ماهر حسين.
ساهم استخدام حماس للمقاومة كوسيلة للتعامل مع وجود الاحتلال و ساهمت جاذبية الخطاب الديني في إعطاء حماس شعبية بالإضافة للخدمات المميزة التي تقدمها حركة الإخوان من خلال مؤسسات خدمية نمت وترعرعت تحت أنظار إسرائيل(لتكون بديل ومنافس لمنظمة التحرير الفلسطينية) ...فالخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية والمساعدات العينية هي جزء من وسيلة انتشار حماس ،فقوة المال كبيرة ومؤثرة ....وأنضم للمال الاعلام حيث تمكنت حماس وبفترة قصيرة من أن تستفيد من كل ما سبق من عوامل لتحظى بثقة المواطن الفلسطيني ...فخلطة( الدين مع المقاومة) و(المال مع الاعلام) استطاعت أن تشكل أساس لتعزيز شعبية حماس وهي القادمة من حركة الإخوان التي كانت تتعرض إلى نقد شديد في المجتمع الفلسطيني ويشار دوما" إليها باعتبارها صنيعه ومهادنة .
اعتمدت حماس على شعارات جذابة (فلسطين من النهر للبحر ) ( فلسطين أرض وقف ولا يجوز التفاوض عليها ولا يجوز التنازل عنهـــا ) (صراعنا مع اليهود صراع وجود وليس حدود) (الإسلام هو الحــــل) وغيره من شعارات جذابة لعامة المواطنين وبل أن شعارات حماس جذبت العرب والمسلمين ...كانت حماس قد استفادت (إعلاميا") من هزيمة الاتحاد السوفيتي بأفغانستان وخروجه واعتبرت هذا مثال على قدرة (المجاهدين ) وتفادت بالطبع حماس الحديث عن ما تلا خروج الاتحاد السوفيتي حيث حصل صراع كبير بين الحركات الإسلامية هناك وصل إلى مستويات غير مسبوقة !!!!استفادت حماس كذلك من شخصية الشيخ الفلسطيني والمجاهد احمد ياسين وما يحظى به من احترام واستفادت من التحريض والتشكيك ضد منظمة التحرير الفلسطينية والذي بدء وبشكل خاص بعد الاحتلال العراقي للكويت كنتيجة لسوء الفهم بين القيادة الفلسطينية والعديد من الدول العربية وبالطبع استفادت حماس من رغبة إسرائيل بوجود منافس لتمثيل الشعب الفلسطيني ...ووسعت حماس من دائرة التعاطف معها لتجتاز فلسطين إلى العديد من الدول العربية والإسلامية ولقد شكل هذا التعاطف الأساس لجمع المزيد من الأموال .
شعارات حمــــاس بدأت من (الجهاد ) و(فرض العين ) و(توازن الرعب ) و (الاستشهاديين ) و( الصواريخ المباركة ) وانتهت بعد انقلابهـــا وسيطرتها على غزة إلى (جواز الهدنة )و ( الحفاظ على الهدنة ) و(منع الصواريخ ) ووصل الأمر بالزهار بأنه اتهم مطلقي الصواريخ من غزة (بالخون )!!! لقد تحول توازن الرعب والصواريخ المباركة بعد استلام حماس للسلطة في غزة بانقلابها ..تحولت إلى (خيانة ) ويبدو أن الزهار يومها نسي أن يعتبرها (كٌفر ) !!!!! إذا" تغيرات وتغيرات كبيرة حصلت بحماس منذ انطلاقتها وحتى الآن والتغيرات الأكبر حصلت في الفترة الأخيرة وبشكل خاص بأسلوب تعامل حماس مع الاحتلال الإسرائيلي فهنـــاك (هدنة ) وهناك تنسيق وحماس ترفض الاستجابة لأي تصعيد حتى لو كان استفزاز إسرائيلي واضح وهنا أقول وبوضوح بأنني احترم موقف حماس الأخير وحرصها على الهدنة وواقعيتها وبالطبع أكثر مما احترم شعاراتهـــا فمن الخطأ أن ننجر للمربع الذي تجد إسرائيل نفسها به قوية من خلال جيشها وبطشهـــا و يجب أن نعمل لمصلحة شعبنا ولتحقيق أهدافنا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أراضينا المحتلة عام 1967 لنعيش بسلام مع كل الجيران .. وفي الفترة الأخيرة التي تلت السيطرة على غزة وبعد ثورة الشعب السوري ضد نظام الأسد أيقنت حماس بأنه لا مفر من الحوار والمصالحة وشعرت حماس بالندم لأنها خسرت علاقاتهـــا مع الأردن مثلا" لان علاقتها مع الأردن خيرا" من ألف علاقة مع سوريا الأسد وكما أنها فهمت بان علاقتها مع إيران ليست تميزا" أبدا" ولو كانت إيران تدفع لها أموال الدنيـــا فإيران بأطماعها الإقليمية بؤرة توتر وخطر على العرب فالعلاقة مع إيران خلل في الانتماء وخلل بالتفكير ...وهكذا ظهرت لحماس أخطاءها بالإضافة إلى خطأ وبل خطيئة الانقلاب والانقسام .
