مواضيع اليوم

ما نطرحه في أدبي الدمام.. تجاوز المحاذير والقيود

nasser damaj

2009-05-31 20:24:51

0

القاص والشاعر خليل الفزيع لـ (الأربعاء):
ما نطرحه في أدبي الدمام..

تجاوز المحاذير والقيود

 

حاوره: عقيل بن ناجي المسكين ـ الدمام
أكد القاص والشاعر وعضو مجلس إدارة النادي الأدبي بالدمام خليل الفزيع أن المملكة العربية السعودية قد تجاوزت مربع الاستهلاك الثقافي عربيا، مشيرا إلى ريادتها المطلقة خليجيا، مبينا أن الرموز الأدبية والفكرية السعودية تحظى حاليا بشهرة واسعة تفوق مثيلاتها في العديد من الدول العربية.. الفزيع نفى أن تكون سياسة أدبي الدمام في النشر قائمة على مبدأ المجاملة والانحياز باعتباره مسئولا عن لجنة النشر بالنادي، عازيا تكرار النشر لأسماء بعينها لقلة المؤلفات الصالحة للنشر التي ترد إليهم.. وفي توصيفه للمشهد النقدي يرى الفزيع أن النظريات قيدت النقد في مربع الأحكام التعسفية، برغم تأكيده على إنصاف النقاد له.. مشوار الفزيع مع الصحافة وأسباب انحيازه النبيل للقصة وموقفه من المنتديات الأهلية وغيرها من الموضوعات الساخنة في ثنايا هذا الحوار:
عطاؤك الأدبي متوزع المنافذ بين الشعر والكتابة الصحفية والقصة وغيرها، فأين تجد ذاتك؟
ـ أجد نفسي في كل ما أكتب، ولكل فن من هذه الفنون قدرته في التعبير عن فكر المبدع وإبداعه، لذلك فإن لكل موضوع قالبه الذي يناسبه، إن كانت الكتابة صحفية أو قصصية أو شعرية، ومع ذلك فإن القصة بالنسبة لي هي أم الفنون الكتابية، وفي فضاءاتها أجد حرية أكثر في الكشف عن ذاتي وأفكاري ومواقفي من الوجود والعدم، منعتقا من قبضة المباشرة التي تفرضها فنون كتابية أخرى.
بدايتك كانت في الصحافة، وأعطيتها من عمرك الكثير.. ماذا عن هذه التجربة المهمة.. ماذا أعطيتها؟ وماذا أعطتك؟ وإلى أي مرفأ أوصلتك سفينتها في خضم الواقع؟
ـ بالنسبة لي كانت البداية هي القصة، وإن كانت وسيلة النشر المتاحة حينها هي الصحافة، أما العمل في الصحافة فقد جاء متأخرا نسبيا، وعن طريق القصة القصيرة دخلت إلى الصحافة، بعد أن عرفني القارئ من خلال إنتاجي القصصي، فهذا مهد لي الطريق إلى عالم الصحافة مصححا ثم محررا ثم سكرتيرا للتحرير ثم مديرا للتحرير ثم رئيسا للتحرير، بمعنى أنني بدأت الصحافة من أول السلم، ولا أزعم أنني أعطيتها أكثر مما أعطتني، فقد مهدت لي الطريق لكسب أصدقاء ومعارف وقراء هم أهم من أي عطاء آخر، وقد استثمرت كل ذلك في أعمالي الخاصة التي تفرغت لها بعد ترك العمل في الصحافة، وإن كنت لم أتركها نهائيا، فلا زلت متواصلا مع قرائي من خلال لقائي الأسبوعي بالقارئ في جريدة اليوم وجريدة الراية القطرية. لقد أوصلتني سفينة الصحافة إلى مرافئ الشهرة، وهذا مالا يمكن أن أنكره.
حضورك الشعري تميز بالوهج الكبير،.. فما هو منظوركم الخاص للمنتج النقدي المحلي في قراءة القصيدة الشعرية بمختلف أشكالها وقوالبها الفنية؟
