مواضيع اليوم

متدور موصلي

شريف هزاع

2009-05-16 06:57:22

0

مثري العاني

المتادور الموصلي

MATADOR

شريف هزاع شريف

مثري طه محمد  العاني ( 1940  الموصل ) كاتب متخصص بالمسرح العراقي والتراث الشعبي انجز اكثر من 200 بحث ودراسة في المسرح والنقد وعلم الفلكلور نشرت بحوثه في اقطار الوطن العربي والعراق ويحمل صفة خبير في التراث الشعبي العراقي من قبل دولة قطر والبحرين وبعض دول الخليج ، كلف اليوم بالكتابة في موسوعة القرن التي ستصدر قريبا ..

 

 

 

 

 

 

 


تقرير منه للمخبر الاخير !

¨ نادرا ما يراه المرء وهو لا يتأبط صحيفة اويحمل مجاميع كتب ترهقه في المسير ، فهو احد رموز شارع النجفي في الموصل وقرينه العريق (شارع المتنبي) الذي كان يرتاده ابان زياراته الى العاصمة بغداد ، وكان ينتهز فرصة للحاق بمعرض بغداد الدولي للكتاب بشتى الوسائل حتى ان مديره في العمل بات يعرف ان انطلاقة المعرض تعني اجازة لموظفه ( مثري طه العاني) الذي سبق رخصة الذهاب قبل ان يوقعها مديره الطيب ، فيعود محملا بالمزيد من الكتب التي تعطر بيته برائحة الورق ، ولم تعد رفوف المكتبة تكفي لاحتوائها  ، فاستعار من اولاده وعائلته سلالم السطوح ليضع عليها بحوثا ومصادر سهلة المنال ليديه ، ولم يعد سطوح بيته مستخدما لصعوبة الوصول اليه عبر سلالم من الكتب منذ ذلك اليوم ، اذا كانت ام الجاحظ قد قالت لولدها لم يعد لنا طعام لنأكله .. فقدمت له يوما سلة الكتب ليأكلها بدل الخبز ، فإن مثري العاني التهم الكتب فعلا...ليست مكتبته الشخصية التي عهدتها قبل سنوات مكتبة متخصصة وحسب بل ان الجزء الاهم منها كان ( متخصصا) ، والجزء الاخر هو حقلا متنوعا من العلوم والافكار والدواوين والتاريخ شرقا وغربا ...

 ¨ في عام 1956 كان يمكن للمثقف الموصلي ان يُعَرِف مثري العاني بـ ( صحيفة وكتاب ومخبر سري يمشي ورائه) ذلك المخبر الذي لم يغادر سنين حياته المليئة بالصراعات والانتفاضات والمظاهرات بدءً من مظاهرات الطلبة التي تزعمها عام 1956 في الاعدادية المركزية والتي عم صداها مدينة الموصل اثر الاعتداء الثلاثي على مصر ، وكان تعاطف الناس مع الطلبة بلغ من الحد ان يرموا بسلال الطعام من على اسوار الاعدادية للطلبة المعتصمين فيها ، معرضين انفسهم للاعتقال ،  لم ينته العدوان الثلاثي الا وهو يقبع في السجن مع زملاء له ، وفصل من المتوسطة ثم اعيد بعد اصدار عفو عن المتظاهرين ، الا انه لم يكن بعيدا عن اعين السلطة وقتها لانه وضع تحت الرقابة الامنية والتي انتهت عام 1958 اثر نجاح ثورة 14 تموز 1958 واصبح وقتها متفرغا للعمل الطلابي وانتخب اول سكرتير لاتحاد الطلبة وعضوا في المجلس المركزي للطلبة .

¨ لم يستقر له حال رغم العوز الذي كان فيه فعمل كاتبا في نقابة المعلمين عام 1959 وبقي محافظا على مساره الوطني والسياسي رغم الصعوبات والعراقيل التي واجهته والتي ستواجهه فيما بعد ...

¨ دخل المرحلة الاعدادية في عام 1960 واعتقل مجددا في العام نفسه لنشاطه الوطني وبقي75 يوما في المعتقل ، وبعد ان ساءت الاوضاع السياسية والامنية في مدينة الموصل اثر حوادث الاغتيالات وتعرضه للاعتداءات المتكررة غادر الموصل متجها الى العاصمة بغداد تاركا الدراسة التي سيطول امرها تعقيدا في حياته ، وعمل هناك كاتبا في جمعية بناء المساكن للمعلمين التابعة لنقابة المعلمين واصبح متفرغا تقريبا للعمل السياسي فعاش استقرارا نسبيا في تلك السنوات حتى عام 1963 وهو العام الذي حدث فيه انقلاب 8 شباط ، فاعتقل مجددا وبقي في الاعتقال طويلا ،  ورجع اليه مراقبه السري ليدون خطواته في مدينة الموصل وكركوك وبغداد حتى قدم للمحاكمة في ( المجلس العرفي العسكري الثاني /كركوك) وذلك في عام 1967 وحكم عليه بالسجن 6 اشهر مع وقف التنفيذ لكونه شابا في مقتبل العمر ولفسج المجال امامه .

 ¨ عقد الستينات كان عقد السنوات العجاف في حياته مابين 1963 /1968 عاش بارغفة الفقر والعوز والبطالة متنقلا بين الموصل وكركوك وبغداد وكانت اقسى سنوات الاعتقال والسجن والمراقبة الامنية التي كانت تأخذه بين الفينة والاخرى الى دائرة الامن للاستجواب والتحقق من تحركاته .

¨ اراد باصرار ان يكمل الاعدادية التي حرم منها فرجع ا عام 1967 في اعدادية الشعب المسائية ليحصل اخيرا على الشهادة عام 1968 والتي سارع للعمل بها ليحصل على وظيفة في دائرة الاشغال والاسكان لحين احالته على التقاعد ، ثم التحق عام 1975 بالجامعة المستنصرية حالما بكلية الادارة والاقتصاد التي لن ينالها ابدا ، بعد ارغامه على ترك الكلية لنشاطه السياسي فلم يهدأ له بال فالتحق بدورة تدريبية في القانون في جامعة بغداد وارغم هذه المرة على ترك الدورة لنفس الاسباب ، فتأبط كتبه وصحفه هذه المرة ليس للانسحاب او التراجع بل ليستكمل هو بنفسه ما يريد ان يحقق رغم انف السلطة .. الا ان هذا اليوم هو الذي تستطيع ان تعلن هذا الامر على الملأ دون خوف او حاجز ، اذا كان تعريفه بالامس (صحيفة وكتاب ومخبر سري ) فإن اليوم لم يتغير سوى المخبر السري الذي اصبح مخبرا علنيا تمثل بالصحف والمجلات والكتب التي كتبت عنه والشخصيات التي تناولته بالدراسة والاهتمام .

تقرير عنه من ...

¨عرفته الصحف والمجلات العراقية  والعربية في الاردن وقطر والبحرين وسورية وعُمان والامارات العربية التي اعطته صفة خبير بالتراث الشعبي العراقي وتحديدا الموصلي كما اعتبرته الفرق المسرحية العراقية خبيرا وناقدا مسرحيا رفيع الطراز.

