنا عن دعاوى مرفوعة ضد الفندق الذكور للتعويض عن الأضرار، وسارعنا مع آخرين لرفع دعوى بسبب وفاة المعيل، حيث توفي المرحوم تاركاً خمسة أطفال قصر أكبرهم يبلغ الآن 15 سنة وأصغرهم يبلغ خمس سنوات الآن، وتعتمد الآن عائلة المرحوم المكونة من الأطفال الخمس وزوجته ووالدته وشقيقتاه على راتبه التقاعدي من الضمان الاحتماعي والبالغ 139 ديناراً، والباقي يأتينا كمساعدات من أهل الخير علماً أننا نسكن في بيت بالإيجار".
ويقول الشاب أحمد غنيم (25) عاماً، وهو أحد الذين أصيبوا إصابات بالغة وذلك أثناء قيامه بأداء واجبه المهني كمساعد فني في إحدى شركات تجهيز الحفلات المعروفة في المملكة: " قمت بإقامة دعوى قضائية ضد شركة فنادق هوليدي الأردنية مالكة فندق راديسون ساس/ عمان بعد أن فقدت امتيازات مالية نتيجة إصابتي التي أدت إلى عجز دائم بيدي اليسرى حيث لا يمكنني القيام الآن بعملي الذي كان يحقق لي دخلاً ممتازاً بسبب عجز يدي مما ألحق بي أضراراً مادية وكسب فائت، وحرمني من تحقيق دخلاً معقولاً لأستطيع من خلاله تكوين مستقبلي، إضافة إلى عجزي عن متابعة العلاج اللازم لإصاباتي، لهذا تقدمت برفع هذه الدعوى من أجل الحصول على تعويض من شأنه أن يغطي الخسائر التي لحقت بي نتيجة حادث التفجيرات الأليمة".
وكان غنيم قد أصيب إصابة بالغة في الأمعاء إضافة إلى إصابات قوية في أوردة يده وقدمه اليسرى وهو لا يزال بحاجة إلى مراجعة الأخصائيين والعلاج لغاية الآن.
أما المصاب صالح صالح فيقول حول الأسباب التي دفعته لرفع قضية ضد فندق الراديسون ساس "الأسباب هي عجزي عن السمع بسبب ثقب في طبلة أذني اليمنى بالإضافة للأضرار النفسية والمادية التي لحقت بي نتيجة حادثة التفجيرات في فندق راديسون ساس/ عمان".
ويقول المصاب زياد فارس "لغاية الآن أعاني من قدمي التي أصيبت ولا يمكنني علاجها، وقضيت فترة طويلة في علاجها ولكن دون جدوى، بالإضافة للأضرار النفسية والمادية التي لحقت بي، وما زلت بحاجة للعلاج ولا حياة لمن تنادي لذلك قمت برفع دعوى ضد فندق راديسون ساس/ عمان لتعويضي ولتمكيني من استكمال العلاجات اللازمة كونها مكلفة خاصة أنها علاجات طبيعية".
يذكر أن ورثة المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد الذي كان في مدخل فندق حياة عمان وتوفي بعد إصابته في التفجيرات بيومين، كما قتلت إبنته ريما أثناء التفجيرات أيضاً، أقام ورثتهما دعوى قضائية ضد الفندق المذكور للمطالبة بالتعويض عن وفاته ووفاة ابنته بسبب أن الفندق هو المسؤول عن أمن وحماية رواده وزائريه.
وكانت تعليمات رسمية قد صدرت في إبريل 2004 من معالي وزير الداخلية ـ أي قبل التفجيرات بعام وسبعة شهور ـ بناءاً على توجيهات من رئاسة الوزراء بموجب الكتاب رقم 313/1/5931 تاريخ 1/3/2004، حيث صدرت تلك التعليمات بموجب قانون الأمن العام وتعديلاته رقم 38 لسنة 65 والمنشور في عدد الجريدة الرسمية رقم 4651 بتاريخ 1/4/2004، الت نصت على ضرورة تثبيت أجهزة إلكترونية لتفتيش الأشخاص (WALK THROUGH) والأمتعة (X-RAY) وكذلك أجهزة يدوية (HAND HELD) في المباني والمنشآت العامة والخاصة.
كما وتبع تلك التعليمات عدة كتب وخطابات منها كتاب صادر عن وزارة الداخلية إلى دولة رئيس الوزراء ومذيل بتوقيع وزير الداخلية آنذاك سمير الحباشنة يحمل الرقم 2/28/31102 مؤرخ 4 حزيران 2004 يشير في بنده الثاني إلى أن اللجنة المعنية في متابعة التعلميات "أنهت أعمالها وأرفق بطيه نسخة كاملة ومفصلة لكافة الإجراءات التي قامت بها اللجنة مع كافة المعنيين بالقطاعين العام والخاص"، كما وقد تضمن هذا الكتاب تحديد الاحتياجات الفنية والبشرية وآلية التنفيذ كذلك أكد الكتاب في الفقرة (ج) من المادة (3) على الإجراءات الأمنية الوقائية التي عممها معالي وزير الداخلية.
وتبع ذلك كتاب آخر صادر عن وزارة الداخلية إلى معالي وزير السياحة والآثار بموضوع أمن المباني والمنشآت، كمتابعة لتعليمات رئاسة الوزراء والصادرة بتاريخ 13 آذار 2005 على ثلاثة بنود تضمن بندها الأول على صورة لكتاب سابق يحمل رقم 2/28/31102 كانت الداخلية أرسلته بتاريخ 4/7/2004 إلى وزارة السياحة والذي يشير إلى التقديرات الفنية والبشرية والمالية للقطاعين العام والخاص للأولوية الأولى ومن ضمنها مجموعة من الفنادق إضافة إلى آلية التنفيذ المقترحة.
وتضمن الكتاب في بنده الثاني أيضاً نصاً يفيد "الموضوع أعلاه جاء بتوجيه ملكي سامي مما يستوجب سرعة التطبيق وعليه تم مخاطبة رئيس مجلس الإدارة في كل فندق منها".
وبحسب التسلسل الإداري وجه أمين عام وزارة السياحة والآثار آنذاك فاروق الحديدي خطاباً رسمياً لرئيس جمعية الفنادق الأردنية ميشيل نزال يحمل الرقم 51/474/5331 بتاريخ 5/7/2005 أي قبل حدوث التفجيرات بنحو أربعة أشهر وموضوعه أجهزة التفتيش الشخصية (HAND HELD) ويتضمن في مادته رقم (4) قيام الوزارة بمخاطبة معالي وزير الداخلية بموجب كتابها رقم 51/474/4477 تاريخ 9/6/2005 للاستفسار حول إمكانية وكيفية الحصول على أجهزة التفتيش الذاتي لاستخدامها في تفتيش رواد النوادي الليلية والملاهي الليلية والصالات المستعملة لهذه الغاية في المنشآت الفندقية وذلك من أجل منع وقوع أية مشاكل محتملة وتوفير الأمن والحماية لرواد هذه الفعاليات.
واحتوى الكتاب في نهايته على الاطلاع والعمل لاتخاذ الإجراءات اللازمة والسريعة لتوفير هذه الأجهزة لدى النوادي والملاهي الليلية الموجودة داخل المنشآت الفندقية الأعضاء في جمعية الفنادق الأردنية لاستخدامها في التفتيش عند مداخل هذه الفعاليات منعاً لوقوع أية مشاكل محتملة وتوفير الأمن والحماية لرواد هذه المحلات.
وفي كتاب آخر بتاريخ 18/8/2005 طلب وزير السياحة الحديدي من جمعية الفنادق الأردنية إعلامه عن الإجراءات التي قامت الجمعية بها، وتوالت الخطابات الرسمية حتى مع تغير وزير الداخلية حيث تسلم معالي السيد عوني يرفاس منصب الوزير وأصدر كتاباً رسمياً إلى معالي وزير السياحة والآثار يحمل الرقم 2/28/311 بتاريخ 12 تموز 2005 يتضمن أربعة بنود وينص أولها على موافقة رئاسة الوزراء بتثبيت أجهزة تفتيش إلكترونية في 81 منشأة بناء على تقديرات فنية وبشرية وآلية ومن ضمنها مجموعة من فنادق الدرجة الأولى (25) فندق.
وفي انتظار الإجراءات السابقة أرسلت معالي وزير السياحة والآثار علياء بوران حيث تغير منصب الوزارة وقتها بكتاب رسمي حسب التسلسل الرسمي والإداري وجهته إلى رئيس جمعية الفنادق الأردنية يحمل الرقم 25/4/6068 بتاريخ 31/7/2005 تقول فيه في فقرته الثانية "أرفق لسعادتكم بطيه صورة عن كتاب معالي وزير الداخلية رقم 2/28/311 تاريخ 12/7/2005 الذي يشير فيه إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في جلسته المنعقدة بتاريخ 7/9/2004 بخصوص الموافقة على تثبيت أجهزة تفتيش إلكترونية في (81) منشأة ومن ضمنها (25) منشأة فندقية، علماً بأن وزارة الداخلية سبق لها وأن خاطبت رؤساء مجالس وإدارات هذه الفنادق للإسراع بتوريد وتركيب هذه الأجهزة وتم إعلامكم بذلك في حينه ولا تزال وزارة الداخلية بانتظار الإجراءات التي تمت".
وذكرت بوران في نهاية خطابها "يرجى التعميم على منتسبي جمعيتكم الموقرة المشمولة بالقرار أعلاه للإسراع بإجراء المقتضى وإعطاء الموضوع الأهمية اللازمة في سرعة الإنجاز وذلك حفاظاً على أمن وسلامة النزلاء".
من جانبه قام رئيس جمعية الفنادق الأردنية ميشيل نزال بتوجيه الخطابات الرسمية للفنادق المعنية بتاريخ 3/8/2005 أي بعد مرور سنة وشهر على تعليمات رئاسة الوزراء وبعد المرور بعدد من الكتب الرسمية بين وزارة الداخلية والسياحة والآثار والجمعية نصت إحداها والتي تحمل الرقم 259/ج ف/م ن/2005 بتاريخ 3/8/2005 " قمنا بالإبلاغ للإسراع بإجراء المقتضى وإعطاء الموضوع الأهمية اللازمة في سرعة الإنجاز وذلك حفاظاً على أمن وسلامة النزلاء".
