مواضيع اليوم

ماذا تعني هزيمة الاسلام السياسي في الكويت

عمادالدين رائف

2009-05-19 14:46:50

0

 

في شهر يناير الماضي وبناء على معلومات مستقاة من مصادر موثوقة كتبت موضحا التوجه السياسي العام في المنطقة بعد الهزيمة الفضيحة التي تلقتها حماس في غزة والتي تسببت خلالها بقتل واعاقة نحو ثمانية الاف انسان فلسطيني لا ذنب لهم الا انهم يسكنوا قطاع غزة، وما تسببت به نتائج الحملة الدموية التي ارتكبها الكيان الصهيوني والتي حاولت قوى الاسلام السياسي على مستوى الوطن العربي توظيفها لتحقيق اهداف سياسية في مقدمتها تثبيت اقدام سلطة حركة الاخوان المسلمين في قطاع غزة وتعزيز الامارة الاسلامية لتكون قاعدة للاخوان المسلمين في مصر والاردن على الخصوص وفي المنطقة عموما.

لكن ما ادعته حركة حماس من انتصار كان كذبا ووهما .. سرعان ما ادركته الجماهير .. وكانت النتيجة الطبيعية للصمود الكاذب والخسائر الفادحة التي لحقت بجماهير غزة وعدم تمكن احزاب الاسلام السياسي عن اجبار القاهرة على فتح معبر رفح الذي كان سوف يمثل لو تم فتحه رمزا لاستقلال الامارة الاسلامية الحماسية، اقول كانت النتيجة انزواء حركات الاسلام السياسي وتراجعها من ناحية وتنبه مكونات النظام السياسي الرسمي العربي الى الخطر الكامن الذي باتت تشكلة الاحزاب السياسية الدينية، والتي تمكنت خلال احداث غزة من تجاوز كل الخطوط الحمر التي كانت تنظم علاقتها مع الحكومات العربية.

واذا اضفنا لذلك الضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة على الحكومات العربية لتحجيم وزن ودور حركات الاسلام السياسي فان الحكومات العربية مع استثناءات قليلة جدا قررت اعادة ترتيب اوراقها واتفاقاتها وتعاملها مع حركات الاسلام السياسي بل ومع بعض المتدينيين المتشددين ممن لا ينتموا للاحزاب السياسية.

وكانت ملامح هذا التبدل في موقف الانظمة الرسمية من هذه الحركات قد ظهرت في اكثر من بلد عربي ولعل اكثر ما لفت النظر في هذا السياق الموقف السعودي الذي اتخذ عددا من الخطوات الانفتاحية التي اتاحت المجال للمرأة السعودية المشاركة بالحياة السياسية لاول مرة في تاريخها بالاضافة الى التمهيد لتخفيف القيود على حركة المرأة مثل السماح لها بقيادة السيارة او المشاركة في بعض الادارات العليا في القطاع الاقتصادي وفي الميدان الاجتماعي والسياسي.

وكذا الامر في الاردن حين تم تعديل الوزارة وتعيين وزير داخلية متشدد تجاه الجماعات الاسلامية وخصوصا حركة الاخوان المسلمين والتي يعرف جناحها السياسي باسم جبهة العمل الاسلامي.

وكذلك الامر في الجزائر وتونس والمغرب واليمن وفي الامارات ايضا التي وضعت قيودا مشددة على حركة رؤوس الاموال التي كانت تغذي برامج وانشطة جماعات الاخوان على وجه الخصوص والتيارات السياسية الاسلامية الاخرى.

وكان من الطبيعي ان تكون الكويت من اكثر الدول نشاطا في هذا الاتجاه حيث لعب الاخوان المسلمين فيها دورا مركزيا في دعم ومؤازرة وتقديم كل اشكال المساندة لمختلف حركات الاسلام السياسي مستندة الى خبرة ودور الاخوان المسلمون السوريون الذين هربوا من بطش النظام الى الخليج ومنه الكويت ليحتلوا مراكز بارزة في الشركات والمؤسسات التي تعمل وفق النظام الاسلامي والتي نمت كالفطر في غضون عشر سنوات.

وازداد الدور المناهض للاتجاهات الاسلامية في الكويت على المستويين الشعبي والرسمي لحركة حدس ومن يوالونها عندما اتخذت مواقف غير شعبية في الكثير من المحطات مما جعل الجمهور يشعر انها تتبنى موقفين في اتجاهين متناقضين احدهما مع الحكومة والاخر شعبوي وهو تكتيك خاطي افقدها احترام السلطة واحترام الجماهير وكانت النتيجة المنطقية لذلك انفضاض الجماهير من حولها فخسر كل مرشحيها في الانتخابات البرلمانية التي جرت امس الاول حتى ان الوحيد الذي ينتمي لها لم ينزل في قائمتها ولم يعتمد على اعضاء وانصار الجماعة بل اعتمد بشكل رئيسي على قائمته.

وعندما تلحق هذه الهزيمة النكراء بالتيارات السياسية الاسلامية في الكويت التي يعتبرها الاسلامويين احدى قلاعهم التاريخية  فان هذا يعتبر مؤشرا لما ينتظر المنطقة كلها من تغيرات في السنوات المقبلة.

فهذه الهزيمة تشير الى ما هو متوقع في الانتخبات النيابية اللبنانية ، حيث ان تبجح نصر الله وتصويره بان الامور كافة تحت السيطرة وانه يتحدى التيار الليبرالي (قوى 14 اذار) وانه يمسك بالنصر بين اصبعيه وسخاء منه وكرما ربما يتصدق على فريق 14 اذار ببعض المقاعد النيابية او الوزارية.

وفي هذا الادعاء الذي برز واضحا في خطابه الاخير دلالة على عدم ادراك السيد للتحولات والتطورات الجارية في المزاج الجماهيري في المنطقة، ولبنان الذي يعتبر المختبر الاول للتحولات السياسية في المنطقة العربية باسرها لا بد وان يكون سباقا في بلورة الرؤى السياسية.

فما حدث في الكويت وكان سابقة في المنطقة سواء تعلق الامر في هذا الفوز التاريخي للمرأة الخليجية التي تعشعش فيها بقايا القبلية والتطرف وقيود المجتمع "فوق" المحافظ، او تعلق الامر بهزيمة التيارات الاسلامية السياسية، كان سيطلق شرارته من لبنان لولا ان الانتخابات النيابية في الكويت سبقت مثيلتها في لبنان.

ومثلها سيحدث في الاردن في الانتخابات النيابية المقبلة، اللهم الا اذا ظلت بعض قوى اليسار الاردني تلهث وراء مشاركة هزيلة مع جبهة العمل الاسلامي طمعا في مقعد نيابي او مقعد في هيئة نقابية او جمعية مهنية.

اما في فلسطين فان نتائج الانتخابات الكويتية تنبيء بما هو اكثر اهمية، خصوصا اذا ادركنا حجم الدعم الهائل المالي والسياسي والمالي الذي توفره جماعة الاخوان المسلمين (حدس) لحركة حماس، وبالتالي فان على القوى السياسية الفلسطينية ان تكون على قناعة بان زمن ما سمي بالمد السياسي الديني قد انتهى وان عليها ان تقيم حساباتها وبرامجها كي تحتل مواقع مؤثرة في الحركة السياسية الفلسطينية خصوصا قوى اليسار التي ترسخت لديها في العقدين الاخيرين قناعة بانها ليست اكثر من ملحق بهذه القوى السياسية ان تلك وسخرت جهودها في دور الاطفائي للخلافات التي تقع بين القوتين الكبيرتين فتح وحماس.

مرة اخرى نؤكد ان هزيمة الاسلام السياسي في الكويت يستند الى رؤى ومواقف رسمية عامة في المنطقة، ويستند الى ضعف وهزالة تيارات الاسلام السياسي ووهنها وافتقادها للبرامج السياسية الواقعية، وايضا يستند الى انفجار فقاعة الاوهام والخطاب السياسي المضلل الذي اشاعته في العقود الاخيرة، بالاضافة الى رفع الغطاء الرسمي الذي اختبأت تحت عبائته منذ نشأتها.

ولكن ما يستوجب التحذير هو الا تتمكن القوى الليبرالية والوطنية من تعبئة الفراغ واثبات جدارتها بتحقيق مطالب الجماهير من ناحية وعدم مراقبتها بدقة لاحتمالات ان تعود الاحزاب الاسلامية لتقديم تنازلات للسلطات الرسمية كي تستعيد عباءة الحكومات ورضاها وبالتالي تستعيد بعض مواقعها السابقة.

ابراهيم علاء الدين

alaeddinibrahim@yahoo.com

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !