فى مقالة للكاتب الكبير جميل مطر بعنوان " ما قيمة أمريكا؟" فى جريدة الشروق المصرية يوم 25 نوفمبر تحدث سيادته عن قيمة أمريكا التى تتناقص وتنكمش بدليل المشكلات الكبيرة التى تواجهها داخلياً وخارجياً والتى عددها كاتبنا الكبير دون أن يدخل فى تفاصيل حيث قال (( كان عنوان الفشل فى السياسة الداخلية الأمريكية الأعظم هو البطالة وعناوينه الفرعية إستمرار تعقد الأزمة المالية والإنقلاب اليمينى على الديمقراطيين من خلال الإنتخابات الأخيرة ) ثم حدد عناوين مسلسل الفشل فى السياسة الخارجية الأمريكية ، وذكر أن عناوينها تبقى صاخبة الصوت وزاعقة الأضواء والألوان ، نبدأ بالفشل الأمريكى فى التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع كوريا الجنوبية خلال زيارة اوباما لسول الأسبوع الماضى، وهو ما يعتبره ريتشارد هاس أقوى دليل. تأتى بعده الصعوبة التى واجهت وفود أمريكا، وأحدها برئاسة أوباما شخصيا، فى اقناع دول آسيا بصواب السياسات النقدية الأمريكية الجديدة، أو فى إقناعها بأفكار، بعضها اعتبرته دول آسيوية شديد السذاجة، هدفها مواجهة توسع الصين الاقتصادى فى شتى أنحاء آسيا.
نواصل مسلسل الفشل، ومن الآخر أيضا، بقصة الصعوبات التى تواجهها حكومة واشنطن فى الحصول على تصديق الكونجرس على اتفاقية ستارت 2، رغم إلحاح إدارة الرئيس أوباما والمؤسسة العسكرية الأمريكية التى تخشى أن تفقد بعدم التصديق على الاتفاقية فرصة الاطلاع على مستودعات السلاح النووى فى روسيا.
ومن الآخر أيضا نضيف تصريحات قرضاى شديدة الانتقاد للعمليات العسكرية التى تنفذها القوات المتحالفة مطالبا بتخفيضها ومحتجا على استهتار قوات التحالف بحياة المدنيين وممتلكاتهم، فى تعبير شديد الوضوح عن حال استياء بالغ فى صفوف الشعب الأفغانى من استمرار الاحتلال الغربى.
أم نبدأ من تطورات أقل حداثة مثل استمرار أزمة الحكم فى العراق لأكثر من ثمانية أشهر رغم كثافة الضغوط الأمريكية، وعندما أوشكت الأزمة تتوجه نحو حل، خرجت أصوات عراقية تؤكد أن الحل يبدو مؤقتا والأزمة مرشحة لتعقيد أشد، وأن الولايات المتحدة مازالت تضحى بالعراق من أجل مصالح لها مع إيران وتركيا ودول إقليمية أخرى.
بمعنى آخر مازالت الولايات المتحدة عاجزة عن حسم أطول حربين فى تاريخها وعاجزة عن أن تثبت للعالم أنها مازالت مؤهلة لقيادة الغرب، ولم يعد خافيا على التحليل الاستراتيجى حقيقة أن محاولات أمريكا المتعددة لفرض طوق حول الصين وخلق أجواء حرب باردة معها وفى منطقة جنوب آسيا لم تحقق حتى الآن سوى ارتباك ظهر واضحا خلال زيارة أوباما للهند وانعكس على أعمال مؤتمر قمة العشرين ومؤتمر الآبيك، وليس خافيا ايضا الحال الذى تردت إليها الأحوال فى باكستان، وبعضها سوف يصب بشكل أو بآخر فى تيار الحرب الأمريكية فى أفغانستان، وأقصد تحديدا تصعيد سباق العنف والمؤامرات بين الهند وباكستان فى الساحة الأفغانية مع كل بادرة تشير إلى قرب انسحاب قوات دول أوروبية من حلف الناتو. )) .
، وأنهى مقالته بسؤال آخر لم يُجب عليه وهو "ما قيمتنا ؟" ، فصورة أمريكا بالنسبة للشعوب العربية - وليس الأنظمة - سيئة على طول الخط وإن بدأت تظهر على حقيقتها لمن كان يراهن عليها وأعطاها طائعاً وبدون مقابل جميع أوراق "لعبة" السلام ، وعلينا أولاً أن نعترف بوضع أمريكا كقوة عظمى وهذا الوضع لن يتغير بين لحظة وضحاها ، ولكن عندما نحاول أن نحدد قيمة أمريكا علينا أن نحدد قيمة الدولة الأخرى التى تتعامل معها ، فقيمة أى دولة تتناسب عكسياً مع قيمة الدولة الأُخرى ، فكلما كانت قيمة أى دولة كبيرة قلت قيمة أمريكا أو بمعنى آخر قل الفرق بينهما والعكس صحيح ، وقوة أى دولة تكمن فقط فى نظام حكمها وطريقة مجيئه ، هل عن طريق ما نعرفه جميعاً فى جمهوريات الموز أم عن طريق ديمقراطى صحيح ؟ ، الدول الأولى معروفة وتنتابها الحساسية من مجرد هجوم إفتتاحية صحيفة أو عمود صحفى فى أمريكا ، وما زالت هذه الدول فى حيرة بين لفظى "ماما أمريكا" أو "أمريكا شيكا بيكا"، ولنأخذ أمثلة للنوع الآخر فى منطقتنا مثل تركيا وإسرائيل فنرى الأولى سياساتها الواضحة والمناصرة للحقوق والقضية الفلسطينية أقوى ممن يدعون بأنهم أصحاب تلك القضية ، ونرى تعاملها مع الغرب الند بالند وبالإحترام المتبادل ، فهذه حكومة جاءت بإختيار شعبى حقيقى فما يهمها هو مصالح ذلك الشعب ، وإسرائيل ترتكب كل الموبقات أما العالم كله ومع هذا يقولون إنها الدولة الديمقراطية الوحيدة فى المنطقة ، وهذا الوضع يجعل أولمرت يقول لبوش " سياستك مزعجة جداً لي" رداً على رفض بوش الإبن ضرب منشآت سورية بزعم أنها منشآت نووية ، ويجعل مناحم بيجن يستدعى السفير الأمريكى فى عام 1981 ليرد على إنتقاد الإدارة الأمريكية لسياسة حكومة إسرائيل ويقول للسفير " إن إسرائيل لست جمهورية موز " .
رابط مقالة الكاتب الكبير جميل مطر على موقع الشروق www.shorouknews.com/Columns/Column.aspx
التعليقات (0)