يصدر قريبا عن مركز الأهرام للترجمة والنشر..
ما يحدث بالعراق "الفتنة الكبرى الثانية"(2)!
بقلم/ ممدوح الشيخ
العراق أخرج من "ظلام الديكتاتورية" ليحترق "بنيران الديمقراطية"!!
عام 2006 كان "عام الانفلات الأمني" في العراق
عقب إعلان اختطاف شقيقة وزير الداخلية حدثت حملات اعتقال واغتيال للعرب السنة والشيعة المعارضين
الداخلية العراقية: حصيلة 2005 مقتل أكثر من 7 آلاف و2900 هجوم..الأنور: الحصيلة أكبر!
الوجوه السياسية العسكرية التي جاءت مع الاحتلال لم تمتلك أي فكرة للتحاور مع الآخرين
عقب تفجيرات كربلاء شنت حملات إعلامية لتحريض البسطاء ضد العرب السنة
بعد تفجيرات سامراء كانت عملية إحراق مساجد السنة وتدميرها أشبه بالجنون.. وفي يوم واحد هوجم أكثر من 90 مسجدا
الأنور: شاهدت مسلحا ملثما يقصف مسجد "أم الطبول" غربي بغداد
قتلة أطوار بهجت ليسوا من القاعدة!
الأنور: لا مصلحة للأميركيين في إشعال العنف الطائفي في العراق.. وهم يعملون على إنجاح تجربتهم
مسئول عسكري أميركي: جهات كثيرة تغذى العنف ..جميعها ضد أميركا ولكل أسبابه!
الأنور: مع حمى القتل ظهرت مهن جديدة: "العلاسة" يرشحون للاغتيال و"الصكاكة" ينفذون!
الأنور: اضطررت لحماية نفسي بكلاشنكوف ومسدس عيار 9 ملم!
عملية قتل الزرقاوي تمت استنادا لمعلومات إيرانية!
بإعلان خلافة أبو حمزة المصري للزرقاوي بدأت حملة ضد المصريين اعتقالا وخطفا وقتلا
عبد العزيز الحكيم: لن تكون هناك فرصة لتحرك حزب البعث تحت أي عنوان في العراق
محمد الأنور: شاهدت عشرات جوازات السفر العراقية تستخرج لإيرانيين تم توطينهم..بأسماء عربية!
القوات الأميركية تصدت لمحاولات الميليشيات حرق مساجد السنة واقتحام أحيائهم.. ووزعت أرقام هواتف للضرورة
في الحلقة السابقة استعرض محمد الأنور مراسل جريدة الأهرام القاهرية في العراق الفترة الأولى من عمله في العراق خلال السنوات الأكثر اشتعالا، وهو قرر أن ينشر "ما لم ينشر" عن تجربته المثيرة في العراق، في كتاب عنوانه: "الفتنة الكبرى الثانية: من أوراق مراسل صحفي في العراق". والكتاب الذي سيصدر قريبا عن مركز الأهرام للترجمة والنشر حصلت عليه "الوطن العربي" لتقدمه لقارئها. ومحمد الأنور في كتابه يتناول الفترة من ديسمبر 2004 حتى سبتمبر 2008. وفي الحلقة السابقة تناول انتخابات 2005 وما تلاها. وفي هذه الحلقة نتناول شهادته عن بقية الفترة المشار إليها.
وقد كانت بدايات عام 2006 تشير إلى أنه أكثر اشتعالا ودموية بل "عام الانفلات الأمني". فمع بدايته لم تكن نتائج الانتخابات البرلمانية قد حسمت بعد. وشهد اليوم الأول منه سلسلة تفجيرات في بغداد وتكريت وكربلاء والرمادى راح ضحيتها المئات، وبدأت المفاوضات لتشكيل الحكومة فجاءت تكريسا للوضع الطائفي والمذهبي. وكان من ضمن المفاوضات والألغاز التي سبقت إعلان الحكومة ما ذكر عن اختطاف شقيقة وزير الداخلية (بيان جبر صولاغ) وما تلاها من حملات اعتقال واغتيال في أوساط العرب السنة وبعض الشيعة المعارضين للصيغة الجديدة في الحكم. وربما يصعب حصر ما حفل به يوم واحد من أحداث خلال هذه الفترة.
ورغم أن الداخلية العراقية أعلنت أن عام 2005 شهد مقتل أكثر من 7 آلاف شخص في 2900 هجوم، فإن الواقع يؤكد أن هذا العدد قليل جدا مقارنة بما حدث. ووسط هذه الأمور المعقدة كانت الأجهزة الأمنية العراقية تصطبغ بالصبغة الطائفية وتتحول إلى ميليشيا رسمية، وسط اتهامات مؤكدة بأنها تمارس القتل الطائفي، وبخاصة لمعارضي الحكومة والاحتلال من العرب السنة والعرب الشيعة. وكان بعض القوى السياسية في السلطة لديها أجهزة أمنية خاصة بها وتنتظر الحجة لبدء حرب إبادة ضد معارضيها. والوجوه السياسية العسكرية (المذهبية) التي جاءت مع الاحتلال لم تكن تمتلك أي فكرة للتحاور مع الآخرين. ويكفى أن أشير إلى ما حدث عقب تفجيرات كربلاء التي راح ضحيتها عشرات الأشخاص، وإلى الحملات الإعلامية التي استمرت لساعتين على الشاشات وعمليات التحريض للبسطاء ضد العرب السنة. لكن وقوع تفجير في مركز تطوع تابع للشرطة والجيش في مدينة الرمادي السنية أبطل الحجج وقدم دليلا على أن الجميع مستهدف. وفي بعض الحالات مورست أبشع عمليات القتل والتعذيب ضد أبرياء لا ذنب لهم إلا أنهم سنة.
سياسيا، كان العرب السنة يفتقرون للتنسيق فيما بينهم رغم إدراكهم أنهم مستهدفون، وحسب أحد المصادر فإن إيران تغذي الجميع في العراق: الحكومة.. الميليشيات، بل بعض الفصائل المحسوبة على المقاومة، كما أنها اخترقت الكثير من الجماعات. من هنا فإنها تغذى عمليات القتل الطائفي ولا تجد فيه حرجا من دينيا، وبخاصة من جانب أجنحة في المؤسسة الدينية الإيرانية، كما تدعم الحكومة التوجه ذاته. وقال المصدر إن عمليات اختطاف وقتل أكثر من 50 من أبناء سامراء كانوا ينوون الانضمام للشرطة على أحد الطرق تمت من قبل ميليشيات رسمية ترتدى زي الجيش والشرطة، حيث قتلوهم بدم بارد صبيحة يوم 18 يناير 2006. كانت عمليات اختطاف عناصر الشرطة وقوات "المغاوير" التابعة لوزارة الداخلية بدأت تتزايد، وكانت تجرى لأسباب طائفية وللسمعة السيئة لمغاوير الداخلية التي كانت أساسا تشكيلا ميليشياويا صبغ بالصبغة الرسمية. بينما الإعلام الرسمي والخارجي يركز بشدة على دور القاعدة والزرقاوي.
كان التجول في شوارع العاصمة ينتهي بحلول الرابعة بعد العصر لتبدأ حياة أخرى في الليل على وقع القصف والتفجيرات والهجمات، وفي خضم هذه الأمور أعيد اختيار إبراهيم الجعفري رئيسا لوزراء العراق بعد تنافس وصراع حاد مع عادل عبد المهدي القيادي بالمجلس الأعلى. كانت الحكومة الجديدة خلطة طائفية بالدرجة الأولى وتجسيدا لواقع العراق الدموي وكانت فرق الموت تعبث في جميع الأنحاء. ورغم أن الإشارة إليها لم ترد إلا في منتصف فبراير 2006 فإنها كانت معروفة للجميع وتنشط ضد جهات معينة متخذة من الزي الرسمي ستارا لها. ومع الضغوط اعترف وزير الداخلية بيان جبر صولاغ بوجودها واختراقها وزارة الداخلية. وما لم يذكره الوزير آنذاك أنه أشرف على دمج هذه العناصر في أجهزة وزارته. بل يؤكد كثيرون أنه أشرف على الكثير من عملياتها وكان يعرف قياداتها بالاسم لأنهم كانوا قياديين في فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى.
وكانت القوات الأميركية تعرف هذا وكانت تتدخل أحيانا لوقف هذه العمليات. بل إن أحد كبار الضباط الأميركيين أكد أن الجيش الأميركي لديه الكثير من الأدلة حول نشاط هذه الجماعات والجهات المرتبطة بها. وكثيرا ما ألقى القبض على عناصر من هذه الفرق وأفرج عنهم بعد تدخل القيادات السياسية التي تعمل لحسابها، وأكد كثيرون وجود عناصر إيرانية تشرف على عمل هذه الفرق.
كان 22 فبراير 2006 يوما فاصلا في تاريخ العنف الدموي، فانتهت مرحلة وبدأت أخرى أكثر اشتعالا. فبعد تفجيرات سامراء كانت الشوارع مزدحمة جدا وأصوات الطلقات النارية تسمع في كل مكان، وبخاصة قرب أحد المساجد السنية في المنطقة، وقد هاجمته أمام عيني مجموعة ترتدى زيا أسود وتصدى لهم مجموعة من الشباب بالأسلحة الرشاشة بعد أن حاولوا حرق المسجد. وكانت عملية إحراق المساجد وتدميرها أشبه بالجنون، وقد شاهدت مسلحا ملثما يكمن قرب مسجد "أم الطبول" غربي بغداد وأطلق هو وآخرون قذائفهم باتجاه المسجد، وكذلك الحال في أحياء: العامل والجهاد والبياع وبغداد الجديدة والصدر والشعلة والحرية الأولى والثانية، حيث سويت مساجد بالأرض. وتحول بعضها لمقلب نفايات وفيما دمرت أخرى تماما ولم يشفع لبعضها كونها تحفة معمارية. ولم تسلم من القصف المساجد الأخرى وعلى رأسها مسجد أبو حنيفة النعمان وغيره.
كانت الحوادث تقع دون أي تدخل للشرطة والجيش وكان الوضع في حالة انفلات كامل، وتمت مهاجمة معظم المساجد السنية في بغداد وحرق الكثير منها وشهد يوم واحد الهجوم على أكثر من 90 مسجدا. وبدأت موجة قتل وتفجير طائفي في جميع الأنحاء من الشيعة ضد السنة. وشهدت مدن الجنوب، وبخاصة البصرة والفرات الأوسط، مجازر راح ضحيتها مئات الأبرياء وهدمت مساجد وانتهكت حرمة أخرى من قبل مجموعات منظمة ومدربة، رغم إدانة واستنكار القيادات العربية السنية لتفجيرات سامراء. كان ما يحدث الإعلان المؤكد للحرب الأهلية العراقية.
بدأت الميليشيات، التي كان بعض الشيعة يتحفظ عليها تصبح "حامى المذهب، ومراقد الأئمة"، وبدأت عمليات قتل ضد الجميع بدعوى الانتقام والثأر، وكان نصيب مصر منه 10 قتلى في يوم واحد من المصريين المقيمين في البصرة الذين اعتقلوا لكونهم مصريين، حيث أعدموا بدم بارد بتهمة الإرهاب. وبدأت تظهر حقائق بشأن عملية التفجير تشير لتورط أطراف داخل الحكومة العراقية على صلة وثيقة بإيران في التفجير. وكان الهدف ضم المراقد التي يديرها السنة للوقف الشيعي وإحكام السيطرة عليها كونها تدر ملايين الدولارات شهريا من الزوار الشيعة من خارج العراق. وحسب مصادر، فإن اغتيال الصحفية "أطوار بهجت" وطاقم قناة العربية تم على أيدي عناصر على صلة بالتفجير وليس "القاعدة".
ومع تسارع عمليات القتل بلغ عدد القتلى في بغداد بأقل من أسبوع 1500 قتيل. ورغم أن كثيرين قالوا إنه مخطط أميركي فإن من يرى ما آلت إليه الأمور يدرك أنه لا مصلحة للأميركيين في إشعال العنف الطائفي في العراق لأنهم يعملون على نجاح تجربتهم في العراق. وحسبما ذكر أحد العسكريين الأميركيين فإن الجهات التي تغذى العنف في العراق كثيرة وجميعها يعمل ضد أميركا كل من منطلقاته.
ويشر الكاتب إلى أن حمى القتل أدت لظهور مهن جديدة منها: الجواسيس (ويطلق عليهم محليا "العلاسة") أي من يرشدون عن المرشحين للاغتيال، و"الصكاكة" ويقومون بعمليات الاغتيال، والاصطلاحان (العلاسة والصكاكة) من إفرازات المرحلة الحالكة. وكان هؤلاء يعملون لجهات معينة وتحت ستار عمال قمامة أو ما شابه، وبخاصة في المناطق الملتهبة. وأمام هذه الأوضاع لم يكن أمامي بد من أن أطلب تسليحا خاصا بي واستعنت بصديق وفر لي بندقية كلاشنكوف و1000 طلقة ومسدس عيار 9 ملم!
وازدادت عمليات الاختطاف والقتل وكان معدلها اليومي 50 شخصا وكانت تتم على يد ميليشيات شيعية مستخدمة إمكانات الدولة العراقية. وآنذاك ظهر الخلاف بين الأحزاب الشيعية بشأن الجعفري ورئاسته للحكومة، الأمر الذي حسم لمصلحة نوري المالكي وكان نائب رئيس حزب الدعوة. ويحكي محمد الأنور قصة صدام بينه وبين رجل دين شيعي متشدد هو الشيخ "جلال الدين الصغير" الذي هاجم مصر ووصف إعلامها بالطائفي أمام الصحفيين. يقول الأنور: "وهو ما اضطرني إلى الرد عليه بالقول إن مصر لا تطمع في البصرة أو كركوك وهى الدولة الوحيدة التي تعمل دون أي مطامع في العراق. وعقب المشادة نُصحت بعدم الظهور لفترة في قصر المؤتمرات حتى يُنسى الأمر" .
