كما هو متوقع فإن زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما لكل من اسرائيل والاردن ومناطق السلطة الفلسطينية ، لم تحمل في طياتها وثناياها اي اجندة سياسية جديدة او بذور لمبادرة تاريخية تدفع بإتجاه تحريك المياه الراكدة ومسار المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية وتقدم العملية السلمية المتعثرة والمتوقفة منذ فترة ليست بالقصيرة ، وذلك بسبب العقلية الفاشية والعنصرية الاسرائيلية ، والنهج السياسي لحكومة الكوارث والعدوان والاحتلال في اسرائيل ، ومواقفها المتعنتة المتصلبة ، وتكثيفها للبناء السرطاني الاستيطاني في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلة . ولم تكن سوى زيارة استعراضية واستكشافية دبلوماسية لتبادل الاراء والأفكار حول الواقع والحال الشرق اوسطي دون تقديم اية مقترحات جديدة للتقدم في عملية استئناف التفاوض السياسي السلمي بين الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني ، وكذلك للتأكيد والتشديد على التزام امريكا بضمان الامن الاسرائيلي ، وهو التزام راسخ في الاستراتيجية الامريكية منذ عقود خلت . ان هذه الزيارة والجولة الاوبامية جاءت بدافع وغرض خدمة الاستراتيجية الامريكية ليس إلا ، وتحت ضغوط السياسة الداخلية الامريكية ، وهي تخدم اولاً وأخيراً اسرائيل، حليفتها الاستراتيجية في المنطقة، ومصالحها وأجندتها ونهجها العدواني التوسعي وسياستها الرامية والهادفة الى اسقاط المشروع الوطني التحرري الفلسطيني وتدميره بمختلف الوسائل والاساليب، وذلك بفرض الوقائع على الأرض بقوة السلاح وتوسيع الاستيطان واقامة جدران الفصل العنصرية . ولعل الشيء الوحيد الذي حققته هذه الزيارة هو ترميم العلاقة بين شريكي الامريكان تل- ابيب واسطنبول ، بما يحلم به العقل الامريكي الاستعماري من اقتسام الوطن العربي مع الحليف العثماني الجديد. ان رفض اوباما زيارة ضريح الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في رام الـلـه ، وفي المقابل تصميمه على زيارة قبر رابين ، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك انه كسابقيه من رؤساء الولايات المتحدة منحاز بشكل كامل ومطلق، وعلى طول الخط، للكيان الاسرائيلي وسياسته الصهيونية العنصرية الشوفينية ، التي تستهدف مصادرة الحقوق الفلسطينية ، وأن القضية الفلسطينية ومسألة التسوية لم تعد تحتل اي اسبقية تذكر على اجندة اهتماماته في ولايته الثانية .
وفي الحقيقة ان زيارة اوباما للمنطقة جاءت لتغذي نهج الفوضى الخلاقة في تكريس التحريض الطائفي وتأجيج الصراعات والنزاعات الطائفية والعرقية والمذهبية لانهاك الواقع العربي من محيطه وحتى خليجه، تمهيداً لتشظيته وتفكيكه وتجزئته وفقاً لاستراتيجية الشرق الاوسط الجديد في اطار سايكس بيكو اخرى ، ابشع وأخطر من سابقتها .
المطلوب فلسطينياً بعد جولة اوباما الأخيرة في المنطقة ، التي لم تحمل جديداً للفلسطينيين ولقضيتهم الوطنية العادلة، وعلى ضوء التشكيلة الجديدة للحكومة الاسرائيلية الحالية ، حكومة نتنياهو- لبيد - بينيت ،وانسداد الأفق امام أي تسوية تحمي الحقوق الاساسية للشعب العربي الفلسطيني ،وفي ظل الوضع العربي القائم والمأزوم ، هو تحقيق المصالحة الوطنية واستعادة وحدة الحركة الوطنية الفلسطينية حول برنامجها النضالي والسياسي الواحد والقيادة الموحدة ، وانهاء حالة الانقسام ، واحياء منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها التحرري الوطني الجمعي في ارض الداخل ومناطق الشتات واللجوء والتشرد الفلسطيني ، ومواصلة المقاومة الشعبية والنضال السياسي استناداً للمشروع الوطني الفلسطيني، الذي بدون تحقيقه وانجازه لن يكون هنالك اي شكل من أشكال التسوية السياسية لهذا الصراع المتنامي والمتواصل نتيجة استمرار الاحتلال والاستيطان الكوليونالي الصهيوني في المناطق الفلسطينية المحتلة .
مقالات للكاتب شاكر فريد حسن
التعليقات (0)