هل هو سوء التوقيت..ام القراءة الخاطئة للاحداث..أم قد يكون التعجل..او سوء النية المبيتة..أم المخاتلة..أم الافتقاد للمصداقية وانعدام الثقة بين الفرقاء..او يمكن ان تكون المفارقة في ان يدعو الى حل مشكل ديمقراطي من يعاقب عليه جنائيا في بلاده..أم هي جميع هذه المعطيات..هي التي كانت السبب في فشل المبادرة الخليجية في تقريب وجهات النظر ورأب الصدع المتباعد ما بين اطراف النزاع في اليمن..
اسئلة كثيرة وعلامات استفهام اكثر قد يحمل بعضها الجواب في حيثياته..وقد يتعسر التوصل الى اجابة مقتعة للبعض الآخر..ولكنها جميعا تؤدي الى القناعة المتعاظمة بعدم صلاحية دول مجلس التعاون الخليجي لحل ازمات تكون موضوعة الديمقراطية والتعددية من اشتراطات نجاحها..فمن غير المعقول –ان لم يكن من غير اللائق- ان تقدم دول الخليج العربي حلولا لازمات تتعلق بمطالبات واحتجاجات شعبية تتعامل معها على انها من المحرمات المرفوضة شرعا وقانونا وتعاقب عليها بالخيانة العظمى ولا ترد عليها الا بالرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع والاعتقالات العشوائية وهدم الممتلكات الخاصة..
وقد يكون من الخطل وسوء التقدير استحضار تقاليد وعادات فض النزاعات العشائرية والقبلية في حل ازمات معقدة ذات ابعاد سياسية واجتماعية واقتصادية وتناقضات قد يكون لبعض دول الجوار الخليجي لليمن اليد الطولى في استعارها وتأجيجها ومناهضة المساعي الرامية لتطويقها..
كما ان هذه المبادرة كانت محكومة بالفشل منذ بواكيرها..فليس من الممكن ان تدعو الى حل مشكلة معقدة تتجذر في ضمير ووجدان وتاريخ الشعب اليمني ويومياته وانت تتجاهل الطرف صاحب القدح المعلى في النزاع..حيث ان التغافل عن طبيعة الصراع القائم واللهفة والتعجل والضغط باتجاه استبعاد الشباب الثائر ودفعه الى الجانب المهمل المعتم من الصورة لا يعد الا تعامي مؤسف عن الحقائق الموجودة على الارض ولا يمكن اعتباره الا انعكاس لتطير وتوجس من قبل دول مجلس التعاون لكل ما يمت للحراك الشعبي الثوري من صلة ولكل الممارسات التي لا تخضع لارادة السلطان ومباركته..
كما ان الاعتماد على اتفاق هش ما بين سلطة متهالكة ومعارضة غير فاعلة هو اقرب الى التعقيد وخلط الاوراق منه الى الحل..ولا يعد الى محاولة لخلق واقع جديد واقسار الشارع على تقبله بوسائل قد تكون ادهى وامر مما يقوم به النظام حاليا..
لقد كان على دجول مجلس التعاون ان ان تبني على علاقاتها المتميزة بالكثير من اطراف النزاع في محاولة تقديم الرؤى والطروحات التي تضمن لليمن الانتقال السلمي السلس نحو التعددية والديمقراطية وبناء دولة المؤسسات التي تعتمد الدستور والقانون وحقوق الانسان.وكان عليها ان تستفيد من التذمر المعلن لادارة الرئيس اوباما من استمرار الوضع في اليمن على ما هو عليه ..خصوصا وان هذه الادارة الفاشلة قد استثمرت الكثير من الجهد والمال والسمعة في دعم نظام الحكم في اليمن وقد تكون متلهفة لحل سريع لا نعلم كيف توقعته من المبادرة الخليجية بصورتها الحاليهة ودفعهاالى التموضع في موقف الداعم والساند املا في تحقيق التوافق على نقل سلمي للسلطة في اطار عملية مقبولة من جميع الاطراف..
ولكننا وجدنا ان مجلس التعاون يضيع جميع اوراقه من خلال لملمة البيض الطازج والفاسد ووضعه في سلة مبادرة كتبت تحت هاجس التغيير السياسي الذي يعصف بانظمة الحكم المتعتقة في المنطقة..مبادرة تهدف الى استمرارية النظام وتأمين الرئيس والتغاضي عن الجرائم والقتل والتنكيل والقناطير المقنطرة من السحت المستل من افواه الشعب اليمني الصابر الشريف ولا تعد الا كنوع من الفخاخ المنصوبة للمعارضة لشقها ووضعها في تضاد معلن مع الشارع الثائر المنتفض..ولتكون تلك المبادرة جزءا من معطيات الازمة بدلا ان تكون من مفاتيح الحل المنشود..
كانت هناك فرصة لدول مجلس التعاون في ان يكونوا في الموقع الذي يحفظ لليمن وحدتها واستقرارها ويضمن انهاء الازمة بما يكفل الامن والسلام في الدولة اليمنية ويعزز من التواصل الفاعل بينها وبين محيطها العربي والاقليمي..ولكنه ليس من الحكمة ان تطلب من الاخرين ما هو ابعد من طاقتهم..فالله لا يكلف نفسا الا وسعها..وهي من الاشياء التي لا يمكن شراؤها..ولن تكون هناك اي رغبة في المماحكة اوالجدال ان قلنا ان فاقد الشئ لا يعطيه..
التعليقات (0)