انحسرت تحركاتي في بغداد كثيرا بسبب المناخ المتدهور وفى يوم الجمعة 2/6/2006 كنت متوجها للقاء أحد المصادر الصحفية وفي الطريق توقفت بالسيارة لشراء سجائر وبعد أمتار انفجرت عبوة ناسفة قوية لأعود على الفور للسيارة وأنطلق بها. وأحسست بسخونة على رقبتي وفوق ظهري ونبهني سائق عراقي بإشارة صوتية قوية، مشيرا إلى رأسي لأتحسسها بيدي فأجدها تنزف بقوة، نقلت إلى مستشفى الهلال الأحمر وأجريت لي جراحة عاجلة وتم استخراج شظايا من رأسي.
كانت منطقة اليرموك والشوارع الأربعة من أكثر المناطق اشتعالا، ولذا سميت الشوارع الأربع: "المشانق الأربع". ورغم أن المنطقة كانت من أرقى مناطق بغداد قبل الاحتلال فإنها تحولت لساحة قتال، وكثيرا ما كانت تلقى فيها الجثث مجهولة الهوية. وأذكر أنه عقب تعافىّ وخروجي بسيارتي أحصيت في يوم 11 جثة ملقاة على جوانب الشوارع الأربعة.
وقد يكون الحدث الأبرز خلال يونيو 2006 الإعلان عن مقتل أبي مصعب الزرقاوي ورغم أن العملية أحيطت بتركيز إعلامي كبير فإن كثيرين أكدوا أنه انتهى فعليا قبلها، كما أكد لي مصدر أنه حوصر أكثر من مرة وفر مرارا لإيران، وفي إحداها عولج هناك. وتمت عملية قتل الزرقاوي وزوجته بناء على معلومات إيرانية وكان موفق الربيعي مستشار الأمن الوطني يتولى التنسيق بين الجانبين. وقد جرى لفترة طويلة تحميل الزرقاوي مسئولية جميع الجرائم التي ارتكبت واتخذ هو وتنظيمه ذريعة للقتل والتهجير للعرب السنة. واستمرارا للمخطط جرى الإعلان عن تولى أبو حمزة المصري خلفا للزرقاوي، وما إن أعلن عن اسمه حتى بدأت حملة ضد المصريين في العراق اعتقالا وخطفا وقتلا لأنهم "جماعة زعيم القاعدة الجديد".
في مقر مؤسسة شهيد المحراب التقى المؤلف عبد العزيز الحكيم زعيم المجلس الإسلامي الأعلى، وفي حواره معه قال الحكيم إن قانون اجتثاث البعث خص عددا محدودا أقل من 9 % من البعثيين أضاف الحكيم: "أعتقد أننا عندما نتحدث عن 9 ملايين شهيد خلال 35 عاما وعن مقابر جماعية، فهذا السلوك لم يكن لشخص واحد بل لعقلية تجسدت في هذه المجموعات في مختلف أنحاء العراق وأدت إلى هذه الكوارث اليوم. النازية وبعد عشرات السنين غير مسموح لها بممارسة أي عمل سياسي بألمانيا، لأنها محظورة كممارسة وكفكر لأن الفكر النازي هو الذي أدى إلى ما أدى. ونحن نعتقد أن الفكر البعثي كفكر وأيديولوجية أسوأ بكثير لأنه ربى جيلا على القتل والدم. لذلك لا أعتقد أن هناك فرصة لأن يتحرك حزب البعث تحت أي عنوان في العراق".
كانت المذابح من الجميع ضد الجميع على أشدها وبالتوازي مع ذلك، كانت جهات معينة تعمل على تصفية العرب المقيمين في العراق، وبخاصة المصريون والسوريون والفلسطينيون وخلال أسبوعين من شهر أغسطس 2006 وحسب معلومات موثقة قتل 14 مصريا، منهم 8 بمنطقة الرحماينة شرق بغداد، ورغم أن المعلومات الموثقة كانت تشير لتعرض مصريين للقتل العمد على يد مسلحي جيش المهدي، فإن السلطات العراقية لم تحرك ساكنا واستمرت في اعتقال المصريين بتهمة الإرهاب وهو أمر عار من الصحة حسبما رأيت وعايشت الكثير من المصريين هناك. كانت عمليات القتل منظمة وتركز على المصريين فقط بينما كانت السلطات ترفض إمدادهم بما يثبت إقامتهم، وهو ما كان يعنى القبض عليهم بتهمة مخالفة الإقامة. وعندما سألت مسئولا عراقيا عن قتل المصريين قال: إن العراقيين يقتلون أيضا وبعض المصريين يدعمون الإرهاب. وليس هناك رقم محدد لعدد المصريين الذين قتلوا في العراق خلال سنوات وجودي في العراق لكن تقديراتي، بناء على معلومات، أنه في بغداد وحدها قتل أكثر من 150 عمدا بسبب جنسيتهم على يد ميليشيات تتبع جهات سياسية محددة.
وفي المقابل يكمل محمد الأنور: "وقد شاهدت بنفسي، وبناء على معلومات من كثير من الضباط العراقيين الذين لا يستطيعون التحدث علنا عما يعرفون، العشرات من جوازات السفر العراقية التي كانت تستخرج لأشخاص إيرانيين تم توطينهم في العراق بأسماء عربية"!
كان إعدام صدام المعلم الأساسي لعام 2007 وبحلول الذكرى الرابعة لسقوط بغداد (9 أبريل) 2007 اشتعلت العاصمة بشتى ألوان العنف. وما حدث ويحدث في العراق تجسيد لمأساة فالعراق الذي أخرج من "ظلام الديكتاتورية" احترق "بنيران الديمقراطية".
كانت العراق في يونيو على موعد مع حمام دم جديد أعقب تفجير مئذنتي مرقدي الإمامين على الهادي وحسن العسكري بسامراء. وقد آتى الانفجار ثماره "المرجوة" فأسفر عن اشتعال موجة جديدة من العنف المذهبي وحرق وتفجير عشرات المساجد السنية في بغداد وغيرها. وكانت عمليات تفجير المساجد تتم تحت مرأى ومسمع قوات الشرطة والجيش ليتم تسويتها بالأرض وترفع الأعلام الخضراء عليها مثلما حدث مع مسجد "العشرة المبشرون" في البصرة، وكذلك تدمير ضريح طلحة بن الزبير في منطقة الزبير قرب البصرة وتسويته هو ومسجده بالأرض.
كانت الموجة هذه المرة أكثر استهدافا للسنة العرب وسط غياب لأي نوع من الحماية، رغم أن القوات الأميركية كانت تتصدى للكثير من محاولات حرق المساجد واقتحام الأحياء العربية السنية من قبل الميليشيات. ويضيف محمد الأنور: "كشاهد عيان أقول بكل أسف إن القوات الأميركية كانت تتدخل بناء على اتصالات هاتفية من سكان المناطق لحماية المساجد ومنع قوات الشرطة من الاعتقال للعرب السنة بعد أن وزعت القوات الأمريكية أرقام هواتف يلجأ إليها السكان وقت الضرورة"
ومنتصف يوم الثلاثاء 19/1/2007 كنت أسير بسيارتي وقبل أن أصل إلى ساحة "الخلاني" المؤدية لجسر "السنك" فوجئت بدوي هائل يصم الآذان وفقدت الوعي لثوان معدودة لأفاجأ بجحيم من النيران والزجاج المتطاير من سيارتى والسيارات الأخرى يخترق يدي وفروة رأسي وكتفي وملابسي التي احترقت جزئيا، وكان الانفجار نتيجة تفجير شاحنة مفخخة بجوار سور مسجد الخلاني أثناء خروج المواطنين من عملهم.
كانت إيران تتحرك في مختلف أنحاء بغداد بعلم الحكومة مستخدمة زي الأحزاب الدينية وبخاصة في الكرادة التي أعلنت المخابرات العراقية في بيان لها أن مبنى تابعا للمجلس الإسلامي الأعلى تم تحويله إلى مقر سرى للمخابرات الإيرانية، وأن قوات عراقية داهمت المقر، حيث اعتقلت 59 شخصا وصادرت كما كبيرا من الأسلحة وسيارات الدفع الرباعي. ورغم أن العملية التي جرت في العاشر من مايو 2008 كانت ضمن عدد كبير من العمليات لم يعلن عنها، فقد تم إلقاء القبض على عدد كبير من العناصر التي تعمل لمصلحة إيران وإيرانيين. وأكدت المصادر أنه عقب تلك العمليات كانت تلك الأحزاب تتدخل وتفرج عن المعتقلين وفي أحيان كثيرة كان يتوسط كبار المستشارين بمكتب رئيس الوزراء العراقي.
التعليقات (0)