إن جذور المشكلة المالية التي أدت إلى أزمة الإثنين الأسود وإنهيار أسواق السندات والأسهم في وول ستريت نيويورك سنة 1929 والكساد العظيم الذي بدأ يضرب بأطنابه الولايات المتحدة وأوروبا سنة 1931 مما هدد الإقتصاد العالمي وحركة التجارة الدولية أعمق مما يتصور الكثيرون ولن يكفي موضوع قصير لبحثها وتفصيل أسبابها وأظن أن الكثيرين يجهلون الأحداث الذي أدت إلى ذالك الإنهيار وأجد نفسي ملزما بتقديم شرح مبسط عن أسباب ذالك الإنهيار ونتائجه. المرحلة الأولى بدأت بين سنتي 1922-1925 حيث قام المؤسسات المالية العالمية بضخ كميات كبيرة من الأموال في أسواق الدول المنتصرة والمحايدة فأدى ذالك إلى إرتفاع الأسعار وزيادة الإنتاج وإنتعاش الأعمال من صناعة وتجارة وظهور فقاعات أسهم وسندات بسبب سهولة التمويل وتراخي شروطه. وعندما إكتملت الظروف المناسبة لبداية أزمة مالية فقد تم سحب تلك الأموال فجأة, ورفع نسبة الفائدة كان إحدى تلك الطرق لتقليص الكتالة المالية, فكانت النتيجة أزمة 1925 وإنهيار القيم المالية وأصول الشركات والمؤسسات. عندها تدخلت تلك المؤسسات مرة أخرى وقامت بشراء تلك القيم المالية والأصول بأبخس الأسعار وضخت فيها الأموال فإنتعش الإقتصاد مرة أخرى. المرحلة الثانية الإمتناع عن تمويل شركات النقل البري والبحري في أمريكا وأوروبا بينما تم تقديم القروض بسخاء لنظيرتها الألمانية واليابانية والإيطالية. وعندما تم التأكد من نجاح تلك الخطوة تم الإمتناع عن تقديم القروض اللازمة لمراحل إنتاج وتسويق الحبوب واللحوم في الولايات المتحدة وأوروبا مما أدى إلى تكدسها في الصوامع والمخازن وإنهيار أسعارها لعدم كفائة أساطيل النقل الأمريكية من سفن وشاحنات بسبب نقص التمويل, بينما في الوقت نفسه تم طرح كميات كبيرة من الحبوب مصدرها الإتحاد السوفياتي واللحوم والتي كان مصدرها الأرجنتين وأستراليا بأسعار متهاودة بصورة مثيرة للشك والريبة. ستالين على وجه الخصوص لعب دورا محوريا حيث باع كميات ضخمة من الحبوب لبيوتات المال العالمية أملا في أن يؤدي ذالك بحسب وجهة نظره إلى إنهيار القطاع الزراعي في الغرب وأن يؤدي ذالك إلى إنهيار إقتصادي شامل وثورة شيوعية في الغرب. إنهار القطاع الزراعي في الولايات المتحدة وأوروبا خصوصا في المناطق الريفية وتبع ذالك عجز المزارعين عن سداد قروضهم للبنوك فإنهار الكثير منها وأعلن إفلاسه أو تم إبتلاعه من قبل بنوك أخرى كما تم شراء مساحات هائلة من الأراضي والبيوت والأصول المالية بأبخس الأسعار أو تم الإستيلاء عليها كونها كانت ضمانات للقروض الممنوحة للمزارعين الذين عجزوا عن السداد. وبسبب تداخل الإقتصاد العالمي بطريقة يصعب فيها من حصول أزمة إقتصادية كبرى كأزمة 1929 في الولايات المتحدة بدون أن تتأثر بها الكثير من البلدان فقد عم الإنهيار الإقتصادي والكساد وزيادة نسبة البطالة في الكثير من الدول الأوروبية وكانت الأكثر تأثرا بريطانيا حيث كانت هناك محاولات من قبل كبرى بيوتات المال العالمية في الولايات المتحدة وعلى رأسها أسرة مورغان لإحلال نيويورك بدلا من لندن كمركز مالي وإقتصادي عالمي. الأزمة بدأت بإنهيار سوق الأسهم والسندات في وول ستريت سنة 1929 ثم إنهيار شامل في القطاع الزراعي سنة 1930 حيث أغلق 1300 بنك تقريبا أبوابهم وبحلول سنة 1931 تم إعلان إفلاس 2300 بنك أغلبها بنوك زراعية صغيرة ولكن بسبب تداخل الإقتصاد وتعقيداته فلم يتوقف الموضوع عند ذالك الحد بل مثلت مشكلة الديون الأوروبية لكبرى بيوتات المال الأمريكي مشكلة مستعصية على الحل حيث عم الكساد الإقتصادي أوروبا والولايات المتحدة وتوقف دول أوروبية عن دفع ديونها وإنهارت قيمة العملات وبدأت الدول الأوروبية تتخلى عن ربط قيمة عملاتها بسعر الذهب وتعويم العملات في محاولة إنقاذ مايمكن إنقاذه. الحل كان بالتحول للصناعات الحربية بتسهيلات مالية من كبريات بيوت المال الأمريكية وبدأت الدول الأوروبية بالتحضير للحرب العالمية الثانية والتفاهم على ترتيبات نظام مالي وإقتصادي جديد في الفترة التي تلت الحرب وهو ما أفرز إتفاقية بريتون - وودز وهيمنة الدولار كعملة إحتياطية عالمية وهو ماقد يكون محورا لأحد مواضيعي المقبلة. رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة http://science-culture-knowledge.blogspot.ca/2015/01/blog-post_15.html الرجاء التكرم بالضغط على الرابط لتسجيل زيارة للمدونة بعد الإنتهاء من قرائة الموضوع مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية النهاية
التعليقات (0)