¨ شكل عام 1958فرقة ( الحدباء للتمثيل المسرحي) وقدم مسرحية الكاتب الشهير غوغول (المفتش العام) في 30/4/1959 احتفالا بعيد العمال العالمي واستمر العرض اسبوعا كان هو بطلها ومخرجهاثم اخرج مسرحيات اخرى وشارك في تمثيلها ايضا :

1-               مسرحية طبيب بالكوة ( التي عرقها عن مسرحية طبيب رغما عنه للكاتب المسرحي مولير)

2-               مسرحية عيادة طبيب مطركعة

¨ بدأ قلمه ينزف دما في اذار عام 1960 ليكتب اول مقال له في صحيفة ( صوت الاحرار) ثم وتوالت عملية النشر والحضور في الصحف العراقية ، مهتما في مواضيعه بالجانب الادبي المبطون بالهموم السياسية والوطنية الا ان المداهمات التي اعتاد عليها منزله الصغير في الخاتونية بات يعرف وقع اقدام رجال الشرطة اما هو فكان يعرف احيانا اين سينام يومه بالحدس ، عبثت الايدي بتركته الوحيدة ( كتبه وارشيف صحفه التي كان يعتز بها ) فجرجر رجال الشرطة تاريخه وكتبه التي تساقط جزء منها في ازقة المحلة واخرين احكمو قبضتهم على اثاث بيته الذي القي القبض عليه دون رجعة ، فافترش هذه المرة الارض متأملا حالما بكتاب جديد لا يتعرض للمصادرة ، فعمل فيما بعد على ترحيل كتبه الى بيت شقيقته الكبرى خوفا من ان تتكرر عملية اغتيال تاريخه ...

¨ التحق بفرقة مسرح ( الاحرار) عام 1961 التي قدمت عملها ( العودة الى بنزرت) من اخراج خضير اسبير والتي لم ترى النور سوى ليوم واحد فقط لانها منعت من العرض لاسباب سياسية .

¨ ربطته علاقة الصداقة والتقدير باساطين المسرح العراقي من مخرجين وممثلين كالاستاذ يوسف العاني ومحي الدين زنكنه وجليل القيسي الذين تأثر بهم مسرحيا ،وبدري حسون فريد وعوني كرومي وجعفر السعدي وفاروق اوهان ووجيه عبد الغني واديب القليه جي وطلال حسن وغيرهم .

¨ في عام 1970 دعاه المخرج عز الدين ذنون للمشاركة في تمثيل احدى مسرحياته الا انه اعتذر لانشغاله فكلفه عز الدين بتعريق مسرحية ( اغنية على الممر) للكاتب المصري علي سالم واسماها ( دوار في المدار) وقدمت في الموصل ونالت الجائزة الاولى وقتها .

¨ دشن اول بحوثه اهمية حول اثر التراث الشعبي في المسرح عام 1970 لتنشره مجلة ( التراث الشعبي) التي كانت تكن له الاحترام البالغ بدأ من رئيس تحريرها الاستاذ الدكتور لطفي الخوري الذي ارتبط معه بعلاقة عميقة وهو من الشخصيات التي تأثر بها وبعلميتها في علم الفلكلور.

¨ بدأت الصحف العراقية تتناول كتاباته حول المسرح العراقي من جهة ومن جهة اخرى كان مهتما على دراسة التراث الشعبي الموصلي فكان للجهد الذي بذله سببا في تذليل صعوبات بحوث قام بها الاستاذ القدير (حسين قدوري) الذي كان قد تعرف عليه ابان اعمال (الملتقى الثاني للفولكلور) ايلول 1980 ، وارتبط بعلاقة حميمة مع المرحوم قدوري .

¨ دعته دولة قطر بصفة رسمية للمشاركة باعمال ( مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربي ) عام 1985 لاعداد دراسة مطولة في التراث الشعبي الموصلي مع المؤرخ الكبير المرحوم سعيد الديوه جي الذي يعتبره احد اهم الشخصيات التي تأثر بها في البحث في التراث الشعبي ، الا ان الحرب العراقية الايرانية التي كانت في سنها الخامس حالت دون ان يحقق ذلك واعتذر عن المشاركة للاسباب تلك .

¨كانت سنوات الحصار (1991/2003) اكثر السنوات التي انجز فيها بحوثا ومقالاتا متنقلا ببحوثه بين المجلات العراقية تارة والعربية تارة اخرة ، الا ان الحدث الاعظم كان تآكل مكتبته العملاقة لتتحول الى ارغفة خبز تسد فجوات العوز المادي لعائلته واطفاله ، تذكر وقتها الايام التي اجبرته في العقود الماضية ان يحرق جزء منها خوفا من ملاحقته امنيا ، الا ان سنوات الحصار حرقتها بدلا عنه.  

¨ منح درع الابداع الادبي عام 2006

¨ سجلت له اشرطة صوتية لمدة ثلاث ساعات من قبل جامعة الموصل كلية الاداب قسم علم الاجتماع ، ارشف فيها الحياة الاجتماعية والفلكلورية لمدينة الموصل .

¨ يعمل الان على اكمال مشروعه الكبير الذي بدأه في سبعينات القرن الماضي بالتعريف باهم رواد الفكر والادب في مدينة الموصل.

¨ اوكلت له مؤسسة البابطين – الكويت- مهمة التعريف بالشعراء والادباء في العراق وغطى 27 شاعرا وانجز ذلك عام 2007.

¨ يشارك اليوم بالاشتراك مع الادباء والمفكرين العرب بانجاز (موسوعة القرن) التي ترعاها المنظمة العربية للثقافة والفنون- تونس - وقد غطى حتى الان ( 111 شخصية ) ويعمل على انجاز هذا الامر الهام ..فله منا فائق الشكر والتقدير لهذا العطاء الكبير ... 

¨ المسرح يأخذ وقتا من حياته "انه يمثل مساحة كبيرة من حياتي ، هو الحياة هو العطاء هو النبض ، انه يتحمل الام وآمال الناس بعيدا عن الظلم والظلام " ، اما التراث الشعبي الذي رافق سنين من حياته ولا زال فهو في نظره يستحق الاهتمام الكبير انه " الارشيف الذي يكمل الجانب الطيب والممتع والفطري من تاريخ الشعوب ، لذا كان اهتمامي به من الدرجة ان اخذني الى قرى وارياف ومحافظات العراق " جالس الاطفال ليدون العابهم وافراحهم وشارك العجائز حكايات الزمن الذي جرجر عبائته مغادرا زمننا ، مسح مسحا تاريخيا ازقة الموصل وشوارعها بحثا عن القصص والحكايات والموروث الشعبي ، محاولا باصرار اعادة الحياة الى تلك القصص والحكايات من خلال اوراقه التي تراكمت في مكتبه ، منجزا عمله الكبير عن العاب الاطفال الشعبية راصدا اسرار اللغة الشعبية وتحولاتها بين العامية المحضة والعامية المفصحة.هذا الجهد الذي وصفته صحيفة المدى في احد اعدادها ذاكرة اسمه من بين الذي ساهموا بهذا العمل "كل ذلك الجهد الكبير المثمر دونه ووصف تفاصيله رجال سهروا واعطوا بايثار على النفس والمال والولد فكان لهم ان يدونوا صفحات تاريخ العراق الشعبي وبنيته الاعتقادية الاجتماعية حيث حفظوها من الضياع والنسيان وقد آن لنا ان نحتفي بهم "

¨ قبل اكثر من ربع قرن تلقى دعوة من وزارة الثقافة الاعلام لحضور الملتقى الثاني للفولكلور 1980 كان مترددا من السفر الى بغداد الا ان لطفي الخوري اتصل به هاتفيا معلما اياه ضرورة الحضور والمشاركة ، في ذلك المكان وجد كم ان الغرب مهتما بتراث بلده والكثير عازف عن الاهتمام بهذا الارث الغني ، اليس من المخجل ان يبارزه احد رجال اوربا بعلم التراث ، على ارضه واهل مكة اعرف بشعابها !!وقتها علم الغرب كيف يبارز بالسيف العربي ...

نشرت في العدد 24 من المجلة الفصلية الثقافية (موصليات) التي يصدرها مركز دراسات الموصل بجامعة الموصل

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات