جمال السائح / ((خطة خارطة الطريق العراقية التمهيدية ،للخروج من نفق ظلام العملية السياسية في العراق)) ، العراق يقول لجميع مكوناته : كلكم اهلي واحبائي ،ويقولها مرة اخرى ولكن لجميع ابنائه : ...
كلكم اولادي!
كما يقولها ادم ع لولديه هابيل وقابيل
كلاكما ولداي فلا تقتتلا !
ولا يضمر احدكما السوء للاخر والحرمان !
((قراءة سريعة عبر دراسة موضوعية لمعضلة العملية السياسية الحالية في العراق))
ملاحظة : كل ما دونته هنا لا استهدف من خلاله تسجيل اي نقطة ضعف على اي من الاطراف او الكتل السياسية بل هي محاولة للخروج من النفق المظلم الذي يمر به العراق عامة والعملية السياسية في العاصمة بغداد خاصة وآمل أن يعذرني الجميع لان الوضع بات لا يحتمل الصبر عليه وان لا يغضب عليّ ايما احد من شخصياتنا الريادية وفرساننا القياديين فكما يحكى انه ليس من احد فوق القانون فليس من احد لا يطاله مجهر الصحافة والاعلام والجديد المفترض الترويج له انه ليس من شريط يمكن ان تطاله الرقابة فلقد ولى عهد الحذف والمسح والقطع !
في البدء اتساءل : هل انتقلت سقيفة كانت تدور رحى مناقشاتها في المدينة المنورة في ذات يوم الى العراق لتدور رحى مناقشاتها في بغداد الزمن الجديد وهل كان لهذا الاخير ان يستعيد كل التاريخ ليخلع عليه خلعة جديدة ولكن بشكل اخر ! ولكن لماذا يستعيد من التاريخ ما يثير الاحقاد والاضغان بين اناسه واهل بيته ؟! بدل ان يستعيد كل ما له ان يثير المودة والاخوة والصداقة والمحبة والسلام ؟!
سقيفة في العراق لبني من تشاء تسميته الظروف والاقدار الجديدة / السقيفة الجديدة ! سقيفة القرن الحادي والعشرون ! سقيفة بلا سقف يحجب عن حضارها كل السماء ! السماء المحجوبة ! كلها اسماء يمكنها ان ترشح نفسها كخطوط عريضة لها ان تتصدر قائمة عناوين هذه الاطروحة ... ولكن !
هل ان ما يحدث في بغداد هي محاولة لوضع اطروحة جديدة لتحديث نسخة سقيفة بني ساعدة المدمّجة ولكن بشكلها الجديد في القرن الحادي والعشرين فهل تتكرر في اليوم ويتصارع فيها الفريقان... كل منهما يجر النار الى قرصه ويدعي وصلا بليلى .... الدين والسياسة .... ويمني الاخرين بوعوده المعسولة .... المهاجرون والانصار ... وهل يمكن ان يتسع فيها المكان لفريق اخر او اكثر كي يشارك في المعركة الرئاسية والقيادية ليثب بعد ذلك من كل فئة وفريق من يدعيها لصاحبه .. ولكن قد كان نهض القائل من هذه الفرقة مناديا منّا الخليفة او منّا الامير .... ونهض ايضا من الفرقة الاخرى قائلهم ليفتي بمثل ذلك أيضا .... وكلاهما هل يعدان مؤهلان لها شرعيا وقانونيا وعن استحقاق اكيد لان ثمة جهة اخرى لها ان تقول كلمتها وتؤسس لحكومة قبل الاخرين ومن بعدها ان لم تستطع فلها ان تخلي السبيل بين الخلافة والاخرين ...
ولكن هل تكررت او تتكرر السقيفة ولكن بوجوه جديدة وصور محدثة وازمنة متعصرنة .. ولكن بشكلها الحي وامام الانظار والاسماع ويتم نقلها على الهواء وعبر الاثير مباشرة ليشهدها اكثر من 6 مليار نسمة في كل انحاء العالم فهل التأريخ يعيد نفسه وهل لمفرداته ان تصحح نفسها ام تكرس وتكرر نفس الاخطاء وتزيد من حالات الاحتقان والاستفزاز والاستعداء ...
لكن هل يتم كل هذا على لسان وايدي شخصيات لها ان تعترض وما زالت تفعل على ما جاء به البعض في يوم السقيفة بل وتنكر كلّ وجلّ ما حصل فيها من تراشق وتطاعن في المناظرات المرتجلة والتي كان لها ان تحدث انذاك؟! كل ذلك ليحدث ولكن امام انظارنا نحن الذين صرنا نستذكر ولا زلنا ننكر على من اشترك في مشاحنات السقيفة ... وهل الملابسة او المناقضة في ان تصدر مثل هذه التفريعات وبتجانس مقارب لما كان قد صدر من مثلها منذ حوالي 14 قرنا من الزمان ! وذلك من اناس يحاولون الانكار عليها في كل يوم الف مرة ! ولكنهم يرجعون يؤثرون الحديث فيها ويصنعون نسخة مطابقة لها او محاولة صنعاء تمثلها في منحوتة عصماء ثم تراهم يخلعون عليها ثوب القداسة والحداثة والتحديث كما لو كانوا اعلنوا عن نسخة جديدة لها وموقع للسقيفة يتم تحديثه عبر شبكة الانترنت بين الفينة والاخرى !
ولكن لننسى كل ما قلناه ولننسخ كل ما توهمناه ! ولكن هل نسترجع شيئا مما كان حدث به الامام جعفر بن محمد الصادق ولنقل ما نشاء بالنسبة للمرشح الاخر احسنا قال ام سيئا نطق به ام كان يبشر بالحسنى ام لا ولكن صادق ال محمد يقول : لو ائتمنني قاتل جدي علي بن ابي طالب على السيف الذي ضربه به (او قتله به) لأديته اليه ! فكيف ان الامر لا يتعلق بقاتل علي بل هو من سلالة الموالين لعلي والمنافحين عن ولايته ولكن ربما كل امرئ منا يقرا التاريخ وقادته بشكل يختلف عن الاخر فما الضير في ذلك ونحن نعيش مرحلة وسطى ما بين الدكتاتورية والديمقراطية ... لنؤدي الامانة كما يجب سيما بعد ان تم العد والفرز ولم يمخض عن امر مريب ! لنؤدي الامانة شراكة كما عهدنا الامين ص يمسك بعباءته كي ياخذ كل طرف منها احد ابطال وقادة المشركين في عهد الجاهلية الاولى قبل الاسلام فلتكن اليوم اليد مرتبطة بساعد قوي لاحد ابطال وقادات قريش القرن الحادي والعشرين !
فما بال اولئك رعوا وسمعوا الكلام واصغوا وعقلوا مفرداته ثم اصاخوا السمع وانصاعوا ونفذوا وانحازوا الى الرسول وليس الى قبائلهم ورضخوا بما قال واليوم فينا من مراجع الدين وشخصيات مفكرة وخبراء في الثقافة والعلوم والسياسة ما لهم ان يشيروا علينا بما اشار به رسولنا الاعظم على مشركي مكة ولا ترانا بعدها ننصاع او نرضخ لقولة الحق وكلمة الجهر السمراء العصية على الاستمكان لانها من عبارات السهل الممتنع وان قايسناها بكلام لرسول العصمة والطهارة ولكن الامثال تضرب ولا تقاس ولكن جاهليتنا الحديثة جاهلية القرن الحادي والعشرين تأبى ان تتحدى حتى داخلية الانسان وفطرته المتجايشة !
لنكن متحابين متفاطنين نصنع النصر بايدينا !
ونحرث الشوك بأسيافنا ولا ندع حدّها يحرثنا !
ففي بلدة سبأ لنا عبرة ومأرب كان السد لها ولنا!
وهو ما اوقع فيها ما اوقع ولمثله ايضا ان يوقعه فينا !
لنصنع سقيفة مصحّحة محدّثة يتم تصحيح كل ما علق في الاولى من اخطاء اتفق عليها الجميع لاننا نبحث عن ديمقراطية ولا نبحث عن اشباح تغزونا تحت مسميات تشحذ فينا مفردات وطنية او شعارات دينية ليس الا لان الشعب بات واعيا فصار يبحث عمن يأويه بين جنباته وعمن يصغي الى انين يتاماه وعمن يربت على كتفه صادقا وعمن يداري حسرة ويكفكف له دمعة وعمن يبحث له عن رغيف الخبز الطازج واللحم المقدد وما لذ من الطعام والشراب والحياة الهانئة وسعادة الوطن الحرة والكريمة وعمن يهتف به ليهنأك الزمان ما دامت اشراقة البسمات تطفح بها الوجوه وما دام النخل سعيدا في الجنوب والحصاد مؤتلق الومضات في الشمال والوسط يهتز ناشرا عطفيه سمقا ورشدا بين احضان الانهر المتدفقة كالاعصار المجيد !
نعم ! اليس من الاجمل ان يتم تحديث سقيفة عصرية حديثة ومعمّرة فيها حتى الابواب والاسقف والحيطان والنوافذ وذلك في يومنا هاذا وفي قرننا هذا وبشكله المعاصر حديثا يطلقونه عبر التاريخ صورة مكبرة وامام الخلق والملأ عموما وفي اليوم ليتم تكريسها ومن قبلهم انفسهم
وربما اجمل ما فيها كان : منا امير ومنكم امير شريطة ان لا ننسى اميرا افرزته صناديق الاقتراع او امراء اخرين كانت مخضتهم اوراقها ! وليس لقائل ان يقول : انها ستبقى فينا ولاخر : انها استحقاقنا الاكيد واخر ثالث انما هي من محسناتنا البديعية ما كنا عنها ببعيدين بينما يحدث الرابع عنها : انها من عصمة امرنا وهي ليست بالغريبة عن وجداننا فلقد عاقرنا خمرتها خمسا واكثر من السنون ! وليشهد الله الجميع انها كابنتنا نحبها حب الليل للنهار والنهار لليل وانها والله لسعيدة بين ايامنا مشتاقة الى احضاننا ولتكبر ابدا في ايوائنا لها وسننضحها رغدا بكل السمن والعسل ونأويها في هضابنا ونستضيفها في خيامنا ونستشرفها في كل الليل والمساءات غير الحزينة لنجلل قرفها من الهم كلما سعت بين صفا الكرخ ومروة الرصافة لاننا ما زلنا نتنفس وحيها ما بين الاسحار ! ثم انه ليس للجمهور من رأي ولنقرر اليوم تحت سعفات سقيفتنا التي تحجب عنا حتى نجوم السماء فتكفينا شرور تلصصها على موؤوداتنا من خلايا مشاريعنا النائمة والتي كنا علّمناها ومن قبل ان نإدها ان تكون رجما لشياطين السماء والارض بعد ان كانت هي رجما لشياطين الارض بكل ما نريد تقريره لا كل ما يريده الجمهور والرب ايضا من حولنا ومن فوقنا !!!
وبدلا من ان يتم السعي للاخذ بعباءة ديمقراطية النبي محمد ص والاسوة الكبرى والمثال الاوحد في توحيد الصفوف ضد الاعداء والانتهازيين فلياخذوا بعباءة احدهم (اليس فيكم رجل رشيد يمكن لعباءته ان تخدم القضية فيبسطها كل البسط امام الجميع) وكما تناول الرسول ص في ذات يوم وقبل البعثة عباءته وبسطها امام المشركين بعد ان اختلفوا وكادوا يقتتلون على من يتناول من رؤوس القبائل الحجر الاسود ويضعه في مكانه ليأخذ كل رجل بطرف منها ويشارك بعد ذلك الجميع بوضعها معا وينتهي الخلاف وتنحل المعضلة تماما !
لماذا لا يفكر احدهم بلعب دور شخصية الرسول وتقمص دوره كما لو كان يمثل مسرحية ولكنها مشاهد وفصول حقيقية تخدم الانسان المعصوبة عينيه ! اجل لاحدهم ان يقوم بمثل هذا الدور ويمثل شخصيته الطيبة والذكية الموهوبة والقديرة وذلك للحظات قلائل كما قالها علي لاحدهم في حرب صفين اعرني جمجمتك لهنيهات ! ومن بعدها النعيم الذي لا ينتهي وكل الخيرات الحسان والجنان ! ونحن نقول لا ينتظرنا بعدها الا سعادة الدارين لان فيها خنقا للفتنة الرعناء واخمادا لتلك النيران المشعة التي يريد ان يشعلها فينا وفي وطننا وشعبنا الحبيبين كل معتد آثم ومتربص محكوم !
بينما نراهم يتسابقون للعب ادوار من ظلوا والى اليوم يدينونهم بانهم سلبوا الخلافة من اهلها واليوم يكرر هؤلاء سلب الحكم من اهلها ... بل يدعون انهم اولى بها منهم وانها لا تخرج وسوف لا تخرج عن سلتهم .. فلم حين تشتد البأساء في الوغى ينفض القوم عن رسول الله والكل يخلي بين الراية والتراب ! وعندما تصح الغنائم نجدهم الافا تحصد الغيث في السماء قبل الارض كلها تدعي وصلا برسول الله وتحث الخطى تطلب منه ان يزيدها من العطاء لانها كانت ترفع البيرق الذي كان يحتضن رفات المستشهدين بين يدي رسول الله ! واعجبا !!! وكل العجب ! من امة تدعي انها تبدد الخيلاء وتشل المعاصي كي لا تنال السهل الا بطعن الصعب ولكن خفي عليها انها لا تصنعه الا في رحى الاحلام ووغى الاوهام !
ولكن هل يصبح العراق هذا البيت الكبير اصغر من كل بيت صغير بل أوهن من بيت العنكبوت وان من بيت العنكبوت ليصنع من المعجزات التي لا يقوى على صنعها حتى اعاظم البشر كما العنكبوت التي حاكت على باب غار جبل ثور ما حفظت به روح ونفس وجسم رسول الله وصاحبه إبّان مكوثهما ثمت في الغار !....
ثم ان الامر هو آخذ بالامتداد والشقة اخذة بالاتساع حتى اصبح المجال يتسع لاكثر من حاضري المشهد الحرام ليشبه نفس الصفات والاحوال التي كانت قد احاطت بشورى الستة التي كانت انطوت على مهادنات ومداهنات ومحاصصات اشتراطية وديمقراطية توافقية تضمنت ستة اقطاب لستة زعامات كان عينهم الخليفة الثاني عمر بن الخطاب قبل وفاته والتي تم فيها استبعاد واقصاء من ارادوا ابعاده واقصاءه واستقطاب من ارادوا استقطابه تحت وطأة القبول بشروط معينة وافتراض مصالح مبيت لها كما حصل وبالضبط في شورى السقيفة ...
كما الدستور فهو ليس بآية قرانية لا تحب النسخ او غير مغرمة به واصحابه الذين وضعوه لم يكونوا اوحياء يوحى اليهم من الله وحتى ما يوحى من الله فهو ينسخ بارادة الله تعالى لان ما له ان يكتب على عجل له ان ينسخ على عجل شريطة التبصر بما له ان يحل محله على بطء وبمروءة واضحة كما يقول الجميع ان الدستور ـــ (الذي كلما فكر احد باعادة كتابته او نسخه او نسخ بعض بنوده او مواده حتى ! نادى اخرون بصيحات متعالية : انه قران الامة وسنّة البلاد أفينسخ قران الاله وسنّة الرسول ولا ينسخ قران البشر وسنّة المخلوقين ؟!) ـــ كان قد كتب على عجل ولم يشترك في كتابته جل اعاظم اهل السنة مثلا ! كما لم يشترك جلهم في حكومة 2005 فسقيفة بني ساعدة هي الاخرى طبخ كل ما فيها على عجل ولم يشترك فيها زعيم الشيعة انذاك بل غيب تماما هو وانصاره بل انه لم يدع اليها ولم يؤخذ رأيه ولم يتم استفتاؤه اساسا في حقه المعلوم من قبل الجميع اذ ان الارض لله يورثها من يشاء ولم تكن في وقتها ديمقراطية البشر هي الحاكم بل كانت ديمقراطية الاله والاله كما المدير والمسؤول في شركة او مؤسسة ودائرة اراد ان يستورث السيادة من بعده لفلان او ان يعيّنه ويصدر امرا او مرسوما باسمه حتى كما يحصل عادة ! وحسبه امره ان يوحي به الى الجميع وعلى لسان من يثقون به وما كان الا محمدا الامين سيما وانه كررها ابدا وتباعا حتى اسس لها نهائيا في يوم الغدير عصر يوم حجة الوداع ما بين الطريق المؤدي الى اليمن والشام في خارج من مكة وشعابها ..
ثم انه ليس من الغريب ان ننبش في مخلفات سقيفة بني ساعدة لننسخ كل ما جاءت به او بعضا من بنودها المختصرة (سيما وانها ليست باقدس من ايات الذكر الحكيم والتي تعرضت نفسها الى نسخ من قبل نفس الباري تعالى) فننسخ ما جاء فيها ولكن على عجل وكما قلت يعني كما كانت قد تمت على عجل ننسخ بعض الذي كان قد جاء فيها وعلى عجل ! كما يطالب الكثيرون في اليوم بنسخ الكثير مما جاءت به مقررات ودساتير الحكومة السابقة وسلطات عام 2005 والتي كانت قد تمت على عجل ودبرت باسرع مما لو كان توفر للبعض شروط المشاركة لكان له ان يدلي بدلوه ويقول بشيء يتم له الاحتساب ولو باقل المعايير الممكنة ..
نعم نقوم بنسخ ما تم في السقيفة الثانية شريطة الاعتراف ان ما وقع في السقيفة الاولى هو الاخر ربما كان يمثل تجاوزا على صاحب الحظ السعيد والتفافا على الشرعية الديمقراطية ولكن اية ديمقراطية كانت اوكد من ديمقراطية الاله المشرعنة بملكه لمطلق الكائنات والسماوات وما افاقت عليه من الارضون ايضا ... واية ديمقراطية كانت اوكد من ديمقراطية الرسول الاعظم الذي لم يجتث احدا من معسكر الفريق الاخر بل قال لهم اذهبوا فانتم الطلقاء ثم قال لهم من دخل بيت ابي سفيان كان آمنا ! كل ذلك لان الرسول ص كان يعلم ان العصا الواحدة لها ان تكسر ولكن مجموعة من العصي لو اجتمعت فليس لاحد ان يكسرها ! الا اذا سلخ عنها الواحدة تلو الاخرى كي يضعها في دواليب الحكم كما الاسد حينما وثب على الثيران المتفرقة ولقد كان يهم بها وهي مجتمعة ولا يقدر ! هذا ما يمكن ان نستخلصه من اراء محمد بن عبدالله وهو الذي كان قد جاء بقران يقول : واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا شريطة ان نمنح كل ذي حق حقه ولا يزيد عليه لان في الزيادة انتقاصة من حق اخر غيره كما انه لا افراط ولا تفريط ولكن جرت العادة والحصافة ان يقع الامر الحكيم بين امرين لانه ان حصل الافراط كان للتفريط ان ينهض وان حدث التفريط كان لدقات الساعة ان تعلن عن افراط قد وقع !
كل هذا نستكمل التحضير له ولكن شريطة ان نستفهم وببطء ذي مروءة وعقل وحصافة ما الذي يمكن ان نضعه في مكان او محل تلك الاجراءات التي كانت قد تمخضت عن كل سقيفة جرى الحكم بها في ارض نجد والرافدين وذلك منذ عهد آدم والى يومنا هذا ! وسيكون الامر كذلك في الحكم على ما جاء في شورى الستة من الاصحاب فان ما يمكن ان يحصل في ظل الخمسة او الستة من القوائم الرئيسية الفائزة يجب ان يجري بموازين شرعية قانونية حقيقة تضمن للجميع حق المبادرة والممارسة المسؤولة في مطلق العملية السياسية وبكافة تدابيرها الشاملة .. نعم فما دبر على عجل في شورى الستة وتم الانتهاء منه باسرع منها فمن الممكن ان يتم نسخه على عجل ويتم الانتهاء من تدبيره ثانية ولكن ليس على عجل ! لان ما يمكن ان يفرز عن مثل هذه الاجتماعات الوليدة والميمونة هو ما يمكن ان يقدم مطلق الرفاهية والعدالة الاجتماعية لجميع افراد هذا الوطن المظلوم بارضه وشعبه وطوال حقب مختلفة كانت قد توالت عليه تباعا !
علما ان ضعف الوعي العام ربما شغلنا عن حقيقة مرة واكيدة وهي ان اجتماع الاكثرية لا يدل دائما على صحة ما تأتي به ! سيما وانها مذمومة حتى قرانيا ! فما آمن معه الا قليل وان تطع اكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ! ونعم بالله تعالى وهو نعم المولى ونعم النصير لكل المحرومين في الارض والناهض بكل صنوف العدل الاجتماعي والمغيث لكل اصحاب الطاقات والكفاءات من المغيبين عن ساحات الحراك والمشاركات الثقافية والسياسية والعلمية !
وهذا الامر ليتحرك بنا القهقرى ثانية حينما يكون لنا ان نتراجع الى نقطة اساسية كنا عرضنا لها في عجالة من الامر وهي قضية الدستور او القانون الاساسي الذي يخاطر نفس هذه القضية وهي مسالة الاغلبية والاقلية المتصارعتين والتي لا يتم تعريف ايا منهما بالاغلبية الفاحشة او الاقلية الفاحشة في عددهما وحجمهما ليكون لاحدهما مثلا امساك العصا من وسط قبانها المفترض! اذ قالت لي يوما احداهن ان الدستور هو قران كل بلد لكني قلت لها ان القران يتعرض الى النسخ فكيف بقانون او مجموعة من القوانين انتظمت في دستور صنعها بشر يقولون عن كل شيء يحدثونه ويصنعونه بانامله خدمة لاغراضهم واهدافهم ـــ (ولا ننكر ان الانسان يشتمل وفي الحقيقة على جملة من الاغراض والاهداف) ـــ انه قد تمت صياغته طبقا للدستور مع انه خطأ طبقا للدستور او لو كان دستورهم لا يعقل ولا يسمع كمثال بعيد عن الحصر ! ثم ان كل قوم يلتزمون امر قانونهم كذلك فهل كان ذلك منهم تقليدا لاهل مكة واصحاب العهد الجاهلي الاول في أوائل تاريخها وما قبل الاسلام حينما كانوا يصنعون اصناما بايديهم ثم يثبون لعبادتها واذا جاعوا اكلوها او احتاجوا الى موادها كسروها على امل صياغة اخرى في محلها وهكذا .. أفهؤلاء يكتبون الدستور والقانون الاساسي للبلاد ثم تراهم يتقيدون به تقيدا عجيبا كما لو كان الها يحتذى بامره وربا لا يرد له مطلبا !
ولكن لنخفف من غلواء النفوس ووقع الالام ونقول ان لكل مرحلة ومقطع زماني اغان حبيسة في الصدور وموديلات متعددة في الملبس والمأكل والمشرب وفي كل طرق الحياة كذلك الدستور له ان يعالج الاشياء كما يراها في اليوم لا كما نراها في الامس لان الامير علي بن ابي طالب يقول لا تربوا ابناءكم على ما تربيتم عليه لانهم خلقوا لزمان غير زمانكم كذلك الدستور كان يخدم في زمن ما حقبة معينة وفي اليوم هو لا بد ان يتكرس لخدمة مرحلة اخرى مع الاخذ بنظر الاعتبار المحافظة على تلك المبادئ العليا والقوية التي تكرست من اجل النهوض باطلاق كل الحريات الفردية والعامة والاستقامة بكرامة كل انسان وحافظت على سيمائية الحي القيوم في نفوس البشر كي لا يهلك امرؤ الا عن بينة ولا يحيا امرؤ الا عن بينة !
كذلك ففي المواد التي يتفق عليها الجميع ويتواتر عليها الرأي انها صلح تام وبر كامل للجميع نعم فليس لاحد ان يخل بها الا متحيزا لقتال او متحرفا لفئة ينال في رفع الحيف عنها كل الصلوات والرحمة من بارئه وخالقه الكريم .. اجل وليكن الخيار معها كذلك طالما كانت صامولات ومفردات كصمامات امان وحرز واق من كل الازمات وسدا منيعا بوجه كل الرياح العاتيات وطالما كان الدستور او القانون الاساسي ايضا ومن خلالها يمثل كل التطلعات وينطلق من اساس حر غير متطرف ولا متشدد ولا متزمت بل منفتح على جميع الجهات يستقبل الزمان والمكان وبصدر يتسع لجميع المخلوقات ان تعيش في ظله عيشا آمنا سعيدا يلبي كل اغراضها الجميلة ويحقق كل متطلباتها السعيدة فصاحب الدين له ان يحظى بدينه كيفما شاء وصاحب الدنيا له ان يحظى بدنياه كيف شاء ايضا !
ولكن الامر ليس كما نخبر عنه فهناك ما يمكن مراجعته والتنازل عنه او استبداله وتغييره وهو محض ارادة المجتمع والبرلمان الجديد ! في اي وقت وزمان والا فنحن ما كنا الا اعداء للحداثة التي تقول بضرورة تحديث كل ما يقع بين ايدينا من معلومة ولكن بشرطها وشروطها ! افما نبصر الى مواقع الشبكة العنكبوتية في القرية الذكية كيف لهم ان يحدثوها كل يوم وفي ساعات محددة ؟!
واخيرا ما على الشعب العراقي المقدام الا ان يصبر ويضع نصب عينيه منح الفرص مجددا لشركاء جدد في العملية السياسية لكي يعملوا جنبا الى جنب مع عرابي السياسة السابقين ايضا لكي يكملوا المشوار معا تحت خيمة الوطن التي لها ان تتسع للجميع بشرط ان يتوجب على هذا الجميع الاعتراف كل منهم بالاخر وبحرياته واطلاقها بعامتها وشخصيها وليس اطلاقها حسب الهوى المحلي والغالب على شخصيته ولكنها حريات شخصية وفردية وعامة جملة وتفصيلا ... ولتكن لنا اسوة حسنة بالخلفاء في عهد صدر الاسلام فانهم ماتوا ورحلوا وفي قلوبهم غصة كل منهم كان يود ان يواصل مسيرته لكن الموت عاجله والشهادة باغتته كما حصل مع امير المؤمنين الذي ما حكم الا لاقل من خمس سنين وما كانت جميعها الا شغل شاغل في الحرب والمعارك الداخلية ولم يمنحوه الفرصة كي يعين انسانا على عيشه ومعيلا على عياله ثم لا ننسى انه ليس كل ما وعدتنا به حكومة العراق المنتهية ولايتها كان يجب عليها ان تفي بتحقيقه فلربما لم تستطع ولنجد لهم الكثير من الاعذار ريثما نكتشف فيهم وحولهم من اساء اليهم ولم يسمح لهم بان يصنعوا ما وعدونا به ويحققوا من المنجزات ما كانوا قد ارادوا تحقيقه حقيقة واسوق مثالا ربما كان غير ملموس الدخيلة على وجه الشبه الدقيق لكنه يفي بصحة الدفين من اسرار هذه الحقبة التي افرزت اناسا استغلوا ثقة العراقيين بهم وتعويلهم الطيب عليهم واناسا لم يستغلوها بل حاولوا بذل المستحيل من اجل خدمة اضعف مواطن بسيط ربما كان يحمل عند الله حظوة ما يمتلكها اعاظم وكبار الناس اجل ومثالي هو انه لنا اسوة في ابي الفضل العباس بن امير المؤمنين علي بن ابي طالب حينما وعد من كان في خيام اخيه ابي عبدالله الحسين في كربلاء سيما اطفار وصغار العترة النبوية الهاشمية بان يجلب لهم الماء ليشربوا ويبلوا عطشهم ويطفؤوا ظمأهم القاتل لكنه لم يف بوعده ليس عن سوء نية او قصد منه معاذ الله ولكن الاعداء منعوه السقاية وحرموه رفادة ووفادة ابناء السلوة المحمدية في غربتهم العاتية ومحكّهم الاصعب في كربلاء المقتل والمربح بل قطعوا يديه الثنتين التي كان قد استقى بهما الماء وملأ قربته حتى رموه ليسقطوه من على جواده يتلقى الارض مصروعا وبصدره الذبيح !
لكني ما ارى التاريخ الا انه يحاول تصحيح الاوضاع وتمرير احسنها وتصفية الشوائب وهذا لا يتم الا بمشاركة الجميع وبمساعدة الاخ لاخيه والام لابنها والولد لابيه والاخت لعشيرتها والجار لقريبه والاخر لجاره الاخر وصولا الى استعادة ثقتنا بانفسنا وبمن حولنا لنستعيدها تباعا بالمسؤولين من حولنا لما تترتب على وعودهم مصداقية تغمرنا بصدق الحقائق الناصعة التي لها ان تنهمر علينا انهمار المطر الاثير !
ثم .. ولتكن لنا اسوة حسنة في انهدام حائط او جدار برلين فليس لنا ان نصنع عشرات او مئات من هذه الجدران في وطننا الجميل سيما وان الحواجز الكونكريتية تذكرنا بصور لجدار برلين الذي سقط واراح واستراح فلا نبتئس ونعود انفسنا القهقرى ونصنع مثله في اوطاننا بل علينا الاسهام في ازالته ان وجدناه والمشاركة في خلق الاسباب التي تزيح مثل تلك الحواجز الكونكريتية في الشوارع والطرقات والتي تذكرنا به..
كما علينا ان نطلق حميمية العواطف ما بين ضفتي بغداد والمدن العراقية التي تحتضن مياه الخصب والنقاء العراقيين دجلة والفرات ولا نصنع من نهر دجلة شط العرب الثاني إبّان الحرب العراقية الايرانية الظالمة والتي حصدت الافا مؤلفة من ابناء شعبينا العراقي والفارسي ولا نجعل من الكرخ والرصافة ضفتين تتنازعان البقاء بل لا نجعل من العراق كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية او المانيا الشرقية والمانيا الغربية ... بل المانيا الاتحادية او كوريا المتحدة كما نأمل لها وليس اوربا الشرقية واوربا الغربية ابّان الحرب العالمية الباردة ! ولنا ان نلقي نظرة على محاولات الانفصال لدى الجنوبيين في السودان او لدى حزب العدالة والسلام في غربي السودان يعني في دارفور ! او محاولات فصل الجنوب عن الشمال في اليمن السعيد او محاولات حركة طالبان لتقسيم باكستان او شق عصا الحكومة المركزية في افغانستان او افكار استقلال الكورد في تركيا او توجسات الايرلنديين مع بريطانيا او حركة الباسك في اسبانيا او محاولات ايقاع الفرقة والتفرقة بين بيروت الشرقية والغربية منها وكلها محاولات تسبقها شعارات اخاذة لفصل اجزاء حقيقية عن بلد حقيقي ربما لنا ان نرى مضاعفاتها في الاتحاد السوفياتي الذي عصفت به ريح المفاصلات والانهيارات التجزيئية حتى دفع بالعالم الى سيطرة القوى آحادية القطب بدل الوقوف في مرحلة توازن ولو بمعايير شكلية كانت تحف بها حروب باردة مختلفة ولكن ما بالنا لا نلتفت الى التاريخ قليلا اليس الزمان فينا يحاذي زمان سقوط الدولة العثمانية وانفصال الاقاليم بحجة البحث عن الحرية وكان اجدى لها ان تناضل للحصول عليها في ظل حكومات مركزية تحفظ اطارا وحدويا عاما بدل تحقيق مارب الدول الاستعمارية التي تتظاهر بدفاعها عن حق الشعوب في تقرير مصيرها ولو سألتها عن حق شعوبها نفسها في تقرير مصيرها لحدثوك بانه الويل لمن يفكر في تجزئة بريطانيا او اميركا او فرنسا او او او ولكنهم الم يفعلوها مع يوغسلافيا التي انقسمت وتجزأت الى بوسنة والهرسك وصربيا وكوسوفو وغيرها والجيك وسلوفاكيا بعد ان كانتا واحدة لا تقبل القسمة على اثنين ! لكنهم لم يغامروا ويفعلوها مع رومانيا حينما سقط تشاوسيسكو لانها لا تخدمهم ثم علينا ان نلتفت الى التاريخ لمراحل ابعد فابعد حتى نصطدم بسقوط الاندلس الذي لم يتمكن الغرب من تفعيله الا بعد ان حاولوا تضميد جراحات الفرقة بين ولاة الحكومات المحلية في كل مصر وحاضرة فيها بضمادات وتركيبات فاقدة للاهلية الطبية وانقضت صلاحية استعمالها بفوات تواريخها حتى تمزقت هذه الدولة الاموية الخالدة في ربوع اوربا ولو عدنا الى الوراء اكثر لاصطدمنا بسقوط الدولة العباسية ومن قبلها الاموية ولو حققنا في اسباب السقوطين لعلمنا ما يكمن في وضعنا هذا الذي نعيشه في اليوم وبكل ملابساته .. فما ارادوها الذين من حولنا وكل دول العالم العظمى اسلامية حرة واسلامية تحب العصرنة واطلاق الحريات رغم تشدقهم بمثلها من الشعارات التكتيكية كما لم يريدونها ذات يوم اسلامية حرة في يوغسلافيا بل ارادوا للتطرف ان يحكم فيها والتزمت والتشدد فيظل الارهاب عمدة رأس حربتها كي لا تتوحد شعوبها قط على اسلام واع وحر يفترض منح الحريات الفردية والعامة نفسها التي يعيشها ويحياها الاوربي الذي ما يعيش ولا يحيا الا في الاسلام المحمدي الاصيل حتى انقلب السحر على الساحر وصرنا نحن نعيش دكتاتورية حكومات الفترات المظلمة الاوروبية وعصور المسيحية الفاتيكانية المستبدة في ابان نفس العهود الاوربية الحمقاء لتتأكد لنا بعدها حقيقة مرة يصعب تحقيقها انه ما حك جلدك مثل ظفرك فلا يقرر حريات الشعوب الا ضميرها الواعي والاصح لا الاصم الواهم فحتى الدول التي تدعي صداقتها لنا فانها لا تجتمع معنا الا بعد ان نوقع معها بروتوكولات خاصة لتحقيق اهدافها السياسية والدينية وتوفير مصالحها الاقتصادية وتغيير كل ما تريد تغييره هي في اراضينا وديموغرافيتنا والبنية المذهبية والطائفية والعرقية والقومية وغيرها وربما الانتقام من بعض قطاعات الشعب فينا كي لا يتنفس بعدها ذلك التنفس الذي له ان يؤرقها لان كل دول الجوار الاقليمي والعالمي لها مصالح ظاهرة وباطنة في عراقنا السعيد ! ..
كل هذا اقوله واحكيه وبمزيد من التأني والدقة والثبات لانه ان جرت اخطاء النظام السابق في العراق على جر الدول العظمى الى التدخل وبطريقة غير ذكية فاننا في اليوم نجرها ثانية الى التدخل ثالثة كي لا تقوم له بعد اليوم قائمة ويظل في حضن البند السابع والسابع عشر ان ارادوا ايضا ويا ليتهم يدعونه كسويسرا لكنه يريدون له ان يصبح مكانا لا تؤمه سوى حزمات من فضلات المواد النووية ليتم احراقها هناك والتخلص منها حيث لا يجدون مكانا اخرا يطرحونها فيه ! بعد ان يحاولون اعداد العدة والعدد المساعِدَين لايقاد الخصومات الاقليمية والقطرية ولتأجيج الحروب والمشاحنات الطائفية فيتم اختصار الطريق لازهاق الانفس الزائدة عن نصاب الموجود اللازم توفره على سطح الارض !
ولكننا في ازاء كل هذا لا نقول سوى انه لتكن كل الاختلافات العرقية والمذهبية وكافة التباينات الطائفية والعنصرية والقومية المتوفرة في العراق والتي تؤسس لمصداقية حديث اختلاف امتي رحمة فلا تصبح بعده الا عاملا لتأسيس الوان المجالات من السعادة وصنوف الخير ومحاولات اكيدة لمد جسور المحبة والسلام بل لعزف اجمل وازهى انغام الحياة السليمة كما يحدثنا النثر الانكليزي بان مساطر البيانو البيضاء لا تعزف احلى انغامها الا بالتنسيق مع مساطرها السوداء وبكليهما يعزف الموسيقار الجيد اجمل معزوفاته على البيانو المؤلف من مساطره البيضاء والسوداء والتي تمنح المرء شعورا دافئا بان في الحياة سعادات مكنونة الاسباب واختلافات يتعايش بعضها مع البعض الاخر لا يمكن للمرء ان يحس بمذاقها الرائع الا بعد ان يقع على انواع فروقاتها وتبايناتها التي تبعث فيها صفات هائلة هي غاية في الجمال والعذوبة والرقة والاحسان ..
ثم انه لا فرق لعربي على اعجمي الا بالتقوى ولا فضل لابيض على اسود الا بالتقوى ايضا ! ولذلك لو يركز الاخوة في مراكز القرار في بواعث او اسباب اي خلاف سياسي يمكن ان يحصل فسيجدونه اما التباس او سوء فهم او حقيقة ما يكمن فينا من نوازع تجاه الاخر او ما يبيّته لنا من نوايا عملية ! لنثبت له اننا اهل لكل مكرمة وثقة وندعم هذا الكلام بالدليل فنطلق الحريات الفردية والعامة ونفتح الابواب امام الاعلام والصحافة وفنون الثقافات عامة وحرية التعبير بكافة اشكالها المقروءة والمسموعة والمرئية والا فما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا عن طريق وسائل الاعلام والصحافة التي لها ان تكشف لنا كل الاوراق وما اجملها من ساحة وميادين لا نشعر ان الجمهور يصفق لنا فيها زورا وخداعا لان كل شيء لدينا معلن عنه وللمثقف العامل في مجال الاعلام والصحافة ان يقول قولته كما تشاؤه قريحته العلمية ولتكن نقدا لاذعا او تحليلا سخيا بالادلة حتى التي لم تثبت بعد والا فالصحافة والاعلام والكتابة والمقولة والاداء لا يمكنها جميعا ان تتموهب وتتعرق وتمتد جذورا وتاخذ منالها ان لم نسمح لاساطين هذه الفنون ان يتحركوا في مجالهم وبكل حرية وثقة والا فلنتبوأ لنا مقعدا في النار التي استقبلت من قبلنا رعاة الظلم وقادة القهر والاستبداد من الذين سكنّا او نحاول ان نسكن في مساكنهم فما بالنا نعيب على النظام السابق انه كان يحارب المراسيم الدينية وما كان يفعل الا خوفا من تسييسها ومن ثم امتدادها لاكبر رقعة يمكنها ان تهدد سماءه وارضه ومياهه وقصوره من ثم! ثم نعود نسكن في مساكن الذين ظلموا فمستهم النار ونصطنع نفس السياسات ونمنع احدا من ان يستفهم او يحلل او ينتقد او يرى ما ترشح به سريرته الثقافية ودفيقته العلمية ! والا فهاهي دولة سوريا الشقيقة يحكم فيها نفس حزب البعث ولكن بشقّه الاخر ونرى فيها من الحريات حتى لو كانت نسبية ما لها ان تثير فينا الاسئلة واقولها بكل جرأة فتلك المراسيم الحسينية (لمنآها عن مختبرات السياسة وعدم تعرضها للدولة الحاكمة) وتلك الحريات الاجتماعية (التي تنهل منها المرأة والرجل على حد سواء رغم قوانين جرائم الشرف الجائرة والسائدة هناك والى اليوم!) تعيش متنفسها جنبا الى جنب.. وتلك هي الاخرى غرضا من اغراض العولمة الايجابية وحريات الفنون والثقافات مع الاعتراف بقصور فاضح في وجود للقطاع الخاص في عالم الاعلام والصحافة ! ولنتعلم من اوربا حيث تشيع فيها مدارسنا ومؤسساتنا وجامعاتنا الدينية والتبشيرية بالاسلام وما من حظر او منع بينما لو انتشرت مثل هذه المؤسسات والمراكز في بلداننا لاتهمنا الغرب بانه يريد التبشير بالدين المسيحي او حتى اليهودي! وحينما يحظر النقاب ويمنع الحجاب (المستحب اسلاميا حين الضرورة والرغبة.. فحسب! وليس اكثر) في بعض البلدان الاوربية نتيجة شيوع انواع هجينة ومخيفة منه تقوم الدنيا الاسلامية ولا تقعد بينما حين نحظر انفسنا السفور على المراة ونمنعها من ارتداء ما تشاء وان تحيا كما تشاء نكون اصحاب حق ابدا وليس لاحد ان يشكل علينا مثل هذه التحفة الفتوائية لنكون بعدها قد ارضينا الخالق الذي نعرفه نحن فقط ولا يعرفه احد غيرنا ! بل نكون قد احببنا الاخرة حبا جما وما علم الناس اننا نحب المال حبا جما ! ولو تسرب منه الى جيوبنا المدد الكافي منه لاغرقنا الصحف بفتاوى تقلل من غلواء الشارع الديني المستمكن والمستضعف فقهيا تجاه مثل هذه الظاهرة ولكن لمّا لم يحصل نظير هذا الامر وكانت جيوبنا هي نفسها ملأى باموال اكبر مما يمكن ان تحسب على استثمارات وفوائد او مصالح واخماس وعبادات وغيرها فما كان للوضع ان يتقولب بشكل اخر او يتغير ... ولكن لنتعلم من امريكا ايضا ما ارادت ان تعكسه لنا وللعالم من حيث تدري او لا تدري فتلك المظاهرات والاستنكارات لنجدها تتسور اسوار البيت الابيض وتقرع اصواتها كل غرفه لترجع بصداها الى داخل اروقته وردهاته كافة فتندد بجورج بوش وتصنع له دمى مشوهة ! وتسجل انتقادها اللاذع ! وما من سلاح يتوجه الى افواهها ليكمها او عصا غليظة تحاول سلب هذه الصدور حريتها في المقال المباح وغير المتاح ايضا! وما من قبضات حديدية تحاول ان تصم اسماع الجمهور فلا تصل اليهم ما تردده حناجر المحتجين واين ؟! اكرر امام القصر الابيض الذي يحكم اكبر دولة عظمى في العالم ، ولا احد يقول لا تدعوهم يكملوا جملة مفيدة خوفا على امننا القومي من الانسحاق ولا من هذا ولا من ذاك ولا هم يحزنون !
بينما نحن ما زلنا نتخبط ونحاول ان نستثير الطرف السياسي الاخر (مثلما نستثير الشارع ونحرك فيه وفي دوائر الاعلام والصحافة) والذي ينافسنا على كرسي الحكم او كراسي الوزارات ومقاعد البرلمان (فنحن اذ نتصدى له ونحرمه حقه فما بالك بما نفعل مع المواطن العادي ونحن نفعل اشد منه مع قاداته وكوادره واخصائييه الذي له حق مساندته والتي تكفلها له كل قوانين الديمقراطية ومبادئ الانسانية النبيلة) بل لا نجده كذلك ايضا ولكن نجده ونجد كل من ينافسنا على الحكم معارضا محاربا (كما الخليفة المأمون العباسي حينما ينظر الى اخر ينافسه الحكم وليس اخيه الامين وحسب والا فان الملك عقيم ولو نازعنا الذي في ايدينا لاخذنا الذي فيه عينيه) يحاول استباحة دمنا (وما كان حاله بأكثر من حالنا في حياله لاننا نحن ايضا منافسين له ولكنه ربما نظر الى تلك المنافسة بالشريفة والنزيهة طالما بقيت في اطار المعادلات المنطقية والعقلية والاخلاقية) اجل فنحاول ان نستثيره من جديد ونظل نفعل ونهدد ان نجتثه بتهمة انه كان في يوم من الايام يقرأ كتاب كفاحي لادولف هتلر ونتهمه بالنازية او بالاحرى لاننا وجدنا في بيته كتاب الثقافة القومية او التراث والدين او انه كان يتحدث عن تاريخ حزب ما نحن واياه على خلاف ما كبيرا كان او صغيرا ، فنطارده ونلاحق كل من يؤيده! فما الذي صنعناه غير احتذاء حذو النظام السابق في طريقة تعامله مع الناس والجمهور والاخرين من حوله سيما حين تجد عصاباته او يعثر ازلامه على نص او صورة او فتوى وليس كتاب او رسالة عملية لفقيه وما الى ذلك فكيف كانوا سيتصرفون معه واليوم نعيد ثعبان سحرة آل فرعون سيرتها الاولى ولا نحاول ان نعيد ثعبان موسى واخيه هارون سيرتها الاولى ! بل نحاول ان نعلّم الشعب كيف يصنع احدهم بجاره الذي يكرهه فيتهمه بانه بعثي صدامي كي يحيق به المكر السيء ويقع في شباك التكفير رغم انفه لانه وقتها سيفكر في الانتقام وابسط طريقة لمثله ان ينخرط في سلك اي عدو لنا كي يكيل لنا الصاع صاعين وما اشبه اليوم بالبارحة حيث كان النظام السابق يفعلها مع مواطنيه حينما يغرر الاخر باخيه والجار بجاره فيدعوه الى كتابة التقارير وما اجملها ان نسجل ما نجده من سلبيات لكن حينما نعظم منها ونجرؤ على الفرية والتهمة والافتراء بحق من نحب ونكره من اجل ايقاعه في غم وهم ما كان قصده وعندها ستكون خزيا مخزيا ..
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك اذا فعلت عظيم !
ولنتعلم تبادل السلطة ومواقع الرئاسات ومقاعد القيادات وادارات الدولة وغيرها ولنتعلم ان مشاكلنا لا يحلها احد سوانا ولو تنوعت مواهب الغرباء وضاقت علينا الارض ! ولنكن اهلا لتصدر سدة الحكم في مجتمع مدني متصالح كما يحصل في اوربا وغيرها ونرى ان المقعد يتغير صاحبه كل 3 سنوات او 4 سنين وهكذا والمجتمع والناس لا تؤرقهم رؤية شخص بعينه يطالعهم بسيمائه يعالج لهم مواقفهم لكنهم دوما يبحثون عن وجوه جديدة وكم هي رائعة السياسة لو احتذت حذو الفن في ان تبعث بموهوبين الى امام الكاميرات كما تبعث السينما بوجوه جديدة صاعدة سرعان ما يتأقلم المجتمع معها والا فما فرق اروقة السياسة عن اروقة الفن او الادب او غيرهما ان لم تكن ساحة للكشف عن المواهب وذريعة لتنشيط العملية السياسية في البلاد وتقديم الخدمات والا فمغرور من احتج على خسارة فريقه امام مواطنه من الاندية حينما وجد انه اكتشف فيه هدافين لم يكن قد تنبه لهم وفي ذلك كشف عن معادن اكثر نقاء وصلبة وقوة ومتانة وفي ذلك تحصين للمنتخب الوطني بل انه اكتشف هدفا لم يسجل مثله في العالمين وفي ذلك مربح وانتصار للفن الرياضي والموهبة الكروية وان كنا سنحصر الثقافة في التشجيع والتعصب لفريقي حتى لو كان ضعيفا فما أءيسنا في وقتها من رحمة الله وما فائدة العيش ان لم نكتشف فينا كل جديد لانه مغبون من تساوى يوماه .. كل هذا اقوله في حال اختلف معيار القبان واشار الى الناحية الاخرى وليكن والا فان كانت قيادات حكمت وتثبت مثل ذلك بنفسها ان يكون لها الحكم ثانية وتتقلد مقاليده من جديد فما الضير في ذلك ونحن نرى ان الرئيس كلينتون انتخب لمرة ثانية وبوش ايضا وقع عليه الرهان ثانية والرئيس الفرنسي السابق كذلك ! ولكن لو كان لجماعاتنا ان تستعيد لحن اغنية للمطربة الراحلة كوكب الشرق السيدة أم كلثوم وهي تقول :
انا وانت ظلمنا الحب ... بايدينا
محدش منا كان عاوز ... يكون ارحم من التاني ولا يضحي عن التاني
وضاع الحب ضاع ....
ويا ليت قنوات الاذاعة والتلفزة العراقية تضع صور مرشحينا لرئاسة الوزراء امام الانظار ومن ثم تصنع لها توليفات غنائية تمزج ما بين صحافهم وتقارب بين صحفهم وتصالح بين خواطرهم وتؤالف بين قلوبهم فتزيد من التآلف بينها وتصنع الذكرى والحب وتعيد القلب العراقي الى بيته الكبير الذي يحتضن الجميع ولا يستثني منهم احدا ! نعم تعود به الى سيرته الاولى المليئة بالمودة والحنان والعطف والوئام والتعاون والسلام لتعكسه جماهيريا كما يعكس مدربو لعبة الكرة ولاعبيها في الملعب كل الحب والطاعة والاحترام ليعكسونه على الجمهور المتفرج الجالس فوق المدرجات والمشجع لكلا الفريقين ! بدل ان يعكسوا صورا مشوهة من التباغض والتشاحن والتنافر والعداء المتنوع الصلات والالوان ! لان كل كلمة يقولها القادة وكل خطوة يخطونها لها ان تعكس اثرها السيء والايجابي معا على القاعدة الشعبية من المؤيدين والموالين او من المناوئين والمناصبين !
والا فستكون حربا عاتية لا تبقي ولا تذر ولا تنتهي ابدا الا بتقسيمه وتجزئته ! كحرب البسوس التي لم تنته مطاحناتها الا بعد ان انتهى الشعراء عن حشد القصائد الحماسية والبطولية لها كما كان يجمع الناس الحطب للنيران في خيامهم انذاك! اجل مثل حرب البسوس والتي كان لها ان تنتهي ولكن بعد زمن طويل من الاقتتال وسقوط الضحايا وبعد ان لحق الدمار في كل شيء بل اعظم فلو انتهت هذه الحرب فحربنا الداخلية التي يدق لها الاهل والاصدقاء والغرباء معا اسفين العداء والبغضاء والشحناء ان هي حدثت ! فاننا ما نتوقع لها ان تنتهي ابدا الا بعد ان تأتي على كل الاخضر واليابس في ارض السواد !!!
والا فاين قراءاتنا عن العمل في سبيل الله وخدمة الانسان في كل مكان لان الشاهد هو الحاكم لانه يرانا في الخلوات والعلن ! وانه لا يعرف جاها ولا قدرة ولا جبلا ولا واديا بل ولا سلطة ولا منصب ولا مكانة فاينما كنتم يدرككم الموت كما تدرككم رحمة الله فلا من مقعد له ان يحرمنا رحمة الله إن احسنّا لاحد لاننا عندها سنحسن لأنفسنا ولا من منصب يمكنه ان يمنعنا من تلبية نداء ملك الموت او الفرار منه لانه حتما ملاقينا شئنا ام أبينا فَلِيعلم كلٌّ منا ما هو مقدم عليه وان لا ناصر الا الله .. ولينصف الاخر من نفسه كما لو كان هذا هو الحاكم فما كان سيتوقعه منه غير ان يمنحه مطلق الحرية للتعبير عن الرأي بكافة صورها واشكالها ومكنوناتها وليقف عندها حتى ضد نواب البرلمان في حال وقفوا ضد اطلاقه لتلك الحريات لانهم حينها سيشكك الشعب في نزاهتهم ويتراجع عما كان عهده فيهم ساعة رشحهم والا فالبرلمان لا يتمتع قوله ببراءة الهية ولا حكمه ولا مقالته تعبر عن حكم ومقالة الشعب مائة بالمائة لانهما ليسا اية قرانية وحتى هذه تتعرض الى النسخ كما هو شأن اخواتها من الروايات والاحاديث والاخبار وانه ما ينسخ الله من اية الا وياتي باخرى احسن منها ! والا فلنا ان نستذكر انه حتى قائد الثورة في ايران السيد الامام الخميني كان قد صرح واعلن في وصيته انه ان دعم في حياته شخصيات او اكد على قيادات وانتصر لها في كلامه فلأنه ما راى منها الا جميلا والا فان غيرت فان لرأيه وموقفه سيتغيران سيما بعد مماته ولا تعتبر اشادته باحدهم يوما ما حصانة دائمية وابدية للشخص الا اذا لم تتغير مناقبه التي من اجلها سجل حياله تلك الاشادة او الاستحسان بل لو تغيرت ونحو الاحسن فما كان سيكون منزلة تلك الاشادات الا اكثر وقعا وتوكيدا على العكس من تغيره سلبا فانها ما كانت ستاخذ مجراها لانه في وقتها ستكون قد انقضى وقت صلاحية استعمالها والاستفادة منها ! كما استحضر لسيادته ايضا كلام حول تدخل رجال الدين من طلبة الحوزات العلمية سيما من كان منهم ممن تلبس بالعمة والعمامة المقدسة فيوصيهم بما معناه خاصة بعد ان تعالت الاستغاثات والنداءات بتدخلهم الصارخ ـــ في وقتها في اوائل بناء الثورة الاسلامية في ايران ـــ في كل مفاصل ومجالات الدولة سيما تلك المعادلات الحساسة في سلوكيات ومهمات الجيش وقوى الامن الداخلي الجديدين لما كان يصنعه البعض منهم او يوحيه الاخرون منهم او لما كان يدور في الاجواء ويتردد في الافاق من انفاس تشي بروحية الاستبداد ولكن من نوع اخر او بوجود حكومة للظل تتنفس كخلايا نائمة في مقابل حكومة الدولة المركزية فوجه اليهم السيد الامام خطابا في وقتها كان يمثل منه تحديا لكل قوى الاستبداد وبكل اشكالها وانه لا يسمح بتدخل احد بعمل قوى الدفاع الداخلي والخارجي مهما كان المتحدث لان في ذلك زعزعة للسلطة الوطنية والامن القومي كليهما معا ! كذلك نحن اليوم نوجه كلامنا الى ان يقوم رجال الدين بمهامهم الموكلة اليهم في توعية الجماهير خلقيا ودينيا كل منهم وفق خطابه الديني وليترك نوعية الخطابات الاخرى لاصحابها ولا يتصدى لها لان رجل الدين ليس فقط ذلك الرجل المعمم او غير المعمم المتخرج من حوزات العلوم الدينية انما هو ايضا ويضاف اليه ذلك الرجل او المراة المثقفة من خريجي المدارس والمعاهد والكليات واساتذة الجامعات والدكاترة من اصحاب الشهادات العليا الصغرى (الماجستير) او الكبرى (الدكتوراه وما يليها) وان يقول الكل كلمته ولا يحملها على الناس ان ياخذوا بها لان الانسان على نفسه لبصيرة وانه لكم دينكم ولهم دينهم والكل يعمل حسبما يرى وللزمن ان يصنع صنعه في افكار الناس فيغير وينسخ ويؤقلم ويسطر ويسوى ويعدل ويصلح ويفسد وما الى ذلك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وليس لدينا من فتاوى تكفيرية وفتاوى تدعو الى الرفض الجماهيري كي تصبح هذه لعبة بيد كل من يشاء ان يحرك بها في الشارع لتصبح كذلك وبعدئذ قوة محركة وضاغطة اشبه بميليشيا غير منظمة تعد الجناح المسلح لحوزة علمية دينية او حوزة علمية علمانية وفي ذلك بلاء للامة سيما لو كان الامر يتعدى حكومة ظل دينية او علمانية لان المبادئ الانسانية ودولة المنظمات المدنية ودولة القانون واطلاق الحريات ــــ التي لا تعرف لها حدودا ابدا الا نفس الجمهور ولما كان الاخير يمتلك وعيا مختلفا فانه ما كان لها اي حد يمكن ان تنحد به ابدا ــــ هي ستكون في المرصاد لمثل هذه التطاولات والتلويحات النظرية والعملية لانه ان لم نتصد لها ولمثلها فسيكون ثمة فساد في الارض ما بعده من فساد وسيحكمنا وقتها نفس الشارع بل كل شارع وحي سنجد فيه حكومة فيدرالية خاصة به تنزع خلاف ما ينزعه الحي والشارع الاخر .. وما بالك من ثم لو اصبح الامر على غرار المثل السوري : حارة كل من ايدو الو !! وعندها حدث ولا حرج ... وهكذا دواليك ....
ومن ثم ليتذكر المرء ان الله ليداول تلك الايام بين الناس ولو دام الكرسي لاحد ما كان له ان يصل الى اي احد اخر منا! وانه ان تصنع في اليوم حكومة ظل لصاحبك فان الله سيصنع لك في الغد حينما تكون السلطة بيدك العشرات وليست الواحدة من حكومات الظل التي لها ان تقض مضجعك وتؤرق اجفان سواعد تدافع عنك في الشوارع او في الربايا والمعسكرات ! اذ اننا لسنا ممن يقيم للحريات نصب وحسب بل لسنا ممن يقتل الانسان في سبيل ان تظل الشعارات حية انما نحن من يصنع الحريات ويؤدلج لها نظريا وعمليا ! وما كانت هي في الاساس الا نعم الله الخالدات موجودة بين ايدينا متوفرة في سمائه وارضه طليقة كالطير المحلقة في الاجواء لكن سقط في الفراغ من ظن ان بوسعه ان يقنصها بيده او ان يحبسها في اقفاص تشكل زينة لديكوره في بيته او قصره !
وكما لا ترضى نفس القوى العلمانية وقوى الحوزات الدينية (ولا افصل بينهما في الكلام الا لايضاح المطلب ليس الا لان الحياة تتالف من كليهما وان السياسة تجمع بينهما وبلا ضرر ولا ضرار يعني شريطة ان يعرف كل منهما حده وحدوده ولا يتدخل في شؤون الاخر الا في المقال الموزون والنقد البناء والمراقبة المنطقية والمتابعة الستراتيجية) نعم فكما لا يرضى هاذين الاتجاهين ان تكون هناك حكومات ظل تزاحمها في بيتها كذلك ليس عليهم ان يخلقوا حكومات ظل تمنع الدولة من اتخاذ قراراتها الوطنية وبحرية تامة ! وحتى سياسات الحكم تحت نظرية الولي الفقيه التي تتخذ اطرها مرجعية رشيدة هي نفسها تخضع الى قيادة مجلس يتألف من سبعة مجتهدين كبار يرأسهم قائد يسمى مرشد الدولة وهو المرجع الذي تكون بعد مراجعة المجلس للقرارات ومداولاتها فيما بينهم سارية المفعول ليعتبر بعدها اعلى سلطة في الدولة فهو الاخر لا يرضى بل لا يقبل او يسمح بان تقوم حكومة ظل سواء كانت علمانية او دينية في البلاد تقف الى جانبه نفس الموقف وتسند لاصحابها مختلف المناصب التي تكون لها صدى وصورة حية طبق الاصل في الدولة فيجعلون رئيسا لحكومة ظل او مرجعا قائدا لحكومة ظل فهو مرفوض حتى من قبل هؤلاء ايضا فكيف بنا !
واخيرا احب ان اسرد فكرة كانت لا تزال في طورها الخام .. الحت علي في تسجيلها في ضمن افكاري التي اعد ومن خلالها نصوصا لروايات قصيرة اعود اليها لاطور منها واوسع فيها لاعدها في سرديات فيما بعد ولكني شعرت بانها تتضمن حكمة واحببت ان اضمنها كلامي هنا ، وها هي موادها الخام :
زيتون الفقراء !
جلبت ذات يوم زيتون صغير الحبات من الدرجة الثالثة
قالوا لي في البيت كذلك
لكني كنت متاكدا بانه يشتمل او يحتوي على مكونات وخصائص نفس الزيتون الممتاز
او انه يضاهيه في الخصيصة
او انه كان غنيا بمقدار اقل من الفيتامينات التي تحملها نوعيته المتقدمة !
نعم ! كان اكله يتطلب شيئا من الصعوبة لصغر حباته
وضعف قوة مذاقه ، فما كان بنفس كلية مذاق تلك النوعية الممتازة
لكنه ولحسن الحظ ، ظل يحمل نكهة ومذاق ولذة تناول زيتون هو في طور التحسن ليس الا
كما الدول النامية التي تسعى للخروج من انفاق التخلف والاضطهاد
او الدول التي هي في طور التقدم والتنمية الحقيقية والتطور نحو الامام والاحسن !
نعم وبمرور الزمن كان لاهلي في البيت ان ياكلوه ويستلذوا به رغم مشكلاته
لانهم ولفترة طويلة لم يتناولوا زيتونا لغلاء النوع الممتاز منه فلم نكن نبتاعه
كما لو كنا لا ناكل الا الممتاز من الانواع
فان لم نكن نمتلك قوة شرائية كنا ننصرف عن شرائه !
وما كنا بعدها نفكر في شراء او ابتياع الارخص منه ولو كان متدنيا في النوعية !
وبمرور الوقت زرعت فيهم الادمان على تناوله واكله
واحييت فيهم هذه السُنّة الجميلة
فشعرت بسعادة غامرة لاني كنت السبب في تذكيرهم بالزيتون
ولاني اعدت اليهم فكرة عدم الاستغناء عن الشيء لا لسبب الا لعدم تمكننا من الحصول على احسنه !
فعاد الزيتون الى سفرتنا وبمذاقه الطيب وذلك بعد فراق عجيب
وهو الذي ما كان الا مفردة غنية بمختلف انواع الفيتامينات والمعادن والاملاح المفيدة
استمتعنا بلذة الحوار على مائدة كان يعمرها زيتون سلام !
اجل كانت تعمر بزيتون بسيط اسميناه زيتون البسطاء والفقراء
عندها تذكرت وباستمرار ظلت تراودني انعطافات تلك الفلتة الذهنية
وذلك انه يمكن ايجاد الحلول لمشاكل مستعصية سياسية واجتماعية
وذلك عبر الوان بسيطة من انواع الزيتون
عفوا ! اقصد من الانواع والافكار التي ربما رايناها في اول وهلة لا تجدي نفعا
وما لا يدرك كله لا يترك كله
وحينما لا نستطيع شراء الغالي من الزيتون
ليس لنا ان نتخلى عن تناوله وجعله عضوا دائما في مائدتنا ...
حتى لو كان زيتونا من الدرجة الثانية او الثالثة
لانه واكرر ما لا يدرك كله لا يترك كله
وان نشترك في صلح ومعاهدات ونحتل مساحات محددة في الدولة
افضل واحسن من ان نخسر الفوز باحدى الوزارات السيادية او بعض الوزارات الخدمية
فالفوز بشيء من الرهان الشرعي والحقيقي افضل واحسن بكثير من ان نخسر الرهان كله
ورب قائل يقول ان لا اشترك في رهان خاسر افضل من ان ادخل فيه واحتمل خسارته
كما الاسئلة في امتحانات البكالوريا ان لم تجب عنها لا يقل من درجتك شيء
وان اجبت واخطأت تخضع لانتقاص في الدرجات !
عندها اقول ان الوضع لم يصل الى مثل هذا الحد
كما ان الشاعر الشابي يقول
ومن يتهيّب صعود الجبال يعش ابد الدهر بين الحفر
ولكن هل سيحدث مع الاعضاء السبعة من لجنة الحكماء من كل طرف في الائتلافين ما كان قد حدث له في الصلح الذي اعقب حرب او معركة صفين بين مندوبي الجانبين مندوب كان من جانب جيش علي بن ابي طالب امير المؤمنين وخليفة المسلمين ومندوب من جانب جيش معاوية بن ابي سفيان امير الشام وواليها وكان المندوب عن علي قسريا هو ابو موسى الاشعري والمندوب عن معاوية هو عمرو بن العاص !
فهل يكرر التاريخ نفسه عبر مغالبة استباقية او محاصصة متفردة او ان يحقق ما لم يستطع تحقيقه عمرو بن العاص لخوفه من جند الشام وعيونه الذين كان زرعهم معاوية في مكان الاعلان عن وثيقة المعاهدة بينه وبين ابو موسى الاشعري الذي كانت قد انطلت عليه حيلة عمرو بن العاص لاختيار مرشح لرئاسة الدولة الاسلامية عبر الاحتكام اليهما بعد التفاوض بينهما خلف ابواب مغلقة !
وهل يتمكن البعض من تجاوز الاختلالات التي كانت قد عصفت بمثل هذه الورقة عبر التاريخ ليصنعها من جديد ولكن بثوب اخر وبحلة جديدة ولكن ليتبصر الرائي وليعيد رزم الاوراق قبل خلطها فلعل الدهر مسارع الى ضره ان طلب الخيانة وابتغى ابتزاز المشاعر والذمم ليعتبر نفسه كاملا متكاملا سيما حين يسارع في الخيرات التي لا تتأتى الا من خلال النصب والاحتيال والمكر والخديعة ... وقد مكر الذين من قبلهم فحاق بهم ما كانوا يعملون مثلما حصل مع كل من دول المحور والحلفاء في الحرب العالمية لئلا يفكر احد بصنع محاور وحلفاء فوق ارض العراق من مثل تلك التي صنعت ابان تلك الحرب المدمرة كي لا تشتعل نواة حرب عالمية جديدة يكون العراق هو المؤسس لفتيل شعلتها فيما بعد !
مع تحيات جمال السائح
ناقد وروائي عراقي
Almawed2003@yahoo.com
التعليقات (0)