زيارة خاطفة هي الأولى للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للجزائر بعد انتخابه رئيسا لمصر عقب الإنقلاب العسكري الذي قام به و أسقط بموجبه أول رئيس مصري مدني منتخب، زيارة أكد السيسي أن الهدف منها هو الاستفادة من جهود الجزائر في مكافحة "الإرهاب" و بحث الوضع في ليبيا مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
لا أعلم ما نوع الإستفادة التي يرجوها السيسي من الجزائر و هي التي عانت من ويلات حرب أهلية ( يقدر ضحاياها بمئتي ألف قتيل علاوة) فجرها انقلاب عسكري نفذه الجيش الجزائري بمباركة فرنسية و ألغى على أساسه نتائج الإنتخابات التشريعية التي أفرزت فوز جبهة الإنقاذ الإسلامية سنة 1991، فالجزائر عاشت عشرية سوداء من العنف و التفجيرات و الإغتيالات و الأزمات السياسية و الاقتصادية لم تنتهي تقريبا إلا مع صعود عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم و تبنيه لمشروع الوئام الوطني للمصالحة رغم المواقف المتباينة من مدى نجاح المشروع في حل المعضلة الجزائرية و انحصار دائرة العنف عموما ، فهل يريد السيسي السير وفق نهج عسكر الجزائر؟ : انقلاب عسكري تلاه إعلان حالة طواريء و اعتقال للألاف و حل لأحزاب لها ثقل في الشارع الجزائري ثم انشاء ميلشيات شعبية لمقاومة تنظيمات مسلحة متشددة تبنت الحمل السلاح ضد النظام و أخير العودة إلى المصالحة و إستيعاب أحزاب و قيادات "إسلامية " منشقة عن الجبهة أو تمارس خطاب معتدل حسب هوى النظام،،،
مما سبق جهود الجزائر في مكافحة الإرهاب انتهت بمشاريع مصالحة مشكوك في مصداقيتها فالحزب الفائز فانتخابات 1991 مازال محظور و قياداته إما خارج البلد كما عباسي مدني أو رواد سجون أو ممنوعون كما بلحاج، بالمقابل شاركت أحزاب إسلامية كحركة مجتمع السلم و لم تقاطع الإنتخابات الرئاسية و التشريعية في إطار الحل السياسي المتبنى من طرف النظام للخروج من الأزمة، بل تعدى الأمر ليصبح حزب كمجتمع السلم ضمن الأغلبية الداعمة لبوتفليقة و مشاركا في حكومات متعاقبة قبل أن يخرج حاليا إلى صفوف المعارضة التي قاطعت انتخابات الرئاسة 2014.
يريد السيسي أن ينهي الجماعة بشكل جذري متأبطا سلاح الحرب على الإرهاب بدعم خليجي وفير ، يعيد سيناريو مبارك في تسعينات القرن الماضي، يتحدث عن الإقصاء و الضرب من حديد في خطابه الإفتتاحي، و يتجه للجزائر للإستفادة من مشروع انتهى بالمصالحة، مصالحة و إقصاء، هل يعي السيسي ما يقول؟
قد لا يتعدى الأمر كونه مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي كما الزيارة بعينها، السيسي يبحث عن دور البطولة و الريادة و تصدر الزعامة العربية بخلق تحالفات وهمية " ربما إعلاميا فقط " و غير متوازنة فالناظر في الخطاب الإعلامي المصري الموالي للرئيس يجد أن له في كل حالة موقف يصل إلى التباين، يحابي دولة خليجية بعينها و يمجد دورها، يتبنى خطاب و موقف موالي للأسد و المالكي "في حربهما ضد الجماعات المسلحة "، يبارك التقارب الروسي المصري ، يتحدث عن زيارة كيري و اعتراف أمريكا بدور مصر...
قد تكون الزيارة القصيرة أيضا مجرد زيارة شكر لدور الجزائر في عودة مصر للإتحاد الإفريقي، مع أن العودة لأنشطة الإتحاد ليس بالحدث العظيم فالحالة المصرية ليست الاستثناء بين دول الإتحاد، و قد تكون أيضا لرأب للصدع الذي أحدثته تصريحات سابقة منسوبة للسيسي ضد الجزائر.
التعليقات (0)