مـــــا رآه السنـــدبـــاد شعر: حسن توفيق
|
كلما قلتُ سأبقى في بلادي بين أهلي وصحابي والعباد دحرج القلبَ على الأشواك تيار الضجر فتشبثت بحزني .. وبحلم كاد يخبو .. وتذكرت السفر عندما كنت أرى وجهي على مرآةِ موجِ البحر معتزاً بأن الوجه وجه السندباد آهِ كم كنتُ أحب الخوضَ في قلب الخطر آه كم كنت أغني عندما أكشف نارا حوصرت حينا بأكـــداسِ رمادٍ ورماد
ضجرٌ شوّكَ قلبي إذ أرى ناراً ولكنْ لا أرى فيها اتقاد وأرى الفجر يوافيني بأشياءَ تعاد وأرى ناساً يفيقون مع الفجرِ.. يروحون.. يجيئون.. ولكنْ بابتسامات مريبة خبّأوا ســمّ الأفاعي في ثناياها الرطيبة كل ما يغري بأن يستأنسوا يبدو متــاحَا إنما كل صباح يتهادى في لقاء بينهم يشكو الجراحَا
مرةً أخرى يلوح البحر ملتفاً بشال الزرقة الشفاف والريح تناديني لأرحلْ قلت للقلب تشجعْ واحتمْل ليلَ البعاد لا تودعهم وسِرْ نحو طريق البحر وابدأْ رحلةً أخرى مثيرة أَطلق الحلمَ المؤجل وانشر الحلم شراعا وتفتّح لاكتشافات ستحييك وتحييها متـــاهـــاتُ السهـــاد وَلْيفضْ من بعدها نبعُ حكاياك شجيا راوياً عن عاشق يختار في الدنيا مصيره
شقّت الريح السفينة حَوْلَها الحيتانُ أفواهٌ تخيف الخوف .. بحرٌ يترامى .. لا يحدّ ليس في عيني دموع .. ولهذا لست أبكي .. رغم أن الرعب يمتص شرايين السكينة ليس في عيني دموع .. فأنا أبغي انطلاقاً نحو شطآن أمينة جسدي في الماء يصطك ببرد همجيّ وظلامُ الليل سدّ وكفاح الروح كي تبلغ أرضاً هو للإنسان تاريخٌ ومجدُ
قطعةٌ من خشب تطفو وعمري كله يا ربِّ في الماء معلّق موجةٌ في عمقها ذوبُ ترانيم لأسرابِ طيورٍ صادحة حملتْني بين أحضان مداها فانتشيتْ ومع الليل بدا نجم بهيٌّ من بعيد مطمئنّاً يتألق ثم جاءت موجة تلطم بالأحقاد أخرى ليجيش البحر موجاً بوجوه كالحة ها هو البحر قبورٌ من مياه تتشهاني .. أيكفي ما رأيتْ؟! | ها هي الأرض أخيراً .. ها هي الأرض جزيرة وأنا مُلْقى على الرمل وأعضائي كسيرة جثثُ الغرقى أمامي في قبور من مياه تتراءى طافيات آهِ يا عيني أراها ووحوشُ البحر تنقضّ عليها في ثبات وعلى الأرض كنوزٌ.. ذهبٌ ملقى وخيراتٌ.. وماسات منيرة حولها الحيّــات تصطاد حياة من ضحاياها وتمضي للسبات
بيضةَ الرخّ رأيت ورأيتُ الغولَ ينقضّ على الأحياء مسعوراً ويشويهم على النار لحوماً بشرية دون أن ينطق إنسان من الاحياء محتجاً ويمضي فادياً بالروح أرواح البقية ورأيت الذهب الملقى هباءً وخطى الغول بقربي وأنا في بئر أحزاني ارتميت صحتُ مقهوراً برغمي : يا بلادي .. أين أهلي وصحابي والعباد ليروا أن كنوز الأرض ملقاة على الأرض بلا معنى .. وأنّ الحبّ أبقى والوداد |
التعليقات (0)