كما سبق أ ن كتبت فإن التيار الإسلامى فى مصر مرشح للحصول على أكثر من 70% من أصوات البرلمان القادم , من هنا فقد انتشرت التهليلات والتكبيرات مبشرة بعودة الاسلام الى مصر , فهذ خطيب فى أحد المساجد يصرخ فى خطبة جمعة اليوم قائلا - لقد عاد الاسلام الى مصر - , وتلك سيارة لسلفيين فى القاهرة وعليها لافتة كبير ة وعبارة - الإسلام قادم - , وهذا ضيف فى أحد البرامج يقول - الحمد لله لن يدهب أحدنا الى المسجد وهو يتلفت حوله خوفا من أمن الدولة ! - وهذه العبارة بالذات تكررت كثيرا على ألسنة الإسلاميين , وهذا كذب مفضوح لا يليق بمن يتحدثون باسم الله , ذلك لأن ملايين المصريين يذهبون إلى المساجد دون خوف , بل إن رجال مباحث أمن الدولة أنفسهم يؤدون الصلاة فى المساجد . أريد أن أقول إن الإسلام لم يغب عن مصر يوما , بل إن شعائره وطقوسه قد انتشرت فى الأربعين سنة الأخيرة انتشارا غير مسبوق . المساجد فى كل منعطف وتحت معظم الأبنية , كل المصريين يصومون حتى النوافل أصبحت تطبق كالفرائض كصوم عاشوراء ويوم عرفة الخ , وعدد الحجاج والمعتمرين المصريين أكبر من حجاج أية دولة إسلامية أخرى , ومحطات الإذاعة والتلفاز المصرية تقطع برامجها للأذان عند كل صلاة , والشريعة مطبقة فى قوانين الأحوال الشخصية حرفيا . ما هو الإسلام الجديد الذى يتنادى به أصحابنا وينعون غيابه ويرفعون شعارات تطبيقه ؟ لم يبق إلا قطع بعض الأيدى تطبيقا لحد السرقة ورجم البعض فى الميادين العامة تطبيقا لحد الزنا , وإرغام المسيحيين على دفع الجزية , وإلغاء عروض السينما والمسرح وسائر الفنون . هل بهذا سيكون الإسلام الحقيقى قد عاد الى مصر بعد طول اغتراب ؟ هل تلك الأمور هى التى ستخلق فرص عمل للعا طلين وتأوى المشردين الذين لايجدون سكنا هل هى التى ستعالج قضايا أمن مصر وفى مقدمتها قضية حياتها الأولى وهى الأمن المائى بعد التهديدات الأكيدة بحجز كميات كبيرة من مياهه بسبب السدود الأثيوبية ؟ . إن مصر مقدمة على مرحلة خطيرة تحتاج الى عقول متفتحة , عقول تدرك أن الدين فى خدمة الحياة لا العكس , وعلى الذين يتصدرون المشهد الآن أن يعوا حقائق الأرض لأن السماء لن تساعد إلا العقلاء الراشدين
التعليقات (0)