بعد أربعين عاما من الحكم وتسلم المسؤولية في الجمهوريات والبلاد العربية الا يحق لنا ان نطرح هذا السؤال : ماذا قدم الرئيس وحكوماته المتعاقبة للبلاد والعباد ؟؟
سؤال يرن كناقوس في عالمنا العربي منذ عهد التخلص من الاستعمار الاجنبي لنقع في عهود من الاستعمار المظلم الوطني وكما يقولون ( لظلم ذوي القربى اقسى واشد وطأة على القلوب والعقول ..)
وفي نظرة سريعة للخلف لترى ماذا قدم اهل الغرب للغرب خلال تلك الفترة الزمنية .. ونحن نأخذ بالاعتبار مقدرات البلاد العربية وإمكانياتها ..مقارنة بتلك التي في اوروبا .. ونحن نعرف ونفهم وندرك تماما ان العرب كأمة يملكون أضعاف ما يملكه الغرب بكثير بل كثير جدا ..
سنجد ان القفزة النوعية التي انتقل بها الغرب الى الحداثة والحضارة والتقدم .. وما حققوه على مستوى الرفاه الاجتماعي للمواطن عندهم يفوق ما كان يتخيل المواطن الغربي بكثير ..ليس في مجال الثروة والحياة والعلوم والتقدم .. بل في مجال القانون الذي وضع ليصيغ حياتهم بشكل ينظم العلاقة بين الفرد والشعب من جهة والشعب والحكومات من جهة اخرى ... ولعل هذا سر من أسرار التقدم .. وعدم التكالب على السلطة بالصورة المسعورة التي نشاهدها في عالمنا العربي.
ولو كان عنهم تكالب فسيكون تكالب ديمقراطي يمكن السلطة من الانتقال السلمي بين الشعب على اسس محسوبة معروفة .. ولن نمجدهم ونجعلهم أنبيا العصر الحديث ولكنهم تفوقوا كثيرا في مجالات لم نزل نتحسس حروفها الاولى الى اليوم ..
لم يقدم الزعيم العربي وعلى الاطلاق وحكومته وحاشيته للامة أي شيء يذكره بخير بعد وفاته او توريثه السلطة لنجله الأكبر .. او لنائبه الذي يأتمنه على السلطة من بعده .. ولو انه لا يأتمن احدا غير نفسه ...فالبنية التحية في كثير من الدول العربية حتى في العاصمة لا تزال بنية متخلفة .. والمظهر العام للمدينة لا يزال منظرا متخلفا وكأنك تشاهد مدينة ريفية في أوائل القرن التاسع عشر ..
ولهذا نجد الغرب يتهافت الينا كسياح ليشاهدنا ويصورنا وكأننا كائنات غريبة تعيش في القرن الواحد والعشرين ..او كأننا آثار من تلك الاثار التي تزخر بها بلداننا العربية ولم نحسن ادارتها والتعامل معها واستثمارها ... فنراهم يصورون أطفالنا الحفاة العراة .. الكثير منهم عوراتهم ظاهرة وهم يجوبون الأزقة والشوارع في الحواري .. او يصورن العجائز وهن يجلسن أمام كومة من الفجل او سرب من طيور الدجاج في سوق شوارعه متربة .. يخترقها مجرى ماء تفجر من مياه مجاري الصرف الصحي .. وتعجز الكاميرا عن نقل الرائحة ...
لا يزال المواطن العربي يقال عنه : يموت من العطش : ( كالجمال يقتلها العطش والماء على ظهورها محمول ...) في الوقت الذي تنعم فيه بلداننا العربية بأكبر مصدر مائي في العالم .. من دجلة والفرات والنيل والعاصي والاردن الى مئات الينابيع الحارة والباردة والعلاجية والبحار التي تعتبر بحار عربية خالصة مخلصة بكل معنى الكلمة .. كالبحر الاحمر والبحر الميت كنز الاملاح والمعادن في الاردن .. والشاطىء الجنوبي كاملا للبحر الابيض المتوسط وشاطىء المحيط الاطلسي الشرقي والخليج العربي وبحر العرب ... ويقولون نحن من افقر بلدان العالم مائيا ..
لا يزال المواطن العربي يعاني قسوة تأمين لقمة العيش بكرامة .. ولا زال يعاني من انتهاك ادنى حقوقه الشخصية والوطنية والقومية .. ولا زال يعاني من عدم مقدرة على التعبير عن ذاته بحرية .. الى ان تنادي امريكا واوربا ودول العالم الدول العربية ممثلة بالسلطات الحاكمة المتحكمة برقاب العباد ان تتيح قدرا من الحرية وان تعامل الناس ( العرب ) بقدر من الديموقراطية .. وهم يشاهدون ما يشاهدون من تكميم للافواه ...
انتهى عصر الاستعمار الاجنبي .. وحل محله الاستعمار الوطني المحلي ... ومضى وقت طويل بعد ان قاوم المواطن العربي البسيط الاستعمار استشهد من استشهد وقتل من قتل .. وفرحنا بطرد الاستعمار.. وأعلنا الاستقلال بنهر من الدم .. ووضعنا النصب التذكارية للشهداء في الميادين العامة في العواصم والمدن العربية ...
لنكتشف اننا كما يقولون : ( كأنك يا ابو زيد ما غزيت ... ) ولنكتشف أننا بحاجة الى ان نثور من جديد لطرد المستعمر الوطني من البلاد ولنكتشف ان العدو هذه المرة من الداخل .. فلم يكن يتوقع المواطن العربي ان يقتل برصاص الجيش وقوات الأمن الوطنية التي حارب هو وأسلافه من اجل تكوينها وتشكيلها ...وليعرف انه امام عدو من الداخل وتلك هي المصيبة الكبرى .
لم يقدم النظام العربي وعلى الاطلاق شيء يستحق الزعيم العربي عليه الشكر او الثناء او ان يذكر بخير عليه .. فكل ما قدم جوع ومرض وجهل وفساد اصبح مؤسسة .. وانتهاك الكرامة . وتفشي الوساطة والشللية والمحسوبية وعصابات النهب والسلب والسرقة من مقدرات الوطن حتى في اكثر بلداننا بحبوحة اقتصادية لا زال الكثير من المواطنين يعيشون في ادنى درجات الإنسانية ..
التعليقات (0)