كلنا يعلم أن الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء نادى بهذا النداء ((( هل من ناصر ينصرنا ))) وجميعنا يعلم أيضا أن الإمام كان ندائه لإلقاء الحجة على ذلك الجيش الذي تم تحشيده لقتاله ولسفك دماءه الطاهرة ودماء أنصاره الصالحين من آل بيته وأصحابه .
لكن هل يعقل أن يتوقف وينحسر كلام المعصوم وندائه على تلك الرقعة الجغرافية في كربلاء وعلى آنية تواجد ذلك الجيش.؟
الإجابة نجدها عند كل مؤمن موالي يعرف حكمة المعصوم ونظرته التي تتجاوز الزمان والمكان وهي كالآتي أن ندائه الشريف يتجاوز زمان ومكان كربلاء وعاشوراء سنة 61 هـ وهو نداء يواكب جميع الأجيال حتى قيام القائم عجل الله فرجه الشريف .
لذا علينا أن نتفحص هذا النداء الشريف المثقل بالجراح والهموم والأحزان ونضعه على مائدة التحليل الإيماني الموالي .
لنعرف ماذا أراد الإمام الحسين عليه السلام منا وكيف نكون مشمولين بذلك النداء وهل سيكون علينا حجة ألقاها سيد الشهداء سبط النبي صلوات الله عليه وآله .
الجواب أيها الأخوة والأخوات نعم ندائه حجة علينا كما هو حجة على ذلك الجيش الذي قاتله ورفع رأسه الشريف على الرمح .
كيف يكون حجة علينا ..؟
أن خروج الإمام الحسين عليه السلام معلوم للجميع من خلال تصريح الإمام نفسه ((( والله ما خرجت أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا .. إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله )))
وعلى هذا الاساس فأن محور خروج الإمام الحسين عليه السلام هو الإصلاح .. وعليه فالإمام عمم ندائه على الأجيال بأن ينصروه في استمرار مشروعه الإصلاحي في مجتمعاتهم التي تعاني من الفساد والظلم والطغيان والفقر والعوز والحرمان .ولكي نكون من أنصاره فلابد أن نرتبط ارتباطا وثيقا بمشروع الإمام الحسين ونحي أمر الإمام الحسين عليه السلام بكل أبعاده لكي نصنع مجتمعا واعيا صالحا مدركا للتحديات التي تواجهه والتي تريد النيل من دينه وأخلاقه وثقافته. فنخاطب إمامنا ومولانا ومقتدانا سيد الشهداء ونقول بصوت عالِ " سيدي أبا عبد الله إن كان الزمان قد أبعدنا عن نصرتك في تلك الواقعة فنحن نعاهدك على أن نلتزم بأن ننصر مشروعك الإصلاحي كما أردت من إصلاح يتناسب مع كل التضحيات التي بذلتها في طف كربلاء "
إذن أخوتي وأخواتي هذا العهد الذي نلزم به أنفسنا يتطلب منا العمل الدءوب والمنظم وهو على محاور عدة كل منها يكمل الآخر . ترشيد عملية الخطابة في المنبر الحسيني وخاصة أيام عاشوراء والذي يجب أن يبتعد قليلا عن السرد التاريخي لحادثة كربلاء وأن على الخطيب الحسيني عندما يتعرض لسرد حالة من تلك الحادثة أن يجد صلة ورابطة يستطيع من خلالها توجيه الفرد والمجتمع عن طريقها من خلال طرح مشكلة معاصرة ووضع حلا لها في التعامل من جراء ماحصل في تعامل الإمام الحسين وأنصاره آنذاك .. وأيضا أن يعمل الخطيب على إيضاح بعض الجوانب لشخصية الإمام الحسين عليه السلام وكل شخصية كانت ضمن معسكره الشريف بطريقة سلسة وواضحة كالجانب العلمي والعبادي والأخلاقي والاجتماعي وأيضا جوانب الصبر والتحمل والكبرياء وقوة الشخصية والثبات والإقدام والشجاعة والبسالة وأن لايكتفي الخطيب والمحاضر بسرد الحدث كقصة تاريخيه تتخللها مواقف وأبيات شعر تجذب عواطف الناس ونحن لانرفض هذا الأمر بل نراه ضروري جدا لكن كل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده فيجب على الخطيب والمحاضر كما يحاول أن يجذب الناس بعواطفهم أيضا أن يحاول جاهدا بجذب عقولهم وأرواحهم وأنفسهم لكي تترسخ تلك القضية في وجدان جميع من يحضروا لتلك المجالس الحسينية .
أذن نحن نحتاج إلى عقول تعي وتدرك استمرارية مشروع النهضة الحسينية ونصرتها كما نحتاج إلى قلوب دافئة تمنح القضية حزنا وألما وبكاء على ماوقع من فاجعة لأهل بيت العصمة وأنصارهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
وأخيرا أقول عندما نعمل بهذا الوعي والإدراك والترشيد لانحتاج بعدها للتمني ولانقول ((( يا ليتنا كنا معكم ))) لأننا بالفعل سنكون معهم متى ماقمنا بواجبنا هذا تجاه قضية الحسين عليه السلام .
التعليقات (0)