العرب ومصر.. المسكوت عنه! ...
بقلم: د. مصطفي الفقي
الأربعاء, 02 ديسمبر 2009 11:36
لقد عشت سنوات عمري مؤمنا بالقومية العربية منحازا للفكر العروبي انطلاقا من الحقبة الناصرية, التي تربيت فيها ـ انا ومعظم ابناء جيلي ـ حين كان العرب يتحدثون صباح مساء عن الشقيقة الكبري والدولة القاعدة و مصر ام العرب ثم جاء علي المنطقة حين من الدهر تبدلت فيه الخريطة السياسية واختلفت موازين القوي, وافرزت بورصة الدول مؤشرات جديدة للصعود والهبوط حتي تحامل الكثيرون علي مصر, واصبحنا امام حالة من الجحود احيانا والتطاول احيانا أخري, ومع ذلك بقينا وسوف نبقي قابضين علي مشاعرنا القومية متحملين مسئوليتنا العربية لاننا نؤمن بأن عروبتنا ليست رداء نرتديه حين نريد ويخلعه عنا من يشاء, بل سوف نردد دائما المقولة الشهيرة ان عروبة مصر قدر ومصير وحياة وقد حان وقت المراجعة, فأنا ممن يظنون ان الامم لاتعيش علي تاريخها, ولاتقتات بشعاراتها, فالمفهوم المعاصر للقومية يؤكد انها ظاهرة ثقافية بالدرجة الأولي, إلا انها تقوم علي شبكة من المصالح المشتركة والغايات الواحدة, وسوف اتطرق في السطور التالية إلي المسكوت عنه في علاقات مصر العربية, فليست الصورة كما تبدو في الظاهر عاطفية وردية بل إن وراء الكواليس ـ في العقود الأخيرة ـ ما يشير إلي تهاوي الصدق القومي واحترام هيبة الدولة النموذج التي علمت وطببت وبنت في مختلف الاقطار العربية, انني اقول صراحة ـ ومن منطلق الحرص الشديد علي الهوية العربية لمصر ـ اننا امام وضع ملتبس وصورة مقلقة, وانا لا اعتمد في ذلك علي تداعيات مباراة في كرة القدم بين مصر ودولة عربية أخري, إلا انني اراها مظاهر كاشفة وليس امورا منشئة, فالقضية تتجاوز ذلك كله, ولعلي اطرح ابرز عناصرها من خلال الملاحظات الاتية:
أولا: انني اظن ـ وليس كل الظن اثما ـ ان هناك نوعا من الغيرة المكتومة لدي بعض الاشقاء تجاه الشقيقة الكبري التي حملت شعلة التنوير لاكثر من قرنين من الزمان, انها مصر بلد الأهرام والنيل والتي جري ذكرها في الكتب السماوية الثلاثة, حتي افاض القرآن الكريم في الحديث عنها عدة مرات, انها التي اشتقت منها كلمة الدول الامصار, وعن طريقها عرف الآخرون النقود المصاري, وهي بلد الفكر والادب والثقافة, بلد حملة بونابرت التي ادت إلي الصحوة ثم دولة محمد علي التي استقلت عن السلطان العثماني عندما دكت سنابك خيول جيوشها هضبة الاناضول والشام والجزيرة العربية وشرق افريقيا وامتدت دولتها من منابع النيل جنوبا إلي حدود اليونان شمالا إنها ليست دولة محمد علي التوسعية, فقط ولكنها ايضا دولة عبد الناصر القومية بعد الحرب العالمية الثانية, انها مصر التي حاربت الجماعات الهمجية وانتصرت علي الهكسوس والمغول والفرنجة, انها مصر ملتقي الثقافات وبوتقة الحضارات التي جاءتها جائزة نوبل تتهادي اربع مرات, مصر التي بنت الاوبرا مرتين,, وحفرت مترو الانفاق لأول مرة في الشرق الأوسط, انها مصر قناة السويس والسد العالي. انها مصر النضال المسلح ضد الغزو الصهيوني علي امتداد عدة عقود, انها كذلك تلك الدولة الفريدة فعندما يطلب المجتمع الدولي امينا عاما للامم المتحدة من افريقيا يكون مصريا, كما ان عاصمتها هي مقر الجامعة العربية بامينها العام المصري ـ وحين نقلوها إلي تونس كان امينها العام تونسيا ايضا ـ فمصر لاتفتئت ولاتستحوذ ولاتغتصب ولكنها تدرك حجمها وتعرف تاريخها. نعم.. ان مصر تئن تحت وطأة المطالب اليومية لأكثر من ثمانين مليونا من البشر ولكنها شامخة لم تركع وشعبها متحضر ولايخنع, لذلك من الطبيعي ان يقلق بعض الاشقاء خصوصا اولئك الذين غابوا عن الخريطة السياسية لعدة قرون, او الذين حاولوا شراء الماضي بأموال الحاضر والاستعداد للمستقبل بمخزون من الاحقاد والنزعات القطرية والتطلعات الوهمية, انهم يرون مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية, مصريا يشغل واحدة من اهم الوظائف الدولية وادقها, كما ان رئيس اتحاد البرلمان الدولي كان مصريا هو الآخر وبدلا من ان يسعد بعضهم ذلك الدور الفاعل للشقيقة الكبري,, انصرفوا للحرب الإعلامية وخلطوا بين عدائهم للسياسة والحكم في مصر وبين كراهيتهم الكامنة لمصر الدولة والكيان والحضارة! ولقد قرأت مؤخرا احصائية تقول ان نسبة من يشاهدون الآثار الفرعونية من السياح العرب لاتزيد علي عشرة في المائة, بينما تصل نفس النسبة بالنسبة للسائح الاجنبي في مصر إلي مايقرب من مائة في المائة.
ثانيا: ان المزاج الوطني لبعض الدول يدعو إلي القلق والحيرة, فالخشونة والعنف إلي جانب درجة عالية من الشيفونية العمياء تعكس كلها شعورا بالنقص, وتعبر عن اختناق تاريخي وعقد شعوبية سوف تظل تطارد اصحابها إلي يوم الدين, وعندما يتعاملون مع مصر تطفو علي السطح غيرة قومية كامنة وشعور بالتضاؤل في مواجهة بلد اشتغل عبر تاريخه كله بصناعة الحضارات ونشر الضياء وتقديم العطاء لكل من لجأ إليها أو لاذ بها.
ثالثا: ان مسألة الهوية في بعض الاقطار العربية مازالت تتأرجح, فالعروبة والإسلام في جانب والمؤثرات الأوروبية في جانب آخر,, وعندما يعاني شعب ما عدم قدرته علي صياغة هويته تبدو مواقفه السياسة وتصرفاته الاقليمية نتيجة طبيعية, لذلك فهي غالبا ما تتسم بالعصبية والحدة والخشونة وافتقاد الحس الحضاري, ولعل ذلك يفسر إلي حد كبير الأعمال غير المبررة ومخزون العداء والكراهية الذي تتجه به بعض الشعوب العربية نحو الاشقاء والجيران بل وفي المحافل الدولية والمنتديات الاقليمية.
رابعا: ان مصر برغم كل ما واجهته في تاريخها الطويل وما تعانيه في حاضرها وربما مستقبلها ايضا ـ هي بلد كبير ليس بمعني الحجم السكاني ولا المساحة الجغرافية, ولكن بمنطق النضوج الانساني والعمق الحضاري, لذلك يستمريء البعض التهكم عليها والتطاول علي مقامها ادراكا منهم بأن ردود فعلها عاقلة متزنة, فهي لا ترفع السيوف في مباراة لكرة القدم, ولاتقذف كرات النار علي منازل اشقاء يقيمون فيها, ان مصر اختزنت عبر تاريخها العريق تجارب الانسان كلها وعبرت مراحل المراهقة السياسية والاضطراب الفكري.
خامسا: إنني ضد التعميم, فهناك أقطار عربية كثيرة تحفظ الود لمصر وتذكر لها الفضل وتعي مسيرة التاريخ المشترك, ويكفي ان نتذكر ان الاشقاء السوريين قد استقبلوا بحفاوة بالغة ذات يوم في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي ـ برغم القطيعة الدبلوماسية ـ الفرق الرياضية المصرية في دورة البحر الأبيض المتوسط بمدينة اللاذقية, حيث فوجيء العالم كله بالشعب السوري الشقيق يشجع الفريق المصري بشكل غير مسبوق واحيانا ضد فريقه الوطني ذاته, ولذلك فإنني ارفض التعميم بكل انواعه, وفي الجزائر الشقيق ايضا ملايين يحبون مصر ويذكرون تاريخها باحترام وتجمعهم بها ثقافة احمد شوقي وطه حسين وأم كلثوم وعبدالوهاب, فالتصرفات غير المسئولة عن جماعة معينة ليست بالضرورة تعبيرا مطلقاعن مشاعر شعب بأكمله, وان كنت لا انكر ان الجزائر الرسمية لاتتعامل معنا بالود القومي المنتظر والشعور العربي المطلوب خصوصا في بعض المحافل الدولية, حيث ينظرون إلينا نظرة تنافسية وليست نظرة تكاملية, مع ان صوت التاريخ المشترك يقول بغير ذلك.
انني اريد ان اقول عن احداث وتداعيات مباراة كرة القدم الشهيرة بين مصر والجزائر انها لاتوجد وضعا جديدا, ولكنها تكشف عن مشاعر كامنة تحتاج إلي معالجة عاقلة, خصوصا ان مصر لديها من الادوات والوسائل ما يضع الأمور في نصابها, وواهم من يتصور ان مصر ـ بصبرها وتعقلها ـ عاجزة عن اتخاذ مواقف يشعر بها الجميع ويرتدع بها البعض, فلكل بلد مشكلات دولية واقليمية, ومصر كيان دولي مسموع يستطيع ان يجرح إذا اراد, وان يصيب اذا غضب, ولكن العروبة والإسلام وشراكة القارة الواحدة تمنع مصر من الغلواء, وتنتزع من قلبها روح العداء ونوازع الحقد, انني ادعو الاشقاء العرب في المشرق والمغرب إلي وقفة موضوعية مع مصر يعيدون فيها قراءة التاريخ ويراجعون معها معاناة الكنانة لكي يدركوا ان الشعب العربي في مصر قد امتص في وجدانه كل الحضارات التي عبرت فوق أرضه من الفرعونية إلي العربية الإسلامية, مرورا بالحقبة المسيحية, وكلها رقائق حضارية نعتز بها ونفاخر, ولم يهم مصر كثيرا ان تصل إلي كأس العالم في كرة القدم, فذلك حلم فقط للوافدين الجدد علي المجتمع الدولي والذين يسعون إلي اثبات الوجود وتضخيم الذات وحل العقد التاريخية المركبة, ولحسن الحظ فان الجسد العربي ـ في مجمله ـ معافي, ولقد رأينا كيف استهجنت شعوب الامة جميع التصرفات البذيئة والمواقف غير المسئولة تجاه مصر المحروسة ام الدنيا التي رفعت دائما اعلام التسامح عبر تاريخها الطويل.
جريدة الاهرام 1/12/2009
------------------------------------------------------
العلاقات المصرية – السودانية: - الواقع والمستقبل ..
بقلم: د. حيدر ابراهيم علي
الأربعاء, 02 ديسمبر 2009 10:44
تعتبر العلاقات المصري – السودانية، رغم مظاهرها الخارجية، من أكثر علاقات الدول المجاورة تعقيدا. اذ من المعتاد أن تتميز علاقات الدول المتجاورة بقدر من التعقيد.ولكن ما يميز علاقات مصر والسودان من مشكلات،يجعل الامر يحتاج الي كثير من التأمل والتحليل والي احكام وتقديرات جديدة باستمرار.فهذه العلاقات مثقلة بعبء تاريخ ليس كله ايجابيا مما انتج عقدا تاريخية يفضل الجانب المصري تسميتها: حساسيات. وعجز المصريون والسودانيون عن التعامل مع تاريخهم المشترك كمصدر فقط للدروس والعبر الماضية والمفيدة في تشكيل مستقبل أفضل.فالجانبان يصران علي حمل اخطاء التاريخ علي ظهورهم،واستدعائها في التعامل مع الحاضر وتحديد المستقبل.لذلك،اتسمت العلاقات بالهشاشة ولا تصمد امام أي اختلالات تصادف المسيرة المشتركة بين البلدين.إذ يمكن لحدث شديد التفاهة ،ان يترك آثارا خطيرة في العلاقات.وهذا يعني ان النتيجة ليست محصلة السبب المباشر،ولكن التاريخ والعقد الماضية هي التي تحدد النتيجة.
هذا الواقع هو ما يمكن أن يفسر الاصرارعلي زج السودان في "معركة الجزائر – مصر" الاخيرة.
بل وجعل منه بعض الاعلاميين والمسؤولين المتهم الاول،وتعرض السودان من قبلهم الي هجوم يفوق كثيرا ما كان يجب أن يوجه الي المتهم الأصل.وهذا ما اغضب السودانيين حقيقة،خاصة وقد بذلوا جهدا فوق طاقتهم المنهكة لابداء مظاهر الكرم والاحترام والتقدير لاشقائهم المصريين،فغضبوا لظلم ذوي القربي.وكان الموقف مرشحا لتدهور سريع وخطير،لولا تدخل حكيم من الحكومة وبعض العقلاء من الساسة والاعلاميين.فقد ردد اغلب السودانيين:نحن دائما الحيطة القصيرة للمصريين!وهذا تعبير شعبي بسيط للغاية،ولكنه ملئ بكل مشاعر الغبن والاحساس بعدم الاحترام والمكانة الدونية التي يحتلها السوداني عند كثير من المصريين.فمن المعلوم أن القنوات الفضائية المصرية ذات انتشار ونفوذ قويين في الظروف العادية ،فما بالك في وقت ما سمي ب"موقعة" أو "معركة" الخرطوم.ففي قمة التوتر والغضب،يطل من أهم القنوات ابراهيم حجازي وعمرو اديب ل "يفرشوا الملاية " للسودانيين،فالمسألة لم تكن رسالة اعلامية.ففي احدي الاتصالات يقول أحد المشاهدين – جامعا بين الجزائريين والسودانيين – نحن علمناهم الحرف اللي بشتمونا بيه! ويقاطعه مقدم البرنامج:-انت كده جبتها من الآخر!لا يسمح المجال لتعداد المضامين المسئية والتحقيرية في هذه البرامج،ولكنني اخترت التعليق السابق لأنه يساعدني في فهم ظاهرة هامة تسود العلاقات المصرية – السودانية.
واجهت كثيرا سؤالا هاما من الزملاء المصريين:- لماذا يكرهنا السودانيون بل أغلب العرب مع أننا قدمنا لهم الكثير؟ أولا أعيب علي السؤال التعميم المخل والضار،فهناك الكثيرون العاشقون المتيمون بمصر، خاصة بين النخب، بصورة لا تقل عن حبهم لاوطانهم.ولكن هذا السؤال، يحمل في ثناياه الجواب،إذ يوحي بالامتنان واشعار الطرف الآخر بأنه مدين لكم بالكثير. فالسوداني ليس جحودا،ولكنه اتركوه يشكركم بنفسه لانه يتضايق من اشعاره بالامتنان وأن هناك يد عليا واخري سفلي.فاغلب المصريين يفسدون عطاءهم الكريم بالحديث عنه،خاصة لدي الازمات بقصد افحام الآخرين.وهكذا يذرون ما قدموه للريح،وقد يصل الطرف الآخر درجة المكابرة والنكران لمواجهة احراج الامتنان.وهنا لابد من جملة اعتراضية ضرورية،اذ قد لا يعرف البعض،أن التعليم في السودان أسسه البريطانيون وجاءت البعثات التعليمية المصرية متأخرة ومكملة.كما احب التنويه الي أنه لا يوجد ضمن افضل 500 جامعة في العالم أي جامعة مصرية ولا سودانية ولا جزائرية ولا عربية.لذلك اتمني أن يستخدم معيار التفاخر ببسط التعليم لدي بقية العرب بحذر.ولاسباب تاريخية وواقعية علي الاخوة المصريين التقليل أو اسقاط شعور الامتنان كسلاح في سجالاتهم العربية وبالذات السودانية.فالامتنان يفترض الا يوجد بين الاشقاء الحقيقيين لأن الواجب يقتضي الأخذ بيد الشقيق.هذا عامل نفسي – اجتماعي حاسم في تحديد العلاقات الصحية،وأخشي أن يكون الامتنان هو سبب كل الخسارات المصرية في السودان والعالم العربي.
هذا عن التاريخ،فماذا عن المستقبل؟هناك مصالح مشتركة عديدة تحكم العلاقات ولابد من ادراكها جيدا وتوظيفها من أجل خير البلدين.وقد وقّع البلدان اتفاقية الحريات الاربع،وبدأ السودان من جانبه في تنفيذها ومازالت مصر لم تفعل.ولكن المهم في الاتفاقية انها تسهل حرية حركة الناس ورؤوس الاموال والخبرات بين البلدين.وهذه مسألة حساسة لانها تتيح الفرصة لاحتكاك مباشر بين الشعبين.وهنا تتكون الصور المتبادلة للمصري أو السوداني لدي كل طرف.وهذا الاحتكاك سلاح ذو حدّين إما تقديم صورة ايجابية تحقق التقارب والمودة والتكامل،أو صورة سلبية تولد الكراهية والتنافر.فقد لاحظت تدفق المصريين علي السودان،ولكنها هجرة يبدو أنها عشوائية وبعيدة عن تخطيط الدولة.لذلك،فهي تحمل في احشائها الكثير من المشكلات والالغام.فالسودان في حاجة حقيقية لخبراء في الزراعة والري ،ولمهندسين في للطرق والجسور.ولكن أغلب المهاجرين الحاليين من العمالة غير الماهرة والباعة المتجولين،وبالمناسبة اصبحت بعض الاماكن وكأنها العتبة أو وكالة البلح.ومن المناظر التي أصبحت عادية أن تجد عربات نصف نقل تقف امام مكاتب الحكومة عليها باعة مصريون يبيعون للموظفات –وبالتقسيط – الاقمشة والاواني المنزلية.وهذه مباراة يومية اخشن من مباراة الجزائر،يتم فيها تبادل الشتائم والعنف.وهذا نموذج للصور المتبادلة التي سوف تقرر مستقبل العلاقات بين البلدين.في الماضي جاء الي السودان اساتذة وخبراء عظام مازلنا نذكرهم بالخير والعرفان.فلايعقل أن تأتي الينا بعد هذه العقود الطويلة والتي توترت خلالها العلاقات المصرية،فئات اجتماعية امية وشبه امية.وبالفعل كثيرا ما يجلس قربي في الطائرة عمال يطلبون مني أن املأ لهم اوراق ذات صلة بالسفر.فمثل هذه الهجرة ضارة وعديمة الجدوي لنا ولمصر لانها لاتضيف شيئا وغير مجدية اقتصاديا.صحيح هناك بعض المستثمرين،وان كان أغلبهم في مجال الاكل والاستهلاك،ولكننا في حاجة لاستثمار الهجرة لتقوية الروابط والارتقاء بها وتمتينها.وهذا يعني أن تقدم مصر أفضل ما لديها من البشر لكي تجتذب عقول وقلوب السودانيين كما كان الحال في فترات سابقة من التاريخ.
هذه دعوة لنقاش صريح يقوم علي النقد والنقد الذاتي والذي نخشاه ونتجنبه كثيرا بسبب الثقافة السائدة. فالعلاقات السودانية - المصرية في مفترق طرق ،والسودان في لحظات تاريخية حاسمة تقرر مصير وجوده كدولة موحدة مما سيؤثر علي مجمل الامن القومي المصري،وليس الماء فقط كما يختزل البعض العلاقة.
-------------------------------------------------------------
الأربعاء 2 ديسمبر 2009م، 15 ذو الحجة 1430هـ العدد 5905
على خلفية «داحس والغبراء الكروية».. بسط الحريات «المنضبطة» هو الحل
عبد الفتاح عبدالله
كانت للرياضة- بانواعها المختلفة - رسالة سامية قبل ان تتحول الى «البورصات» .. كانت هي العقل السليم في الجسم السليم - «كانت هي علموا ابناءكم الرماية والسباحة وركوب الخيل».. يجب استيعاب هذا الحديث الشريف والتوجيه النبوى التربوي والتأمل فيه بكلياته، فهو يحمل الرياضة بمفهومها السامي ويعطى مؤشرات عامة التى تأتي في اطارها كرة القدم، التنس، القولف وكل ما يستجد من ضروب الرياضة .. ولكن وللاسف فقد تحولت الرياضة الى مادة «وبس» على نطاق العالم ونحن كجزء منه نتأثر بما يستجد، بمعنى لا يمكن ان نطالب لاعبي هذا الزمان بان يمارسوا الرياضة بسلوب صديق منزول وبرعي احمد البشير وعمر عثمان ويوسف مرحوم وابراهيم كبير ود الزبير وجكسا الى آخر العقد الفريد في مضمار كرة القدم مثلا، وكنتيجة طبيعية حين تحولت الرياضة الى «البورصة» جاءت مدخلات ومخرجات غياب القيم وطغيان الماديات، ومع اهمية وضرورة خلق التوازن بين القيم والماديات لأن المادة قوة طاغية في غياب الوازع القيمي والقانون الفعال للمحاسبة والمراقبة... تحولت الرياضة الى باب من ابواب الكسب عبر كل المجالات .. ادارة، تدريب، اعلام، الخ .. رأيت ان اشارك في ما دار ويدور في الساحة الرياضية على خلفية الاحداث التي صاحبت «مباراة «كورة» بين مصر والجزائر..
واحدة من مئات المباريات التى تقام فى اليوم الواحد فى دنيانا هذه وكادت ان لم تكن حدثت بظهور هذا المقال، ان تصل الى حرب دولية، وكما قال احد المعلقين لولا الفاصل الجغرافي لقامت حرب بين مصر والجزائر، وبما ان الاعلام في مصر والجزائر والسودان «الذي القى بنفسه في معركة لا ناقة لنا فيها ولا جمل» قد قام بما فيه الكفاية من تحويل المباراة من الميدان ... الى القنوات الفضائية ووزارات الخارجية وحتى على مستوى الرؤساء، فقد رأيت ان احصر مداخلتي في نقطتين اولاهما هى كيف نتعامل نحن بصفتنا سودانيين مع ضيوفنا الذين يأتون بمبادرة منا في بعض الاحيان، وبفرض الواقع في اغلب الاحيان، والنقطة الثانية هي لماذا هذه المبالغة في التعامل مع المنافسة الرياضية في العالم العربي بشكل عام وبشكل خاص بين دولتين تعلمنا منهما فى فجر شبابنا معنى التضامن العربى والنضال من اجل الحرية و.. و .. الى آخر المواقف النبيلة...
من جمال الى جميلة عباس فرحات والحكومة المؤقتة فى القاهرة وارض المليون شهيد.. حتى وصلنا الى هذا الذى أسماه الاعلام الاسرائيلى «بالصراع الأحمق»، وخاطبت اسرائيل العالم بأن «هؤلاء هم العرب الذين تطالبوننا بالتفاوض معهم» كما انها طالبت الدولتين بضبط النفس ..!!!! «علامات التعجب من عندى».. بالنسبة للنقطة الاولى فلا أجد سببا واحدا مقنعا لدخولنا كبلد في «هذه الشغلانة» ويقال اننا تغاضينا طوعا عن الاجراءات المتبعة فى الدخول الى والمغادرة من البلد ..
واصبحنا طرفا في الهجوم المتبادل بين الطرفين حتى وصل الامر الى نكران التنظيم المتقن قبل واثناء وبعد المباراة من قبل الاجهزة الامنية من بعض ضاربى طبول الحرب، وامامكم تقرير مندوبى الفيفا، وسمعنا احاديث وتعديات لا تليق بهذا الوطن الذي اراد ان يقوم بواجب «اختيارى» فتحولنا في نظر البعض خاصة في اعلام الشقيقة مصر الى بلد يغيب فيه القانون، حيث تباع وتشترى الاسلحة «سكاكين وسيوف وكل انواع السلاح» في الشوارع.. ما احنا بلد يدخل المسافر والواصل الى المطار «بالشبابيك» ويصل الى مهابط اقلاع الطائرات- «انا دخلت المطار وكسرت الشباك وواقف كده جات طيارة ووقفت جنبي لقيت الاساتذة ..... و..... وقالوا تعال يا محمد اركب واخدوني معاهم»،
وكثير من مثل هذا اللا معقول الذى بثته الفضائيات.. والحقيقة ان المسؤولين استطاعوا بسط الامن وتنظيم كل ما يتعلق بالمباراة من الناحية الامنية على أعلى درجات المسؤولية داخل الاستاد وخارجه كما يعلم الجميع.. ولكنى هنا عاجز عن فهم ما يقال عن دخول وخروج ضيوفنا عبر المطار من غير الاجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات، وارجو ان يكون هذا ضمن سيول الاحاديث والمبالغات التى ملأت الساحة، والا فالمساءلة مطلوبة هنا «بالذات».. المهم هناك اخطاء حدثت من كل الاطراف، وكان الاجدر بالطرفين ان يصفيا حساباتهم هناك في القاهرة والجزائر، ولا ارى منطقا «لجرجرتنا» كمضيفين وكرماء و«طيبين» كمان الى هذا الحد... والجزائر لا تعنيني كثيرا الا في اطار انها دولة عربية واسلامية، بمعني ان وضعها في كفة المقارنة مع مصر غير وارد... نحن - او انا للدقة - غير المطلوبة هنا لانه تقدير انطباعى SUBJECTIVE ASSESSMENT تهمنا مصر وتربطنا بها عوامل -لا يمكن الفكاك منها من الطرفين- منذ سنوات وانا اتحدث واكتب عن العلاقات السودانية المصرية في ما يدور في هذا الاطار منذ عقود وعقود ويحتاج لوقفات قوية وامينة ومخلصة، حيث ان كل ما يحيط بهذه العلاقة «الازلية» يعالج ظرفيا «حبة بندول عند اللزوم». ولنكن واضحين كل الوضوح، حيث ان ذلك هو المطلوب بين فردين أو مجموعتين أو بلدين تربطهما علاقة عضوية ولا أظن أن أحدا ينتظر منى أن احدد هذه الامور التى هى ألغام فى علاقة البلدين، وأرى أن نتحرك من محطة «الاشقاء» و«العلاقة الازلية» و«شمال وجنوب الوادى» التى تردد منذ عقود وعقود، ونريد أن نرى خطوات عملية على أرض الواقع للارتقاء بهذه العلاقة لفائدة الشعبين، والا فلنتعامل كأية دولتين جارتين «وخلاص».. لقد قيل الكثير ونريد ان نرى شيئا على الارض..
لقد كان الاعلام المصرى قاسيا على السودان بشكل اقرب الى افلام الاثارة منها الى الطرح المتوازن.. وربما كان الفعل ورد الفعل عنيفا وفرض مثل هذا التصرف.. ومع احترامى الكامل للاستاذ أبو الغيط وبعيدا عن بروتكولات الدبلوماسية، فإننى أرى ان هناك فرقا بين ان تطالب دولة بالاعتذار وان تطالب تلك الدولة بتوجيه صوت لوم على الاقل للاعلام الذى ترك فى بعض السودانيين على الاقل شعورا «غير طيب» وكذلك ربما هناك وراء الكواليس والاكمة ما جعل الاخوة «يشتطون» غضبا ربما، فنحن نتكلم عن ظواهر الامور.. وقبل ان اغادر هذه النقطة لا بد من ان اعبر عن تقديري للقيادة المصرية التي لم تتوانَ لحظة في الاعلان بأن كرامة المواطن المصري فوق كل الحسابات «ما هي دي الخلت المك نمر يحرق معسكر الاتراك في شندي»، لأن المطلوب هو أن تقف الدولة مع المواطن امام العالم، واذا كانت هناك مأخذ عليه «فلتكن المعالجة داخل الحوش».
اما النقطة الثانية في مداخلة اليوم، فهى دعوة و«بالحاح» للقيادات العربية بأن افتحوا ابواب الحرية بمصراعيها، فالشعب الحر هو الذي يتخذ الموقف السليم والصائب، ففى ظل الحرية يكون التفكير متوازنا والتعبير هادئا، وبنهج الحوار وبالرأى والرأى الآخر نصل الى الهدف المنشود، فالامة لا تجتمع على باطل.. وفى غياب ذلك تنتهز الشعوب الفرص «المتاحة» للتنفيس الذى قد يكون فى الاتجاه الخطأ و..و..و... فواقع الأمم التى تفتقد الحرية والتعبير فى الضروريات، يقول بأن شعوبها تبالغ في ما مسموح به كالرياضة مثلا.. دعوا الشعوب تعبر وتنشغل بالاساسيات ثم تمارس الرياضة فعلا، فالعقل السليم فى الجسم، كما رددناه وحفظناه منذ مدرسة مسيدة الاولية مع الاستاذ عثمان داؤود طيب الله ثراه.. وكل عام والجميع بخير.