ـ في البداية لا بد أن أسجل هنا أنني لا أحسب نفسي شاعرا، وما قلته لا يمكن أن يجاري ما قاله ويقوله غيري من الشعراء المعروفين، رغم أن كتابا أصدرته في بيروت دار الرحاب بعنوان ( خليل الفزيع والشعر ) ضمن سلسلة كتب اسمها ( المبدعون ) ضم كل ما كتب عن دواويني من الدراسات والموضوعات المختلفة، وأظن أن النقاد أحسنوا معاملتي في معظم الأحيان، أما بشأن المنتج النقدي المحلي في قراءة القصيدة الشعرية فإنه لا يزال قاصرا عن استيعاب ما استجد على ساحتنا الشعرية وهو يتراوح بين نقد أكاديمي يستحضر النظرية مسبقا ليعتسف أحكامه وفق هذه النظرية، أو نقد انطباعي يهرب من الموضوعية تحت تأثير العاطفة سلبا أو إيجابا، هذا لا ينطبق على الشعر فقط بل على مجمل منتجنا الإبداعي، مع الاعتراف بوجود بعض الدراسات النقدية الجادة لهذا المنتج الإبداعي ومنه الشعر، لكنها دراسات محدودة لا تعطي صورة واضحة لواقعنا الثقافي بصورة عامة.
عرفك القراء قاصا أكثر من كونك شاعرا، ما هي الرؤية الشاملة أو الخلفية الفكرية التي تجمع هذه القصص؟ وكم مجموعة أصدرت وأيتها الأقرب إلى قلبك منها؟
ـ ثمة مسافة زمنية ساعدت على أن يعرفني القراء ككاتب قصة، فقد نشرت القصة منذ العشرين من عمري لكني لم أنشر الشعر إلا بعد الخمسين، هذا الفارق الزمني هو السبب، وقد أخلصت للقصة وحاولت أن أستمد موضوعاتها من الواقع أو ما هو قريب منه، دون أن ألغي الحلم بعالم أجمل وأروع، عندما كنت أعيش في القرية تلونت قصصي بملامح القرية بكل ما تعنيه من طيبة، إلى جانب عبقرية المكان وما تضفيه من معان حميمة بما في هذا المكان من ذكريات وأحداث راسخة في الوجدان بكل تفاصيلها الدقيقة، لكن انتقالي إلى المدينة منح قصصي ملامح جديدة دون أن تختفي القرية من الذاكرة، بل ظلت تطل برأسها بين حين وآخر، ولكن بشكل أقل حدة ووضوحا مما كانت عليه في السابق، أعترف بأن ما اختزنته الذاكرة من أحداث الطفولة لم تستطع المدينة طمسه، فلا زال له وهجه، رغم كل ما تعنيه المدينة من أضواء وصخب وإيقاع سريع وذلك كله قد يربك المبدع إذا افتقد أدوات السيطرة عليه. أما المجموعات القصصية التي أصدرتها فهي سبع مجموعات وكلها حبيبة إلى نفسي، واحدة من هذه المجوعات مشتركة مع زوجتي الدكتورة كلثم جبر، وهي ( إيقاعات للزمن الآتي ) وهذه أكثر قربا إلى قلبي.
عايشتم مراحل تأسيس أدبي الشرقية ومراحل تطوره من إدارة إلى أخرى، كما عايشتم الإشكالات التي تطرح من المثقفين والأدباء سواء حول نشاطات الإدارة السابقة أو نشاطات الإدارة الحالية، ما هو انطباعك عن هذه الحالة في الوسط الثقافي من حيث الصدام المباشر وغير المباشر مع النادي الأدبي؟ وهل هي حالة طبيعية؟
ـ في السابق كنت متعاونا مع النادي، أما الآن فقد اختلف الأمر لأنني أصبحت عضوا في مجلس إدارته، ومجلس الدارة هو الذي يقرر سياسة النادي ويحدد نشاطاته، ولا سلطة لأحد على مجلس الإدارة، لذلك فإن هذا المجلس يعمل بروح الفريق الواحد، ومن الطبيعي أن توجه للنادي انتقادات من المثقفين والأدباء، وهي انتقادات لا ينظر إليه أعضاء المجلس بأي نوع من الحساسية، بل يعتبرونها مؤشرا إيجابيا على أن فعاليات النادي حاضرة في أذهان المثقفين والأدباء، وأي نقد إنما هدفه الإصلاح في الدرجة الأولى، وأبواب النادي وقلوب العاملين فيه مفتوحة للجميع، ولا زال رئيس النادي وهيئته الإدارية وأعضاء مجلس إدارته يكررون الدعوة للجميع للتواصل والتعاون لتقديم الأفضل من الفعاليات والنشاطات المختلفة.
النقد ليس حالة طبيعية فقط، بل هو مطلوب، فما من ناقد إلا ويستفاد من نقده، لمعرفة أوجه القصور وسد الثغرات التي قد تعتري أي نشاط، خاصة إذا كان هذا النشاط مكثفا كما الحال في فعاليات النادي الحالية.
البعض يرى أن أنشطة المنتديات الثقافية والأدبية الأهلية تفوق بكثير من أنشطة النادي الأدبي، مع تميزها بالحرية الواسعة والشفافية،وتشجيع الطاقات والكفاءات الشابة مما جعلها مقصدا للكثيرين، وتبعا لذلك يقل من يرتاد النادي الأدبي، فهل هذا صحيح؟
ـ المنتديات الأهلية هي رافد من روافد الثقافة في المجتمع، لكن طبيعة العمل في النادي الأدبي تختلف عن غيرها، وأعتقد أن عددا من هذه المنتديات هدف أصحابها البحث عن الوجاهة الشخصية، وبالتالي فإن أثرها لن يكون واضحا في الحركة الثقافية، ولا صحة للقول بأن أنشطتها أكثر من أنشطة النادي الأدبي وأكثر حرية وأوضح شفافية وأكثر تشجيعا للطاقات والكفاءات الشابة ـ كما يقول السؤال ـ فهل تستطيع أن تذكر لي اسم منتدى ثقافي يقيم ثلاث فعاليات أسبوعيا كما يفعل النادي، أو هل تستطيع أن تذكر لي اسم منتدى ثقافي طبع كتابا لأحد الكفاءات الشابة، أما مسألة الحرية والشفافية فهي نسبية، ومع ذلك فإن ما يطرح في النادي قد تجاوز الكثير من المحاذير والقيود، وفي سبيل ذلك هو يتصدى لإشكالات لا يتصدى لها أي منتدى ثقافي أهلي، ومن يرتادون النادي لا زالت أعدادهم تزداد باستمرار.
هل من سبيل لإيجاد صيغة تعاونية بين النادي والمنتديات الثقافية والأدبية الأهلية التي يقيمها الأدباء والشعراء والمثقفون في مجالسهم الخاصة ليكون هذا النشاط مشتركا ويصب في رافد ثقافي واحد هدفه الارتقاء بالمستوى الثقافي والفكري والإبداعي في مجتمعنا؟
ـ هذا التعاون قائم بشكل عملي، فمعظم أعضاء النادي يشاركون في بعض هذه المنتديات الأهلية، ومن الأفضل لهذه المنتديات ألا ترتبط بمؤسسات ثقافية رسمية سواء النادي أو غيره، المهم أن يكون أصحابها من ذوي الفكر، والمهمومين بالشأن الثقافي، وليسو من الباحثين عن الشهرة ممن لا شان لهم بالفكر أو الثقافة أو الأدب، كما هو حال أصحاب بعض هذه المنتديات، وهذه الظاهرة ليست في المنطقة الشرقية فقط، بل وفي المناطق الأخرى أيضا.
من خلال متابعاتك للمشهد الثقافي العام بالمملكة، ما هو منظورك المقارن للنتاج الثقافي والفكري والإبداعي قياسا لما هو عليه في دول الخليج مثلا، وماذا عن موقع المملكة عربيا؟
ـ تقف المملكة في المقدمة بالنسبة للحراك الثقافي على مستوى دول الخليج، لا من حيث تعدد المنابر وقنوات الاتصال الثقافية، ولا من حيث مستوى المنتج الثقافي وحجمه، ولا من حيث تأصل الحركة الثقافية وتجذرها الاجتماعي، حيث بدأت النهضة الثقافية مبكرة نسبيا في المملكة، بينما لم تبدأ في معظم دول الخليج إلا متأخرة وتقريبا في الخمسينيات من القرن الماضي، ومنها من استعان برموز ثقافية من المملكة، وخاصة من الأحساء التي أمدت بعض دول الخليج بالعلماء والمدرسين، وكذلك القطيف التي كان حضور علمائها معروفا في الأوساط الشيعية في تلك الدول وخاصة في المناسبات الدينية في أيام عاشوراء الحافلة بالقراءات الحسينية والمحاضرات التاريخية، وبيبلوجرافيا الصحافة الخليجية يوضح الفرق الزمني الكبير بين ظهورها هنا وهناك، وفيما يتعلق بالانفتاح وحرية الرأي أيضا أصبحت ـ وخاصة في السنوات الأخيرة ـ أكثر تفاعلا مع الواقع، أما عن موقع المملكة عربيا على المستوى الثقافي فإنها لم تعد تكتفي بدور المتلقي، بل أصبح لها دورها المساهم في الحراك الثقافي العربي، وجهدها لا ينكر في هذا المجال، ومفكرونا ومبدعونا يقفون على نفس المستوى مع إخوانهم من المفكرين والمبدعين في بقية الدول العربية، بل أن لدينا من يتفوق على غيره من المشهورين في دول عربية كثيرة.
لا تزال المقالة لدى خليل الفزيع متلألئة بالعديد من الموضوعات والآراء والتعقعيبات والتعليقات على مختلف جوانب المشهد الثقافي والأدبي والاجتماعي والاقتصادي وربما السياسي بالمملكة، ومن خلال هذه التجربة الطويلة في كتابة المقالة.. هل يمكن لها أن تكون بديلا عن الإبداعات الأدبية لنقل الفكر.
ـ المقالة الصحفية ذات رتم سريع تفرضه الأحداث والمستجدات، ليس في المشهد الثقافي فقط بل والحياتي بصفة عامة، وللكتابة الصحفية شروطها التي تختلف عن شروط الكتابة الإبداعية، وبالتالي لا يمكن أن تكون المقالة الصحفية بديلا عن الإبداعات الأدبية.. المقالة تحتاج إلى صدام مع الواقع وطرح مباشر لسلبياته وكشف صريح عن عيوبه، وصوت عالي النبرات للفت النظر إلى هذه العيوب، وهذا لا ينسجم مع طبيعة الإبداع الأدبي، البعيد عن المباشرة.. المقالة ينتجها الكاتب وحده، ويتصدى لتبعاتها وحده، أما الإبداع فينتجه الكاتب والقارئ والناقد معا والمبدع غير ملزم بأي تبعات يفرضها موقف القارئ أو الناقد في منتجه الإبداعي، وهو في هذه الحالة لا يتنصل عن مسئوليته تجاه إبداعه، بل يسلم بأن هناك من يشاركه هذه المسئولية.
أين موقع الأحساء من إبداعاتك؟
ـ هي في موقع القلب من الجسد، لولاها لما كانت لي أبداعات، ليست هي مصدر مكوناتي الثقافية فقط، بل هي مصدر إلهامي، وهمي الكبير، وحلمي الأكبر بأن أراها أنيقة وجميلة ورائعة على الدوام، خاصة بعد أن عانت ولا تزال تعاني من قصور الكثير من الخدمات، ومن يزور الأحساء الآن يرثي لحالها بعد أن كانت زهرة المدائن ومصدر الخير للجميع.
بصفتك مسئول النشر في أدبي الشرقية، يدور همس بين أدباء المنطقة أن الكتب الستة التي نشرت حتى الآن كلها تقريبا لكتاب ومبدعين من الاحساء وبعضهم ينشر لهم النادي للمرة الثانية مثل الدكتور الحليبي، فما رأيك؟
ـ النادي أصدر تسعة كتب وليس ستة، ثم لماذا الهمس فهذه حالة فرضها الواقع، لجنة الكتب تلقت عددا من مؤلفات مبدعين من الآحساء، وبعضها أجيز وبعضها تم الاعتذار لأصحابها لأن تقارير الفاحصين عنها لم تكن إيجابية، فالمسألة ليس فيها انحياز أو مجاملة، بل كما يقول المثل ( الجود من الموجود ) أما مسألة النشر للمرة الثانية، فما على من يعترض على ذلك إلا أن يطلع على قوائم إصدارات الأندية الأدبية الأخرى ليجد أنها نشرت لبعض المؤلفين خمسة أو ستة كتب، ولا بأس في ذلك لأن المقياس هو جودة المنتج، ولن نتردد عن تكرار الطباعة لأي مؤلف على أن لا يكون ذلك على حساب تأخير مؤلفات غيره، ولعل سبب مثل هذا التكرار هو قلة المؤلفات المقدمة للنادي، رغم دعواتنا المتكررة خاصة للشباب للتعاون معنا في هذا المجال.
ماذا في يديك من إبداعات جديدة؟.
ـ لندع الإجابة على هذا السؤال للأيام القادمة.. مع شكري وامتناني للزملاء في الأربعاء الذين يولون أخبار النادي كل هذه العناية وهذا الاهتمام.
(ملحق الأربعاء ـ جريدة المدينة ـ 11 يونيو 2008)




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات