ماذا يحتاج الإنسان لتربية النفس ؟ المعلم الأستاذ الحسني مُجيبا
إن تربية النفس ليست من الأمور اليسيرة التي لا تتطلب بذل الجهد الكثير في إعدادها بما يتماشى مع معطيات الحياة و تشريعات السماء، فهذه المَهمة تحتاج للعمل الجاد و السعي الحثيث من الفرد كي يصل إلى الغاية المنشودة في تقويم النفس و تربيتها بالشكل الملائم و ترويضها على وفق المنهاج المستقيم، وكما هو معروف أنَّ النفس ميالة إلى ما يحلو لها وقد يبعد ميلها هذا إلى ما لا يُحمد عقباه و بالتالي ستكون في مقام يستوجب سخط الرب الجليل و يستدعي العقاب العسير إذا ما انتهت من هذه المتاهات الغير مُجدية، لكن و أمام مغريات الحياة و ملذاتها التي لا تقف عند حدٍ معين فإن الإنسان يبقى يدور في دوامة مالم ينصاع لحكم العقل و يروض نفسه على العبادة الصادقة و الإخلاص في طاعته لأوامر السماء وهذه المقدمات لا تتحقق من تلقاء نفسها إلا بوجود عدة ظروف ملائمة معها و تحقق لها الأرضية المناسبة لقيامها على أرض الواقع، إذاً لابد من تربية النفس و صقلها بكافة سبل النجاح في الدارين، و هذه التربية أولاً تقوم على توفر الشعور بالآخرين سواء أكانوا في سعادة أو أحزان، بمعنى أن نفرح لأفراحهم و نتألم لمصائبهم و أحزانهم و نقف لجانبهم في كلا الحالتين حتى يشعروا بأننا نشاركهم في كل ما يجري عليهم و نحمل همومهم و نعيش معهم في مختلف الأجواء التي يمرون بها المهم أن نوقد فيهم جذوة المحبة و روح الإخوة الواحدة و نتبادل معهم التسامح و نزرع في قلوبهم جذور التعايش السلمي و نقوي بذلك من النسيج الاجتماعي الذي يربطنا بهم سواء أكان الدين أو الوطن أو اللغة ولا فرق في ذلك فالنتيجة واحدة هي الوحدة الاجتماعية الصادقة التي أرسى قواعدها ديننا الحنيف فهذه الخطوات الطيبة و المهمة في كل وقت و زمان تُعد من النوايا الحسنة و المقدمات الطيبة في تأسيس المجتمع الواعي و المثقف و المُدرك لأهمية الأواصر الاجتماعية و دورها الكبير في تماسكه و تقوية نسيجه الإنساني أمام الفتن و مغريات الشيطان الرجيم فمن هنا نستطيع أن نمارس وظيفة تربية النفس و بكل نجاح منقطع النضير و كما دعا إليه المعلم الأستاذ الحسني في رسالته العملية و المسماة بالمنهاج الواضح فقال فيها : (( لتربية النفس يحتاج الإنسان المسلم أن يحمل هماً كبيراً متمثلاً في أمور المسلمين جميعاً، ومن الواضح أن حمل مثل هذا الهم ينمي من أخلاقيات الإنسان و يُوسع من الآفاق التي يُحلق فيها و يُؤثر في تنمية الروح، و أما إذا صغرت الأمور التي ينشغل بها، فإنه يؤدي إلى ضيق أفق الإنسان، و وقوعه في التناقضات و النزاعات التافهة، و بالتالي الوقوع في المُحرمات الشرعية و الأخلاقية )) .
فديننا الحنيف كفيل بتربية النفس و الإنسان الصالح قادر على الخروج بنفس كريمة إذا ما كان يملك الحلول الصحيحة و الناجحة في تربية النفس و ترويضها على العبادة الخالصة و الطاعة الصادقة من خلال حب لأخيك ما تُحب لنفسك .
بقلم الكاتب احمد الخالدي
التعليقات (0)