مواضيع اليوم

مالـي في مهب الريح ؟!

عبدالسلام كرزيكة

2012-04-07 18:58:34

0

لاشيء يفوق فخري بإنتمائي الأمازيغي، سوى إنتمائي لخير أمة أخرجت للناس، أمة الهادي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم !.. وما بين أمازيغيتي وإسلامي (خيط رفيع)، لكنه ذو قيمة كبرى وأهمية عظمى، لأنه يساهم بشكل كبير في بنائي (الروحي) .. إنها (العروبة) !..

العروبة التي ذبتُ في هواها، لأن ربّ العزة (جلّ جلاله) بها خاطب البشرية، وبها أنزل أفضل كتبه على أفضل أنبيائه ورسله وأشرف خلقه، الهاشمي أشرف العرب، محمد صلى الله عليه وسلم !.. لذلك تبقى العروبة بالنسبة لي (إنتماء جامع) و(هوية شاملة) ذابت فيها أمازيغيتي، وأصبحت لاأتردد في الإنتساب إليها كلما سألني من حولي عن إنتمائي، خصوصا زوجتي عند إنزعاجها من إهتمامي المفرط بالقضايا العربية، وبحثي الدائم والمستمر عن المستجدّات والمعلومات في مختلف وسائل الإعلام .. في محاولة دؤوبة مني لفهم ما يجري من حولي، لأنني لاأستطيع أن أفصل نفسي ـ وبأي حال من الأحوال ـ عما يجري في جارتي الشرقية (العربية) ليبيا، أو ما يجري في جارتي الجنوبية الغربية (الأفريقية) مالي !.. وليبيا هي بيت الدّاء، ومنها إنتقل الوباء إلى مالي !.. لأن الوضع الراهن بمالي، هو من التداعيات المباشرة ـ التي أعقبت سقوط القذافي ـ على المنطقة !..

وبالرغم من وضوح الصورة الإجمالية للأحداث الحالية بمالي، إلا أن الوضع على الأرض أكثر تعقيدا مما يبدو عليه، كون الأطراف المتنازعة كثيرة .. منها (الظاهرة للعيان) كـ(الحركة الوطنية لتحرير أزواد) الممثلة في المكونات الأمازيغية (الطوارق، والفلان ..)، والتي ترفع شعار(القومية) وتدعوا إلى إستقلال منطقة أزواد الواقعة شمال مالي، والتي تضم أقاليم (تيمبكتو وكيدال وغاو)، وإقامة (دولة للطوارق) عليها !.. وحركتي (أنصار الدين) و(تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي) ممثلتين في مزيج من (عرب الجزائر وموريتانيا، وطوارق، وأفارقة ..)، واللتين ترفعان شعار(الدين) وتدعوان أيضا إلى إستقلال شمال مالي .. لكن .. لإقامة (إمارة إسلامية) !.. والمفارقة أن كل هذه المكونات كانت قد تحالفت في بداية زحفها على المناطق المذكورة، لأن الهدف حينها كان مشتركا وهو إخلاء تلك الأجواء من عساكر الجيش الحكومي، لكن بعد إحكام السيطرة عليها (نسبيا)، بدأت بوادر الإقتتال فيما بينها تلوح في الأفق، بعد أن حقق الطوارق هدفهم ـ أو هكذا يتهيأ لهم ـ وإعلانهم لقيام (جمهورية أزواد)، فيما لايزال التنظيمين (الجهاديين) مستمرّين في عملياتهما حتى قيام (إمارة أزواد) !..

وما زاد من تأجيج الوضع بين تلك التنظيمات، هو المعارضة الخارجية الشديدة التي لقيها إعلان الطوارق عن إستقلال الإقليم، وتصريحات (فرنسا) تحديدا و(المتناقضة) !.. فـ(في البداية) صرّحت ـ عبر وزارة خارجيتها ـ بأنها لن تسمح بقيام (أفغانستان جديدة) في أفريقيا، ثم ربطت موافقتها (لاحقا) على (مشروع الطوارق الإنفصالي)، بموافقة دول الجوار !.. وتقصد بها (المنظمة الإقتصادية لدول غرب أفريقيا) التي رفضت رفضا قاطعا تقسيم مالي، ورفضت قبل ذلك الإنقلاب العسكري (اللغز) الذي نفذه أفراد من الجيش ضد الرئيس المالي، ففرضت عقوبات على الإنقلابيين أفرزت إنكسارهم أمام (ضغوطها)، فتنازلوا عن الحكم !..

وهناك أيضا أطراف (خفية) من الصراع، تدير اللعبة من بعيد، وتحرك الأطراف الداخلية كالدّمى بحسب إستراتيجياتها وتوجهاتها، وأيضا بحسب مصالحها ومطامعها بالمنطقة !.. فمالي، هي الجمهورية الأفريقية المصنفة من بين الـ 25 دولة (الأكثر) فقرا في العالم، رغم غنى أراضيها بـ(الذهب واليورانيوم) !.. والتي (يعتاش) شعبها على (منن وصدقات) المنظمات الدولية والإقليمية !.. وعلى رأس قائمة تلك الأطراف (فرنسا) !..

وفرنسا ليست خفية تماما، وهي الأكثر نفوذا في مالي، وتربطهما علاقات وطيدة منذ أيام الإحتلال، والرعايا الفرنسيين في مالي يقدّرون بالآلاف !.. باختصار، فرنسا لم تخرج أبدا من مالي .. لذلك لايمكن إنكار الدور المحوري الذي تلعبه بالمنطقة إجمالا، وأنها ضالعة في الأحداث منذ بدايتها بليبيا !.. ففرنسا كانت أول من (إعترف) بالمجلس الإنتقالي الليبي، وساندت المعارضة الليبية بقوة فاقت قوى العرب مجتمعة، في خطوة (فاضحة) لـ(إستعجالها) سقوط نظام القذافي، الذي كانت تعتبره (حجر العثرة) في طريقها، لأنه دعم الطوارق بإغرائهم ببطاقات الإقامة المجّانية على الأراضي الليبية بجوار إخوانهم هناك، وبضمّهم إلى صفوف قواته وكتائبه، لكنه لم يتركهم أبدا يجتازون الحدود الليبية بذلك السلاح، وهو ما تحقق بسهولة ويسر، وأيضا بـ(دون رقابة أو محاسبة) بعد رحيله ؟!..

أليس ذلك دليلا جليا على أن فرنسا هي التي جعلت من (التوجه الإنفصالي) للطوارق يتحول إلى حقيقة ملموسة على الأرض، بعد أن هيّأت لهم الظروف والوسائل المناسبة : في البداية سلاح ليبيا، ثم إنفلات الوضع المفاجئ بمالي، بعد الإنقلاب الذي أظهر (ميوعة) الجيش المالي، والذي كان قد أعلن قادته أول ما إستولوا على السلطة، أن قضية الطوارق بالشمال هي (دافعهم) الأساسي لإزاحة الرئيس المدني الذي قالوا بأنه (عاجز وواهن) عن فرض السيطرة على الأراضي المالية وعن حفظ وصيانة وحدتها !.. لكنهم أظهروا (هشاشة وضعفا وجبنا) بعد ذلك و(ولّوا أدبارهم)، وسمحوا لتلك التنظيمات بالتقدم والزحف أكثر فأكثر نحو الجنوب !.. فهل فعلوا ذلك عن عجز حقيقي، أم أنهم ساروا وفق مخطط معين وبإيعاز وتوجيه ما ؟!.. أليس غريبا أن (يبدأ) الإنقلاب بـ(التزامن) مع تحرك تلك التنظيمات بالشمال .. و(ينتهي) بإعلان قادته العودة إلى العمل بالدستور المالي، وبتسليم السلطة إلى حكومة مدنية ـ بالتزامن أيضا ـ مع إعلان الطوارق إنتهاء عملياتهم العسكرية، وبرسم حدود دولتهم الوليدة ؟!..

إذا كانت فرنسا، بريئة من تلك التهم، وإذا كلامي محض إفتراء .. فلماذا تناقضت مواقفها وتصريحاتها من أحداث مالي ؟!.. ولماذا شجبت وأدانت عمليات الطوارق في بدايتها، ورفضت إعلانهم إستقلال الشمال، وتعود وتقول إن هناك إمكانية (لإعترافها) بدولة الطوارق الوليدة (إذا) وافقت دول الجوار ؟!...

في النهاية، ومهما كان (السيناريوا) المرسوم للمنطقة، فهو (بالتأكيد) لم ينتهي عند هذا الحد، والأحداث الجارية بمالي ستؤدي إلى (نتائج كارثية) على المنطقة برمتها وعلى المدى المنظور، والجزائر ليست بمنآى عنها، بل هي أحد (المستهدفين) دون أن يكون لـ(الدرجة) أي معنى، واختطاف القنصل الجزائري بـ(غاو) بوادر ذلك الإستهداف !..

نسأل الله الأمن والأمان للبشرية جمعاء .. ونسأله أن يحفظ جزائرنا من كيد الأعداء .. آمين يارب العالمين .

للحديث عن الوضع بمالي زوايا ورؤى أخرى بحول الله.

 

07 . 04 . 2012

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات