مواضيع اليوم

مبرّرات صناعة الفكر الإسلامي ومركز صناعة القرار

سلام الهدى

2010-11-06 16:18:39

0

 مبرّرات صناعة الفكر الإسلامي ومركز صناعة القرار

لقد اثرنا استعمال كلمة صناعة الفكر الاسلامي لانها فعلا صناعة بحد ذاتها لها ادواتها واساليبها كما تحتاج الى الفهم والخبرة والتجديد وصعوبتها تاتي من ان المادة الاولية لهذه الصناعة هي الانسان ومنطقه في التفكير وهي مادة متغيرة باختلاف الزمان والمكان والاشخاص والمؤثرات الخارجية ........

إنّ صناعة الفكرالإسلامي واصلاحه وتطويره أولوّية الاولويات في عالم اسلامي مليء بالمشاكل والتحدّيات.
ولقد برهن الفكر الإسلامي باصوله العقيدية الثابتة مقدرته على إصلاح نفسه وتجديدها, في تركيا وماليزيا والمغرب الغربي بشكل عام، فما الذي يمنعه من تجديد نفسه في باقي البلدان؟
ان سبب التاخر في إصلاح الفكرالإسلامي وتكيفه مع العالم اليوم هو نقص الشجاعة السياسية للنخب الدينية المتجمدة سواء في الإسلام التقليديّ أو في الإسلام السياسي.
اماالشجاعة المطلوبة لمثل هذه الحالات فهي شجاعة النخب التي تملك رؤية واضحة للمستقبل الذي تقود إليه شعوبها بعزم , كما ان إصلاح الفكر الإسلامي لا يحتاج إلى نص، بل إلى إجماع صنّاع القرار على أنه ضرورة ومصلحة. وكما يقول الشاطبي : حيث المصلحة فثمّة شرع الله اذا وافقت اصول ومقاصد الشرع .
ان تطوير الفكر الاسلامي هو أولويّة الاولويّات لأنّ الشروع في إصلاحه يتوقّف عليه نجاح التطوير وصناعته في الاقسام الاخرى، كصناعة وتطوير واصلاح الفكر الاقتصادي مثلا, بالاضافة الى ان بداية صناعة و إصلاح الفكر الإسلامي لا تتنافى مع بداية عملية الاصلاح في اقسام الفكر الأخرى بل تتكامل معه وتقتضيها .كما ان صناعة الإصلاح السياسي والاجتماعي والتربوي… جزء لا يتجزّأ من صناعة وتطوير الفكر الإسلامي.
و القاسم المشترك بين جميع الاقسام أنّها تتطلّب كأولويّة مطلقة ما نسميه إصلاح صناعة القرار.
ان سبب الأسباب لتخلّفنا أو بما هو أدقّ لتخبّطنا الطويل في أزمة الحداثة التي نجتازها وعدم خروجنا منها سالمين حتّى الآن هو سوء صناعة القرار الذي مازال في تسعة على عشرة على الأقل من البلدان العربية لا تصنعه المؤسَّسات صناعةً علمية يكون الكمبيوتر أوّل صانع له. بل تصنعه نزوات وهذيانات النخب التقليدية الفردية والتي تتميز بالقرارات الانفعالية الناتجة عن ردة الفعل, والحلم في أن تتحوّل إلى رؤى صادقة، او أن تتحوّل إلى حقائق . وللعلم ان جميع منجزات الحداثة منذ خمسة قرون إلى الآن صنعتها قرارات سياسيّة شجاعة وذكيّة ما زالت بالنسبة للنخب العربية برسم الاكتشاف.
العالم الذي نعيش فيه معقّد وغير قابل للتّوقّع، ومقاربته بالقرارات المرتجلة واللامعقولة تعني الفشل والخسران. وأن تكون شجاعا وذكيّا هو أن تعترف بأنّ الواقع والرغبة قلما يجتمعان. أي أنّ مبدأ اللذّة ومبدأ الواقع نقيضان. وهذا ما لم يدركه بعد الإسلاميون التقليديون والقوميون الذين مازالوا يتفاوضون مع أنفسهم ويغالطونها في حقائق العصر الذي يعيشون فيه.
ان الواقعية والجدية والفاعلية هي التي تنشئ الحدث، وتستلهم واقع عصرها. وبالعكس القرارات المتهوّرة والغبيّة التي تُسترجل تحت ضغط الأحداث وردة الفعل والتي تستلهم عادة من مخاوف صانع القرار اللامعقولة أو ردود فعله الهاذية، هي اكثر الاوصاف التي تتميز بها النخب التقليدية في المجتمعات الاسلامية.
ان علاقة اصلاح الفكرالديني بصناعة القرار هي علاقة وثيقة , فالنخب التقليدية التي تصنع القرار قلّما احترمت المبدأ الأوّل لهذه الصناعة وهو المعرفة الدقيقة، والحساب الدقيق للتكاليف والمكاسب، و الخسارة والربح في كلّ قرار. او بمعنى اخر دقّة المعادلات الرياضية من اجل المصلحة الاسلامية
كماانها تجاهلت المجالات الإستراتيجية الأربعة :
- إصلاح الفكر الإسلامي
- البحث العلمي،
- التجديد التكنولوجي،
- التعليم الجيّد بالمعايير الدولية.
ان صنع قرار الإصلاح الديني اليوم يحتاج الى المرونة و الحاجة الى التفكير في معرفة مخاطر النهاية المأساوية لأيّ مشكلة تطرح نفسها علينا ,ختى نستطيع تغيير الاتجاه في الوقت المناسب.
ان تكييف واصلاح الفكر الاسلامي مع عصره وتطويره يعطيه الحق والمشروعية من اجل الوقوف و قطع الطريق على مخاطر النهايات المأساوية للحضارة الانسانية. ومن ثم الاتجاه الى السيناريو المتفائل في انشاء حضارة بشرية واحدة تتعرّف على هويتها في القيم الإنسانية الكونية المشتركة وفي الضوابط الأساسية للعيش معًا في عالم مُعَولَم تشابكت فيه مصائر البشرية في السرّاء والضراء، إلى درجة أن سؤال الحكومة الإقليمية والحكومة العالمية أو "الكونفدرالية العالمية" كما يسمّيها الفيلسوف والأنتروبولوجي ادغار موران Edgar Morin أصبح سؤالا مشروعا لمواجهة تحديات يتوقف على رفعها بقاء الحضارة بل وربما بقاء النوع البشري نفسه.

كما ان اول خطوة في الاصلاح الفكري هي الاصطلاح مع مفاهيم العلمانية وتكييفها للوصول الى الصيغة المناسبة للاستفادة منها وفق احكام الشريعة الاسلامية وذلك من اجل
1- الاستفادة من الحداثة التي ادت الى تطور الحضارة الانسانية
2- تفادي مخاطر الحروب الطائفية والدينية خاصة الحرب السنيّة الشيعيّة التي قد تتحول في إحدى مراحلها إلى حرب ذرية
3- ان غياب الشريعة من دون اصلاح القانون الوضعي وبقائه وحيدا في عالم التطبيق، سيُسقط العالم الإسلامي في همجيّة ما قبل التاريخ تحت ضغط الحضارة الانسانية المتمثلة في التجسيد المادي للحضارة.
ومن دون تطوير الفكر الاسلامي والتلاؤم مع البحث العلمي والإبداع الأدبي والفني سيبقى (الاشتباك بين القرآن والعلم دائما), كما انه بدون الفصل بين المؤمن والمواطن لن نستطيع ان نؤثر في مسار التطور الحضاري للانسانية والذي ستنعكس صورته سلبا على الإسلام نفسه عند الرأي العام العالمي وعند قطاع من المسلمين أنفسهم الذين لم يستطيعوا ان يوفقوا بين الفكر الاسلامي والعلمانية.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !