نــاس هـــيس
لحسن أمقران العاصمي
لابد في البداية أن ننوه بهذا الانفتاح على قضية من كبريات القضايا الوطنية للاعلام العمومي في الاونة الاخيرة وان كان ذلك هو الموقف الطبيعي الذي كان من المفترض أن تتخذه هذه المنابر التي يمولها المواطن المغربي شهريا عبر شبابيك المكتب الوطني للكهرباء و المؤسسات البديلة.انفتاح يعود فيه الفضل الكبيرالى الحراك الوطني الذي شهدته الساحة الوطنية مؤخرا،و النقاش المحتدم حول هذه القضية والذي نجح في اثارة انتباه الكثيرين و جعلهم يواكبون الايقاع الجديد بعدما طالت خندقة الامازيغية في الطابوهات المحظورة للجهات الرسمية والتجاهل البليد للفعاليات السياسية و الجمعوية.
يعتبر برنامج مباشرة معكم من بين البرامج الاخبارية الناجحة للقناة الثانية المغربية،وذلك لكونه يتناول ما جد في الساحة الوطنية من أحداث تشغل بال المواطن و لن نتحدث هنا عن طبيعة تناوله لهذه الملفات لان المجال لايتسع للوقوف على تفاصيل ذلك .
سأبد أولا بالطريقة التي يتموقع بها الضيوف،فهي توحي بوجود حلفين متناحرين و هي الصورة التي لاحظتها مرارا في البرامج الحوارية للقناة (ملف للنقاش على سبيل المثال). نعم ،قد يكون اختيار المكان اعتباطيا أو متروكا للضيف نفسه لكن دور المخرج يقتضي حسن تدبير الجلسة لتفادي كل ما من شأنه المساس بقيمة البرنامج أوتأويل المشاهد و بالتالي تنفيره من المتابعة.
اذا سنركزفي مقالنا هذا على الحلقة الاخيرة للبرنامج و التي اختير لها كموضوع "الامازيغية و الاصلاح الدستوري".زخم من الضيوف جعل أحدهم يرتبك قبل بداية الحلقة و لم يجد غير محاولة اثارة محاوريه منذ التدخل الاول. حينما تساءل عما اذا كانت الصلاة على الحبيب المصطفى "حراما" مخاطبا الضيوف الاخرين في الحوار.انه موسى الشامي و ما أدراك ما موسى الشامي.
تساؤل أعتبره غير مسؤول و ينم عن نوايا أخرى غير افادة الناس و مناقشة الموضوع بكل علمية و موضوعية يقتضيها كونه خبيرا في اللسانيات و أستاذا للغة الفرنسية بكلية الآداب بالرباط لمدة تفوق 40 سنة .كان عليه فضح "المغالطات" و "التطاولات "التي يزعم أن الضيوف الاخرين يمررونها و ذلك بأسلوب حضاري و مسؤول ،بعيدا عن الانفعال و النرفزة الهوجاء التي بسببها استاء المتتبع للبرنامج من المستوى الذي وصل اليه مفكرونا و عقلاؤنا في الحوار و تقبل الرأي الآخر،سلوك لا شك أن أستاذنا الكريم نزل بسببه دركات كبيرة نحو الشعبوية و الانانية العمياء التي يمكن أن تميز أيا كان غيرخبير لساني و أستاذ كبير.
أأسف لهذا شديد الاسف بالقدر الذي أأسف على تدخلاته العشوائية و اخلاله بآداب الحوار من خلال المقاطعة المتكررة لتدخلات الاخرين بل أكثر من ذلك استعانته غير ما مرة باليد لشد جاره عدي السباعي و منعه من الكلام بكل ما أستحيي من قوله في حق أستاذ كان لزاما عليه أن ينور المشاهد و يكون قدوة لرجالات الفكر في بلادنا.
كاد المقود أن ينفلت من بين يدي مقدم البرنامج لانه وقع في خطأ كبير باستدعائه لشخص لا علاقة له بالامازيغية لا من قريب و لامن بعيد ،جاء يريد أن يوهم الناس أن أكثر ما يتهدد اللغة العربية هو شبح اللغة الامازيغية،شخص أراد أن يستبد بالرأي و يمارس الوصاية الفكرية على مفكرين و باحثين من الطراز الرفيع،بل انه صرح أن المعهد كمؤسسة ملكية تبذر المليارات لخلق لغة وهمية ضاربا كل الابحاث الاكاديمية و التاريخية لثلة من خيرة رجالات هذا الوطن عرض الحائط.موقف يستدعي المساءلة و تحميل المسؤولية في لغط و فحش يراد به تضليل المواطن المغربي بل و خلق عدو افتراضي للغة العربية و الدين الاسلامي ثم التشكيك في كفاءة الباحثين بالمعهد الملكي. عقلية متحجرة منغلقة و مستبدة تعود بنا قرونا الى الوراء حيث اما أن تكون معي أو تكون ضدي و اذا أحاربك.
أسهب هذا الشخص في اتهام "الجهات الفرنكفونية" بمعاداة اللغة العربية و تهديدها منذ حوالي سنتين و ها هو اليوم يحاول وضع المفكرين و الباحثين في الحقل الامازيغي في ذات القفص بعد يأسه من محاربة "الجهات الفرنكفونية" بل و حاول اقحام ضيوف البرنامج ضمن هذا التيار رغم كونهم يجيدون اللغة العربية ربما أكثر منه. يعتبر أستاذنا تحرير المراسلات الإدارية في كثير من القطاعات الحكومية والإدارات العمومية باللغة الفرنسية خرقا واضحا للدستور واستهانة كبيرة بالمواطنين وهو كلام جميل لو أنه لا يحقد على حق اللغة الامازيغية في الدسترة و هي اهانة أنكى أشنع للمواطن المغربي.
لا أعرف لماذا يتجاهل هذا الشخص البحوث اللسانية التي تؤكد القدرة الهائلة التي تملكها اللغة الامازيغية على توليد المصطلحات والمفردات،بل ويعتبر ذلك من قبيل اللغة المغلوطة التي تهدد "الامازيغيات " في حين يتبجح في كل مناسبة بقدرة اللغة العربية على الانتاج... في هذا الإطار ألا يكفيه ما قطع من الاشواط في مجال حوسبة هذه اللغة التي يريد اعدامها؟انه و كما يحلو له أن يقول يجب علينا أن نضع هذه الكلمة للتاريخ، وأن نضع الفاعلين السياسيين أمام مسؤولياتهم التاريخية،بعيدا عن هذه الممارسات العدوانية التي لن تزيد الباحث الامازيغي الا اصرارا على ابراز قيمة لغته و جماليتها.
كان على مقدم البرنامج أن يتفادى شخصا معروف سلفا عداؤه للامازيغية وإعادة طرح قضية الهوية ومكوناتها في المغرب بل أكثر من ذلك أنه اعتبر النقاش قصد الدفع بالأمازيغية واجهة للصراع من أجل التمكين للأجندة الفرنكفونية، يعترف أن وضع التهميش نصيب كل من اللغة العربية والأمازيغية على حد سواء لكنه يستميث في تكريس التهميش الذي لا يرضاه للغة العربية ، إن السؤال بعد ذلك يطرح على مستقبل المغرب بعد طمسه للغة الامازيغية. إذ سيكون الثمن هو الانقطاع عن عمقه التاريخي والحضاري، والقطيعة مع صلب هويته كما قال صاحب الجلالة.
لا بد من التذكير أن موسى الشامي كان قد صرح أنه:"في الوقت الذي يمضي فيه الاتجاه في حالة اللغة الأمازيغية إلى اعتماد لغة معيارية واحدة بدل ثلاث لغات، وفي الوقت الذي تبذل فيه جهود كبيرة من أجل تحقيق هذا الهدف، وهي الخطوة التي نثمنها ونتمنى لها أن تتكلل بالنجاح" ها هم اليوم ينسى ما قاله و يكشف عن حقده الدفين للغة الامازيغية ناسيا ما صرح به لجريدة التجديد من كونه و رفقائه غير معنيين ولا مسكونين بفكرة المواجهة.
كيف يقول الاستاذ أن :"نحن لا يضرنا في شيء الاهتمام باللغة الفرنسية، بل يهمنا ذلك، ويهمنا أكثر رفع منسوب التحكم في اللغات عند المتعلمين، بل إن هذا يعتبر جزءا من مطالبنا، لكن ما لا نقبله أن يكون تعبيد الطريق إلى اللغة الفرنسية يمر عبر هدم أركان اللغة العربية وتدمير بنيانها الداخلي. نحن مع الانفتاح على اللغات، وبالمناسبة؛ يكفي أن يعلم القارئ أن عددا من أعضاء المكتب المسير للجمعية المغربي لحماية اللغة العربية هم أساتذة للغة الفرنسية،" في الوقت الذي يحاول فيه جاهدا الحكم على الامازيغية بالموت البطيء و يقف ضد الحفاظ على هويتنا وخصوصيتنا اللغوية التي لن تتأتى خارج التنصيص الدستوري عليها،
اعتاد الاستاذ المسكين على أحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من خلال اللقاءات التي تجمعه مع الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية التي توهمه أن التحالف بين اللغتين العربية والأمازيغية تحالف استراتيجي سيغني المشهد الوطني لغويا وثقافيا، لكن رئيس الجمعية موسى الشامي هذه المرة كشر عن أنيابه لما وجد نفسه أمام أحمد عصيد المتميز من بين رجالات الفكر و البحث الامازيغيين بجرأته و قوة مواقفه، و نسي اللساني العظيم قوله أن جمعيته لم تنشأ بوصفها رد فعل على الدعوة لترسيم اللغة الأمازيغية، كما سبق و نشر في بعض الصحف الإلكترونية، و أن الأمازيغية مكون من مكونات الهوية المغربية.
التعليقات (0)