" سورية للجميع في ظل دولة ديمقراطية مدنية " ، تحت هذا الشعار التأمت شخصيات سورية مستقلة ومعارضة في لقاء لها عقد في دمشق في 27/06/2011 ..
وهي مبادرة وطنية وهامة ، تأتي في ظل ظروف استثنائية ، وتحمل كثيرا من القلق المشروع عن مستقبل الحياة السياسية في سورية ..
وقد أعلن عقب نهاية اللقاء عن بيان تضمن عددا من النقاط ، رآه المجتمعون مناسبا للخروج من الأزمة السورية الحالية ..
ونحن لن ندخل في الحديث عن تلك الشخصيات وتاريخها ودورها وحجم تمثيلها وثقلها في الشارع السوري ، ولن نتطرق إلى موقف " المعارضة الخارجية " منها ، ولن نتسرع في الحكم على النوايا ، لكننا نسوق بعض الملاحظات التي تلفت الأنظار بشكل مباشر ، لتعطي دلائل ونتائج مختلفة ومتعددة :
ـ دأبت المعارضة " الوطنية " طيلة السنوات الماضية على مهاجمة الإعلام الوطني ونعته بشتى النعوت والسلبيات التي أتفق معهم في كثير جدا منها .. وشاهد الملايين على شاشة الإخبارية السورية في نقل حي ومباشر ، كيف أعرَضَ " وجهاء القوم " عن ميكرفونات الشاشات الوطنية ، وساوى بعضهم بين القنوات الوطنية والإعلام الآخر ، واختار بعضهم الميل للشاشات الأجنبية ..
لا بأس ..
ـ تأخروا أكثر من ثلاث ساعات عن موعد الافتتاح .. ولهم العذر في قلة الخبرة ، وتنطعهم بذلك لأول مرة ..
وأيضا لا بأس ..
ـ منعوا من المشاركة مَن لا يحمل بطاقة دعوة .. معهم حق في هذه ..
ـ قلة نادرة منهم " تكلـّفَ " عناء ترديد النشيد الوطني العربي السوري مع الموسيقا ، فيما تشاغل آخرون ، وبدا وقوف البعض مجعلكا وبلا قابلية ، على أساس أن " هذه المظاهر غير ضرورية في أوقات الشدة " ..
لا بأس أيضا ..
ـ بدت ـ أثناء الافتتاح ـ كاميرات التلفزة كـ " الأيتام على موائد اللئام " وسط التمنع والاختباء عنها ، وفي ظل انتشار عشرات كاميرات المشاركين " المبتهجين بحضور العرس " ..
أيضا لا بأس ..
ـ هم مجموعة غير متجانسين ، ولا يعبرون إلا عن أنفسهم ، " حسب تصريحاتهم وبيانهم النهائي " .. وهذا شأنهم ..
ـ ليلا ، قالت المذيعة رائدة وقاف على الشاشة السورية :
إن التلفزيون العربي السوري كان بصدد نقل وقائع الاجتماع على الهواء مباشرة ، إلا أن المنظمين " الوطنيين " رفضوا ذلك ، ومنعوا وجود أي وسيلة إعلامية داخل القاعة ..
ويبدو أن هذا جاء تمشيا مع ما ورد في بيانهم الختامي ، بأنهم يرفضون " التجييش الإعلامي " ..
كمااااان لا بأس ..
لكن :
1 ـ أليس في امتناع المعارضين عن التحدث للإعلام المحلي ، تضامن غير معلن مع قنوات أخرى تمارس " التجييش الإعلامي " مثلا ، وهي غائبة الآن عن التغطية ؟؟!!
2 ـ وإذا كان التعتيم الإعلامي الذي مارسته السلطة في سورية هو الداء الذي طالما اشتكت منه المعارضة " الوطنية " وغيرها ، " ومعها حق في ذلك " ، فما الذي يفسر موقف هؤلاء من الإعلام ووسائله وكاميراته ، وانهزامهم منه تارة واحتجابهم عنه تارة أخرى وهم " مجتمعون تحت سقف الوطن ، ومن أجل سورية وشعبها " ؟؟!!
3 ـ ألم يقعوا في نفس الحفرة عند أول ممارسة علنية لهم عبر " نضالهم الوطني " قائلين : إن السلطة تعتم ، وغير منفتحة على الشفافية الإعلامية ولا تصارح الجماهير بشكل واضح في كل ما يجري وراء الأبواب المغلقة ؟؟!!
4 ـ في نتائج اجتماعهم ، لم يظهروا طرفا ثالثا في الأزمة ، ولم يظهروا حياديين رغم أن المرحلة لا تحتمل هذا .. وأصروا على مطالب غير واقعية ولا عملية ولا يوافقهم فيها أغلبية الشعب السوري الذي افتقد الأمان واستشعر الفتنة وذاق الثكل واليتم ..
5 ـ وفي بعض مطالبهم ظهروا متخلفين جدا عما جاء في خطاب رئيس الجمهورية الأخير ، ولاسيما فيما يتعلق بتعديل الدستور أو تغييره ..
وإن كانت إشارتهم إلى وجوب استبعاد قيام الدستور الجديد على مبدأ قومي واشتراكي يحمل من الريبة ما يحمل ، ولاسيما التنكر للمبدأ القومي تحديدا ..
6 ـ لم يعيروا اهتماما للدعوة التي وجهتها هيئة الحوار الوطني التي أعلنت أنها ستلتئم في العاشر من الشهر القادم ، وأن الجميع مدعوون للحضور ، بلا أي شرط أو سقف غير الموقف من العدو الصهيوني ..
بمعنى : كل من يعادي الصهاينة هو حكما مدعو للحوار الوطني ..
7 ـ فلـ " تحيا المعارضة " الوطنية السورية "" ..
ولتهنأ أيها الشعب العربي السوري العظيم برجالاتها ..
فقد تمخض الجمل .. وذاب الثلج ..
الثلاثاء ـ 28/06/2011
التعليقات (0)