ماهية المسجد الاقصى واحقية اليهود
ردا على مقالة تعددت عناوينها على النت تتسائل ما هو المسجد الاقصى وهل لليهود حق في فلسطين :
ورد في المقالة المذكورة : المسجد الأقصى هو ثاني مسجد وضع في الأرض، بنص الحديث الشريف، والأرجح أن أول من بناه هو آدم عليه السلام، اختط حدوده بعد أربعين سنة من إرسائه قواعد البيت الحرام، بأمر من الله تعالى، دون أن يكون قبلهما كنيس ولا كنيسة ولا هيكل ولا معبد.
الأسئلة التي تطرح نفسها هنا بالحاح: هل الحديث الشريف هو مرجع تاريخي علمي وموضوعي محايد ؟؟ هل ثمة دلائل أثرية ان آدم هو الذي بنى المسجد الأقصى ؟؟ وهل يجزم علم الآثار ان المسجد الأقصى قام في بقعة خالية من اي آثار سابقة ؟؟ وهل وحدهم اليهود مطالبون بتأييد ادعاءاتهم بالأدلة التاريخية والأثرية الدامغة فيما يعفى المسلمون من ذلك ؟؟ وهل ثمة مراجع تاريخية محايدة تدعم وتؤيد الأقوال المذكورة اعلاه ؟؟ ولماذا يعتبر الكم الهائل من أحاديث الأنبياء اليهود حول بيت المقدس أباطيل وأراجيف وتحريف وتزييف فيما تعتبر أحاديث النبي محمد نزيهه وتاريخية ؟؟ ثم اين ورد ذكر آدم قبل نزول القرآن، اليست التوراة هي المصدر الوحيد الذي نقل أخبار آدم ومن ثم تناقلتها الديانات السماوية عن التوراة ؟؟ فكيف يصح القول ان آدم بنى مسجدا للمسلمين، أليس آدم هو ابو البشر وفق الديانة اليهودية قبل ظهور الاسلام بقرون طويلة ؟؟
ويستطرد صاحبنا بالقول: وجاءت هجرة إبراهيم عليه السلام من العراق إلى الأراضي المباركة حوالي العام 1800 قبل الميلاد. وبعدها، قام عليه السلام برفع قواعد البيت الحرام، وعمّر هو، ومن بعده إسحاق ويعقوب عليهم الصلاة والسلام أجمعين، المسجد الأقصى. كما أعيد بناؤه على يد سليمان عليه السلام حوالي العام 1000 قبل الميلاد.
الا يعتبر هذا القول سطوا في وضح النهار على الديانة اليهودية وأنبياء اليهود، علما ان التوراة هي المصدر الوحيد الذي نقلت عنه الديانات أخبار الأنبياء ؟؟ اليس ابراهيم هو جد اليهود الأول ؟؟ الا يعتبر اسحاق ويعقوب آباء اليهود ؟؟ وهل سليمان الا ملكا من ملوك اسرائيل العظام ؟؟ الا يحاول المسلمون إضفاء الشرعية على الديانة الاسلامية بسرقة أنبياء اليهود وتحويلهم غصبا الى مسلمين ؟؟ من قال إن ابراهيم واسحاق ويعقوب وسليمان كانوا مسلمين ؟؟ هل لأنهم أسلموا وجههم لله وانقادوا له يصبغهم ذلك بالاسلام ويجعلهم حكرا على المسلمين ؟؟ وهل ثمة مراجع تاريخية محايدة تؤيد هذا القول ؟؟ اليس الاعتراف بان هؤلاء الانبياء اليهود هم الذين جددوا بناء الأقصى يحمل في طياته اعترافا ضمنيا بان الأقصى هو مسجد يهودي ؟؟
ثم يتابع الكاتب قائلا: ومع الفتح الإسلامي للقدس عام 636م (الموافق 15 هجرية)، بنى عمر بن الخطاب رضي الله عنه المصلى القبلي، كجزء من المسجد الأقصى. وفي عهد الدولة الأموية، بنيت قبة الصخرة، كما أعيد بناء المصلى القبلي، واستغرق هذا البناء قرابة 30 عاما من 66 هجرية/ 685 ميلادية - 96 هجرية/715 ميلادية، ليكتمل بعدها المسجد الأقصى بشكله الحالي.
هل ثمة مكتشفات أثرية تؤيد الادعاء بان عمر بن الخطاب بنى مسجدا في ايلياء ؟؟ واذا كان حقا بنى مسجدا فلماذا لم يذكر هذا المسجد ولو مرة واحدة في عهد الخلفاء عثمان وعلي وابن الزبير ومعاوية ويزيد، ولم يذكره اي مرجع اسلامي معتبر ؟؟ ولماذا يصر المسلمون على القول إن بني أمية بنوا مسجدا في ايلياء في عهد عبد الملك بن مروان لأسباب دينية، وقد انفضحت نواياهم السياسية الصارخة في كتاب المغازي للواقدي وفي كتابات اليعقوبي وابن الكلبي وغيرهم ؟؟ لماذا بالذات في الفترة التي كان فيها عبد الله ابن الزبير خليفة في الحجاز يشرع بنو امية في بناء مسجد في بيت المقدس ؟؟ لماذا بالذات بعد مقتل الحسين يفطن بني أمية الى تشييد مسجد في ايلياء ؟؟ لماذا بالذات بعد موقعة الحرة التي استباح فيها بنو أمية المدينة المنورة ثلاثا فتكا وقتلا وسبيا ونهبا وسلبا وهتكا للأعراض يقرر بنو أمية إقامة صرح لهم في ايلياء (بيت المقدس) ؟؟ لماذا بالذات بعد ان أصبح حُجاج الشام غير مرغوب فيهم في بلاد الحجاز يلجأ بني أمية الى البحث عن بديل لمكة في ايلياء ؟؟ لماذا بالذات بعد ان بات بنو أمية يتوجسون من تأليب ابن الزبير وأتباعه لحجاج الشام وتحريضهم على الامويين ان هم اي حجاج الشام شدوا الرحال الى مكة، يحرص بنو أمية في هذا الوقت بالذات على تحويل هؤلاء الحجيج الى ايلياء ؟؟ الا يثير هذا الشك والريبة خصوصا ان بني أمية فطنوا الى بناء مسجد ايلياء في الوقت الذي كان التنافس قد وصل ذروته بين بني أمية وعبد الله ابن الزبير ؟؟ الا يعني هذا قطعا بان نوايا بني أمية ودوافعهم كانت سياسية، وبذا فهي تدحض الادعاء بان المسجد الأقصى هم حق اسلامي خالص ؟؟ وكيف يكون هذا الحق اسلاميا خالصا اذا كانت الدوافع سياسية لا تمت بصلة الى القرآن ؟؟ ولماذا هذا التجاهل الصارخ بل الزاعق الى السماء للتناحر والتصارع الدموي بين بني هاشم وبني أمية على الرياسة ؟؟
ثم يسهب صاحبنا في تبيان فضائل المسجد الأقصى قائلا:
المسجد الأقصى هو قبلة الأنبياء قبل خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم، والقبلة الأولى للنبي الخاتم، لمدة 14 عاما تقريبا منذ بعثته وحتى الشهر السابع عشر للهجرة.
من هم هؤلاء الانبياء الذين كان الأقصى قبلتهم، أليسوا أنبياء اليهود الذين يدعي المسلمون جزافا انهم كانوا مسلمين ؟؟ واذا كان المسجد الأقصى قبلة النبي محمد كل هذه السنوات في الوقت الذي كانت فيه ايلياء (بيت المقدس) تخضع للروم ولم يكن المسجد الأقصى بصيغته الحالية قد بني بعد، فالى أي مسجد اتجه النبي محمد ومعه المسلمون في صلاتهم ؟؟ ألم يكن هذا مسجد اليهود، علما بان المسجد الأقصى الحالي بني في عصر بني أمية ؟؟ الا يمكن القول إن النبي محمد حاول تأليف قلوب اليهود باتخاذ مسجدهم في ايلياء قبلة للمسلمين ؟؟
الأقصى هو مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ورد في الآية الكريمة باسمه الصريح، "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله" (الإسراء-1). وفيه صلى جميع الأنبياء جماعة خلف إمامهم محمد صلى الله عليه وسلم خلال هذه الرحلة، لتكثر بركاته حتى إنها لتفيض حوله.
الاقصى هو مبدأ معراج محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء، فقد كان الله تعالى قادرا على أن يبدأ رحلة المعراج برسوله من المسجد الحرام بمكة، ولكنه سبحانه اختار الأقصى لذلك ليثبت مكانته في قلوب المسلمين، كبوابة الأرض إلى السماء، أرض المنشر والمحشر
هل ثمة دلائل أثرية لحادثة الاسراء والمعراج ؟؟ وكيف يعرّف المسجد الأقصى الذي ذكر في سورة الاسراء على انه المسجد الحالي رغم ان هذا الأخير لم يكم قائما عند نزول سورة الاسراء، بل بني بعد نزول الأية باكثر من 70 عاما!! كيف تتحدث الآية عن مسجد قبل بناءه ؟؟ وهل العقيدة الايمانية الغيبية تكفي وحدها لدعم الادعاء بان المسجد الذي لم يكن قائما وقت نزول الآية المذكورة هو ذاته المسجد الذي بني بعد ذلك بعقود في فترة بني أمية ؟؟ أليست عبارة مسجد في الآية اللاحقة من سورة الاسراء (وليدخلوا المسجد كما دخلود أول مرة) تتحدث صراحة عن (مسجد اليهود) ؟؟
هو ثالث المساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها، إلا أنه ليس بحرم، لأنه لا يحرم فيه الصيد، وتلتقط لقطته، بخلاف حرمي مكة والمدينة. وتسميته بالحرم الشريف ليست صحيحة، وإنما الاسم الصحيح هو "المسجد الأقصى المبارك"، وهو الاسم الذي ظل يطلق عليه طوال العهد الإسلامي حتى الفترة المملوكية، عندما بدءوا يطلقون عليه حرما، على سبيل التشريف، رغم أنها تسمية غير صحيحة، ولا جائزة.
عندما أخبر النبي محمد أصحابه بهذا الحديث لم يكن المسلمون يشدون الرحال الى المسجد الأقصى بعد لأنه كان لا يزال تحت سيطرة الروم، فمن هم المقصودون هنا بشد الرحال الى المسجد الأقصى، علما ان يهود الجزيرة العربية هم الوحيدون الذين كانوا يشدون الرحال الى بيت المقدس من بين سكان الجزيرة العربية في تلك المرحلة ؟؟ لماذا لا يعزز هذا الاعتقاد ان شد الرحال الذي ورد ذكره في الحديث يتعلق باليهود ؟؟ والا كيف يكون المسلمون هم المقصودين بهذا في الوقت الذي لم يدخل المسلمون بيت المقدس ؟؟ وهل يوضح الحديث النبوي أعلاه هوية هؤلاء الذين يشدون الرحال الى بيت المقدس ؟؟
واخيرا لماذا لم يرد اسم القدس صراحة في القرآن اذا كان هذا اسمها الاسلامي منذ العهود الاسلامية الاولى كما يدعي المسلمون ؟؟ ولماذا يخفي المسلمون حقيقة ان مسجد ايلياء الذي بناه بنو أمية لم يطلق عليه اسم المسجد الأقصى بل ظل يسمى مسجد ايلياء حتى أواخر الفترة المملوكية ؟؟ لماذا يتجاهل المسلمون حقيقة ان القدس ظلت تدعى ايلياء حتى سك الخليفة العباسي المأمون نقودا نقش عليها عبارة (القدس)، وكان هذا بعد حوالي 200 عاما!! من دخول المسلمين القدس، لكن الاسم لم ينتشر ولم يتردد على ألسنة السواد الا في أواخر الفترة المملوكية، فلماذا لم يعرف المسلمون اسم القدس قبل ذلك اذا كانت المدينة مقدسة للمسلمين منذ عهد آدم بحسب ادعاء المسلمين ؟؟؟
التعليقات (0)