وبتاريخ 22/8/2005 أصدر المدير العام لجمعية الفنادق المهندس عبدالحكيم الهندي كتاباً إلى عطوفة أمين عام وزارة السياحة والآثار يحمل الرقم 271/ج ف/ ع هـ/2005 يقول فيه "أرجو إعلامكم بأن الجمعية قد قامت بمخاطبة الفنادق حسب طلبكم، مطالبين الفنادق باتخاذ الإجراءات السريعة لتوفير هذه الأجهزة".
والجدير بالذكر هنا أن رئيس مجلس إدارة جمعية الفنادق الأردنية السيد ميشيل نزال كان يشغل منصب نائب رئيس هيئة المديرين لشركة فنادق هوليدي الأردنية مالكة فندق راديسون ساس/ عمان في نفس الوقت الذي كان يشغل فيه منصب رئيس مجلس إدارة جمعية الفنادق الأردنية، الأمر الذي يشير إلى علم فندق راديسون ساس/ عمان بالذات بشدة الأهمية لتلك التعليمات الظاهرة في الوثائق المبينة أعلاه، إلا أنه لم يبادر إلى تنفيذ مضمونها أو توفير الحد الأدنى من الأمن والحماية لرواد وزائري الفندق المذكور والمتمثلة بالتفتيش اليدوي، الأمر الذي يشير على تقصير الفندق وتحميله المسؤولية الكاملة عن وقوع التفجيرات داخله، مما أدى إلى قيام أهالي ضحاياه والمصابين فيه بالتوجه إلى القضاء العادل للحصول على حقوق يأملون الحصول عليها.
ولدى سؤال المحامي الأستاذ طارق الساحوري – المتخصص في قضايا التعويض – والذي أقام مجموعة من الدعاوى لصالح عدد من المتضررين في حادث تفجيرات فندق راديسون ساس، أفاد بأن "المشرع الأردني قد أورد القاعدة العامة في المسؤولية التقصيرية في المادة 256 من القانون المدني الأردني، والتي تنص بأنه " كل إضرار بالغير يلزم فاعله ولو غير مميز بضمان الضرر" وأساس هذه المسؤولية يقوم على مبدأ الخطأ، سواءً كان هذا الخطأ سلبي و/أو إيجابي. وقد عرف الفقه القانوني والقضائي الخطأ التقصيري بأنه إخلال بمبدأ الإلتزام بإحترام حقوق الكافة وعدم الإضرار بهم وهو إلتزام ببذل عناية، والعناية في هذا المجال تعني إتخاذ الحيطة والحذر والتحلي باليقظة والتبصر في السلوك لتحاشي الإضرار بالغير. وهذا ما إستقر عليه إجتهاد محكمة التمييز الموقرة حيث إعتبر أن الخطأ يكون إما بفعل إيجابي (القيام بعمل من شأنه أن يلحق ضرراً بالغير) أو يكون بفعل سلبي (وهو الإمتناع عن القيام بعمل بحيث يكون من شأن هذا الإمتناع إلحاق الضرر بالغير)".
وتابع الساحوري "إذا ثبت هذا الخطأ – السلبي و/أو الإيجابي كما تقدم - وكان من شأن هذا الخطأ إلحاق الضرر بالغير، فإن مرتكبه يكون ملزماً بالتعويض تجاه المتضرر عن ذلك الضرر. وهذا لا يعني أن الشخص الإعتباري بريء من المسؤولية، فالشخص الإعتباري مسؤول عن أخطاء تابعيه من قبيل مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعيه حسب ما نص عليه القانون المدني في الفقرة (ب) من المادة (288)".
وأوضح بالقول "في حالتنا هذه يتمثل خطأ الفندق – الذي وقع فيه التفجير – في تقصيره وإهماله وإمتناعه عن إتخاذ كافة الإحتياطات والإجراءات الكافية والضرورية واللازمة للمحافظة على أمن وسلامة وحياة زوار ورواد وضيوف الفندق المذكور أعلاه والمتواجدين فيه، كذلك عدم إلتزامه بالتعليمات والكتب والخطابات والتحذيرات الموجهة إليه – قبل وقوع الحادث المذكور – من قبل الجهات الرسمية والحكومية والأهلية والخاصة اللازمة بهذا الخصوص، مما ترتب على خطأه وإهماله وتقصيره المذكور أعلاه سهولة وبساطة دخول الإرهابيين وتنفيذ هدفهم ومبتغاهم بالتفجير داخل الفندق وبالأخص داخل حدود قاعة حفل الزفاف، الذي أدى إلى وفاة وإصابة عدد كبير من المتواجدين في الفندق وبالأخص المتواجدين داخل قاعة الإحتفال، مما رتب المسؤولية التقصيرية بذمة الفندق المذكور".
محمد غنيم
mgnaim@yahoo.com
التعليقات (0)