مبارك والدوحة (3)
إجتمع رئيس وزراء ووزير خارجية قطر حمد بن جاسم بن جبر آل ثان مع الرئيس مبارك بالقاهرة يوم السبت الموافق 11/12/2010 فى زيارة قيل إنها سوف تستغرق يومين ، وقد قيل أيضا أن تلك الزيارة تستهدف بحث القضايا الإقليمية والتعاون بين البلدين .
أما ما هو غير معلن من تلك الزيارة ، أو بالأحرى تقارب وتقرب مبارك من قطر ، فهو ما يتعلق بالجزيرة ، خاصة فى الأيام المفصلية القادمة من عمر ومستقبل نظام مبارك فى مصر ، حيث إنه من المخطط السير قدما فى تمرير سيناريو التوريث فى تلك المرحلة المفصلية من عمر النظام ، وإنتقال ـ أو توريث ـ السلطة من الأب إلى الأبن . وينبغى ـ من وجهة نظر الأب والعائلة الحاكمة ـ أن يمر ذلك السياريو بسلاسة وهدؤ ، وذلك يتطلب قدرا هائلا من الإستقرار ـ إسقرار نظام الحكم بطبيعة الحال ، وليس أى شىء آخر ـ يكفله ، من وجهة نظر الأب أيضا ، تمديد قانون الطوارىء ، وعصى الأمن المركزى ، وسياسة البطش والتنكيل التى تتبعها مباحث أمن الدولة تجاه شعب مصر بصفة عامة وتجاه المعارضة بصفة خاصة ، وكذا منع أى صخب أوضجيج إعلامى ، فى الداخل أو فى الخارج ، قدر الإمكان ، ومن هنا جاءت زيارة مبارك إلى قطر ثم دعوته لأمير قطر ووزير خارجيته بزيارة مصر لتحجيم أو لتحييد الجزيرة ، ومن ثم عدم إلتفاتها إلى أى أحداث قد تقع فى مصر ، خاصة فيما هو قادم من أيام ...!
ولإستمالة دولة قطر وأمير قطر ، ومن ثم التأثير على الجزيرة بمنعها من إذاعة كل ما من شأنه أن يسىء إلى النظام المصرى ، ذهب مبارك الكهل بنفسه إلى الدوحة وادعى بأن زيارته كانت من أجل سعيه نحو تنشيط ودعم أوجه التعا ون مع قطر .
وحتى يكون عمليا فقد أوعز إلى وزرائه بالإتصال بنظرائهم القطريين لبحث أوجه التعاون ذات الجماهيرية والشعبية الواسعة ، حيث يمكن إستقطاب أنظار العرب من المحيط إلى الخليج ، وذلك فقط من خلال كرة القدم ، وليس البحث العلمى ولا الأمن الغذائى ولا تشغيل العاطلين أو علاج شح المياه وأعراض المجاعة ، وإرسال فريقنا القومى فى مهمة جهادية مقدسة ـ أسمى من فتح عكا وتحرير القدس الشريف وفلسطين من براثن الصهيونية وإنقاذ المسجد الأقصى ثالث الحرمين وأولى القبلتين ، والذى هو مهدد بالإنهيار الآن ـ لملاقاة الفريق القطرى يوم الخميس القادم الموافق 16/12/2010 ، وندعو الله أن لاتكرر أحداث أم درمان مرة آخرى والتى خرج فيها فريق جمال مبارك لكرة القدم من التصفيات المؤهلة لكأس العالم السابقة فى جنوب أفريقيا على أيدى فريق دولة الجزائر الشقيقة .
وكنا نتمنى أن لايؤثر ذلك التقارب الحثيث من قبل النظام مع قطر على أداء الجزيرة فيما يتعلق بالأحداث الجارية فى مصر، وكذا تلك التى سوف تجرى ، والتى قد تحمل فى جنباتها إما مخاض عسير جدا ، ومكلف ، من أجل إنقاذ مصر من براثن أهل الكهف أو أهل مبارك ، و إما إغتيال دولة ودور وحضارة وحضور بحجم مصر . ولذا فإننا نتمنى إن لاتشارك الجزيرة مبارك فى إغتيال مصر وذلك بالسكوت أو غض الطرف عما لايجب السكوت عليه ...
لكن ، كل المؤشرات المتاحة للأسف لا تدعو إلى التفائل ، حيث فجأة تلقيت عبر بريدى الالكترونى نبأ إستقالة الشاعر المصرى الشاب المخلص المثقف القدوة يوسف عبد الرحمن من عمله ، أو تكليفه ، بالجمعية الوطنية للتغيير برئاسة الدكتور البرادعى كمنسق عام لتلك الجمعية والتى أشرف أنا العبد الفقير إلى الله بعضويتها ، وذلك فى يوم الاثنين الموافق 13/12/2010 أى بعد زيارة وزير خارجية قطر إلى مصر بيومين ، حيث يحمل عبد الرحمن يوسف الجنسية القطرية ، وهويكتب بشكل دورى فى أحد الصحف القطرية ، وهو أيضا نجل العلامة الشيخ يوسف القرضاوى المصرى الأصل والمقيم بقطر والذى يحمل أيضا الجنسية القطرية ، حيث كان قد اضطهد خلال حكم كل العسكر الذين تناوبوا على حكم مصر ...!
ومرة آخرى نأمل فى أن تستمر الجزيرة فى نهجها المتميز والمستقل، ومهما لاقت من ضغوط ، عن توجهات الحكومة القطرية ، وأن يكون إنحيازها دائما ، وكماعودتنا ، إلى الشعوب والأمة العربية نفسها ، وليس إلى أنظمنها .
                                           مجدى الحداد