أمازال شعب مملكة البحرين ، يعتقد بأن العالم لم يُنصفه في إنتفاضته الجماهيرية ؟.. وأنه لم يقف إلى جانبه في مطلبه المشروع في الديمقراطية ؟!.. رغم أن ما يرِد من أخبار شحيحة ـ عن الوضع هناك ـ تفيد بأن الثورة في البحرين (شاذة) عن أعراف الثورات العربية السّابقة واللاحقة !.. بدءا بالمطالب ، والشّعارات ، واليافطات التي كانت طائفية ، ومرورا بتعاطي الحكومة (الوحشي) مع المُحتجّين ، وبتعاطي المُحتجّين (الأكثر وحشية) مع الحكومة ورجال الأمن ، ووصولا إلى أحكام الإعدام والسجن المؤبد ، في حق مواطنين قاموا ـ ويقومون ، وسيقومون ـ (بدهس) رجال الأمن والشرطة بالسّيارات ، واعتمدوا على أسلوب بشع في إردائهم في سبيل ما يقولون بأنه (حق مشروع) ؟!.. وأتساءل هنا : عن أي حق مشروع يتحدث هؤلاء ، يُجيز لهم أن يسلبوا غيرهم الحق في الحياة بالمرور (مِرارا وتكرارا) فوق (أشلائهم) ؟!..
إذا كان (المواطن) البحريني لايحمل في قلبه ضغينة ـ ( تفوق ضغائن كل الشعوب العربية) ـ تجاه قوى الأمن الحكومية ، أوأنه يرى فعلا جسد (الإنسان) وروحه خلف الزي الرسمي الحكومي لرجل الأمن .. فلماذا يُنكل بجسده كما لا يفعل الأعداء الدخلاء ومن أجناس وديانات مُختلفة ؟!.. وكما لم تفعل (شعوب وحكومات) تونس واليمن وليبيا وسوريا ؟!.. سوى ما قامت به قوات الأمن المصرية من دهسِ للمواطنين بالآليات والمُدرعات ، وهو يُعدّ إستثناءًا ، لأن أحدا لم يكن يتصوّر بأن (الدولة البوليسية) والقبضة الحديدية للعجوز مبارك ، ستنهار أوستتلاشى بتلك السهولة وتلك البساطة ؟!..
إذا كانت قوّات الأمن والشرطة البحرينية ، مُسلّطة على رقاب المواطنين كما هو حال نظيراتها في البلدان الثائرة ، أو أنها تشبهها في الوحشية والقمع ، فلماذا تتعرّض (إستثناءا) إلى تلك الإعتداءات من مواطنين يظهرون أكثر شراسة ، وجُرأة ، منها ؟!..
المواطنون في المشهد البحريني يظهرون أكثر وحشية ودموية من الحكومة ومن النظام !.. ولو لم يكن الأمر كذلك لما إستعانت الحكومة بالقوّات الخليجية ، ولقمعت الحركة الإحتجاجية بقواتها ولأنهت المسألة على مستواها كما تفعل باقي الحكومات العربية التي تتعرض لأوضاع مُشابهة ؟!.. لو كان الوضع قابلا لسيطرة الحكومة لما لجأت إلى جيرانها للوقوف إلى جانبها ضد طوفان من (مشاعر الكراهية) ؟!..
نعم ، مشاعر الكراهية المُنبعثة من ثورة البحرين يُحتّم دمغها بطابع (خطير جدا) ، إذ لم نشهد في عُرف (الشعوب) العربية الثائرة ، شعبا أكثر سادية من حكومته ، ولا شعبا يستبيح دماء الإنسان بطريقة (الدّهس) البشعة ، بحجة أنه جزء من حكومة فاسدة ، أو ظالمة ، أو .. أو .. أو كلّ مساوئ وعيوب العالم وعاهاته ، وعجزه تجتمع فيها .. فهي لاتبيح قتله بتلك الطريقة التي تنم عن حقد دفين (لجنس) مُعيّن من البشر ماله ، كما دمه ، وجسده (حلال) ، والتنكيل به (قربى) في شرائع بعينها .. لسنا أغبياء لنكون أبواقا ، وطبولا ، ومزاميرا لها .. ومهما تخفّت وراء أقنعة الحقوق ، والحرّيات والإنسانية !..
فتلك الشّرائع لاتعرف الإنسانية ، وشعب البحرين ـ المُحتج ، والمُطالب بإطلاق الحرّيات ـ يعتنقها وبولاءٍ تجلى في طريقة التنكيل برجال الأمن والشرطة ، ليس لأنهم جزء من (نظام) في حدود مملكة البحرين الصغيرة ، بل لأنهم جزء من (منظومة) عقائدية كبيرة ، تمتد حدودها من المحيط إلى الخليج !.
أمازال شعب مملكة البحرين ينتظر منا دعما (إنسانيا) بعد كل هذا ؟!..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تاج الديــن | 20 . 05 . 2011
التعليقات (0)