مواضيع اليوم

ماذا لو اسلم أبو طالب


في مجتمع تسوده عقلية الرجل الواحد ... عقلية واحدة ...عقلية مرتبطة بفكر رجل يمثل سلطة روحية واجتماعية واقتصادية .. وفي مجتمع يخضع لمعايير ربما يكون العقل آخرها .. لن تجد من يتمرد بسهولة على الوضع القائم . .. وسيكون هذا المتمرد خارج على القانون والأعراف والمقاييس والنمط الاجتماعي السائد .. فما الذي يدفع برجل أهله من علية القوم .. يمتلكون أسباب الثراء والجاه والسلطان والشرف والقيمة الاجتماعية العالية .. وتحظى باحترام القابل لها .. بل الكثير من القبائل تدين لها بالولاء .. ما الذي يدفعه إلى الخروج علليها وعلى نمطها ..وبل ينكر عليهم ما يفعلون .. ويصفهم بالجهل والسفاهة .. رجل لم تعني قرابة الدم والولاء للعشيرة والقبيلة ذلك الولاء والانتماء الذي يشكل حصنا حصينا أمام طمع الطامعين ورصد المتصدين وتربص المتربصين .. في زمن كان الولاء للقبيلة هو خير ضامن للبقاء عزيزا شريفا .. ولا تزال آثار هذا الولاء والتحيز له ظاهرا في معظم المجتمعات القبيلة العربية وغير العربية .. لتمتد على الولاء للحزب والمجموعة والطائفة والدولة من بعد ذلك ..
خرج محد ( عليه السلام ) من عباءة القبيلة ..وخرج من فكر العقل الواحد .. وتمرد على الوضع القائم .. فلم تعجبه ولم ترضه أفكارهم وعاداتهم إلا بعضها ..أنكر عليهم ما يفعلون .. قبل أن يكون نبيا ورسولا .. كان رجلا متنورا .. منفتح العقل .. متفكرا .. ملاحظا ومحللا ومستنتجا .. توصل إلى قناعاته بنفسه ...
كان يمكن له أن يكون بما وهب من عقل متفتح وفكر متنور .. وروح رافضة لقيم كثيرة مضى عليها في مجتمع الآلف السنين .. كان يمكن أن يكون ملكا وتاجرا كبيرا وزعيما قبليا عظيما .. خصوصا وقد أصاب القوم في مقتل حين وصفهم بالسفاهة والجهالة وعراهم أمام أنفسهم .. ولأنهم على قدر من العقل يكفي لان يفهموا .. أدركوا مباشرة صدقه ... فخافوا من الحقيقة ... ولكنهم خافوا على مكتسباتهم الاجتماعية والاقتصادية .. على قيمتهم القبلي أكثر .. فنراهم لم يؤمنوا .. ولكنهم كانوا يعرفون في قرارة أنفسهم انه على الحق وان ما جاء به الصدق وأنهم على الباطل .. فكما يقولون الحق أبلج .
لهذا تداعوا إلى إغراءه بالمال والنساء والجاه والسلطان عملة ذلك الزمان ... إذا كنت تريد مالا أعطيناك لتكون أغنى واحدا فينا .. وإذا كنت تريد زوجة زوجناك أجمل من تريد .. وإذا كنت تريد جاها جعلنا ملكا علينا ...ذلك هو منطق مصالحهم ينطق بما هو قائم عليه مجتمعهم ...
لم يخافوا من التوحيد فما كان ذلك ليضرهم بشيء ... وما خافوا من محمد بذاته فهو ابنهم وابن أخيهم .. وقد خبروه الصادق الأمين .. لم يخافوا من رغبته بالزعامة أو التمرد على القبيلة ..فهو ابن القبيلة .. وفيها من الأشراف والأقوياء ما يكفي لتكون عزيزة .. ولن يضر التنافس على الشرف عظيم القبيلة .. بل سيزيدها عزة وجاه ..
لكنهم خافوا مما تنطوي عليه أفكار محمد الجديدة .. خافوا من الخسارة الاجتماعية أمام القبائل كما خافوا من فقدان مكتسباتهم الطبقية التي اخذ محمد ينادي بها ( المساواة بين الناس .. فلا فرق بين عربي وأعجمي ... والناس سواسية .. كانت تلك ضربة قاتلة لقريش .. إذ كيف يتساوى الأحرار و العبيد ، السا دة وعامة القوم .. خافوا على تجارتهم وعلاقاتهم مع القبائل الأخرى حيث كانت مكة موئلا للتجارة الإقليمية في الجزيرة العربية وما حولها ..خافوا على سمعتهم بين القبائل .. التي كانت تدين بدينهم ..وتنهج نهجهم .. فالخروج على دين الإباء والأجداد خروج على كل موروث مقدس .. والعقلية العربية كانت ولم تزل نخاف اذا لم تكن ترفض كل جديد ... وفي عرفهم ، كل من يأتي بالجديد هو مغامر ومقامر .. وربما أهوج لا يحسب حساب القادم ولا يقدر النتائج .

لذا كان على الكبار أن يرفضوا وهم على قناعة بصدق ما جاء به محمد .. كان عليهم أن يرفضوا وهم يدركون أن ما جاء به محمد الحق .. فدعوة محمد تخاطب العقل قبل العاطفة .. وهم أهل العقل ...
لذا ماذا كان لو اسلم زعيم قريش...أبو طالب ... هل كان سيقود من خلفه العامة ..ويقلب موازين القوى والصراع في عهد بداية النبوة .. هل كان ليؤمن العامة بعدما شاهدوا زعيمهم يؤمن ويصدق محمد .. اعتقد أنهم كانوا ليؤمنوا وكانت الدعوة لتكون أسهل والعرب ترى قوم محمد قد آمنوا وصدقوا .. وما كانت لتكون حروب وغزوات كثيرة ... ولتغير التاريخ كثيرا..
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !