كثيرة هي المبادرات التي تخرج من هنا ومن هناك وقد يكون بعضها ذو هدف نبيل، وهو انهاء حالة الانقسام السياسي والجغرافي بين الضفة الفلسطينية وقطاع غزة.
ولكن ما يميز معظم المبادرات السابقة أنها تخرج ضمن اطار المصالح السياسية والاقتصادية، والهم الأكبر لأصحاب هذه المبادرات هو تسجيل مواقف ايجابية تخدم أجندتهم الشخصية أو الحزبية، وبعد قراءة العديد من المبادرات وما يصاحبها من اشكاليات، حاولت جاهداً ان أضع المحددات الضرورية لنجاح أي مبادرة للمصالحة الفلسطينية.
المحدد الأول: موقع جمهورية مصر العربية من هذه المبادرة
لا بد من أي مبادرة مستقبلية أن تراعي كبرياء مصر كدولة مركزية في المنطقة العربية والاسلامية، لذا من الضروري أن نتوافق فلسطينياً ثم نخرج الى القاهرة لبلورة ما اتفقنا عليه، وتقود مصر على المستوى الاقليمي والدولي هذا الاتفاق، وتضمن آليات تنفيذه، لأن الاتفاق يجب ان لا يقتصر على التوقيع فقط.
المحدد الثاني: طبيعة التحولات السياسية في المشهد السياسي
هناك تحولات سياسية أفرزتها مجزرة أسطول الحرية، وهنا على كل مبادرة لا تراعي تلك التداعيات فهي محكوم عليها بالفشل، ومن أبرز هذه التداعيات ما يلي:
1- أهمية وحيوية الدور التركي كداعم ومكمل للدور المصري والسعودي والسوري في المنطقة.
2- نجاح مشروع مقاومة الحصار من خلال صمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ومن خلفه حركة حماس، مقابل إرهاصات فشل مشروع المفاوضات الغير مباشرة في ظل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة.
حتى يكتب لأي مبادرة سياسية تتعلق بالمصالحة الفلسطينية النجاح ينبغي مراعاة المحددين السابقين، وأيضاً ينبغي على الجهة التي تقود تلك المبادرة أن تقف على مسافة متساوية من الجميع وأن تتحرر من أي تبعية مفترضة تتقاطع مع مصالح تلك الشخص أو تلك الجهة.
وبصفتي مراقب ومهتم بالشأن الفلسطيني، أعتقد أن المصالحة الفلسطينية لا تحتاج سوى ارادة سياسية، وأن كلا الحركتين فتح وحماس ليسوا بحاجة لأن يتوسط بينهم أحد، فهم الأجدر في إدارة القضايا الخلافية بينهم، وهم من وقعوا مسبقاً على وثيقة الوفاق الوطني، وغيرها من الوثائق وقد يكون المشهد السياسي اليوم أكثر تقبلاً لبناء نظام سياسي فلسطيني يقوم على الشراكة السياسية والتعددية الحزبية، ومبدأ التداول السلمي للسلطة، وهنا أطرح مبادرتي وتتلخص فيما يلي:
1- ذهاب السيد محمود عباس فوراً الى القاهرة.
2- ذهاب السيد خالد مشعل فوراً الى القاهرة.
3- لقاء الطرفين منفردين في أرض الكنانة جمهورية مصر العربية، برعاية كريمة من فخامة الرئيس محمد حسني مبارك.
4- من الممكن أن يعقد كل طرف مع مؤسساته السياسية والشورية في القاهرة، بعيداً عن اي تأثيرات اقليمية أو دولية.
5- يتوجه الطرفان بعد ذلك الى مقر الاستخبارات المصرية ويوقعوا على ما اتفق عليه بعيداً عن وسائل الاعلام.
6- تضمن القاهرة وجامعة الدول العربية تنفيذ هذا الاتفاق ورعايته.
إن النقاط الست لا تحتاج سوى يوم أو يومين ويتم التوافق بين الطرفين وتعود اللحمة الى الوطن، ونتفرغ لمجابهة الخطر الأكبر المتمثل باسرائيل.
حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)