ماريا خليفة
داعية المحبة والسلام
أنا صانعة سلام وأعيد تشكيل عالمي كمكان يعمه
السلام والانسجام.
لا تكتفوا بحياة عادية...بل اسعوا لأن تكون حياتكم رائعة!
أينما حلت تصاحبها ابتسامة تشع نورا وأملا في يوم وغد مشرقين، تدعو العالم كله إلى نبذ العنف فكرا وقولا وفعلا من خلال مشروعها "التدريب على التغيير" الهادف لنشر السلام بالشرق الأوسط، تسعى بكلماتها إلى إيقاظ نزعة الخير الكامنة في النفس البشرية ليعيش الإنسان في سلام مع نفسه أولا ومع الآخر ثانيا.
إنها ماريا خليفة، مؤسسة ومالكة مجموعة سفرة دايمة ورئيسة تحرير مجلة تحمل الاسم نفسه، امرأة تتكئ على رصيد ثقافي واسع يشمل عدة مجالات.
هي أيضا أستاذة جامعية، تدرس الفلسفة الصحية وعلم الغذاء والعناية بالصحة من خلال الطعام وعلم العناية النفسية بالصحة ومبادئ الضيافة، وتشارك في منتديات تدريبية وتلقي المحاضرات المتخصصة لدى جامعات عدة في أنحاء العالم.
أهلا وسهلا بالأستاذة ماريا في هذا اللقاء مع قراء فرح
أولاً، أودّ أن أشكرك على هذه المقدمة الرائعة وعلى استضافتك لي على صفحات مجلة فرح.
من هي ماريا خليفة في كلمات لقراء فرح؟
في الواقع، اسم "ماريا خليفة" و"سفرة دايمة" أصبحا مرادفين للطعم الشهي والابتكار والمرح. فمجلتي وكتبي المتعلقة بفن الطبخ تلهم النساء أينما كنّ. لكني أسعى إلى أن أتخطى عملي في الإذاعة والتلفزيون، ولذلك وسّعت نطاق أهدافي لتشمل مساعدة الآخرين على عيش حياة متوازنة وناجحة. لكني لا أنطلق من نظريات وفرضيات إنما من تجربتي الخاصة وما استطعت أن أنجزه من خلالها. سنة 2008 أسست معهد التدريب على التغيير وفيه يستطيع كل من أراد أن يسرّع عملية نموّه في طريق الحياة الصحيح أو أن يكتسب مهنة جديدة في مجال التدريب على التغيير أن يتعلّم المبادئ الروحانية الكونية التي تساعده على بلوغ أقصى طاقاته وإمكانياته من خلال اكتشاف نفسه الحقيقية الديناميكية. ومن يرغب بمعرفة المزيد يستطيع أن يزور مواقعنا على شبكة الانترنت.
http://www.changecoachinginstitute.com
http://mariakhalife.com
http://soufradaimeh.com
يهدف أيضا مشروع "معهد التدريب على التغيير" لنشر السلام في الشرق الأوسط. كيف ولدت لديك هذه الفكرة؟ وما هي سبل نشر روح السلام في عالمنا؟ وهل من الممكن تحقيق ذلك حين يكون العدو إسرائيل بحقدها التاريخي على العرب مسيحيين ومسلمين في مناطق النزاعات والصراعات؟
ربما يعرفني الناس كمؤسسة ومالكة شبكة "سفرة دايمه" وكرئيسة تحرير مجلة "سفرة دايمه" وكمدربة على التغيير في معهد التدريب على التغيير إلا أنني أيضاً مناضلة لأجل السلام. وحلمي بالسلام بدأ حين كنت بعد طفلة وعصفت الحرب بوطني. ولا حاجة بي لأن أخبركم عن تلك المرحلة الأليمة لأن الجميع يعرف ما هي ويلات الحرب. لذلك ولدت عندي تلك الرغبة بأن أشكل نواة صغيرة من المفكّرين المسالمين تعمل على نشر فكر السلام في الشرق الأوسط فننعم والأجيال القادمة بعيش التجربة التي تقت إليها وأنا طفلة وهي السلام الدائم. حتى في أيام الحرب كان السلام ينمو في داخلي، وأنا الآن أريد تجسيده، فأنا صانعة سلام. أعيد تشكيل عالمي كمكان يعمه السلام والانسجام. الحفاظ على سلامي الداخلي يجعل حياتي وكل ما أفعله يشعّ بهذا السلام. أعلم أن بعض الناس يرون في الإرهاب حلاً. لكن هذا الحل مناقض تماماً لما أقترحه. أنا لا أستطيع إلا أن أفكر بشيء واحد في لحظة واحدة ولأن أفكارنا تنعكس على حياتنا أختار أن أفكر بالسلام. لا يهمّ ما حولنا من تهديدات فلنبدأ أولاً بعيش السلام الداخلي الذي نفتقده وعندها تبدأ الأمور بالسير في المسار الصحيح.
تعرف مجتمعاتنا العربية تناميا لظاهرة العنف ضد المرأة بما في ذلك التحرش الجنسي في الشوارع وأماكن العمل، هل يمكن أن يستجيب الرجل العربي لنداء ماريا خليفة بنبذ العنف فكراً وقولاً وفعلاً؟
المرأة بمثابة أخت أو زوجة أو ابنة أو أم للذي يعتدي عليها. وأنا أتساءل إن كان من سيقدم على أذيتها أو الاعتداء عليها قد فكّر بهذه الطريقة أم لا؟
في معظم الأحيان يكون المعتدي شخصاً تعرض للاعتداء بطريقة أو بأخرى في حياته، وهو يرى في الاعتداء خياراً ونمط حياة يستعين به لتخدير إحساسه بالألم. والسبيل الوحيد لوقف هذه الاعتداءات هو فضحها. فكلما تكلمت النساء عن هذه التصرفات الشاذة كلما ازداد السعي إلى تأمين الحماية والأمان لأي امرأة يعتدى عليها. يستطيع أي رجل أن يتخذ اليوم موقفاً من هذا الأمر وأن يساهم في وقف هذه الاعتداءات. قد تسألين ما الذي يستطيع الرجل أن يفعله؟ يستطيع أن يمتنع هو عن القيام بمثل هذه الأفعال وأن يطّلع على المشكلة ليصبح أكثر تحسساً لما يؤذي الآخرين. ويستطيع أيضاً ألا يتعاون مع الأشخاص أو الجماعات التي تتحرش بالنساء وأن يعمل على رفض التحرّش علنية أمامهم.
تعرفت شريحة كبيرة من الشباب العربي إلى ماريا خليفة من خلال برنامج قسمة ونصيب على قناة lbc والذي كانت ماريا نجمته بامتياز حيث قامت بتقديم دروس عديدة للمقبلين على الزواج تشمل فن التعامل بين الزوجين وسبل تفادي الخلافات والتأهيل النفسي والإدارة السليمة للدخل الفردي وغيره.
حدثينا عن مشاركتك في هذا البرنامج، وعن رأيك في الزواج عن طريق مثل هذه البرامج أو عن طريق النت ؟
في الحقيقة، لا مانع عندي من المشاركة ببرامج تلفزيونية إن كنت أستطيع من خلالها أن أقدم لحياة الناس قيمة مضافة. ولقد وصلتني أصداء رائعة أثناء عرض البرنامج. فدوري كمدربة على الحياة أثبت لي أن الناس بحاجة لسماع أشياء منطقية تعطي حياتهم بعداً جديداً يستطيعون من خلاله أن يخططوا لحياة فيها خيارات تعطيهم مزيداً من القدرة وتخدم أهدافهم.
أما الزواج فأنا أعتبره مشروعاً جدياً جداً وإن لم نأخذه على محمل الجد فلا بد أن نفشل فيه ونخيّب أمل المقرّبين منّا. الزواج مسألة حسّاسة وتحتاج الكثير من التفكير وتتطلب شخصية متوازنة، سواء تمت نتيجة تعارف في برنامج مثل "قسمة ونصيب" أو عبر الانترنت. الزواج يحتاج التزاماً بإنجاح العلاقة ليس لثلاثة أشهر بل لمدى الحياة، والحياة ليست نزهة لذلك يعتبر قرار الزواج مصيرياً.
أنا أعتقد أنه إذا قرر شخصان إنجاح مشروع زواجهما عليهما أن يشاركا بالقرار 100% ويتحملا كامل هذه المسؤولية. وإذا كانت نيّة الارتباط صادقة وواضحة والتزم الطرفان بإنجاح زواجهما أعتقد عندئذٍ أنه سينجح وسيعيشان بسعادة سواء تعارفا من خلال برنامج " قسمة ونصيب" أو الانترنت أو أحبا بعضهما من النظرة الأولى.
تخلط مجتمعاتنا العربية بين الجنس والحب مما يجعل مفهوم الحب ضائعاً و يجعل الرومانسية ظرفية وغائبة طوال الوقت,تحضر فقط في لحظات اللقاء الحميمي بين الزوجين وتعود لتختفي بعدها.
كيف السبيل لتصحيح مثل هذه المفاهيم وإعطاء الحب مكانه وبعده الحقيقي في جميع لحظات الحياة؟
الدورة "الطبيعية" للحب، والمقبولة اجتماعيا، هي ببساطة أن يجد المرء شريكة مناسبة ويتزوّج ويؤسس عائلة. لكن من المحزن أن نرى أشخاصاً يرتبطون بعلاقات تدوم عمراً طويلاً، يتلاشى فيها الحب مع الوقت. عدد لا يحصى من الناس اختبروا الحب كمتعة، أي كعلاقة جنسية، أو إحساس بالأمان، حيث يؤمن لهم الآخر حاجاتهم اليومية.
العلاقات والزواج تتحوّل أكثر فأكثر من محور للحب والدعم والأمان إلى محور للنزاعات والألم وعدم الاستقرار.
المشكلة الكبرى التي نواجهها اليوم هي الخوف من الحب لأنه مرتبط بالألم والعذاب في معظم الأوقات.
الحب شعور أساسي تنبع منه أحاسيس وردود فعل إيجابية كالسعادة واللطف والنية الصادقة والإحسان والإيمان، والتعاطف والإنصاف والرحمة.
أما الخوف فهو نقيض الحب لأنه أساس الحقد والأذى والطمع والضغط النفسي والشعور غير المبرر بالاضطهاد وغيرها من المشاعر السلبية التي تشكل أساساً لظروف حياتنا وتجاربنا. الخوف يقفل قلوبنا ويجعلنا عرضة للتأثير السلبي فنخضع له بسهولة.
الحب يتأنى ويرأف. الحب يحمي ويعطينا أملاً بالناحية الإيجابية للحياة.
الحب يمكن أن يجمع شخصين ويقيم بينهما رباطاً أساسه الثقة والحميمية واعتماد الواحد على الآخر. إنه يعزز العلاقة ويطمئن الروح. ينبغي علينا أن نختبر الحب لا أن نشعر به فقط.
الحب لا يمكن قياسه. لنأخذ مثالاً على ذلك حب الأم لطفلها. إنها تحبه حباً غير مشروط ولا يمكن قياسه. يمكننا بلوغ بعدٍ مختلف في أي علاقة بفضل سحر الحب. ومن الممكن أن نوجد الحب بأنفسنا. ما علينا سوى أن نركّز على النواحي الجيدة التي لدى الآخر. فإذا استطعنا أن نفعل ذلك بسهولة يمكننا إذاً أن نحب بسهولة. تذكروا أن كل واحد منا لديه نواحٍ إيجابية، مهما كانت أفعالنا سيئة.
