ماذا بعد البيان رقم (1)؟
المشير حسين طنطاوي
ضمن السيناريوهات التي تطرح نفسها في الساحة المصرية الآن أن يتنحى الرئيس حسني مبارك ويمنح سلطاته لنائبه عمر سليمان .... والمشكلة أن من مطالب الثورة المصرية تغيير النظام السياسي بأكمله بمن فيهم عمر سليمان .. أو بما معناه إستمرار الثورة (إن لم يكن زيادة درجة إشتعالها) في حالة تعيين عمر سليمان رئيسا . وهو ما يفسر إجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدون حضور رئيسه حسني مبارك وإصداره للبيان رقم (1). بما يعني إستباق خطاب الرئيس مبارك والإنحياز لمطالب الشعب بتغيير النظام. والإعلان بداهة عن رفضه تعيين عمر سليمان رئيسا للجمهورية بعد أن إتضح أن هذا الأخير ليس جادا في الحوار مع القوى الوطنية الديمقراطية في مصر ، بقدر ما جاء يحمل من إملاءات سلطوية تجاه المعارضة السياسية وتهديدات بإستخدام العنف العسكري ضد الثوار من عامة الشعب والشباب . كما أن علاقته الوثيقة مع القيادات الرسمية الصهيونية تلقي بظلال قاتمة على تاريخه.
عمر سليمان في لقطة تذكارية مع إيهود باراك
فهل ستظل الرئاسة المصرية سادرة في عنادها وإصرارها على صم أذنيها عن واقع ما يجري في الشارع المصري أم يجبرها الجيش في نهاية المطاف على الإستماع الجيد لشعبها قبل أن تنزلق البلاد سريعا إلى مرحلة العصيان المدني؟
إن تهديد عمر سليمان بإستيلاء الجيش على السلطة وإعلان الأحكام العرفية لن يخيف أبطال الثورة المصرية ولن تستطيع دبابات الجيش المصري ولا طيرانه سحق وقصف الملايين من أبناء هذا الشعب البطل العظيم في الشوارع ..... وحيث يبدو أن عمر سليمان لا يدري هو الآخر ما يدور في الشارع المصري . وماذا تحمله الموجة الجديدة من قناعات ومفاهيم خلقها التثقيف الذاتي والثوري وسط الشباب وأصحاب الروح الشبابية والأفكار المستنيرة من الكبار عبر الإنترنت من مدونات ومنتديات ومواقعه الشهيرة للحوار البيني بعيدا عن سيطرة الإعلام الحكومي الرسمي الفارغ المأجور. وبلاهات وزارة التربية والتعليم من مناهج أكل الدهر عليها وشرب ، حاولت خلالها طوال الفترة الماضية إقناع كافة الأجيال المتوالية أن مصر ليست سوى إبعادية وعزبة وملكية شخصية للرئيس الفرعون وملتقطي فتات الموائد من حاشيته ..
يبدو أن الخيار الأفضل الآن أن يرحل حسني مبارك "بوضوح" ويتولى الجيش التغيير وحمايته في مصر بعد إلغاء الدستور وحل مجلسي الشعب والشورى والوزراء وإبعاد الحزب الوطني عن السلطة بأكملها ، ونقل السلطة إلى رئيس المحكمة الدستورية مؤقتا إلى حين إجراء إنتخابات برلمانية حرة نزيهة وصياغة دستور جديد حديث يلبي طموحات الشعب ويحترم إرادتهم كبشر في هذا الكون.
الدفع ببلطجية الحزب الوطني إلى ميدان التحرير جهارا نهارا أمام أعين العالم أجمع كان بداية النهاية الحاسمة للنظام السياسي المصري وفقدانه لمصداقيته وأهليته
التعليقات (0)