أكتب هذا على الافتراض الغالب من وصول المشير عبد الفتاح السيسى إلى مقعد الرئاسة فى مصر , ولأننى ادرك كم ونوع التحديات الهائلة التى سوف يواجهها فإننى اوجه له هذه العبارة ( مبروك عليك يا سيسى , مبروك عليك ) مستلهما إياها من موقف تاريخى ذكره -هيكل - ضمن مجموعة مقالات له عقب انفصال سوريا عن مصر عام 1963 بعد الوحدة التى تمت بين البلدين عام 1958 . فقد ذكر هيكل فى أحد مقالاته أنه بعد إتمام الوحدة وإثر خروج كبار القادة من أحد الاجتماعات , ربت الرئيس السورى الذى تنازل عن رئاسة سوريا حينها وهو الرئيس شكرى القوتلى ,ربت على كتف جما ل عبد الناصر وقال له مداعبا : (مبروك عليك , مبروك عليك سوف تحكم شعبا يعتقد كل فرد فيه أنه إله ) . وبصرف النظر عن هذا الوصف الذى ورد على قلم هيكل إلا أن جمال عبد الناصر دفع الكثير من صحته وأعصابه فى مواجهة المشاكل المترتبة على هذه الوحدة التى لم يكتمل عمرها ثلا ث سنوات . - طرأ هذا العنوان على فكرى وأنا أوجه التهنئة للمشير السيسى بالرئاسة المرتقبة لمصر , وأقول له : مبروك عليك من نفس المنطلق الذى قاله الرئيس السورة الماكر لعبد الناصر حيث كان يدرك تماما فداحة ما سيواجهه من تحديات . وبالطبع انا أدرك عن بصيرة ويقين وعن رؤية واضحة للمشهد المصرى أن رئيس مصر القادم أمامه جبال من التحديات , وأهوال من المعضلات مما سيجعل من منصبه هذا محنة حقيقية . ولو حاولت حصر هذه التحديات لما وسعنى الوقت ولما أسعفنى الجهد , ولكنى أوجزها فى الآتى -1- سيكون اما م هذا الرئيس أمر هام وهو وجود التيار الإسلامى على الساحة واستخدامه للعنف طريقا للوصول إلى السلطة وسيكون على الرئيس أحد أمرين - إما أن يهزم هذا التيار فى معركة قد تطول , وإما أن يتصالح معه ويدمجه فى العملية السياسية , وكلا الامرين صعب التحقق وله نتائجه التى قد تكون مربكة للمسيرة - 2 - سيتسلم الرئيس الجديد بلدا منهك العافية مرهق الاقتصاد وشعبا معظمه لا تعنيه هوية من يحكمه بقدر ما يعنيه مقدار ما سيوفره له من حاجات حياته -3- الفترة الماضية بعد عام 2011 عوّدت قطاعات واسعة من فئات المجتمع على الاضرابات والمطالب الفئوية وسقطت هيبة الدولة وتوارى الرعب من قبضتها الأمنية , وقد يكون لهذا الأمر جانب إيجابى إلا أنه فى مثل هذه الظروف التى يجرى فيها هذا الاستقطاب المجتمعى الحاد وتلك المشكلات الاقتصادية الضاغطة يبدو الأمر سلبيا --4- سيواجه الرئيس بمشكلة مصر مع دول حوض النيل وخاصة أثيوبيا بسبب تلك السدود التى ستؤثر على حصة مصر من مياه النيل , مع أنها تعانى حاليا من حالة فقر مائى , وتلك مشكلة من المحال حلها بالحرب ومن الصعوبة حلها سلميا -5- يبقى الصراع بين النخب المصرية وبين التيار الدينى حول تحديد هوية مصر ومدى إدخال الإسلام فى التشريعات وفى تدخل شيوخه فى قضايا الإبداع الفنى والأدبى , وفى حقوق المسيحيين وتمتعهم بحرية إقامة كنائسهم , سيبقى ذلك إحدى المهام الصعبة التى تحتاج زعيما قويا ذا كاريزما وفكر فادر على الإقناع والحسم . -6 - ويبقى أمر سيناء وأمنها هاجسا وخطرا مؤرقا , وإن كنت أرى ان التغلب عليه أمر ليس صعبا فى حالة تماسك الدولة المصرية وقوة بنائها الوطنى وتماسك لحمتها الاجتماعية . - - تلك هى بعض التحديات التى ستواجه رئيس مصر القادم الذى أظنه سيكون المشير عبد الفتاح السيسى , أردت أن أضعها أمامه وأقول له : مبروك عليك , مبروك عليك : أقولها بالطريقة التى قالها الرئيس شكرى القوتلى لجمال عبد الناصر وإن كنت أتمنى ألا تكون لها نفس النتائج
التعليقات (0)