ما مفهوم السعادة الحقيقية وكيف يمكننا الوصول إليها؟
عندما تسألين شخصاً ما: لماذا تريد أن تقيم علاقة ما؟ لماذا تريد أن تجني مالاً كثيراً؟ لماذا تريدين أن تبدي جميلة؟ وإذا تابعت طرح أسئلة من هذا النوع سيجيب الجميع بأنهم يريدون أن يشعروا بالسعادة. السعادة هي إذاً هدف كل الأهداف. يفكّر الناس قائلين: إذا كان لدي المال سأشعر بالسعادة. إذا ارتبطت بعلاقة مع الشخص المناسب سأنعم بالسعادة. لكن الأمر معكوس في الحقيقة. فإذا كنت تشعر بالسعادة سوف تجد الحب وتقيم علاقة ناجحة. وإذا كنت سعيداً ستتخذ الخيارات الصحيحة وتحقق النجاح في عملك ومن المحتمل جداً أن تجني المال الكثير. إذاً السعادة تأتي أولاً وتليها كل الأشياء الأخرى. أما السعادة بالنسبة لي فهي خيار أتخذه كل يوم وألتزم بأن أعيش وفقاً له.
ماذا عن العلاقات الاجتماعية والأسرية في حياة ماريا خليفة؟
أعتبر نفسي محظوظة جداً لأنني استطعت أن أوجد لنفسي البيئة الصحيحة وأن أزرع في حديقة نفسي بذوراً صالحة. لقد ساعدني ذلك وساعد من حولي ليكونوا كما يريدون.
أنا محظوظة جداً لأنني ربيت أبنا ليصبح رجلاً رائعاً ويستطيع أن يكون معلماً لي في بعض الأوقات.
أنا محظوظة لأنني استثمرت في صداقاتي وعلاقاتي فأصبحت أغلى ما أملك.
أنا محظوظة لأن لدي عائلة محبة ومتعاطفة، ونحن نبقى متماسكين متضامنين في السراء والضرّاء. ذلك هو سر نجاحي. ذ
هل يمكننا أن ننفذ إلى أعماق ماريا خليفة لنعرف حلمها الأول؟
حلمي الأكبر هو أن أتمكن من أكون ما أستطيع أن أكونه. لا حواجز.. لا ممنوعات.. لا خوف.. بل أمل بتحقيق السلام وبإنسانية أفضل.
وأخيرا نشكرك جزيل الشكر وندعوك لتوجيه كلمة مفتوحة للإنسان في كل مكان أيا كان جنسه أو دينه...
تتساءلون عن أهمية الأقوال الحكيمة في دروس الحياة؟ كلنا نحتاج من وقت لآخر دروساً كهذه. هذه الأقوال الحكيمة تثبت حقيقة أنه ينبغي عيش هذه الحياة والاستمتاع بها إلى أقصى حدٍّ. لا تكتفوا بحياة عادية...بل اسعوا لأن تكون حياتكم رائعة! في الحياة ثلاثة خيارات: الاستسلام، الانسحاب، أو عيش الحياة بكل تفاصيلها. في يوم ما سيمرّ شريط حياتكم أمام أعينكم فاحرصوا على أن يستحقّ المشاهدة. ارقصوا كما لو أن لا أحد يراكم، أحبّوا وكأنكم لن تتعرّضوا للأذى، وغنّوا كما لو أن لا أحد يسمعكم، وعيشوا كما لو أن الجنة على الأرض. احلموا كما لو أنكم ستعيشون إلى الأبد، وعيشوا كما لو أنكم تموتون غداً. أحياناً، كل ما تحتاجونه هو فرصة ثانية!
في النهاية أود أن أشكرك لأنك أتحت لي فرصة التعبير. أتمنى لك ولأسرة المجلة كل التوفيق والنجاح بإذن الله.
حوار من انجاز نعيمة الزيداني
التعليقات (0)