لقد ظهر التغيير بمواقف حماس بشكل خاص على لسان رئيس المكتب السياسي وقائد حماس الأول والأهم خالد مشعل الذي صرح أخيرا" باعتمـــاد حماس (للمقاومة الشعبية ) وقبل ذلك وبالقاهرة أيضا" أشار إلى تغيير كبير في رؤية حماس للتسوية وللدولة .
فمن جديد قام (ابو الوليد ) بإظهار التغير في حمـــاس ومن جديد تحدث بصراحة فبعد حديثه سابقا" عن رغبة حمـــاس بإقامة الدولة الفلسطينية على الضفة وغزة والقدس وبمنح السلام والتسوية فرصه، ها هو يتحدث عن (المقاومة الشعبية ) باعتبارها وسيلة يُجمع عليها شعبنا وكافة الفصائل ...هو تغيير أخر تقترب به حمـــاس من فتح ...هو تغيير أخر تقترب به حماس من وعي الحالة الفلسطينية...فحماس تتطور باتجاه فهم الصراع والعوامل المؤثرة به ...هو تغيير حقيقي بحماس ...تغيير حتى في الأهداف .
حمـــاس تتغير وبالطبع هناك من يرفض التغيير ويُصر على شعارات الخديعة والتظليل ويأتي وعلى العادة على رأس هؤلاء الزهـــار الذي هاجم خالد مشعل على تصريحاته الأولى حول الدولة والتسوية وها هو (البردويل) يلحق بالزهار ويلحق بقطار الرفض فيقول بان حماس لن تغير أسلوب مقاومتهـــا!!!!!!!والأفضل لو قال البردويل بان حماس لن تتخلى عن هدنتهــــا!!!!!
إنني أؤكد على أن حماس تغيرت والتغيير بحماس هو اقتراب من سياسة فتح وهو لصالح قضيتنـــــــــــــا وشعبنا .......أما الزهار والبردويل وبعض صغار قيادي حماس فسيجدوا أنفسهم خارج منطقة الفعل والقيادة لان التصريحات والشعارات لم يعد لها مكـــان في عقول وقلوب أبناء شعبنا التواق للوحدة وللحرية وللدولة وللسلام فبعد أن رأى شعبنا الفرق بين الشعارات والممارسة لم يعد قابلا" للخداع وبشكل خاص في غزة هاشم .
إن اعتراف خالد مشعل بتغير حماس شجاعة ووعي يقابله جهل وخداع من الرافضين والمُنكِرين ...ومن جديد أرى بان المكان الأفضل في العالم لإقامة خالد مشعل هو فلسطين وتحديدا" غزة لعله ومن هناك يقود التغيير الكبير في حماس لنتقدم سويا" لتحقيق دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس ....عبر العمل السياسي مع كل المنظمات الدولية والإقليمية والعربية ومع الرباعية الدولية (المٌقصِرة بواجبها) وعبر المقاومة الشعبية البعيدة عن العنف وعبر التنسيق مع أحرار العالم وأمتنا العربية حيث أن امة العرب وحلفاؤها وجامعة العرب أصبحت أكثر فاعلية وأكثر قدره على الفعل وكمـــا نرجو وبلا تفاؤل غير حقيقي .
حماس أيقنت متأخرة وللأسف بصِحة التوجه للمقاومة الشعبية ولكن (أن تصل متأخرا" لقناعة صحيحة خيرا" لك من أن تستمر بطريقك الخاطئ).. يبقى أخيرا" أن أٌشير إلى أنني انتظر التغيير الحمساوي ليتحول إلى موقف راسخ يؤمن بالوحدة وبالدولة ويقبل بالانتخابات كوسيلة لتداول السلطة ويؤمن بحق الشعب بالتعبير عن كلمته وموقفه من خلال نظام ديمقراطي فلسطيني .
التعليقات (0)