توابع أزمة صحيفة "الدستور" مازالت تثير جدلاً .. تباينات حول قانونية منع الصحفيين المصريين من تملك الصحف أثارت الأزمة القائمة حاليا في صحيفة "الدستور" المصرية المستقلة، وقبلها أزمة إغلاق صحيفة "البديل" المستقلة، الكثير من الجدل في الوسط الصحفي، الذي بات يبحث عن حل لإشكالية امتلاك رجال المال والأعمال للصحف، وفرض مصالحهم أو توجهاتهم عليها، بينما يُمنع أهل المهنة من امتلاك الصحف التي يعملون فيها.
وبين مؤيد لإجراءات النظام المصري ومعارض لها، تباينت آراء من استطلعنا آراءهم حول قانون تنظيم الصحافة، ومنع حق تملك الصحفيين في مصر للصحف، التي يعملون فيها وإن بأسهم.
بداية قال المحامي والناشط الحقوقي، نجاد البرعي، لوكالة الأنباء الألمانية، "إنه يرى الأمر ظالما من الأساس، وأنه يجب أن تطلق حرية إنشاء الصحف، وأن يكون من حق الصحفي تملك أسهم فيها؛ لأن التجربة أثبتت مدى نجاح ذلك في صحف كبرى بينها "اللوموند" الفرنسية".
بينما قال الكاتب الصحفي، عبدالله كمال، رئيس تحرير جريدة ومجلة "روزاليوسف"، لـ(د ب أ)، "لا يميز القانون بين الصحفي وغيره في ملكية الصحف، وإنما يضع اشتراطات محددة تتعلق بعدد الأسهم ونسبتها"، مشيرا إلى أن هناك صحفيين مصريين - لم يسمهم - لديهم أسهم في صحف يديرونها.
وأوضح أنه شخصيا لا يعتقد أن حماية حرية الصحافة تكون بأن يمتلك الصحفيون مؤسساتهم؛ وإنما من خلال الالتزام بقواعد المهنة، والتأكيد على الدقة والمصداقية حتى مع اختلاف الآراء. وأشار إلى أنه ليس من الضروري أن يمتلك الصحفي المؤسسة التي يعمل بها لكي يحافظ عليها، "لأن إصدار الصحف بات صناعة معقدة، لا يفترض في الصحفيين أنهم يملكون القدرات اللازمة لإدارتها".
من جهته هاجم الناشر المصري، هشام قاسم، قانون تنظيم الصحافة، قائلا إنه "قانون اشتراكي قديم، لم يعد يخدم سوى الإقطاعيين الجدد في الاستحواذ على الصحافة المصرية".
وقال الدكتور عمرو الشوبكي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، "أصبحنا أمام تساؤلات كبرى حان وقت مناقشتها حول علاقة الصحافة برأس المال والقواعد، التي يجب أن تحكم هذه العلاقة، والقيود القانونية التي ما زالت تحرم الصحفيين من امتلاك أسهم في الصحف".
وأشار الشوبكي، إلى أن هناك صحفاً عالمية كبرى مملوكة لمحرريها، ولآلاف المواطنين من خلال الأسهم، وتحميها ترسانة من القوانين والقواعد المنظمة للعلاقة بين المالك والمحررين.
والواقع في مصر، يقول "إنه من حق الأشخاص امتلاك الصحف، طالما يمتلكون المال ولديهم القدرة على إنشاء شركة مساهمة، وجلب عدد من الصحفيين من أعضاء النقابة المصرية كرؤساء تحرير ومديري أقسام، بينما لا يحق للصحفي أن يمتلك المؤسسة الصحفية، كون الصحيفة بالنسبة للقانون عملاً تجارياً، والصحفي ممنوع من ممارسة التجارة بحسب لوائح نقابته".
وكان رجال أعمال مصريون يساريون يمتلكون صحيفة البديل، التي توقفت عن الصدور. وأثار رجال أعمال آخرين ينتمون لحزب "الوفد" المعارض أزمة صحيفة الدستور، بعد أيام من قيامهم بشرائها وسط تعهدات – سابقة- بعدم تغيير سياستها المعارضة للحكومة.
ويشترط قانون "تنظيم الصحافة" رقم 96 لسنة 1996 - بشأن الصحف التي يصدرها الأشخاص - أن تتخذ شكل شركات مساهمة، وأن تكون الأسهم أسمية ومملوكة للمصريين وحدهم، ولا يقل رأس مال الشركة المدفوع عن مليون جنيه (190 ألف دولار تقريبا)، لإصدار صحيفة يومية، و250 ألف جنيه للأسبوعية، و100 ألف جنيه للشهرية.
وينص القانون أيضا على أنه لا يجوز أن تزيد ملكية الشخص وأفراد أسرته وأقاربه حتى الدرجة الثانية في رأس مال الصحيفة على 10%.
وبينما لا يمنع القانون الصحفيين من امتلاك حصص في الصحف، إلا أن المجلس الأعلى للصحافة، وهو الجهة المنوط بها منح تراخيص الصحف يمنع أن يكون رئيس التحرير مشاركا في الملكية.
وسبق أن أوقف ترخيص جريدة "الشروق" اليومية قبل صدورها، بسبب ملكية الصحفيين سلامة أحمد سلامة، وحسن المستكاوي، لبعض الأسهم في الصحيفة، ولم يسمح بصدورها إلا بعد تنازلهما عن حصصهما لآخرين.
التعليقات (0)