ماذا تريد تركيا من العرب ، من سوريا ومن العراق ومن ليبيا ومن غزة وفلسطين ، لماذا استيقظ الضمير التركي فجأة ، ولماذا دبت الإنسانية في قلوب الأتراك حيال العرب ، ولماذا لم تشعر بالظلم الواقع على العربي والمسلم والفلسطيني الغزي على وجه التحديد إلا اليوم . وهل كانت العيون التركية كفيفة ، والآذان صماء ، كما كان اللسان أبكما ، طول الوقت لتتفتح على الواقع العربي والفلسطيني المؤلم فجأة .
خسرت تركيا بمراهنتها على الانضمام لأوروبا ، وخسرت كل تلك التنازلات والتسهيلات والمفاوضات طول عشرات السنين ، وخسرت ثوب الإسلام الذي تتلبسه الآن ، يوم أن خلعت برنسها ولبست ( الميني جب )الاوروبي وهي تقلد الحياة الغربية ، يوم أن باتت بين العلمانية والإسلام والمدنية والعسكرية ، وطموحها بدخول القارة الأوروبية ، والمحافظة على محيطها الشرق أوسطي والإسلامي والعربي ، وتاريخها الطويل في المنطقة العربية ، يوم أن تنبه ( عبدالله غول ) لذلك الإرث الكبير الذي رموه في حاويات الزمن المنصرم .
اليوم تركيا تبحث عن فضاء جديد ، ممتد من تركيا الى الوطن العربي كاملا ، وتبحث عن دور تعوض به النقص الذي يعتريها ، فلم تجد غير حالة الفوضى التي تعم العالم العربي ، وجارتها سوريا ، فبنت مخيما لما يسمى الهاربين مما يسمى ويشاع( جحيم النظام السوري) ، لتمارس فيه الاغتصاب بالجملة ، وتظهر حالات الحمل القسري وليكون وصمة عار في جبين المشرفين على هذا المخيم وساكنيه .
هل ستنجح تركيا العلمانية الضائعة بين العلمانية والدين ، والمدنية والعسكرية من مد ما يسمى الثوار في سوريا بالمال والسلاح والغذاء والدعم اللوجستي ، وهل ستنفذ ما وعدت به من مساعدة ما يسمى بالثوار ضد لنظام ، حيث عبرت عن استعداها لتقديم العدم والمساعدة لشعب سوريا إذا ما طلب الشعب السوري ذلك ، وهنا يمكن ان نطرح السؤال التالي : الشعب السوري من يمثله ؟ هل يمثله القلة القليلة التي تثور وتخرب وتحرق وتقتل وتدمر .. أم هم الغالبية العظمى من أبناء سوريا الذي يقون الى جانب سوريا الوطن والأرض والإنسان .
وهل سيكون التدخل التركي تدخلا عسكريا ، وهل سيكون هذا التدخل غلطة الشاطر والتي تقدر بألف غلطة ؟؟ وما هي تبعات ذلك على تركيا وأوريا والمنطقة ؟ وما هو دور إسرائيل ، ومصلحتها في كل ما يجري ؟ وما هو حجم المصلحة التركية في ذلك ولماذا ؟؟
ثمة العشرات من الأسئلة التي تبحث عن الإجابات في موضوع تركيا والتدخل في القضايا العربية الكثيرة والتي باتت اليوم مشاعا لكل من هب ودب .
اليوم تركيا تبحث عن مجد قديم غابر ، تحاول أن تنفض عنه غبار النسيان والتهميش ، وستار الانضمام الى أوروبا الذي لن يتم ، فلن تقبل أوروبا بدولة إسلامية بحجم تركيا وقد رفضت من قبل دولا اقل كالبوسنة والهرسك.. وحتى لو كانت هذه الدولة تدعي العلمانية ، وتلبس لباس أوروبا ، وتكشف عورتها لتغري أوروبا بقبولها .
أتاحت الثورات العربية غير المدروسة ، في ليبيا وسوريا ، أتاحت الدخول لكل من هب ودب من كل باب وطاقة ، بإذن او بدون إذن ، وباتت الحدود ممرات آمنة برغبة طرف دون طرف بعد أن كانت محاطة بأسوار المنع والرفض والفيزا وتصاريح المرور وعيون المراقبة الحثيثة لرجال الضابطة الجمركية من كلا الجانبين ، يوم أن ادعت تركيا علاقاتها الإستراتيجية مع سوريا ، اليوم تتحجج بقضايا حقوق الإنسان والعدالة وحماية المدنيين وهي تمهد الطريق لكل عمليات التهريب لكل المهربات، وقد تناست كل الحقوق التي تتحدث عنها لأكراد تركيا ، وعمليات الإبادة والقمع شبه اليومي تحت أعين العالم الذي يغض البصر ، طمعا بمقرات وقواعد أمريكية وإسرائيلية وأوروبية فيها .
التعليقات (0)