نصوص
ماذا لـو:
فارس سعد الدين السردار
(1)
لم استيقظ من نومي على سقسقة العصافير، التي أولعت بلب صمون الجيش الذي تناثرت بقايا فُتاته تحت أسرتنا وفي ممرات الجملون الطويلة، المفضية إلى ساحة العرضات.
وبقيت احلم برذاذ موج البحر، وفطائر الجبن المملحة، والنوارس التي تكافح الجوع . هناك على ضفاف البحر الأسود.
(2)
لم أفكر للحظة، وتسللت خلسة وراء خيط الدخان الخارج من بين أشجار الغابة في ذاك الصباح المبكر، حيث الحطابون، وزارعو الفخاخ، والمتمردون، والرعاة، والفحامون.
لكان السنونو الآن له عش من طين في زاوية من زوايا كوخي الجبلي.
(3)
لم اكتب حرفا، أو ابري قلما، أو اقرأ كتابا، لاحس بوحشة فانوس(الحوش) في منزلنا الشرقي. وكم نجا فراش وبعوض من الموت بسبب ما تصنعه الدهشة من فضول.
(4)
أن كلاب الحي لا تنبح على احد في الليل.
لمرت عربات الجند الأمريكان، تحت عباءة الليل الخوان، والكل نيام.
(5)
أني لم أسلك في المدرسة، واخترت لنفسي مهنة خياط أو حداد أو بزاز أو لحام، لجررت ورائي عددا لا يحصى من صبيان وبنات.لا أورثهم وجدا لشيء ما.
(6)
لم اسحب كفي من بين أصابعها ، الباردة كالثلج في ذاك اليوم التشريني الماطر. معتذرا: لا اقدر أن افتح بيتا، وتكونين له سيدة.
وانساقت هي وراء عواطفها، أكانت حقا تجربتي في أن أبقى بتولا.أي أكثر عمقا؟..
(7)
إنني أمام الدينار ، لونت بالكلمات سماءً، وغزلت بنول الطمع ثوب عزاء، لرقدت وحيدا كل مساء لا أجرؤ أن المس جلد كتاب.
(8)
لم أقرأ قصيدة السياب ( حتى الظلام أجمل في بلادي ، لأنه يحتضن العراق). ولم أتعاطف مع (تراست بولبا) وهو يختار القوقاز على ولده.
ولم ازرع في الدار أو ساحة المدرسة أو باب القاعة في المعسكر كل ربيع شجرة ، ما كانت ستمر سنوات الحصار بهذه الوفرة من الإنتاج.
(9)
أن الحرب لم تحتطب من عمري كل هذه السنين، ومرت الأيام بوتائر صفوها ومشاكساتها كما مرت على جيل السابقين .
أكنت أبقى هكذا محموما، راكضا، متعب القلب ، حزين؟.
(10)
لم تلتقيني، ولم التقيها.
فألي أين كانت تذهب كل هذه السنين.
(11)
لم اولع بالياسمين، والتين والشوكي، وعرانيص الذرة، والكرز، وكرات اللبن المحفوظة في زيت الزيتون، والمرجة، وشارع الشهبندر، وحديقة المزرعة، وايمن بن السمهوري، وخالد بن الخياطة، ومحي الدين بن عربي والحميدية . واللوز الأخضر.
لما كان قلبي يخفق هكذا كلما اجتاز الحدود..
(12)
أن قريبتي الطاعنة ألان في السن، لم تشّهر بي بعد أن رأتني وأنا اطبع أول قبلة على وجنة رفيقة دربي في المدرسة، ونحن عائدين مثقلين بحقائبنا وكركراتنا ودهشتنا. ربما كنت أوغلت أكثر في أعماق التجربة.
كانون الأول
2007
التعليقات (0)