.
.
في الشوارع الخلفية تدور الكثير من الحكايات والأحداث والوقائع التي تستحق الوقوف عندها كثيرا،ولأنها تقع في الناحية الخلفية من الزمان والمكان فإننا حين نرصدها نرصد حدثا بعد وقوعه،وتداعيات ذلك الحدث وآثاره إن سلبا أو إيجابا، بخاصة وأن كثير منا لايذهب بنظره أبعد من موطئ قدميه،إنهم يتجهون بأبصارهم نحو المسافة الفاصلة بينهم وأقدامهم مباشرة فقط دون النزوع إلى معرفة ما وراء الظل من تغيرات لذا يتّبعون الطريق الأكثر وضوحا فلا يلتفتون لما يحدث على الأرصفة ،وخلف السياج الواقعة أمام الحدث.
وللشارع الخلفي ميزة خاصة كما أن له دهشة محببة،وأحيانا رعب حقيقي مما قد يخلف من أثر لدى المتابع أو الشاهد على الحدث،غير أن المتعة الحقيقية للشارع ذاته تكمن في أنّ ما يجري فيه من تغيرات يحفّزك للكشف عن ذلك أو البحث عن أسبابه" لقافه يعني" لكن لقافه في خير لأنه لايهدف إلى الفضح لاسمح الله بقدر ما يهدف إلى معالجة مواطن الخلل،أو على الأقل المشاركة في علاجها واقتراح طرق ووسائل يمكن أن تعين على تفاديها لغرض التصحيح،والنقد الاجتماعي البناء فقط.
ولأن شوارعنا الفسيحة تحفل بالكثير من الأحداث والقضايا والمشكلات والمطبات والحفر والتعرجات التي تشكل زخما نفسيا وإنسانيا يستحق الالتفات إليه فأمر متابعتها من الأهمية بحيث يقرّب الصورة،ويستقرأ الحدث،ويحلل ،ويناقش،ويسعى إلى الوصول إلى رجع صدى مؤثر وإيجابي يواكب الحوار،ويتفاعل مع المطروح من آراء وأفكار تصب في الصالح العام في كل الأحوال،.
في شوارعنا حوادث مرورية قاتلة،وحولها بشر من شتى الأعراق والجنسيات والثقافات والسلوكيات،والأخلاقيات،والمساحات الإنسانية الشديدة التعقيد،وفيها وجوه نحبها،ووجوه نودّ لو استثمرناها بشكل صحيح،ووجّهناها الاتجاه السليم،وعلمناها قيمة العطاء،والإنتاجية المثمرة،والالتفات إلى الاتجاه المتميز،والمقعد الأول في كل المحافل،لتحصد التميز،وتتبوأ المكانة الأسمى بين أقرانها.
وبين عيوننا يعيش أبناء تتنازعهم تعقيدات كثيرة وتواجههم صدمات عنيفة ليس بدءا بمدارس يشعرون بأنهم غرباء بين جدرانها،أوانتهاء بعزلة منزلية يفتقدون معها الحوار المهم في الأسرة،رغم حاجتهم إلى من يأخذ بهممهم إلى المكان الأرحب لتتنفس بشكل طبيعي،بعيدا عن ملوثات كثيرة إنسانية وتقنية تؤثر عليهم بشكل خطير،هم في حاجة إلى رعاية خاصة جدا سواء داخل المنزل أو بين أقرانه وأهله وفي مدرسته كذلك.
وفي منازلنا نتعايش مع بشر من أهلنا قد يكونون أمهات وآباء وجدات وأجداد يستحقون منا كل الرعاية،والحب،والوفاء اللامحدود،غير أن بعض الأبناء قاموا بأفعال لا إنسانية حين تخلوا عن مسئولياتهم تجاه تلك الوجوه الحبيبة فألقوا بهم في دور المسنين ،يلتحفون الصمت،وتحيط بهم العتمة،ويخاصمون الأيام التي تمضي فلا تأخذهم في طياتها لتخلصهم من عقوق الأبناء،وتعب لو شعروا به لما هانت عليهم دمعة من عين أحدهم يذرفها ذات اشتياق ولوعة لرؤية ابن حبيب ،وابنة آثرت أن تقذف بأحد والديها في مكان قصي عنها وعن رائحتهم الزكية،ولاحول ولا قوة إلا بالله.
التعليقات (0)