حين أُذّن في الناس فأصبحوا يأتون من كل فج ، جماعات وأفرادا ، كل يحمل "معروضا" .
لا يشهدون منافع لهم بل يشكون آلاما وآثاما . فمنهم من تُقضى حاجته ومنهم من ينتظر ، ومنهم من يعود "بخفي حنين" ولكن كل ما يأتي به المعروض أو يذهب يتم في ستر مصون !!
الآن ، وفي الوقت الذي يفترض أن تُحدث فيه الصحافة انقلابا نوعيا في ثقافة "المعروض" إلا أن من الواضح أن هناك من يسعى جاهدا للإبقاء على "فردنة" و"شخصنة" العلاقة بين المواطن الفرد والمسؤل الفرد ، وأن يظل السيد "المعروض" همزة للوصل "المكسورة" وعنوانا للحاجة "المستورة" لما تتميز به هذه "الهمزة" من معنى محفور في الوجدان الجمعي يفرق بين المعطي وصاحب الحاجة في ثقافة اللا حقوق ..
الصحف "الورقترونية" تكتب يوميا ، وتنشر الصور "بالألوان" عن مختلف القضايا الاجتماعية .. وتحديدا : الفقر ، البطالة ، الفساد ، والخدمات الأساسية كالصحة والإسكان والكهرباء والنقل .
و"الفضائيات" الجادة و"النصف جادة" تبث تقاريرها وحواراتها ولقاءاتها بشكل يومي .
وكل ذلك لم يستطع إحداث ثقبا صغيرا في طبقة "الطين" وطبقة "العجين"
إذن ، الإشكال ليس في "ستر المعروض" ولا في كشف الصحافة لما في طياته . بل الإشكال في عدم وجود مؤسسات التأثير . وكما هو معروف ، فأن من المفترض أن يكون مجلس الشورى واحدا من أهم هذه المؤسسات !
ولكن ، وطالما كان مجلس الشورى حلقة في منظومة البيروقراطية .
وطالما هو جهاز رسمي يعمل به موظفون أوتوقراطيون .
وما لم يمثل كل عضو في مجلس الشورى الصوت الذي أوصله إلى قبة مجلسه فلن يتغيّر شيئا على الإطلاق .
إذا ، مجلس الشورى حلقة في منظومة البيروقراطية ولكن بلا ( معاريض) لذلك ليس غريبا أن يكون كمن يفتقد شيئا مهما !
ولن يكون مستغربا ما فعله أحد أعضاءة .. " د . المرزوقي " حين كان ضيفا على قناة mbc الفضائية ، وعندما عُرض عليه تقريرا مصورا عن وضع أحد أحياء جدة لا يعرف سكانه الكهرباء منذ أكثر من عشر سنوات وسأله مقدم البرنامج قائلا : ماذا تقول في هذا ؟ وماذا تقول وهو مثال لأوضاع مشابهة في مواقع أخرى ..؟
فيرد : هذه مسؤولية أمانة جدة وشركة الكهرباء !!!
وليس هذا مثالا يتيما ، ولكن ربما يكون ذلك لأن مجلس الشورى لم يرى نفسه بعد خارج تلك المنظومة التي تهوي إليها أفئدة "المعاريض" ، وللحق .. فهو محق في ذلك !!!
تركي سليم الأكلبي
Turki2a@yahoo.com
التعليقات (0)