الصحافة
------------------------------------------------------------------
صحيفة أجراس الحرية
http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=6885
--------------------------------------------------------------------------------
|| بتاريخ : الأربعاء 02-12-2009
: مصر "الشقيقة
دينق قوج
: "الأشقاء" "بشمال الوادي"أرسلوا "شوية ممثلين" وبهوات وبعض المفترين وناكري الجميل.. أرسلوهم لمؤازرة الفريق المصري بالخرطوم.. في حين أرسلت الجزائر مشجعين حقيقيين لمؤازرة منتخبهم الوطني.لقد قلنا رأينا قبل المباراة وخالفنا العديد من الصحفيين والكتاب وشجعنا الجزائر.. لأسباب منشورة لا نرغب في تكرار ما قلناه.. وانتهت المباراة بهزيمة الفريق المصري.. والكرة غالب ومغلوب!!
ولكن "بتوعن التمثيل" الذين أتوا لمناصرة فريقهم بدلاً بأن يرضوا بالهزيمة و "الغلب" حولوا القصة الى معركة وهمية استغلوا فيها خبرتهم الطويلة في التمثيل، فألفوا مسرحيات هزيلة عن ما تعرض له الجمهور المصري في شوارع الخرطوم!!! من قتل وتقطيع للمصريين من البرابرة الجزائريين والأمن السوداني يشاهد ومكتوف الأيدي.. و.. و.. لقد وصل الأمر أمر المسرحيات التي مثلت على الهواء مباشرة في القنوات المصرية بأن طالب هؤلاء الممثلون بأن يتدخل الجيش المصري بالخرطوم لحماية المصريين، ولم ينته الأمر بهذا الشكل بل تدخل حتى الرئيس المصري حسني مبارك في تصريحه بأن مصر سوف لن يتهاون في حماية مصالحها وشعبها أينما كانوا!!!..
والقصة سادتي معلومة من البداية حتى النهاية..
فالأمن السوداني في تقديري كان متحاملاً جداً على الجزائريين تحت تأثير الإعلام المصري والإشاعات المصرية التي انطلقت بارتفاع اسعار السكاكين والأسلحة البيضاء في السوق السوداني للطلب العالي للجزائريين.
لقد كنت حاضراً مواقف عديدة في شارع المطار كانت فيها سلطاتنا الأمنية عنيفة مع الجمهور الجزائري الذي كان يحتفل بالفوز، وحرصت في تلك الليلة أن أكون حاضراً في الأستاد قبل المباراة وفي الشوارع حتى الساعة الثالثة صباحاً.
والجمهور المصري الذي وصل كان محترماً لا يعيبهم أي شيء إلا الممثلون الذين مثلوا على العالم.. فبدلاً من أن يلتزموا في كنفوي حسب الإجراءات التي تم الاتفاق عليها.. خرجوا عن الكنفوي.. وهو أمر كان لابد من المحاسبة عليه قبل أن ندين التصرف الذي بدر من بعض الجمهور الجزائري بالتعرض للحافلة وهو أمر مرفوض مهما كانت المبررات، ولكن الحدث بحد ذاته لا يمكن أن يجعلنا ننكر الاجراءات التي اتبعتها السلطات في حماية البعثتين.. أو بالأحرى "حماية" البعثة المصرية!!
أن الذي حدث من الاعلاميين المصريين لأمر مؤسف ولم يخرج قط من النظرة الاستعلائية التي تنظر بها مصر للسودان خاصة مثقفوها واعلاميوها!!!
لقد أضروا بصورة الخرطوم وبالسودان، هذا السودان الذي يستقبل الاستثمارات المصرية بشكل يومي والاستثمارات الأخرى.. كيف تكون الأوضاع والمواقف الآن بعد أن تم تصويرها بأنها مدينة أشباح ومدينة "غير آمنة".. الغبار في كل مكان.. لا توجد فيها حمامات كافية لقضاء الحاجة!!!
بالله تخيلوا الناس ديل لعبوا بينا كيف؟؟
لكأنهم أتوا من مصر أخرى.. مصر لا نعرفها حتى يصفوا بلادنا بهذه الأوصاف اللئيمة!!
هذه "الشغيغة" التي قتل "أمنها" أطفالاً ونساءاً سودانيين في وسط القاهرة "حادثة ميدان مصطفى محمود" غير مؤهلة بأن تتحدث عن اخفاق شرطة السودان في حماية بصين خرجا عن الخط المطلوب منهما السير فيه!!
على الأقل لم يرجع الـ10 آلاف مصري الذي كانوا في الخرطوم مقطعين الأوصال ولم يلمس حتى أصبع مصري ناهيك من الاشاعات التي أطلقوها بمقتل مصريين وتقطيع بعضهم!! هذه الشرطة "الجبانة الجربانة" كما وصفها بعض المصريين في النت لم تسمح لأي من جمهور الفريقين بالوصول الى لاعبين الخصم.. كما حدث في القاهرة عندما تم تحطيم بص الفريق الجزائري وتمت اصابتهم وهي وقائع أثبتتها الفيفا على الرغم من وصول وزير الخارجية ومدير المخابرات للخرطوم للبحث عن وقائع من الأمن السوداني لكي يتم دبلجة مسرحية أخرى مع الفيفا عن الفريق الجزائري.. أو الجمهور الجزائري.
على كل حال نقول مبروك للجزائر، وكنا نود أن نقول هاردلك للفريق المصري ولكن.. نقولها الآن ولكن في "حلقومنا" مرارة لا تغتفر، "فالطبطبة" التي مارستها مصر لتهدئة المشاعر بعد "المرمطة" غير كافية على الإطلاق، فليس من المعقول أن تداس الكرامة الوطنية مِن من نسميهم أشقاء وهم في ذات الوقت محتلون لأراضينا وقاتلون لأبنائنا وبناتنا في وسط القاهرة.. هذه "الطبطبة" غير مقبولة.. فقط كفروا عن ذنوبكم بالطريقة الصحيحة.
--------------------------------------------------
الخميس 3 ديسمبر 2009م، 16 ذو الحجة 1430هـ العدد 5906
على هامش المباراة.. دروس وعبر
صديق البادي
? شهد السودان في ليلة الاربعاء الموافق 81/11/9002م، حدثاً رياضياً كبيراً جذب اهتمام العالم أجمع وشد انتباهه، إذ حضر الفريقان الجزائري والمصري وصحبهما قرابة العشرين ألف مشجع من الطرفين. وكان السودان أمام محك صعب وامتحان رهيب أمام كل الدنيا، إذ كان عليه استضافة هذه الاعداد الضخمة وضبط الأمن والامساك بكل الخيوط بقوة لئلا يحدث إنفلات أمني، لأن الفريقين حضرا للخرطوم وهما في غاية التوتر، وكأنهما مقبلان على حرب في ميدان قتال لا ليؤديا مباراة مهمة في كرة القدم.
وقد شهد كل المراقبين المنصفين الذين ليس قلوبهم مرض أو غرض، ان السودان نجح نجاحاً باهراً وكان عند حسن ظن (الفيفا) فيه، وخرج من التجربة وهو مرفوع الرأس عالي الهامة شامخ القامة، وان استاد المريخ الذي ادى فيه الفريقان المباراة في مصاف الاستادات الراقية التي نشاهدها في برامج الرياضة العالمية عبر مختلف القنوات الفضائية، وبكل تأكيد ان بناء وتجهيز هذا الاستاد يعتبر انجازا ضخماً بكل المقاييس وقد ستر حال الوطن. ولعل هذا يكون حافزاً ودافعاً لشحذ الهمم لاكمال بناء المدينة الرياضية التي ظلت أعمدتها الخرصانية واقفة كالاطلال والدمن الخوالي منذ سنوات غرب جامعة افريقيا العالمية، في إهمال تام وعدم مبالاة. وكما قال المتنبئ وما رأيت في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام.. وان ضيوف السودان قد نزلوا أهلاً وحلوا سهلاً مكرمين معززين في وطنهم الثاني، بل أن بعض سائقي المركبات العامة صرحوا بأنهم وبسماحة واصالة سودانية كانوا ينقلون بلا مقابل مادي من لا يملك منهم قيمة المواصلات.. وكانت الخطة الامنية محكمة ونفذت بجدية وحزم وعزم ومهنية عالية، وتمت السيطرة على الاوضاع تماماً رغم الهياج والصراخ والهتافات والتصرفات غير المنضبطة من قبل بعض الضيوف.
لقد فاز الفريق الجزائري وشهدنا في القناة الفضائية الجزائرية الفرح الغامر الذي عم الجزائر والاستقبال الحاشد الهادر الذي قوبل به الفريق عند عودته ظافراً، وكان أكثر المبتهجين هو الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي كان يعانق ويقبل اللاعبين وهو في غاية السعادة. وكانت الهزيمة قاسية على المصريين وهذا شيء طبيعي، ولكن إعلامهم انفلت وشق الجيوب ولطم الخدود، ووجه إساءات بالغة للشعب السوداني الذي ليس له ذنب في ما حدث، والذي انتصر عليهم هو الفريق الجزائري وليس الفريق السوداني، وكان ينبغي أن يوجه الإعلام المصري صوت شكر للسودان، لأن الجزائريين حضروا للخرطوم بروح ثأرية وهم يحملون غبناً ويعتبرون ان ما حدث لهم في القاهرة فيه «حقارة»، وكانوا في حالة هياج وغضب. ولولا الحكمة السودانية والخطة الامنية المحكمة لحدثت مواجهات دموية ومجازر، واذا حدثت لا قدر الله حالة إغتيال واحدة فإنها كانت ستؤدي لأن تسيل الدماء جداول وأنهاراً.
وإذا عدنا للوراء فقد حدثت في الماضي تجاوزات قلمية وإعلامية، ولكنها لم تبلغ هذه الدرجة من الصفاقة والجلافة، وسبق ان زار الدكتور محمد حسين هيكل باشا السودان في الربع الاول من القرن العشرين، وعندما رجع لمصر نشر كتيباً بعنوان «عشرة أيام في السودان» وصفه فيه بالتخلف، وذكر ان الحيوانات المتوحشة تنطلق في قلب الخرطوم. ولعل سيادته سمع زئير الاسد لأنه كان ينزل بالفندق الكبير الواقع بالقرب من حديقة الحيوانات، فاثار هذا الزئير الرعب في نفسه. وعندما نقل الاستاذ رفاعة رافع الطهطاوي وانتدب للعمل بمدرسة الخرطوم، اعتبر ان نقله للسودان فيه عقاب له، وردد قولته الشهيرة وليس السودان مقام مثلي. والامثلة كثيرة، ولكن هناك نماذج طيبة لأن الاستاذ العقاد عندما لجأ للسودان وقضى فترة بالعاصمة ابان الحرب العالمية الثانية، احتفى به السودانيون، ووجد عند المثقفين كل المراجع التي طلبها عندما كان يعد كتابه «عبقرية عمر»، وعندما عاد شكر السودانيين على حسن استضافتهم له واحتفائهم به. وقد عمل في السودان عدد من العلماء والاساتذة المصريين، وأثروا الساحة الثقافية، وانغمسوا في الحياة العامة، وكتبوا عن الثقافة السودانية. وعلى سبيل المثال فقد كتب الدكتور عز الدين اسماعيل عن الادب القومي السوداني، وكتب الدكتور عبد المجيد عابدين عن شعر التيجاني يوسف بشير، وكتب عن منابع ومصادر الثقافة السودانية، وكذلك فعل الدكتور محمد النويهي والدكتور محمد مصطفى هدارة، وغيرهم والقائمة تطول، وقد رفدت مصر السودان بالمجلات والمؤلفات، وبين البلدين رباط ثقافي وثيق عبر المحطات الاذاعية والسينما والغناء، وقد غنت ام كلثوم موحدة العرب قصيدة استاذنا الهادي آدم «أغداً القاك»، وقد درس كثير من السودانيين بالأزهر الشريف والجامعات المصرية. وقد فعل الرئيس حسني مبارك خيراً وهو يعتذر بأن سقطات الإعلام هذه لا تمثل الرأى الرسمي لمصر.. ونأمل ألا يتكرر هذا الإسفاف مرة أخرى.
الصحافة
-----------------------------------------------------------
ولم ينس المصريين المباراة
: سودانى يتلقى طعنات نافذة بالسكين وأخر يرمى من تلة( التبة) وبلاغات لدى السفارة السودانية بالقاهرة .
حقيرتى فى بقيرتى
القاهرة : سميربول
دخل أحد الشباب السودانيين المبعوثين للدراسة فى مصر الى السفارة السودانية بالقاهرة قبل عيد الأضحى بأيام وكان يبكى وعندما سئل عن سبب بكائه قال للشخص المسئول بالسفارة انه يتعترض للمضايقات من قبل زملائه المصريين فى المعهد الذى يدرس فيه وطالب من السفارة ان تجد له حلاً إما ان تنقله الى معهد اخر او ترجعه الى السودان، وقال الشاب أن المضايقات تمثل فى الإزدراء والإستهزاء به وبالسودان لأن السودان فشل فى حماية المصريين من الجزائريين بعد مباراة كرة قدم التى اقيمت فى امدرمان كما يقولون.
وتتلقى السفارة السودانية يوميا قبل ايام عيد الأضحى وبعده وخلاله العديد من البلاغات من مواطنيين سودانيين بمصر عن تحرشات المصريين بهم بالسب والتهكم والأزدراء والسخرية والإستهزاء خاصة فى الاحياء الشعبية والتى يتواجد فيها العديد من السودانيين البسطاء واللاجئين والذين هربوا من السودان ولجأوا لمصر بسبب الحرب والاضطهاد السياسى وقهر الدولة لهم .
وفى تصعيد خطير من نوعه وقعت أغرب حادثتين فى منطقة الحى العاشر والكيلو أربعة ونص ، فبعد انهى المواطن السودانى أدم الينو تدريسه بمدرسة سانت بخيتة بالكيلو أربعة ونص وخلال عودته للبيت صادفه فى الطريق عدد من المصريين حيث قاموا بجره فى الحديث عن المباراة وتطور الحديث الى قيام المصريين برمى أدم من تلة مرتفعة تبلغ ارتفاعها 15 متر أصيب على إثره بكسور مركبة فى رجله الايسر وعندما ذهب الى فتح بلاغ بقسم شرطة الحى العاشر اكتفى قسم الشرطة بتدوين البلاغ فقط ، وفى الحى العاشر تعرض المواطن السودانى ماهر موسى لعدة طعنات بالسكين فى يده ورجله عندما هاجمه مصريان الاول ضربه من امام وثانى اتى من خلفه بالسكين وطعنه بالسكين ، ويقول الاخ الاكبر لماهر ماهر طالب فى كلية الطب جامعة القاهرة فى السنة الدراسية الاولى ويسكن بمدينة طلاب الجامعة ولكنه أتى الينا فى زيارة بمناسبة عيد الاضحى وعندما خرج ليشترى سجائر من كشك بعض المصريين ورغم ان الحى التى نسكن فيها بها عدد من الشباب من الدول الافريقية الاخرى الا ان اصحاب الكشك قد علموا من خلال لغة ماهر ان ماهر من السودان فبدأ المصريين فى خوض حديث إستفزازى عن المباراة والسودان فإشدت وتيرة الحديث لمرحلة السب وضرب بالايادى فقام الاول بالهجوم على ماهر بينما إستل الاخر سكينا كان موجود فى احد الادراج بالكشك وطعنه فى يده واخرى فى رجله بالسكين طعنة عميقة فى الرجل حتى خرجت من الجانب الأخر وإحتاج لعمليتين داخلية وسطحية . ويضيف الاخ الاكبر لماهر عندما ذهبنا الى قسم الشرطة لم يأتوا للقبض على المعتدين بل اكتفوا بفتح البلاغ وفى صبيحة اليوم التالى للحادثة وحينما هرب الاثين الى قريتهما . ويبدو ان بعض المصريين لا زالوا يلقون السبب فى الهزيمة على السودان والسودانيين امام الجزائر وايضا لتعرضهم للهجوم من قبل الجزائريين كما يقولون .
ويتحاشى العديد من السودانيين الخوض فى الحديث عن المباراة مع المصريين ولكن المصريين هم الذين يستدرجون السودانيين دائما فى الحديث عن المباراة وعندما يشتد الحديث تقع العراك والضحية دائما هو السودانى ولكن النبهاء من السودانيين يتملقون من الحديث عن هذه المباراة.
ويدعو رئيس مكتب الحركة الشعبية لتحرير السودان فى مصر جميع السودانيين بأخذ الحذر عند الحديث مع المصريين عن المباراة وضرورة ضبط النفس عند المحاولات الاستفزازية من قبل بعض المصريين وأضاف ان المباراة ستنتهى ولكن العلاقة المصرية السودانية ستبقى راسخة وقوية الى الابد .
ويقول أحد المصريين الظرفاء :(عندما أتى عيد الاضحى لم يجد السودانيين سكاكنيهم ليذبحوا بها الخراف لأن الجزائرين قد أخذوا كل السكاكين) .
التعليقات (0)