ما بين سنودن ولوفا
أما لوفا فهو منير لوفا ، نقيب طيار بالجيش العراقى ، والذى فر بطائرته الميج 21 من العراق ، وأثناء طلعة تدريبية لسرب من الطائرات العراقية فى بغداد ، إلى إسرائيل مباشرة عام 1966 ــ أى قبل هزينة يونيو 1967 بسنة واحدة . وكأن بى وبكل أسباب الهزيمة ، والتى لحقت بالعرب فى تلك السنة ، تتجمع تباعا وتترى قبل بداية تلك الحرب ، وحتى فبل أن تضع الحرب أوزارها ــ فكانت تلك الطائرة الميج فى ذلك الوقت لغزا حربيا محيرا ، و كبيرا ، كان قد أستعصى على الولايات المتحدة ، أوبالأحرى جهازها الإستخبارى ال CIA ، وهى فى أوج حربها الباردة مع الإتحاد السوفيتى ودول الكتلة الشرقية ، أو ما كان يعرف بحلف وارسو .
فكان هبوط تلك الطائرة فى إسرائيل يعد بمثابة كنزا حربيا إستراتيجيا بحق ، و فتحا مبينا ، بطبيعة الحال ، لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل ، و كذا حلف شمال الأطلسى على السواء ، بشأن إختراق ، و سبر أغوار أدق الأسرار العسكرية وأخطرها للإمبراطورية السوفيتية السابقة وحلفائها فى شرق أوروبا ..!
ومنير لوفا هو أبن خالة طارق عزيز ، ذلك الصحفى العراقى ، والذى صار وزيرا لخارجية العراق فى عهد الرئيس الراحل صدام حين ثم نائبا لرئيس الوزراء ، ثم ، وهذا هو الأهم ، المسؤل العراقى الوحيد فى عهد صدام حسين ، والذى قبض عليه من قبل قوات الإحتلال الأمريكى فى العراق ، ولم يتم تنفيذ ، أو حتى الحكم عليه بالإعدام حتى الآن .. مع إعتراضنا بطبيعة الحال على الشكل والكيفية التى تم بها الحكم ، أو تنفيذ حكم الإعدام لكافة المسؤلين العراقيين السابقين فى عهد الرئيس السابق صدام حسين ، وبداءا من صدام نفسه ، وذلك لإنتفائهما مع كافة المعايير الدولية المتعارف عليها ، سواء تلك المتعلقة بالعدالة ذاتها ، أو المتعلقة بحقوق الإنسان الواقع فى الأسر ..!
لذا فقد صار من المألوف تاريخيا ، و منذ ذاك الحين ـــ أى إطلاع الولايات المتحدة على أسرار تلك الطائرة ، الميج 21 ، والتى كانت رائدة ومتميزة بالفعل فى عصرها عن مثيلاتها من الطائرات الفانتوم الأمريكية ، أو الميراج الفرنسية ـــ وعندما ينشأ خلاف ما بين الروس والعرب ، أن يقول الروس لنا ؛ " إننا كنا ، ولا زلنا ، نمد أيدينا لكم ، وفى الوقت الذى يتخلى ، أو حتى يخذلكم ، فيه الأخرون ، خاصة فى وقت المحن والشدائد التى تمر بكم ، وأنتم الذين تعرضون عنا " .. وهم يقصدون ، وبطبيعة الحال ، ما نعنيه و نقوله بالعامية المصرية لجاحد المعروف انه ؛ " يعض الإيد إللى تتمد له "، أو تساعده ، خاصة فى وقت المحن و الشدائد .
ولم ينتظر الروس كثيرا ، وبعد إنتهاء الحرب الباردة ــ شكلا وليس موضوعا ، بطبيعة الحال ، وكما سنرى لاحقا ــ وسقوط سور برلين عام 1989 ، سوى فقط ربع قرن ، أى خمسة وعشرون عاما ، حتى هبط عليهم ، وفى مطار موسكو هذه المرة ، كنز إستراتيجى أخر ، أو بالأحرى معلوماتى وإستخبارى أمريكى هام جدا ، وفى غاية الخطورة ، وهو عميل الإستخبارات الأمريكى الشاب إدوارد سنودن ..!
لذا فالسؤال هو ؛ هل جهاز الإستخبارات الروسية ، ووريث مايسمى "بالكى جى بى" ، ومن ثم الحكومة الروسية ، وبكل ثقلها ، كانوا بعيدين عن موضوع إنشقاق سنودن قبل أن يغادر حتى الولايات المتحدة متوجها إلى الصين ، أو هونج كونج ..؟!
وهذا بدوره يطرح سؤالا هاما أخر ، فى حقيقة الأمر ، وهو ؛ هل حقا إنتهت الحرب الباردة بين كل من الولايات المتحدة ودولة الإتحاد الروسى ، أم ما زالت مستمرة ومسعرة ، وتتخذ صورا وأشكالا شتى ، حتى ولو حاول كلا الطرفين التمويه عليها ، او الإدعاء بعدم وجودها ..؟!
فى رأيى الشخصى أن مثل تلك الحرب لا زالت مستمرة ، وتستهدف الولايات المتحدة من ورائها نفس الهدف الإستراتيجى القديم التى كانت تستهدفه منذ الحرب الباردة السابقة ، وهو إستنزاف روسيا ، ومن ثم إضعافها ، أو حتى إنهيارها على المدى البعيد ، تمهيدا وتوطئة لخضوعها تماما للرغبة والإرادة الأمريكية ..!
ولكن روسيا تظن انها ند ــ أو حتى شريك ، وكما يقول الرئيس بوتين ــ قوى للولايات المتحدة ، وتمسك بثلاث ورقات رئسية تستطيع أن تتطوع من خلالها الإرادة ، أو السياسة ، الأمريكية فقط لكى تتلاقى فى مساحة ما مشتركة بين كل من الولايات المتحدة وروسيا ، وبما يخدم مصالح البلدين ، يسميها بوتين ؛ " شراكة " ـــ علما بأن روسيا تصنف فى كل من العرف والفكر السياسى الغربى على انها من دول العالم الثالث ــ وكما قال بذلك " البروفسير " الأمريكى اليسارى ناعوم تشومسكى ــ وليست حتى من دول العالم الثانى ، والتى تمثله دول شرق أوربا ..!
وهذه الورقات الثلاث هى كل من سوريا وإيران وكوريا الشمالية ، وهى الدول التى تطلق عليها الولايات المتحدة محور الشر ..!
وتستخدم روسيا هذه الورقات الثلاث ، وبشكل أساسى ، لمساومة الولايات المتحدة ، أو ثنيها على التراجع
عن إنشاء منظومة القبة الحديدية على حدودها ، وفى الدول التى كانت حليفة بالأمس القريب للإتحاد السوفيتى السابق ، حيث ترى موسكو أن تلك القبة الحديدية ، وفى تلك الدول بالذات ، تشكل تهديدا بالغا لأمنها القومى .
ومن المعلوم أن روسيا حاولت مرارا التقرب للولايات المتحدة ، والغرب ، بصور شتى ، لإزالة جبالا من الجليد وسؤ التفاهم ــ تراكمت وتفاقمت على مر التاريخ والأجيال ــ منها مثلا إنها طالبت ذات مرة أن تكون أما عضوا فى الإتحاد الأوربى ، أو عضوا فى حلف شمال الأطلسى ، ولكن طلبها قوبل دائما بالرفض ــ تماما مثل تركيا فيما يتعلق بعضوية الإتحاد الأوربى ، حيث انها عضوا فى حلف الأطلسى ـــ ربما لسبب ذكر آنفا ، وهو أن الهدف أن تكون خاضعة مذعنة ، وليس حليفة ..!
مجدى الحداد
التعليقات (2)
1 - فضيحة مدوية
مصري - 2013-08-10 23:39:27
شركة اتصالات التي تقدم خدمات التليفون المحمول وخدمات الإنترنت في مصر تقوم بالتجسس على عملائها
2 - تعقيب
مجدى الحداد - 2013-08-11 16:07:33
نشر لى هذا المقال بجريدة الوفد اليوم الأحد الموافق 11 أغسطس 2013 .