ما هي المشكلة في مصر؟
التجمع الشبابي الثوري في ميدان التحرير أمس "19" واليوم "20/11" ؛ واضح أنه إعتصام حسم وتصدي وتحدي ما بين جيل الأمس وجيل اليوم .... جيل الأمس الذي لم يفهم ثورة 25 يناير حتى تاريخه. وجيل اليوم الذي نشأ وترعرع وتشبع خلال السنوات القليلة الماضية من مناهل ثورة المعلوماتية وما وفرته من منتديات ومدونات ألكترونية أتت بأفكار خارج نطاق السيطرة الحكومية المتمثلة في أجهزة الإعلام الرسمية والمناهج الدراسية وسطوة البابا والماما والأخ الكبير "الأبيه" والأخت الكبيرة "أبلتي" داخل نطاق الأسرة.... ثم ونكات سمجة من قبيل "بابا حسني" و"ماما سوزان" وغبر ذلك من "دقة قديمة" مضحكة مثيرة للشفقة ظلت برسم مجاجة الترديد على لسان إعلام حكومي كسيح ، وفضائيات ذبابية هامشية.
لا يكاد الجيل القديم الممثل في عواجيز الحزب الوطني وكبار الجنرالات و"الفِـرقان الأوائل" و "المشائر" في القوات المسلحة ؛ ناهيك عن "أمناء الشرطة" و "المخبرين" في الداخلية المصرية .... لايكاد الواحد أو المجموعة من هؤلاء يصدق أو يعي حقيقة ما جرى وتسرب منذ أعوام خلت من بين أصابع أيديهم المتكلسة ..
الساحة المصرية الآن باتت تشهد عراكا سببه سوء تقدير وفهم بين شباب تفرقت بهم سبل وأمواج ثورة المعلوماتية وجيل قديم لا يقرأ سوى جـرانيل "الأهرام" و"الأخبار" و "الجمهورية" ؛ لا تطربه سوى أم كلثوم وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ ؛ ولا يعشق سوى سعاد حسني وفاتن حمامة وفريد شوقي .... تجاوز معظم هؤلاء الخامسة والسبعين لكنهم ولا يزالون يتمسكون بأوهام القدرة على حكم الشعب وتكميم الأفواه بمقولات من قبيل "إمشي جنب الحيط" و "اللي خاف سلم". ثم بفرقعات الكرباج في الشارع ؛ والإغتصاب وغرز عصى المكانس في الأدبار داخل مقرات مباحث أمن الدولة.
أصحاب 25 يناير ضجروا وملّوا لف ودوران وزهايمر العواجيز المتمسكين حتى تاريخه بأهداب السلطة . ويظنون أنهم ورثة الفرعون البائد ، وخلاصة الناجون من بين حاشية النعيم في قصور العروبة وحدائق القبة وعابدين ....
سجون خمسة نجوم للصفوة اللصوص . وسرير طبي فضي يدخل بالفرعون المخلوع ويخرج ، وهرج ومرج محامين يرغبون في الدعاية المجانية لأنفسهم داخل قاعات يدير طواقم قضاتها على مهل محاكمات سلحفائية صورية ملائكية لطواغيت وأبالسة النظام الحاكم المنهار. أو كأنّ المسألة تضييع مقصود للزمن الغرض منه الخروج بنتيجة التعادل السلبي بين فراعنة ولصوص الأمس وشرفاء وشهداء اليوم على أنغام توتة توتة وخلصت الجدوتة.
فبركة مواد دستور مثيرة للجدل . وغموض إنتخابي قصد منه تلبيسها بالفشل . وتواطؤ قضائي لإعادة محترفي السلب والنهب من نواب الحزب الوطني البائد مرةً أخرى إلى مقاعد وتكايا مجلس الشعب.
على المجلس العسكري المؤقت الحاكم أن يعلن بصراحة الآن عن ما تسول له به نفسه ، والرؤى القرمزية التي يخبئها تحت الطاولة لمستقبل مصر على أمل إخراجها للعلن وتمريرها رويداً رويداً كلما حانت فرصة عند سويعات ظلام دامس ..... إنه "أي المجلس العسكري" إن كان يفكر كذلك فهو واهم ومتخلف زمنياً ومعلوماتياً على أقل تقدير ......
ليست هذه سنة 1952م وليست هذه الثورة مجرد "إنتفاضة حرامية" يمكن القضاء عليها بأمناء شرطة وبث مسرحية "مدرسة المشاغبين" عبر القناة الأولى . أو نشر أخبار كاذبة عن إعتزال اللاعب محمود الخطيب كما كان يجري فيما مضى من سنوات عجاف ، وظروف وقناعات وثقافات وأدوات باتت الآن بالية وأكثر تحنيطاً من مومياء توت عنخ آمون.
على عواجيز مصر ممن لا يزالون على قمة الهرم أن يدركوا أن عهود الوصاية على "قطيع" الشعب قد ولت إلى غير رجعة . وأن معطيات المجتمع الحديث في ظل الشفافية وثورة المعلوماتية قد أصبحت أكبر من لملمتها بين أيديهم ؛ وأكثر تعقيدا من قدراتهم الذهنية التي إنتهت فترة صلاحيتها تماما تحت معاول التطور الدراماتيكي الذي فرضته وسائل ألكترونية مستجدة هم أبعد ما يكونون عن إدراكها وفهم حجم التغيرات التي أدخلتها على عقول وقناعات الشباب في شوارع مصر وميدان التحرير.
التعليقات (0)