مقالان منقولالالالالالالالالالان :
الأول للكاتب الأردني خيري منصور في جريدة الخليج الإماراتية ،
والثاني للكاتب السوري خالد الأشهب من صحيفة الثورة السورية ..
الأول يلامس الهم العربي وشجونه ومآل الثورات العربية وثوارها وربيعها ..
والثاني يرصد وجهة النظر السورية للحرب الإعلامية المسلحة ، التي تشنها قناة الجزيرة الفضائية على الشعب العربي السوري ، والتي تجاوزت إعلام قناة العربية التحريضي المعروف منذ إنشائها ، كما تفننت الجزيرة في الغش والخداع ، فسبقت التلفزة ووكالات الأنباء العالمية التي اعتذرت عن بعض أخطائها التي وقعت فيها ، وحتى العربية وقعت أمس واعتذرت عن بث مشاهد من أسبوع مضى على أنها ابنة لحظتها ..
وأما " الخنزيرة" القطرية ـ كما يسميها الشعب السوري ـ فلم تتوقف عن استباحة الدم السوري والإيغال فيه رغم كل ما سال " بفضل " محلليها وخبرائها وناشطيها وشهود عميانها ، ورغم تجييشها اليومي واللحظي والمقصود ..
ما تحت هذا الرماد ..
بقلم : خيري منصور
اليمن ليس سعيداً ، والعراق الذي سمي ذات ربيع أرض السواد لشدة اخضراره لم يعد كذلك ، وبلاد ما بين النهرين أصبحت بلاد ما بين النارين ، ويقال إن الظمأ يطرق بأصابعه الناشفة بوابات كانت تعجز عن صد تدفق الماء ، ومدينة الأنهار السبعة والغوطة التي أراد الشاعر سعيد عقل إلحاق الكون بها أي ببستان الشام تغيرت أحوالها ، وتونس الخضراء تحاول أن تستعيد لونها بعد أن أصبحت لزمن ليس بالقصير بلون الهشيم ، ولبنان بقريته الفيروزية وأرزه الخالد كانت جباله تشفي المرضى ممن شحت في بلدانهم الحرية والأكسجين ، وليبيا التي دفعت ثمن استقلالها قبل قرن كامل نصفَ عدد سكانها تدفع الآن ثمناً لا يمكن إحصاؤه لاستقلال آخر، والقائمة تطول لو شئنا الاستطراد ..
فالوطن العربي يعيش تحولاتٍ منها ما هو زلزالي لكن ، بلا مقياس ريختر تاريخي بحسب منسوب الخسائر ، وهو وطن أوشك أن يتحول إلى منفى ، لأن الاغتراب فيه تحول من إصابات فردية إلى وباء قومي ..
لهذا تحرك داخل القمقم واندلعت الحياة في شرايين تجلطت بسبب الخمول والاستنقاع ، لأن الناس توكلوا ولم يعقلوا ، وأسلموا أمرهم للصدفة وما يجود به التاريخ بحيث لم يعد البطل بطلاً على خشبة المسرح ، وتحول في بعض المشاهد إلى كومبارس أو مجرد رقم في جوقة تردد الصدى كالببغاء .
للوهلة الأولى قد يبدو هذا المشهد مرسوماً بالفحم ، ومغموراً بالرماد ، لكن هذا نصف الحقيقة ، وربما يكون نصف الواقع ، أما النصف الآخر فهو يتشكل الآن من الرماد كالعنقاء أو الفينيق ، حيث لا بد من موتٍ ما كي تستكمل القيامة القومية شرطها ببعديه :
التاريخي والحضاري ..
لهذا علينا أن لا نستغرب إذا تحول المشهد العربي إلى ما يشبه ذلك الفيل الذي وقع عليه عدد من العميان فوصف كل واحد منهم العضو الذي ارتطم به من جسد الفيل ، ولكي نحصل على رؤية بانورامية علينا أن نقرأ حاصل جمع ما يقوله هؤلاء العميان ..
ثمة وطنان عربيان بقياس آخر غير جغرافي ..
أحدهما : هذا المرئي والراهن بكل ما له وما عليه ، والآخر : هو وطن يعج بالممكنات فلو تخيلناه محرراً من الأمية والفقر وهشاشة الانتماء والجراح التي أثخنت الهوية لوجدنا أنفسنا في يوتوبيا لم يتجاسر حالم على الجهر بها ، فامتيازاته محسودة ، والقواسم المشتركة التي تحشد ما يقارب الثلث مليار إنسان يندر أن نجد ما يماثلها في عالمنا المعاصر ..
وموقعه بكل ميل مربع منه أسال لعاب الغزاة عبر التاريخ منذ روما حتى واشنطن وموسكو ، قبل أن يجف لعاب هذه الأخيرة ..
ما نعرفه عن بلادنا من الماء إلى الماء أقل من واحد بالألف مما هو عليه ، لأن الغاطس منه أضعاف الطافي على السطح ، والتضاريس الأخرى ذات الصلة بالذاكرة والتاريخ والثقافة والعقيدة لها خطوط طول وعرض من طراز آخر ..
لهذا نخطئ إذا قرأنا سطح المشهد ، بكل ما يطفو عليه من دم ودموع وخرائب ، فالأمم العريقة لا تختلف كثيراً عن الفحم الذي تعذب وتقلب في باطن الأرض ملايين السنين قبل أن يتحول إلى ماس يتلألأ ، وقد يطول عذاب المخاض ، وتتكسر مفاتيح عدة في الأقفال ، ويعض الابن العاق الثدي الذي أرضعه ، لكن هذا ليس نهاية المطاف ، إنها بداية البداية ، فالقيامات بعد التحول إلى رميم ليست يسيرة أو بلا ترددات زلزالية ، لهذا كله يختلط على القراءة السطحية والأفقية الغسق والشفق ، لأن الشمس تحتجب في الحالتين ..
ومن يولدون من بشر وشجر وأفكار على هذه الأرض يجزمون بأن العرب قادمون وليسوا غابرين أو غاربين ..
السبت 28/05/2011
جريدة الخليج ـ الشارقة
كالتاجر حين يفلس يزوّر الفواتير ويسرق الأمانات , وكالطبيب حين يفلس يستبدل المبضع بالخنجر , وكالسياسي حين يفلس يتطرف وينزع إلى العنصرية ..
هكذا الإعلامي حين يفلس لا ينصرف إلى الخيال والتأليف فحسب , بل إلى السطو على الأمانات وتأبط الخنجر والاستغراق في التطرف !!
أمس كان يوماً لفضائية الجزيرة بامتياز , كانت تاجراً يسرق الأمانات ، وطبيباً يتأبط خنجراً ، وسياسياً ينزع إلى التطرف ..
هالها أن العناوين الكبرى تحولت إلى أغلفة دون صفحات أو كلمات , وأن التقنيات والعدسات والميكروفونات لم تعد تشغل أو تلفت حتى الجهلة منا , وأن فتاوى يمينها الظلامي صارت هرطقة وكفراً , وتنظيرات يسارها المنافق عن «الثورة والثوار» صارت مشهداً في حروب الردة ..
هالها أن يعزف السوريون عنها وقد اعترف لها الأميركيون من قبلهم , وأن تأتيها إجابات السوريين عن خناجرها أو أسئلتها واثقة هادئة ساخرة وبغير ذي بال , وأن تذهب كل بسالتها في الجهاد إلى ما ترومه من خراب دون انتصار واحد , بل دون أن توقف سلسلة هزائمها التي بدأت ولم تنته بعد , وهي التي فعلت ما فعلت في غير زمان ومكان من أرض العرب وشعوبهم ..
قبل أن تنشب الجزيرة أنيابها في لحمنا السوري , وتغرس خناجرها في خاصراتنا , وترسل مخالبها في عيوننا , وتدس أكاذيبها في عقولنا , لم نكن نعلم الفارق بين ما تقوله ، وبين ما يحدث حقيقة سواء في تونس أم مصر أم ليبيا أم اليمن أو غيرها ..
لم نكن نعلم أن الجزيرة مكلفة بالمهمة القذرة إياها ، حتى رأينا الفارق بأم أعيننا وعلى أرض وطننا , خراباً في مدننا وحرائق , جثثاً لأبنائنا وأشلاء لضحايانا على أكتافنا , رأيناه استباحة لدمنا ومواقفنا وتاريخ نضالاتنا بيد كتائب الجزيرة المجوقلة «ومناضليها» الجدد ..
لم نكن نعلم , لكننا اليوم نعرف جيداً كم من الدم العربي بات في رقاب أهل الجزيرة وفرسان الكلام في أروقتها , وكم من المقابر الجماعية حفرتها لنا معاولهم وحروفهم وشهودهم العيان , وكم من الخديعة انساب في تلافيف أدمغتنا عبر أقلامهم وعدسات عملائهم , فكل نقطة دم سالت هم سفاكها , وكل خديعة سرت هم حيّاكها ..
وينبغي الآن أن تدور الدوائر على شذاذ الصحارى وقد امتلأت كروشهم وجيوبهم ... فتطاولوا , وعلى غلمان الجاهلية وقد بذلوا أنفسم للسمسرة والوساطة ... فاستكبروا !
وفاء لكل قطرة دم سوري سالت على أرضنا برصاص العمالة , ولكل نفس أثكلتها الجزيرة بنصال من حروف وصور ..
ووفاء من كل من قال أنا سوري إلى يوم القيامة .. أن ندير الدوائر يوماً على من تطاول واستكبر ولو بحرف .. من رعيان الجزيرة ورعاتها ؟
السبت ـ 28/05/2011
جريدة الثورة السورية
التعليقات (0)