لم تقتصر حدود السؤال عند الفلسطينيين بل أصبح هذا التساؤل عابراً للحدود، ومثار اهتمام العديد من القوى الإقليمية والدولية، كما هو مثار اهتمام كل فلسطيني في الداخل والشتات، وتحديداً بعد الحراك الذي تشهده القاهرة هذه الأيام بين الفصائل الفلسطينية من اجل إنهاء الانقسام بين جناحي الوطن، وبناء نظام سياسي يستوعب الجميع، وإستراتيجية وطنية ملزمة لكل الأطراف من اجل الوصول لتحقيق آمال الشعب الفلسطيني بانجاز مشروعه الوطني التحرري، وإقامة دولته المستقلة.
ما يدور بالقاهرة الآن يؤكد بأن استحقاق الانتخابات هو قادم لا محالة حسب ما صرحت به القيادة الفلسطينية وحركة حماس وحددت تاريخ مايو من العام المقبل موعداً للعرس الديمقراطي الذي يؤصل لثقافة الشراكة والتداول السلمي للسلطة، وكذلك تجديد الشرعية الدستورية والسياسية للقوى والفصائل الوطنية والإسلامية وتحديد أوزانها من خلال الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، كونه هو الوحيد الذي سيقرر هوية أعضاء المجلس الوطني والتشريعي وهوية رئيس السلطة الفلسطينية...
وهنا لابد من التأكيد على أن الانتخابات المقبلة مهما كانت نتائجها ستصب في المصلحة الوطنية الفلسطينية، لأن ما تم التوافق عليه أن العمل في المرحلة المقبلة هو عمل مشترك، وبذلك الحكومة التي ستأتي بعيد الانتخابات ستكون حكومة وحدة وطنية، الكاسب منها كل الشعب، والخاسر إسرائيل وحلفائها..
لكن السؤال الأبرز الذي يشغل بال العديد من مراكز الأبحاث والدراسات في العديد من الدول، وعلى رأسها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، ماذا لو نجحت حماس في الانتخابات المقبلة...؟
قبل الخوض في الإجابة عن هذا التساؤل لابد من تناول مدى واقعيته، فهل ستحقق حماس فوزاً في المؤسسات السياسية الثلاث...؟ المجلس الوطني والرئاسة والتشريعي...؟ ربما البيئة السياسية السائدة في المنطقة تؤكد واقعية هذا الطرح، ففوز الإسلاميين في كل من مصر وتونس والمغرب، والتحول في السياسة الخارجية الأردنية تجاه حركة حماس، بالإضافة إلى تحولات لدى العديد من دول الخليج العربي تجاه الحركة الإسلامية، كل ما سبق سيعزز من فرص فوز حركة حماس لأن نظرية الدومينو السياسية ستؤثر على المزاج العام للناخب الفلسطيني، لأن نجم الإسلاميين يسطع في عنان الشرق الأوسط، حتى فرض نفسه على السياسة الخارجية الأمريكية، وأربك حسابات إسرائيل مما دفعها لتشكيل قوى عسكرية مثل قيادة العمق ذات المهام الإستراتيجية للتعبير عن أزمتها وتخبطها والتعاطي عسكرياً مع التحولات في المنطقة...
أما داخلياً، فالشعب الفلسطيني الذي انتخب حماس عام 2006م بنسبة تتجاوز الــ60%، قد يعيد منحها الثقة مرة أخرى، من أجل أن يستعيد كرامته التي انتهكها المجتمع الدولي برفضه خياره الديمقراطي في يناير/2006م، وفرضه لحصار ظالم طال مناحي الحياة في قطاع غزة، وفي المقابل سخر كل دعمه المالي للأجهزة الأمنية في الضفة الغربية من أجل حماية أمن إسرائيل، وبرغم قبول السلطة لهذا الواقع المرير من أجل تحقيق مكاسب سياسية إلا أن الغرب برئاسة الولايات المتحدة خذلت السيد الرئيس محمود عباس برفضها قبول فلسطين على حدود 1967م عضواً في الأمم المتحدة، وموقفها من قبول فلسطين عضوا في اليونسكو، كل ذلك سيدفع المواطن الفلسطيني للرد على الغرب وإسرائيل بمنحه الثقة لحركة حماس.
وللعودة إلى عنوان المقال، فإن هذا السيناريو سيكون عبارة عن زلزال له ارتداداته التي قد تصيب إسرائيل والغرب، فإسرائيل ترى في فوز حماس في المجلس الوطني من شأنه سحب وثيقة الاعتراف المتبادل بينها وبين منظمة التحرير الفلسطينية، وفوزها في الرئاسة أو التشريعي، سيدفع العالم إلى إسقاط شروط الرباعية، وعزل إسرائيل، وهذا سيلقي أيضاً بتداعياته على المشهد السياسي الأمريكي بحيث ستنقسم الولايات المتحدة على ذاتها، من خلال معركة بين المبادئ والقيم والمصالح، لأن من مصلحة الولايات المتحدة المحافظة على مصالح إسرائيل لكسب صوت الناخب اليهودي، ولكن قيم ومبادئ الشعب الأمريكي هي القبول بالديمقراطية ونتائجها، وفوز حماس تأكيد على ثقة الشعب بها وبمنهجها، وبذلك نحن أمام مشهد قد يخدم المصالح الوطنية الفلسطينية.
التعليقات (0)