من المعروف أن ملاذ إعضاء مافيا الكيان الصهيوني كانت بدون منازع، إفريقيا الجنوبية والمكسيك وبلدان أمريكا اللاتينية الأخرى وتركيا قبل أن يغيّروا وجهتهم إلى المغرب.
فهل بلادنا باتت تمثل "الأرض الموعودة" في عيون عتاد و"جحافلة" مجرمي إسرائيل و"دهاقنة" مافيا الكيان الصهيوني المبحوث عنهم والذين ضيق الخناق حولهم في إسرائيل والولايات المتحدة ؟ وهل يوجد بعض هؤلاء بالمغرب؟ وماذا يفعلون وتحت أي غطاء يتحركون؟ وقبل هذا وذاك ما هي طبيعة صلة أعضاء المافيا الإسرائيلية وبلادنا؟ وهل من علاقة بين هذه المافيا وجهاز الموساد؟
هذا الملف يحاول تجميع جملة من المعطيات والنوازل والحقائق سعيا وراء تقعيد أجوبة مقنعة على تلك الأسئلة، علما أنه مجال يصعب فيه الحصول على المعلومة الأكيدة.
لماذا أضحى المغرب ملاذ مجرمي الكيان الصهيوني ؟
بشهادة أكثر من جهة متتبعة للجريمة المنظمة في العالم وعلى علم بأحوال المافيات، بات المغرب في السنوات الأخيرة ملاذا للكثير من أعضاء مافيا الكيان الصهيوني، البارزين منهم وغير المشهورين على السواء، إذ تحولت بلادنا إلى وجهة مفضلة للعديد منهم بعد أن وجدوا فيه ظروف وشروط الاستقرار الآمن بعيدا عن عيون المصالح الأمنية والأمريكية .
وحسب مصالح أمنية بالكيان الصهيوني، إن ما يشجع أعضاء المافيا الإسرائيلية على الإقامة بالمغرب هو علمهم المسبق بعدم وجود أية اتفاقية بين البلدين تقضي بتسليم الجناة والمجرمين والمطلوبين للعدالة والمبحوث عنهم كما هو حاصل مع الكثير من دول العالم.
أما حسب تقرير نشرته، مؤخرا، صحيفة "غلوبس" الاقتصادية غدت المغرب فضاء مناسبا في عيون عدد المجرمين الإسرائليين ذوي القدرات الاقتصادية. وعلى الأقل عشرة من هؤلاء ممن اشتهروا بانتمائهم لتنظيمات المافيا والجريمة المنظمة بإسرائيل، نقلوا مركز حياتهم إلى المغرب، والبعض منهم يمتلك الجنسية المغربية، في حين ظل يعمل الباقون على الحصول عليها. ويشكل هؤلاء شبكات خاص بهم من الأصدقاء ورجال الأعمال المشاركين لهم، والذين خلقوا في الدار البيضاء. وهذا وصفته الصحيفة المذكورة بــ "مستوطنة مجرمين إسرائيلية" (بالمغرب).
في حين يعتقد خبراء في إسرائيل أن المجرمين الاسرائيليين يفضلون الهروب إلى المغرب لأنهم يرون فيه ملاذا آمنا من جهة ومنفذا إلى أوروبا من جهة أخرى. إذ أن كثيرا منهم يعملون منذ زمن طويل في تجارة المخدرات، وبعضهم يريد سبيلا إلى تصدير الكوكايين إلى أوروبا.
ونقلت جريدة "هآرتس" العبرية عن رجل أعمال إسرائيلي يعمل في المغرب قوله "(...) تدار الأمور هناك (أي في المغرب) كما في السوق السوداء. من لديه أموال يمكنه أن يفعل هناك ما يريد: صناعة التزوير لكل المنتجات ـ الأدوية، الغذاء، النسيج والألعاب ـ تزدهر اليوم في المغرب التي تعامل كما الصين وتايلاند. والإسرائيليون أيضا ولجوا مجال صناعة التزوير ويجربون حظهم". و تضيف الجريدة ... أحد هؤلاء "بروسبير بيرتس" الذي افتتح في الدار البيضاء قبل أربع سنوات مصنعا للمشروبات الكحولية المزورة. وازدهرت تجارته إلى أن اقترف أكبر خطأ، وهو تزوير العرق المغربي المسمى "المحيا". إذ اعتقلته الشرطة وتم سجنته لكنه عاد إلى صناعته، مكتفيا بإنتاج وتسويق بضاعته في السوق المحلي. إذن هناك بالمغرب إمكانية خلق أنشطة تجارية، خصوصا ترويج منتوجات ومواد إسرائيلية دون حاجة لوسيط.
وأوضحت صحيفة "غلوبس" أن معظم المجرمين الإسرائليين في المغرب يديرون أعمالا مشروعة في مجالات البنى التحتية، والزراعة، ووسائل النقل والنسيج. والأهم أن ماضيهمالأسود في إسرائيل ليس معروفا للملأ في المغرب، حتى في أوساط الطائفة اليهودية هناك. وتضمن تقرير الصحيفة المذكورة تصريح أدلت به "ماغي كاكون"، ناشطة يهودية عضو في مجلس حقوق الإنسان المغربي، وفحواه "إذا جال هنا مجرمون إسرائيليون، ألا يفعلوا ما يسيء لنا، لأن لليهود في المغرب سمعة ممتازة ولا نريد تخريبها".
ومن الغرائب التي جاءت في تقرير "غلوبس"... أن مجرمين إسرائيليين من أصول مغربية أصحاب أموال سوداء ومتسخة، يتجهون إلى المغرب الذي يرون فيه ملاذا مثاليا. ويعتقد بعضهم أن نجاحهم هناك يشكل نوعا من الانتقام من الدولة العبرية للطفولة التعيسة التي قضوها في أحياء الفقر والتي قادتهم إلى عالم الإجرام. ويضيف التقرير.. أن لا أحدا من هؤلاء لم يتورط حتى الآن في أعمال إجرامية، وجميعهم من الناحية الرسمية يديرون أعمالا قانونية.
المجرم "كابرييل بن هاروش"
يعتبر "كابرييل بن هاروش" من العناصر البارزة في مافيا الكيان الصهيوني، وهو متورط في سلسلة من الأعمال الإجرامية المختلفة، ضمنها عمليات ضخمة لتبييض وغسل الأموال والسطو على الأبناك وترويج المخدرات وسرقة السيارات، كما قاد إحدى الشبكات المتألقة في الجريمة المنظمة مقرها بالقدس. إنه من أخطر وأشهر مجرمي المجرمين اليهود، ويُعدّ من أكبر البحوث عنهم في العالم استقر بين ظهرانينا وتحت شمس وطننا في أمان منذ 2011، بعد أن خطط بإحكام القدوم إلى المغرب التظاهر بالاعتكاف على العبادة والتدين عبر التردد على معبد يهودي بحي بوركون بالدار البيضاء. ومنذئد وهو يدير شبكته الإجرامية وتدبير أمورها من المغرب. وعندما شعر "كابرييل بن هاروش" بمراقبته من طرف عيون أمنية فكّر في "اللجوء" إلى معبد اليهود بمدينة مراكش، سيما بعد أن أدلى بعض اليهود المغاربة المداومين على حضور الصلاة الليلية بمعبد بوركون، أن يهود آتون من إسرائيل يترددون كثيرا على هذا المعبد.
وتشك أكثر من جهة أنه كانت تربطه علاقات قوية مع "ياكوف البيرون" ، أبرز زعماء المافيا الإسرائيلية، والذي لقي مصرعه في تفجير قنبلة كانت مخبأة في سيارته بينما كان عائداً من المحكمة، حيث يواجه ابنه تهماً بالابتزاز، وذلك في تل أبيب في غضون شهر نوفمبر 2008. فلم يبق الكثير من هيكل السيارة بعد الانفجار الذي نفذ بواسطة جهاز للتحكم عن بعد. وحدث هذا في إطار الصراع بين عصابات المافيا، سيما بين عائلة "البيرون" وعصابة أخرى منافسة. وكان "ياكوف" المعروف أيضاً باسم "دون البيرون" أحد ألمع وأبرز أعضاء المافيا و كان يدير ثالث أكبر "عائلة إجرامية" في الكيان الصهيوني.
جاء في تقرير صحيفة "غلوبس" الاقتصادية أن " كابرييل بن هاروش" انتهت رحلته في المغرب والتي كانت قد بدأت في فبراير سنة 2002 بعد تعديل قانون تبييض الأموال. إذ اشتبهت السلطات في أموال شركة بناء كانت في حسابات بنكية لبن هاروش في أن تكون جزءا من 270 مليون "شيكل" (عملة الكيان الصهيوني) (حوالى 80 مليون دولار ما يعادل 650 مليون درهم تقريبا) والتي سرقتها "إتي ألون" من بنك "تراد بنك" بمدينة القدس، وذهبت غالبيتها لتغطية ديون كانت لبن هاروش على أخيها عوفر مكسيموف.
وقبل سريان قانون تبييض الأموال هرع "بن هاروش" وشركاه لسحب الأموال من المصارف وبيع العقارات. ويشتبه بأنهم أخرجوا من إسرائيل عشرات الملايين إلى أميركا حيث استثمروها، لكن إلى حين. ففي أبريل 2002 بدأت المصالح الأمنية الإسرائيلية بملاحقة بن هاروش الذي فر إلى أمستردام وأقام عند "اسحق أبرجيل"، أحد كبار المجرمين الإسرائيليين. ولكن خشية تسليمه بحث عن دولة لم تبرم اتفاقيات تسليم المجرمين والمبحوث عنهم مع إسرائيل، وهكذا اهتدى إلى المغرب الذي كانت عائلته قد هاجرت منه في خمسينات القرن الماضي، وهو في الثانية من عمره. وساعده أقاربه في المغرب باستعادة جنسيته المغربية، وبجواز سفر اتجه إلى أوروبا وأميركا لإدارة أعماله. إلا أن مصلحة مكافحة المخدرات الأميركية لاحظت منظومة تبييض الأموال التي يشارك فيها بن هاروش واعتقلته مع شريكه "فاكنين". وقد وقع اتفاق مع المصلحة المذكورة بأن يدين شريكه "فاكنين" بتهم تبييض أموال وابتزاز مقابل الإفراج عنه. وبعد ذلك طردته السلطات الأميركية من ترابها ولم تستجب لطلب إسرائيل تسليمه لها، لأنه يحمل الجنسية المغربية أيضا. هكذا عاد بن هاروش إلى المغرب حيث أقام في الدار البيضاء مع عائلته.
المجرم "شالوم دومراني"
ينحدر المجرم الإسرائيلي "شالوم جورماني" من أب إثيوبي هاجر إلى الكيان الصهيوني تزوج بمواطنة إسرائيلية. وقد اختار هو كذلك الإقامة بالمغرب بعد أن حاصرته المصالح الأمنية الإسرائيلية في الكيان الصهيوني وأيضا في الولايات المتحدة الأمريكية. استقر في نهاية المطاف بالعاصمة الاقتصادية، الجار البيضاء، تحت غطاء الاتجار في مواد وآليات زراعية مستوردة من إسرائيل. وهذا نشاط اعتمده المجرم الإسرائيلي كقناة لتبييض أموال مافيا الكيان الصهيوني، علما أن "شالوم دورماني" يُعدّ أحد أباطرة تهريب المخدرات بإسرائيل.
تعرض "دورماني" للاعتقال في تسعينات القرن الماضي وأدين بأكثر من 9 سنوات سجنا نافذا، وأطلق سراحه في غضون سنة 2002 . كما حوكم هذا المجرم الخطير من جديد في يناير 2010. ومع حلول سنة 2011 قرّر "شالوم دومراني" الالتحاق برفيق دربه "كابرييل بن هاروش" للاختباء بالمغرب.
وجاء في التحقيق الذي نشرته صحيفة "غلوبس" الاقتصادية إلى أن المغرب غدا دولة لجوء لقمة الإجرام في إسرائيل. و إن هذا الأمر يشعل خيال المجرمين ممن يملكون أموالا يبحثون عن سبل لاستثمارها. وفي المغرب، خلافا للحال في إسرائيل، يتعايش عتاة المجرمين الإسرائيليين في ما بينهم. وأوضح التحقيق أن الهدف المركزي لشرطة إسرائيل طوال سنين ملاحقة المافيوزي "شالوم دومراني" الذي –حسبها- أقام في مدينة وجدة (شرقي المغرب على الحدود مع الجزائر)، ومنها أدأر أعماله. وقد أنشأ لنفسه تجارة تدر عليه الملايين، وتقوم على تصدير السماد الطبيعي المصنع إلى أوروبا. ويضيف التقرير... ومن أجل تسويق بضاعته استخدم "دومراني" طاقم خبراء زراعيين من إسرائيل، وحفنة من كبار مدراء الأعمال. وبسرعة احتل هذا المافيوزي اليهودي مكانة في أوساط الجالية اليهودية في المغرب. فقد اعتاد "دومراني" زيارة المغرب في فترات الإفراج عنه من السجون الإسرائيلية، ولكنه هذه المرة لم يذهب للزيارة بل للإقامة وجلب أفراد عائلته معه...كما ترتبط أعمال "دومراني" في المغرب – حسب تقرير "غلوبس"- بشمعون بن حمو، وهو صاحب سوابق قضى فترات في السجن في إسرائيل قبل أن يغدو تاجر خضار بالجملة وصاحب مطعم في "رمات غان". وكان "دومراني" قد مر بسوق الخضار في عسقلان وتتلمذ على يد بن حمو وكانا شركاء في حروب بين العصابات، وصلت حد استخدام صواريخ "لاو". وقد استقر بن حمو في العقد الأخير فترات طويلة في المغرب، وأنشأ فيها أعمالا تجارية وزراعية، جزء منها بالشراكة مع "دومراني". ونال بن حمو شهرة في المغرب بتجارة الخضروات والنسيج بالجملة، وأيضا كمستورد للخمور والمشروبات الكحولية. وحسب تقرير صحيفة "غلوبس"، أقام بن حمو علاقات ممتازة مع أوساط نافذة بالمغرب ، ولكن أصيب بمرض عارض قبل عامين، ما اضطره للعودة إلى إسرائيل حيث توفى العام الماضي.
مجرمون إسرائيليون آخرون خطيرون يعيشون بين ظهرانينا
كشف التقرير الذي نشرته صحيفة "غلوبس" الاقتصادية أن مجموعة من المجرمين الإسرائليين الخطيرين المبحوث عنهم يعيشون في المغرب في طمأنينة. من هؤلاء أحد أبرز رجال أبرجيل ( من أبرز الوجوه في مافيا الكيان الصهيوني)، وهو "آفي روحان" الذي تصنفه إسرائيل كرئيس منظمة إجرامية مستقلة وخطرة. وتلاحقه السلطات الإسرائيلية والأميركية بوصفه شريكا في شبكة تهريب "الاكستازي" (حبوب الهلوسة) الناشطة تحت إمرة "إسحاق أبرجيل" الذي أنشأ لنفسه منذ سنوات شركة ناجحة لتأجير السيارات.
وأشار صحيفة "هآرتس" العبرية إلى أن السلطات الأمنية الإسرائيلية بعثت عبر الشرطة الدولية (الانتربول) لنظيرتها المغربية تقارير حول ثلة من المجرمين المطلوبين من طرف العدالة بإسرائيل. وذكرت إن القائمة تضمت العديد من أسماء المجرمين الذين قرروا الاستقرار في المغرب. كما أوضحت أن بين المهاجرين الجدد إلى المغرب الإخوة "كراجة" من "الرملة" ورجالهم، وهي عائلة تعتبرها إسرائيل أبرز عائلة إجرام عربية في الدولة العبرية.
وترى صحيفة "غلوبس"، رغم أن العداوات كبيرة بين المجرمين الاسرائيليين المتوجهين إلى بلادنا إلا أنهم يتعايشون بسلام في المغرب. فمثلا كانت صدامات قد وقعت بين عائلتي "أبرجيل" و"دومراني" المجرميتين في إسرائيل، لكن يبدو أنهما فضلتا التساكن بسلام بالمغرب. وتُقرّ الصحيفة المذكورة بوجود العديد من المجرمين الإسرائيليين غير المشهورين بالمغرب، ورغم الماضي العنيف في علاقات هذه العائلات المافيوزية، فقد تخلق الظروف في المغرب فرصة للتصالح بين قيادات الإجرام في الكيان الصهيوني.
المافيا الاسرائيلية
حسب العديد من الأمنيين بالكيان الصهيوني ، اكتسبت ا لمافيا الإسرائيلية قوة لا مثيل لها في العالم منذ تأسيس "دولة إسرائيل" عام 1948. ووصل الأمر بمصادر وزارة خارجية الصهيوني، بعد امتداد عمل عصابات المافيا، إلى الخارجية للتحذير من أن "ما لم تهدمه الأوضاع السياسية دمره المجرمون".
فقد عرف الكيان الصهيوني الجريمة المنظمة مبكرا، حيث برزت عصابات تتاجر بالمخدرات وأخرى لسرقة البنوك والإشراف على تجارة الرقيق الأبيض. وأدارت هذه العصابات أوكارا للقمار الممنوع رسميا في إسرائيل، وكل مجال في العالم السفلي الإسرائيلي كانت له عصابات منظمة على غرار الدول الغربية.
ووتم التعامل مع أفراد هذه العصابات بقفازات من حرير إلى حد بعيد، واستفاد هؤلاء من أنظمة السجون في إسرائيل وكانوا يحصلون على إجازات من السجون لم تكن إلا فسحات لترتيب أعمالهم وكثير منهم قادوا عصاباتهم وهم داخل السجون. وفقا لمراقبين مستقلين، فانه حدثت قفزة في عمل هذه العصابات مع الهجرة الواسعة من روسيا وبلدان الاتحاد السوفيتي السابق في أخر أعوامه وبعد تفككه. وهناك شكوك قوية بخصوص علاقة سياسيين بارزين بهذه المافيا.
ومع تعاظم نشاط المافيا أضحت المدن الإسرائيلية تعرف بأسماء عائلات المافيا التي تحكمها، وتتمركز ابرز هذه العائلات في مدن رئيسة مثل عسقلان وتل أبيب ونتانيا والقدس.
الموساد والمافيا
وقد تأكد بالملموس أن العديد من عمليات الموساد الخارجية لم تكن لتنجح دون الاستعانة بنشطاء المافيا، ومنذ زمن لم يعد خافيا تلك العلاقة غير المشروعة بين أجهزة المخابرات وأنشطة العالم السفلي.
وبالنسبة للموساد فالاتهامات لا تتوقف عند استخدام العاهرات مثلما حدث مع موردخاي فعنونو فني الذرة الإسرائيلي الذي اختطف بواسطة ساندي من إيطاليا إلى إسرائيل حيث قضى 18 عاما في السجون، أو ترويج المخدرات والعملة المزيفة وتزوير جوازات السفر وتجنيد مرتزقة لتنفيذ عمليات اغتيال.
ومن أبرز الدلائل على العلاقة المفترضة بين الموساد والعالم السفلي، حالة "مايك هراري"، ضابط الموساد الذي قاد بنفسه عملية ملاحقة رجال منظمة التحرير طوال سنوات في أوروبا ونفذ بنسفه عمليات اغتيال بعضها، بتكليف مباشر من غولدا مئير" رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة. وظهر "هراري" هذا فجأة كمرتزق محترف في "باناما" عام 1989، كذراع للديكتاتور "نورتيغا" الذي اعتقلته القوات الأميركية في نفس العام خلال عملية غزو، وقدمته للمحاكمة في أميركا. وتعاملت الإدارة الأميركية مع "هراري" بكثير من النفاق وغض الطرف، إذ طلبت من إسرائيل إخراجه من باناما قبل عملية الغزو، ولم يعتقل رغم انه كان ذراع نورتيغا الأيمن ويفترض انه يشاركه مسؤولية أفعاله التي كانت مبررا للإدارة الأميركية لغزو باناما واعتقال دكتاتورها.
وفي عام 1989 أيضا، أعلنت وكالة المخابرات الكولومبية عن وجود شركة إسرائيلية تدرب أفراد العصابات هناك المعروفة بكارتيلات المخدرات. وشمل التدريب إعداد مجموعات محترفة للقتل والتصفيات، ورغم نفي إسرائيل أي علاقة صفة رسمية لهذه الشركة، إلا أن مسؤولية ضباط موساد سابقين عن الشركة لم يكن بدون دلالات.
كما لعب أعضاء من المافيا الإسرائيلية دورا كبيرا في تسهيل مهمة الموساد الرامية لاستخدام عاهرات مغربيات في مهام استخباراتية أو مرتبطة بالجاسوسية. كما كان للمافيا الإسرائيلية دورا بارزا في تهريب بعض العاهرات المغربيات إلى إسرائيل، سيما مجموعة المغربية (نبيلة.ف) التي كشفت أمرها تقارير عميلة جهاز "الموساد"، تدعى (جوزلين بايني)، والتي تم تسريبها إلى شبكة الويب منذ سنوات. وقد أزاحت تلك التقارير الستار عن الكيفية التي تستغل بها الموساد المغربيات لبلوغ مآربه. ويبين أن هذه المجموعة لعبت دورا كبيرا في تفعيل ما سمي منذ سنوات، بالزواج العرفي أو زواج المتعة، لاصطياد شخصيات عربية نافذة، خصوصا من الخليج، كما كانت هذه المجموعة تستعمل هذه الحيلة لتهجير فتيات صغيرات السن وبيعهن لمافيا الدعارة بالخارج، بعد اختيار بعضهن للعمل لفائدة "الموساد" دون أن يدرين بذلك. ولم يكن هذا ممكنا إلا بمساعدة بعض أعضاء المافيا الإسرائيلية. واستعمل "الموساد" (نبيلة. ف)، في مهمة جلب مغربيات إلى إسرائيل، ومن ضحاياها (وداد. أ) التي تم إدماجها ضمن مجموعة من العاهرات اللواتي ترصد خطوات الشخصيات النافذة بأوروبا، وذلك بعد أن قضت مدة من الزمن بتل أبيب، مارست فيها الدعارة بإحدى العلب الليلية المشهورة هناك. وقد ساهم عناصر من المافيا الإسرائيلية في عملية تهجير الفتيات إلى الكيان الصهيوني. وقد بدأت المغربيات المجندات نشاطهن المخابراتي، في يُخوت في ملكية المخابرات الإسرائيلية أو كبار وجوه المافيا الإسرائيلية، بها محلات التدليك وقاعات لبث أشرطة الخلاعة، وكانت مخصصة لاستقبال ضيوف من الخليج والعرب، دأبت على القيام برحلات بين "لاس فيكاس" و"مونتي كارلو".
فالمافيا الإسرائيلية تعتبر أخطر غطاء للموساد وإحدى أذرعه في الخارج إذ تشكل هذه المافيا السلطة الخامسة في الكيان الصهيوني.
روابط الجريمة المنظمة والمسؤولين السياسيين بإسرائيل
دأبت أكثر من جهة على التأكيد أن ثمة روابط بين أوساط الجريمة المنظمة ومسؤولين سياسيين في إسرائيل خصوصا في حزب الليكود، كما ثمة روابط بين الجريمة المنظمة والسلطة.
وقد سبق، أكثر من مرّة، أن عبّر السفير الأميركي في الكيان الصهيوني عن قلقه من تصاعد الجريمة المنظمة في إسرائيل ومن تزايد تأثيره ونفوذه في الولايات المتحدة أيضاً.
و قد كشف موقع "وكيليكس" عن برقية أعدها السفير الأمريكي سنة 2009 عنونها بــ "إسرائيل بلد آمنة للجريمة المنظمة؟" مما جاء فيها أن لعصابات الإجرام المنظم في إسرائيل جذور عميقة لكنها ظلت تتطور وتوسع دوائر جرائمها وحدّتها. مشيراً إلى أن "جنود" عصابات الإجرام يحملون جوازات أوروبية تتيح لهم دخول الولايات المتحدة دون الحصول على تأشيرات دخول. وأوضح السفير الأميركي أن نحو 5 عائلات إسرائيلية لها سيطرة "تقليدية" في عالم الجريمة المنظمة وأبرزها عائلات "ابرجيل" و"أبطبول" و"ألبرون" و"روزنشتاين" و"هراري"، وهي العائلات الأكثر شهرة ومعرفة بعالم الجريمة المنظمة.
لكن الصراع في ما بينها وحملات الشرطة ضدها خلق فراغاً أتاح لعائلات جديدة في عالم الجريمة مثل "مولنير" و"شيرازي" و"كوهين" و"دومراني" سد هذا الفراغ وبسطت نفوذها في عالم الجريمة.
ومن النوازل التي فضحت روابط الجريمة المنظمة والمسؤولين السياسيين بإسرائيل ومدى تأثير القائمين على المافيا الإسرائيلية على نظام الحكم في الكيان الصهيونية، نازلة إدانة الوزير السابق، "غونين سيغف"، بتهمة تهريب المخدرات الى إسرائيل، وكذلك انتخاب عضوة "الكنيست"" عن حزب الليكود ، "عنبال غفريئيلي"، رغم أن لأسرتها علاقة وطيدة بعصابات الجريمة المنظمة.
ومن جهته أكدّ الكاتب الإسرائيلي "رافي مان" أن المافيا تتغلغلت في المجتمع بواسطة صفقات المخدرات، وتجارة الدعارة والقمار، وابتزاز رجال الإعمال، وتحصيل أتاوات منهم، وهذا يدل - بشكل لا يقبل التأويل- على أنّ المافيا في إسرائيل مزدهرة، وقد نجحت في الدفع نحو انهيار أحد البنوك المركزية في الدولة، وهو "البنك التجاري"، كما أدت أنشطتها إلى انهيار العديد من المؤسسات الاقتصادية الهامة.
وﺒﻌﺪ أكثر ﺳﺘﺔ ﻋﻘوﺪ ﻋﻠﻰ زرع الكيان الصهيوني بفلسطين ، اﺘﺴﻌﺖ ﻓﻲ إﺴراﺌﻴﻞ ﺑؤﺮ اﻠﻌﻨﻒ واﻠﺠرﻴﻤﺔ واﻠﺼراعاﺖ اﻠداﺨﻠﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻋائلات اﻠإﺠراﻢ اﻠﻤﻨﻈﻢ، إﺬ ﺗﺒﻴﻦ ﻛﻞ اﻠﺘﻘارﻴﺮ اﻠﺼادرﺔ ﻋﻦ وزارة اﻠأﻤﻦ اﻠداﺨﻠﻲ الإﺴراﺌﻴﻠﻴﺔ، أﻦ ﻫﻨاﻚ ﺣﻘﻴﻘﺔ واﺤدة لا ﻳﻤﻜﻦ ﻏﺾ اﻠﻨﻈﺮ ﻋﻨﻬﺎ وهي ﺳﻴﻄرة اﻠﺠرﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺠﺘﻤﻊ اﻠكيان الصهيوني.
وﺤﺴﺐ دراﺴﺔ أعدﻬﺎ اﻠﺒروﻔﻴﺴوﺮ "دﻴﻔﻴﺪ ﻧﺤﻤﻴاﺲ"، أﻜﺜﺮ ﻣﻦ نصف الإﺴراﺌﻴﻠﻴﻴﻦ ﻳﻌﺘﻘدوﻦ ﺑأﻦ ﻋﺼاﺒاﺖ اﻠﺠريمة اﻠﻤﻨﻈمة ﺗﺴﻠﻠﺖ ﺑاﻠﻔﻌﻞ إﻠﻰ داﺨﻞ ﻣراﻜﺰ اﻠﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻠدوﻠﺔ اﻠﻌﺒرﻴﺔ.
التعليقات (0)