واخيرا تنحى الرئيس المصري حسني مبارك عن السلطة ليزيح بخطوته کابوسا ثقيلا کان يجثم على صدر الشعب المصري و يخنق انفاسه، مبارك وبعد ان جرب مختلف الطرق و الاساليب لکي يرضي الشعب الرافض له و يبقى في السلطة ولو الى نهاية ولايته الحالية، وجد ان کل حيله و مراوغاته و الاعيبه لم تعد تجد نفعا، فالشعب قد أصدر قرارا حاسما و قاطعا لارجعة فيه طالبا من مبارك التنحي عن السلطة.
ان المحاولات الفاشلة و البائسة للتلفزيون المصري خلال الايام السابقة من أجل حرف الحقائق و تزويرها و حمل المتظاهرين على العودة لمنازلهم و الاکتفاء بالوعود"المحددة"لمبارك ناسيا هذا التلفزيون الاصفر بأن الشعب هو الذي يصنع التأريخ و يبني المستقبل وان الرئيس بذاته هو مجرد منفذ و تابع له و ليس العکس، فقد طفح الکيل بالشعب المصري ولم يعد يطيق الفساد و الافساد المستشريين في مفاصل الدولة ولذلك خرج على النظام و على الرئيس حسني مبارك الذي يعتبر الممثل و المعبر الاکبر للنظام الفاسد في البلد لکي يعيد بناء مصر وفق إرادته و رؤيته و يلقي بالطفيليات الى مزبلة التأريخ فالشعب هو الذي يمن و يمنح وليس غيره، لقد إنقضت تلك الايام السوداء التي کان الرئيس يخرج فيها لکي يصدر بيانا"يمن"من خلاله على الشعب بخيراته و مکارمه وکأن الوطن بمثابة إقطاعية للرئيس و الشعب مجرد قطيع من الغنم يقاد کما يحلو للراعي"المتغطرس".
اخيرا، استوعب الفرعون المصري الفاسد مضمون الثورة و خلاصتها و تيقن من أنه لم يعد له من مکان في ذلك المنصب الذي لم يعطه حقه کما يجب و ساير الفاسدين و المتملقين و الدجالين و أدار بظهره للمخلصين و الصادقين و أبناء مصر الحقيقيين، فصارت مصر إقطاعية لشريحة محددة و جعلت من الاغلبية تعاني من حرمان و فقر و حياة صعبة جدا، ولم يجد الدکتاتور المصري کل تلك الزخارف و الحواشي المنمقة التي صنعتها اوساط"فنية و أدبية و إعلامية و ثقافية"مصرية من أجل حرف الثورة عن مسارها و العودة لحياة الذلة و الاستکانة، وان کل هذه الوجوه الصفراء الملطخة بعار موقفها المشين و المخزي، ستسعى جاهدة مثل اولئك المنافقين الذين خذلوا الرسول الاکرم(ص)، لکي تحلف أغلظ الايمان إنها "کانت معکم"، لکن لات حين مناص!
ان الشعب المصري الذي ادرك أخيرا بأنه لم يعد هناك من خيار أمامه سوى مواجهـة النظام و تغييره بإرادته الحرة الابية، يزف درسا و عبرة بليغة جدا لکل من يهمه الامر خصوصا اولئك الذي مايزالوا يراهنوا على حشد المزيد من القوى و الاجهزة القمعية لمجابهة الشعب و اسکاته و إبقاء الاوضاع"غير المنطقية" على ماهي عليها وهو سعي لن يکتب له النجاح مطلقا و ان فجر الشعوب قد لاح وعلى هؤلاء الاذعان و الرضوخ و النزول منصاعين عند مطالب شعوبهم العادلة وترك تلك الکراسي التي إشرئبت بالصدأ منذ زمن بعيد.
حسني مبارك، الذي کان قبل يوم مضى رئيسا لمصر، أصبح اليوم رئيسا سابقا وبذلك طوت مصر صفحة سوداء من تأريخها و فتحت صفحة مشرقة تزف الامل و الخير و النور لعموم شعوب المنطقة من دون إستثناء، وعلى اولئك الذين يجلسون في قصورهم"المتحصنة"من شعوبهم، ان يدرکوا بأنه لاعاصم من غضب الشعوب أبدا وانهم وعندما ستحين ساعة الحساب سيجدون قلاعهم أوهن من خيوط العنکبوت، ومن أجل ذلك فليثبت هؤلاء ولو لمرة واحدة موقفا وطنيا صحيحا و مخلصا يتجلى في الاقدام على أحد هذين الامرين:
ـ إجتثاث الفاسدين و إصلاح النظام بصورة تبدو جديرة بالشعب و إشفاع ذلك بتقديم إعتذار شفهي واضح له عن کل الذي جرى من ظلم و جور بحقه.
ـ إستباق الاحداث و تقديم الاستقالة من منصب قيادة الدولة و توضيح سبب او الاسباب الکامنة خلف هذه الخطوة.
التعليقات (0)