مواضيع اليوم

ما بين سنودن ولوفا

زين العابدين

2013-08-08 18:15:24

2

 

                      ما بين سنودن ولوفا

 

أما لوفا فهو منير لوفا ، نقيب طيار بالجيش العراقى ، والذى فر بطائرته الميج 21 من العراق ، وأثناء طلعة تدريبية لسرب من الطائرات العراقية فى بغداد ، إلى إسرائيل مباشرة عام 1966 ــ أى قبل هزينة يونيو 1967 بسنة واحدة . وكأن بى وبكل أسباب الهزيمة ، والتى لحقت بالعرب فى تلك السنة ، تتجمع تباعا وتترى قبل بداية تلك الحرب ، وحتى فبل أن تضع الحرب أوزارها ــ فكانت تلك الطائرة الميج فى ذلك الوقت لغزا حربيا محيرا ، و كبيرا ، كان قد أستعصى على الولايات المتحدة ، أوبالأحرى جهازها الإستخبارى ال CIA ، وهى فى أوج حربها الباردة مع الإتحاد السوفيتى ودول الكتلة الشرقية ، أو ما كان يعرف بحلف وارسو .

 

فكان هبوط تلك الطائرة فى إسرائيل يعد بمثابة كنزا حربيا إستراتيجيا بحق ، و فتحا مبينا ، بطبيعة الحال ، لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل ، و كذا حلف شمال الأطلسى على السواء ، بشأن إختراق ، و سبر أغوار أدق الأسرار العسكرية وأخطرها للإمبراطورية السوفيتية السابقة وحلفائها فى شرق أوروبا ..!

 

ومنير لوفا هو أبن خالة طارق عزيز ، ذلك الصحفى العراقى ، والذى صار وزيرا لخارجية العراق فى عهد الرئيس الراحل صدام حين ثم نائبا لرئيس الوزراء ، ثم ، وهذا هو الأهم ، المسؤل العراقى الوحيد فى عهد صدام حسين ، والذى قبض عليه من قبل قوات الإحتلال الأمريكى فى العراق ، ولم يتم تنفيذ ، أو حتى الحكم عليه بالإعدام حتى الآن .. مع إعتراضنا بطبيعة الحال على الشكل والكيفية التى تم بها الحكم ، أو تنفيذ حكم الإعدام لكافة المسؤلين العراقيين السابقين فى عهد الرئيس السابق صدام حسين ، وبداءا من صدام نفسه ، وذلك لإنتفائهما مع كافة المعايير الدولية المتعارف عليها ، سواء تلك المتعلقة بالعدالة ذاتها ، أو المتعلقة بحقوق الإنسان الواقع فى الأسر ..! 

 

لذا فقد صار من المألوف تاريخيا ، و منذ ذاك الحين ـــ أى إطلاع الولايات المتحدة على أسرار تلك الطائرة ، الميج 21 ، والتى كانت رائدة ومتميزة بالفعل فى عصرها عن مثيلاتها من الطائرات الفانتوم الأمريكية ، أو الميراج الفرنسية ـــ وعندما ينشأ خلاف ما بين الروس والعرب ، أن يقول الروس لنا ؛ " إننا كنا ، ولا زلنا ، نمد أيدينا لكم ، وفى الوقت الذى يتخلى ، أو حتى يخذلكم ، فيه الأخرون ، خاصة فى وقت المحن والشدائد التى تمر بكم ، وأنتم الذين تعرضون عنا " .. وهم يقصدون ، وبطبيعة الحال ، ما نعنيه و نقوله  بالعامية المصرية لجاحد المعروف انه ؛ " يعض الإيد إللى تتمد له "، أو تساعده ، خاصة فى وقت المحن و الشدائد .

 

ولم ينتظر الروس كثيرا ، وبعد إنتهاء الحرب الباردة ــ شكلا وليس موضوعا ، بطبيعة الحال ، وكما سنرى لاحقا ــ وسقوط سور برلين عام 1989 ، سوى فقط ربع قرن ، أى خمسة وعشرون عاما ، حتى هبط عليهم ، وفى مطار موسكو هذه المرة ، كنز إستراتيجى أخر ، أو بالأحرى معلوماتى وإستخبارى أمريكى هام جدا ، وفى غاية الخطورة ، وهو عميل الإستخبارات الأمريكى الشاب إدوارد سنودن ..!

 

لذا فالسؤال هو ؛ هل جهاز الإستخبارات الروسية ، ووريث مايسمى "بالكى جى بى" ، ومن ثم الحكومة الروسية ، وبكل ثقلها ، كانوا بعيدين عن موضوع إنشقاق سنودن قبل أن يغادر حتى الولايات المتحدة متوجها إلى الصين ، أو هونج كونج ..؟!  

 

وهذا بدوره يطرح سؤالا هاما أخر ، فى حقيقة الأمر ، وهو ؛ هل حقا إنتهت الحرب الباردة بين كل من الولايات المتحدة ودولة الإتحاد الروسى ، أم ما زالت مستمرة ومسعرة ، وتتخذ صورا وأشكالا شتى ، حتى ولو حاول كلا الطرفين التمويه عليها ، او الإدعاء بعدم وجودها ..؟!

 

فى رأيى الشخصى أن مثل تلك الحرب لا زالت مستمرة ، وتستهدف الولايات المتحدة من ورائها نفس الهدف الإستراتيجى القديم التى كانت تستهدفه منذ الحرب الباردة السابقة ، وهو إستنزاف روسيا ، ومن ثم إضعافها ، أو حتى إنهيارها على المدى البعيد ، تمهيدا وتوطئة لخضوعها تماما للرغبة والإرادة الأمريكية ..!

 

ولكن روسيا تظن انها ند ــ أو حتى شريك ، وكما يقول الرئيس بوتين ــ قوى للولايات المتحدة ، وتمسك بثلاث ورقات رئسية تستطيع أن تتطوع من خلالها الإرادة ، أو السياسة ، الأمريكية فقط لكى تتلاقى فى مساحة ما مشتركة بين كل من الولايات المتحدة وروسيا ، وبما يخدم مصالح البلدين ، يسميها بوتين ؛ " شراكة " ـــ علما بأن روسيا تصنف فى كل من العرف والفكر السياسى الغربى على انها من دول العالم الثالث ــ وكما قال بذلك " البروفسير " الأمريكى اليسارى ناعوم تشومسكى ــ وليست حتى من دول العالم الثانى ، والتى تمثله دول شرق أوربا ..!

 

وهذه الورقات الثلاث هى كل من سوريا وإيران وكوريا الشمالية ، وهى الدول التى تطلق عليها الولايات المتحدة محور الشر ..!

 

وتستخدم روسيا هذه الورقات الثلاث ، وبشكل أساسى ، لمساومة الولايات المتحدة ، أو ثنيها على التراجع

عن إنشاء منظومة القبة الحديدية على حدودها ، وفى الدول التى كانت حليفة بالأمس القريب للإتحاد السوفيتى السابق ، حيث ترى موسكو أن تلك القبة الحديدية ، وفى تلك الدول بالذات ، تشكل تهديدا بالغا لأمنها القومى .                

 

ومن المعلوم أن روسيا حاولت مرارا التقرب للولايات المتحدة ، والغرب ، بصور شتى ، لإزالة جبالا من الجليد وسؤ التفاهم ــ تراكمت وتفاقمت على مر التاريخ والأجيال ــ منها مثلا إنها طالبت ذات مرة أن تكون أما عضوا فى الإتحاد الأوربى ، أو عضوا فى حلف شمال الأطلسى ، ولكن طلبها قوبل دائما بالرفض ــ تماما مثل تركيا فيما يتعلق بعضوية الإتحاد الأوربى ، حيث انها عضوا فى حلف الأطلسى ـــ ربما لسبب ذكر آنفا ، وهو أن الهدف أن تكون خاضعة مذعنة ، وليس حليفة ..!

 

                                                                       مجدى الحداد    

                                                                  

/* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin-top:0in; mso-para-margin-right:0in; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0in; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;}




التعليقات (2)

1 - فضيحة مدوية

مصري - 2013-08-10 23:39:27

شركة اتصالات التي تقدم خدمات التليفون المحمول وخدمات الإنترنت في مصر تقوم بالتجسس على عملائها

2 - تعقيب

مجدى الحداد - 2013-08-11 16:07:33

نشر لى هذا المقال بجريدة الوفد اليوم الأحد الموافق 11 أغسطس 2013 .

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات