تكلمت في موضوع سابق عن العنف ضد الأطفال، وها أنا الآن..أصبح العنف الذي تعاني منه مجتمعاتنا هاجسي الأول حيث برفع العنف، يرفع الظلم والقهر؛ فالعنف أول مدرسه للعبودية، وأول درس في اهتزاز الكرامة وأول دافع للعنف مقابل العنف أي الرد بنفس اللغة والطريقة.
فكيف تربي ابنك ينشأ محاولا تقليدك، وأولادك، وأولاد جيرانك، وأولاد قبيلتك وأولاد مدينتك هم عناصر المجتمع، والمكون للشعب من ذكر وأنثى وموضوعي الآن حصريًا عن الأنثى سواء أكانت أم، أخت ،زوجة، ابنه ، زميلة عمل، أختك في الوطن.
ولو حددنا المجني عليه (المرأة) إذًا سنتحدث عن الجاني إما( رجل)، (امرأة) مثلها
والرجل الجاني من الممكن أن يكون الأب، الأخ، الزوج، الابن، رئيس، مدير العمل، مواطن لا تربطه مع المجني عليها صلة قرابة، وكذلك الأمر لو كان الجاني امرأة: فهي إما آمها أو أختها أو خالتها أو عمتها أو زوجة أبيها أو مديرتها أو لا يربطها بها صلة قرابة.
إلا أنه لو ركزنا في النسبة الأكبر من المتهمين بالعنف ضد المرأة سيكون العدد الأكبر للأقارب من حيث الصلة مع المجني عليها، وسيكون الرجل من حيث النوع .
ولهذا سأركز على العنف الذي تتعرض له المرأة من قبل الرجل .
ليست دائمًا المرأة الكائن الأضعف، لكنها أغلب الأحيان كذل؛ فنحن لا نتكلم عن الاستثناءات هنا، وإنما عن الشريحة الأكبر مهما بلغ حجم الاستثناءات فستبقى القواعد هي الأساس.
حصلت المرأة على بعض من حقوقها، وكان ذلك في المدن والأماكن المتحضرة بعيدًا عن الريف والبادية والمناطق النائية. فامرأة المدينة والعواصم الكبرى لا تمثل المرأة في كل أنحاء الوطن، أو المجتمع لأنها في الشرق الأوسط تختلف كثيرًا عن قريناتها في الريف، أو البادية كما أنها تختلف أيضا من منطقه لأخرى في المدينة نفسها تبعًا للمعيار الثقافي والمادي والخلفية الاجتماعية، ومن هنا نستنتج أن من أُخذ حقها من النساء ما هنّ إلا نسبة صغيرة جدًا مقارنة بعامة شئون المرأة.
فهي في تلك المناطق تتعرض للظلم بسبب العادات والتقاليد وبعض المعتقدات والطقوس المتخلفة والرجعية، والتي يسيطر عليها العنف في كثير من الأحيان بأوجه مختلفة، وبعضها يصل لنوع من الإرهاب العشوائي أو التلقائي، وبعضها منظم ومدبر.. ومن دراستي للإعلام ومتابعتي لما يجري ككاتبة وجدت الكثير من العنف ضد المرأة في العمل أيضا، وليس فقط في محيط الأسرة والعلاقات الاجتماعية، إنما تعدت أيضا؛ لتصل يد العنف للمكاتب والمصانع، وأماكن العمل التي تضطر المرأة أحيانا السكوت عنها؛ لحاجتها للوظيفة؛ لأسباب مادية، وأحيانا قليله؛ لأسباب تتعلق بتحقيق الذات والطموح، وأحيانا لتثبت للمجتمع الذي ينقص من قدرها أنها كفءٌ وقادرةٌ وكائنٌ إيجابيٌ يفيد مجتمعه، ويستطيع الاعتماد على نفسه؛ فالضغوط والتراكمات ولدت لدى المرأة الشرقية حالة من رد الفعل تمسكت بها رغم مخاطرها، ونتائجها غير المريحة، وإن كانت الأغلبية منهن يعملن للحاجة المادية، وهن أكثر من يتعرضن للعنف؛ لأنهن يواجهن حالة اجتماعية ومرض عام منتشر.
يتمثل في إهانتها أو ضربها أو التعدي عليها نفسيًا وجسديًا أو محاولة التأثير عاطفيًا على مشاعرها أو إرغامها على القيام بمهام صعبه أو تحتاج لقوة بدنية ليست من قدرتها أو إرغامها على التلبس بقضايا فساد أو سرقة؛ كونها كائنًا ضعيفًا، وموقفها أضعف، وهناك نوع من العنف بالعمل يتمثل بالتقليل من شأنها، وإهانتها، وإلقاء الألفاظ الجارحة على مسامعها، وتهميش دورها أو سرقة تعبها، وعدم إعطائها مستحقاتها المالية، أو التفرقة بالراتب بين الرجل والمرأة؛ فأنا أعتبره نوعًا من العنف والأذى المعنوي والاجتماعي؛ لما يتبعه من مشاكل، ونتائج خاصة لمن تعيل أسرتها، وتقوم بمسؤولية عائلتها ومن هنا يجب سن قوانين تقر العدل والمساواة بين الرجل والمرأة من حيث الرواتب والمكافآت؛ فالله سبحانه، وتعالى لم يفرق بين الرجل والمرأة بالثواب والعقاب فكيف عبيد الله يفرقون بينهما؟ أليس هذا تقليل من شأن المرأة واستغلال تعبها وقدراتها دون تقدير؟
كما أنه من أبشع أشكال العنف برأي العنف الفكري من حيث ما يوجد بفكر الرجل عن المرأة أو ما أوجده الرجل والمجتمع الذكوري في عقل المرأة عن المرأة سواء أكان عن امرأة أخرى، أو عن نفسها، والمعروف أن المرأة التي تحارب امرأة أخرى من المؤكد إن هناك انطباع اجتماعي سيء ولد في مخيلتها عن بنات جنسها، وفي حالة أخرى نجد أن المرأة، وإن كانت ناجحةً ومثمرةً إلا أنها ربما تعرضت للعنف بحياتها أدى لرد فعل أوصلها للنجاح، ونجد إن بعض حالات التحدي والتعب للمرأة علها تصرّ على الكفاح والمواصلة؛ للوصول للنجاح والتحديات، إلا إن هذا لا يمنع ما تعرضت له من عنف سواء شفهي أو عملي ترك أثرًا واضحًا في صحتها النفسية وتصرفاتها وأفكارها، إذا المجتمع أثر عليها غيّر من تركيبتها، وأوجد رد فعل أما عنف مقابل العنف، أو انطوائية أو امرأة حديدية ليس لديها وقت لشيء سوى النجاح، وتحقيق طموحاتها.
أما النظرة للمرأة بشكل دوني في كل المجالات، وكأنها نهايتها للمطبخ هذه حالة منتشرة في الأوساط غير المتعلمة، وعند أصحاب الدخل القليل والمستوى الاجتماعي المنخفض.
وفي الغرب حياة المرأة هناك، وبالرغم من المساواة بين الرجل والمرأة إلا أنه مازال هناك نسبه من النساء تتعرض للاعتداء والعنف سواء في منازلها من الأب أو الزوج أو زوج الأم، وعادة تكون الأسباب أن الجاني يتعاطى المخدرات، أو مدمن كحول، أو مريض نفسي، وأيضا هناك نسبه لا يستهان بها من العنف أثناء العمل، ويتمثل ذلك بإهانة كرامتها عند محاولة المدير أو أحد الموظفين زملائها بمعاملتها على أنها امرأة جميلة، ويتمثل ذلك بعدة تصرفات لسنا بصدد ذكرها هنا، وإنما بشكل عام أردت الإشارة بأن حتى المرأة الأوروبية، والأمريكية لم تسلم من الأذى.
وحتى نغير واقعنا يجب علينا أولًا أن نغير أفكارنا، ونتوسع بالعلم، والمعرفة والثقافة. إضافة للوازع الأخلاقي والديني وإحياء الضمير كأولويات للبدء برحلة تغير المجتمع، وتجهيزه ليكون على غرار المجتمعات المتقدمة التي تحترم كيان المرأة، وإن توازنت الاستثناءات التي أشرت إليها قبل قليل، لابد أن تتغير سلوكياتنا ويكون ذلك ببرامج التوعية التي تلحق سن القوانين وتطبيقها والعمل بها إضافةً لتعميم الحملات التوعية على المدارس والجامعات، ودور العبادة والنوادي الاجتماعية والرياضية وأماكن التجمعات ويجب أن تكون هذه الحملات بإشراف متخصصين من الأطباء والخبراء والتربويين وبدعم من الحكومة بالتعاون مع المؤسسات المدنية والجمعيات .
ورغم حياتنا المعاصرة وما نعيشه من تقدم وترف سواء وراحة في سبل العيش لكن مظاهر الهمجية والجاهلية مازالت موجودة ومرسخة في النفس البشرية رغم محاولة الأفراد الظهور بمظهر حضاري من حيث المأكل والملبس والشكل العام والسكن ووسائل النقل ولكن بقيت العقول أو بعض العقول أن صح التعبير متحجرة وجامدة، وماذا ينفع المرء لباسه إن كان عقله بلا كساء؟.
العنف ضد النساء يطول فئات عديدة وليس شريحة معينة، وثقافة خاصة والمعتدي ليس له هوية محدده أو جنس محدد، فكافة الشرائح على سطح المعمورة عانت من العنف ضد المرأة وان كان بنسب متفاوتة حسب الثقافات من الدول المتقدمة أو الدول النامية أو دول العالم الثالث.
وتعريفه هو سلوك أو تصرف أو فعل عدواني يقوم به شخص يريد به إجبار أو ذل أو استغلال أو إهانة أو إخضاع شخص آخر بقوة غير متكافئة مما يؤدي إلى نتائج سلبيه وغير محببة ومكروهه وإضرار مادية أو معنوية أو نفسية. ويدخل في إطار العنف أيضا السب والقذف والشتم و الاتهام الباطل والترويج لإشاعات بهدف التقليل من الشأن أو الاحترام للمجني عليه وإطلاق الألقاب المسيئة والألفاظ النابية وصولا إلى الضرب والتعذيب والقتل والاعتداء والإهانة إلى أخره من أشكال وألوان العنف.
أما الجاني يكون في أغلب الأحيان رجل أو عدة أشخاص أو مؤسسة أو حزب أو تجمع أو عصبه أو نظام أو عصابة أو حتى من طرف امرأة أخرى من أجل إخضاع المجني عليها والتسلط عليه؛ لأسباب مختلفة، فيصبح هذا العنف كابوس أ وشبح يلاحق الضحية ويؤثر على مجرى حياتها اليومية أو حياتها بشكل عام على الصعيد النفسي والصحي والجسدي والعملي؛ ليشل حركتها وطاقاتها ويشعرها بالإحباط الذي من الممكن أن يحولها إلى كائن سلبي غير منتج مؤثرا على تحصيلها العلمي ودرجاتها ودرجة تركيزها وفهمها واستيعابها كما يجعل منها امرأة شكاكة ومضطربة لا تثق بالآخرين ومن ناحية أخرى من الممكن أن يحول هذه المرأة الضحية اليوم إلى مجرم غدا فبعض النفوس التي لديها استعداد وقابليه للشر سرعان ما تقابل الظلم بالظلم والعدوان بالعدوان ولن يكون الانتقام فقط من الجاني أو المعتدي عليها بل من الممكن أن تصاب بنوبة من حب الانتقام من المجتمع ككل أومن تطالعه أيديها وبالتالي يعم العنف وينتشر الظلم والفساد الذي يدمر الإنسانية، ويؤخر التطور الحضاري على جميع الأصعدة كما يشمل هذا الأمر الأمن وارتفاع نسبة الجريمة.
مصادر العنف كثيرة منها: الأب- الزوج- الأخ- المشغل - الجار بل حتى المرأة .!ضد بنات جنسها والعنف أنواع منها :
- العنف المنزلي أو العنف الجسدي والنفسي، الحرمان الاقتصادي للمرأة من زوجها أو طليقها، أو أي فرد في العائلة.
- العنف الجسدي: كالعقاب والتعذيب والحرق والجلد والضرب والتهديد بالسلاح والتعليق والخنق وغيرها
- العنف النفسي: الحرمان من الحرية والسب والشتم والإهانة والحرمان من الحقوق والإرهاق النفسي والاستغلال والتعذيب.
- العنف الاقتصادي: استغلال راتب المرأة من قبل الزوج المتسلط أو أي فرد في العائلة أو حرمانها من الميراث أو عدم الإنفاق عليها بشرع الله والقانون
- الاعتداءات غيرالأخلاقية وغير الشرعية.
قتل الأطفال البنات: مباشرة بعد الولادة نتيجة تفضيل الولد على البنت إما بالإهمال أو التجويع "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا"
- القتل بسبب المهر: وهذا يحدث في جنوب أسيا من قبل الزوج أو أسرته بسبب عدم قدرتها على دفع المهر.
القتل من أجل الإرث :حيث نسمع عن حوادث كثيرة لأولاد أصابهم العقوق مرضًا وتفشى بهم حب المال الذي آثروه على العاطفة إلى أن يتحولوا لوحش كاسر يقتل والدته أوجدته من أجل الحصول على أرض أو دار أو مبلغ من المال يرثه بعد موتها.
القتل من أجل الشرف: إذا ارتكبت المرأة الفحشاء حتى لو كان بالإكراه فإنها تقتل من أحد أفراد أسرتها باسم شرف العائلة.
الزواج المبكر: الزواج في سن العاشرة سواء كان الزوج متقارب بالسن معها أومن زوج يكبرها بكثير حيث لم تنال قسطا من التعليم، ولم تنعم ببراءة الطفولة.
التعذيب بسبب الشك: الكثير من الأزواج مصابون بمرض الشك الذي ربما بدأ شكا أو بدأ غيره مرضيه تحولت فيما بعد لشك وتوهمات وهواجس وتخيلات من الممكن أن يصوغ بخياله الروايات من بنات أفكاره المريضة ويفسر كل تصرف بشكل خاطئ ويحلل الكلمات والحركات والتصرفات بما يتناسب مع أوهامه ويربط خيالاته بهذه التفسيرات المريضة ومن ثم ينفذ هواجسه ويترجمها لعنف ضد الضحية البريئة.
العنف بسبب الخلل النفسي وتعاطي المخدرات وإدمان الكحول وغيرها من مذهبات العقل والمحرمات التي تؤدي بصاحبها إلى الهاوية
وبعد أن عرفنا العنف ومصادره وأشكاله وأسبابه وعرفنا الضحية يجدر الانتقال إلى الحلول ومحاولة منع أو على الأقل الحد والتقليل من انتشار هذه الكارثة ومكافحتها وقد تبنت الكثير من
الحكومات والمنظمات الدولية بالعالم مكافحة هذا العنف وتوعية المجتمع بمخاطره من خلال مجموعة مختلفة من البرامج وقد صدر قرار أممي ينص على اتخاذ يوم 25 نوفمبر من كل عام كيوم عالمي للقضاء على العنف ضد المرأة تمثل حملة الأمين العام للأمم المتحدة، التي اتخذت عنوانا لها هو اتحدوا؛ لإنهاء العنف ضد المرأة، في جميع أنحاء العالم. وشملت الحملة وكالات الأمم المتحدة جميعها بمكاتبها ومراكزها لمنع العنف ضد المرأة والمعاقبة عليه. ولوضع حد للعنف ضد المرأة بجميع أشكاله.
وقد صادق حوالي ثلث دول العالم على اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة التي صدرت في مايو/ أيار 1984 عن الأمم المتحدة. ومن المفترض أن تشكل نصوص الاتفاقية معياراً أخلاقياً لشعوب العالم كافة في كيفية التعامل مع قضايا المرأة ويقصد بالتمييز بين الرجل والمرأة -لصالح الرجل
في عام 1993 أصدرت الأمم المتحدة تعريفا للعنف ضد المرأة مفاده:"أي نوع من العنف يتسبب في إيذاء جسدي أو أنفسي للمرأة ويشمل التهديد والإكراه والإجبار والتحكم الاستبداد والحرمان من الحرية في الحياة العامة أو الخاصة" فكان لا بد من وقفه احتجاجيه ليس فقط بالشعارات والخطابات وإنما صرخة قوية مفادها العمل والانتفاض من اجل الأم والأخت والزوجة والابنة تلك التي وصفوها بنصف المجتمع النساء والبنات اللواتي ربين النصف الآخر من المجتمع وجاهدن بأنفسهن وكل ما أوتين من قوة في سبيل بيوتهن وعوائلهن ومجتمعاتهن فكيف نتركهن يعانين من العنف كل ثانية لذنب لم يرتكبنه وإنما بسبب من هم في قلوبهم مرض وجذور هذا المرض تكمن في العنف ضد المرأة والطفل والضعيف وظلم المجتمع والمسنين وفي رفض حقوق الإنسان وعدم الاعتراف بحق العيش الكريم الحر لبني آدم بكل جنسياته (متى استعبدتم الناس وقد خلقتهم أمهاتهم أحرار) متناسين ما سيترتب على الأفعال الشنعاء من ضرر على المجتمع ككل والتفكك الأسري وانهيار المثل والقيم العليا والأخلاقيات الرفيعة.
تقول منظمة العفو الدولية أن النساء يتعرضن للإساءة فيما ومن الواضح أن هناك تقصير ولامبالاة من قبل بعض عناصر الشرطة من الرجال بالإضافة إلى العوائق القانونية التي تحول دون تصنيف الانتهاكات باعتبارها جرائم جنائية، وأيضاً تحيز المحاكم والادعاء لجنس المتهم وهو ما يعوق إجراء محاكمة عادلة. كما وتقول المنظمة في تقرير نشرته بمناسبة يوم المرأة العالمي عام 2001 " أن التعذيب يتغذى على ثقافة عالمية ترفض فكرة المساواة في الحقوق مع الرجال والتي تبيح العنف ضد النساء. أظهر تقرير أصدرته الأمم المتحدة في عام 2001 أن واحدة من بين كل ثلاث نساء في العالم تعرضت للضرب وإساءة المعاملة بصورة أو بأخرى، وغالباً ما تتم هذه الانتهاكات لحقوق المرأة بواسطة إنسان يعرفنه.وتفتقر منطقتنا إلى الدراسات التي تبحث في موضوعات العنف ضد المرأة وأن ورد منها القليل فهو يشير إلى العنف الجسدي، لذا فلا تزال المعلومات حول حالات العنف ضد النساء محدودة ولا يتم التبليغ عنها خاصة في الشرق الأوسط لما يحمله المجتمع من تقاليد تمنع المرأة من الإفصاح عن الجاني أو تجرم اجتماعيا إذا شكت أحد أفراد أسرتها للشرطة أو رفعت قضيتها للقانون.
كما المتعارف عليه أن شكوى النساء لدى السلطات تقابل بالاستهتار وأحيانا الاستهزاء وربما ركنها جانبا أو عدم الأخذ بها من الأساس كما هناك بعض المعتقدات الدينية والاجتماعية التي تبيح للرجل الضرب من باب الوصاية والتأديب مما يجعل شكواها غير مأخوذ بها على الصعيد العائلي والمجتمعي والقانوني
قرأت بأحد الموضوعات أن بعض الخبراء يعتقدون أن تاريخ العنف ضد المرأة يرتبط بتاريخ النساء حيث كان يتم اعتبارهن كتابع أو ملكية للرجال، في عام 1870 أوقفت محاكم الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بقانون عام كان ينص بأن للزوج "حق في معاقبة زوجته المخطئة". وفي المملكة المتحدة كان هناك حق تقليدي للزوج في إلحاق أذى جسماني "معتدل" للزوجة بدعوى "الحفاظ على أدائها لمهامها"!، تم إلغاء هذا القانون عام 1891. كما ربطت العديد من الدراسات بين سوء معاملة النساء ومستوى العنف دوليا حيث أظهرت هذه الدراسات أن أفضل تنبؤ للعنف على الصعيد الدولي يرتبط بمدى سؤ معاملة المرأة في المجتمع. فالحضارة تساوي احترام المرأة وحقوقها وهكذا نقيس الشعوب، ونجد هناك أرقام للعنف ضد المرأة سجلت في الكثير من الدول: ففي فرنسا 95% من ضحيا العنف هن من النساء منهن 51% نتيجة تعرضهن للضرب من قبل أزواجهن أو أصدقائهن. في كندا 60% من الرجال يمارسون العنف و66% تتعرض العائلة كلها للعنف. في الهند 8 نساء من بين كل 10 نساء هن ضحايا للعنف، سواء العنف الأسري أو القتل. في بيرو، 70% من الجرائم المسجلة لدى الشرطة هي لنساء تعرضن للضرب من قبل أزواجهن. وقرابة 60% من النساء التركيات فوق سن الخامسة عشرة تعرضن للعنف أو الضرب أو الإهانة على أيدي رجال من داخل أسرهن، سواء من الزوج أو الخطيب أو الصديق أو الأب أو والد الزوج . والغريب: أن 70% من هؤلاء السيدات اللاتي يتعرضن للضرب لا يحبذن الطلاق حفاظاً على مستقبل الأولاد ، في حين أن 15% فقط منهن لا يطلبن الطلاق بسبب حبهن لأزواجهن. في الولايات المتحدة يعتبر الضرب والعنف الجسدي السبب الرئيسي في الإصابات البليغة للنساء.
في بعض الحالات نجد المرأة متخاذلة في حق نفسها قانعة بما يجري لها مما يشجع المجرم بتوالي انتهاكاته لحقوقها كما أن الأهل والمجتمع أيضًا صامتون والتسامح والخضوع أو السكوت عنه يجعل الآخر يأخذ في التمادي والتجرأ أكثر فأكثر.
ومن الضروري الأخذ بعين الاعتبار أن الثقافة والعلم لهم دور كبير في الحد من هذه الظاهرة فقلما نجد مثقف ينهر أمه أو يضرب زوجته وأيضًا ثقافة المرأة؛ فجهل المرأة بحقوقها وواجباتها قد يؤدي إلى التعدي عليها مثلا الاختلاف الثقافي الكبير بين الزوجين خصوصا لوان المرأة هي الأكثر علما أوثقافة أو أعلى اجتماعيا من زوجها سيكون عدم التوازن لدى الزوج كردة فعل له، فيحاول إظهار قوته وبتعنيفه لها واثبات هيمنته بذلها تعويض هذا النقص باحثا عن أي فرصه لانتقاصها واستصغارها بالشتم أو الإهانة أو حتى الضرب.
ويعود ذلك أيضا للتربية والنشأة وأيضا على ما أخذت عينه وأذناه برؤيته وسماعه في منزله فالأسرى لها تأثير كبير على أي شخص وانعكاس على ردود أفعاله وتصرفاته فهي مخزونات يحتفظ بها في عقله الباطن ويطلعها عند الحاجة دون الانتباه على أنها فعلا تقليد لمواقف حصلت بالماضي، أوانه تبنى ردود أفعال أبيه في موقف ما عندما تكرر الموقف.
كما أن الشخص الذي تربى بطريقة خاطئة يصبح عديم الثقة بنفسه ومهزوز وغير متزن مما ينعكس على تصرفاته بمحيطه خاصة لو كانت عاداتهم المتوارثة بالعائلة أو القبيلة الانتقاص من حق المرأة أو دورها وتهميشها والرؤية الجاهلية لتمييز الذكر على الأنثى فالمجتمع الذكوري يرضخ الأنثى ويجبرها أن تتقبل أن تكون تابع مهمش أودمية يحركونها وأن تنسى أنها إنسان وتلغي عقلها وتقتصر دورها على الجسد وليس الفكر
مسكينة تلك المرأة التي اجتمعت الأمم ضدها رغم أنهم قلما يجتمعون على شيء هذا وكل الديانات السماوية والوضعية أوصت بالنساء وساوى الله سبحانه وتعالى في الثواب بين المرأة والرجل وفي العقاب أيضا ورأيي الشخصي أن الكرامة أهم من لقمة العيش فإما حياة تسر الصديق، وإما ممات يكيد العدا، والمعنى هنا مقصود به إما الكرامة إما بلا
قبل أن تربي ابنتك أيتها الأم الحنون ازرعي بها الكرامة فهي أساس كل شيء؛ فأي امرأة لديها كرامة ستكون فاضلة، وسترفض الذل، والمهانة بالرذيلة والأمور النكراء، وستصون كرامتها بصيانة ماء وجهها دائمًا.
وربي ابنك أيتها الأم الحنون؛ لأنك أنت امرأة عظيمه، وكل النساء عظيمات ويستحققن الاحترام والتقدير وأنه سيكون فارسًا نبيلا اإذا أكرمهن، وسيكون ضعيفًا شريرًا حقودًا لو أهانهن. فرفقًا بالقوارير
التعليقات (0)