بعد مرور أكثر من شهر على مقتل زعيم و مؤسس "القاعدة" أسامة بن لادن، تم اختيار الرجل الثاني " أيمن الظواهري " زعيما جديدا للتنظيم. و بذلك طويت مرحلة الترقب التي تلت نهاية ابن لادن على يد القوات الأمريكية في مخبئه الباكستاني بداية شهر ماي الماضي.
الإعلان عن الظواهري كزعيم جديد للتنظيم كان منتظرا جدا، على الرغم من أن بعض التحليلات كانت ترجح كفة اليمني "أنور العولقي " الذي أصبح واحدا من أكثر المطلوبين أمريكيا في إطار الحرب المعلنة على الإرهاب... و يبدو أن تاريخ الظواهري " الجهادي " هو الذي رفع أسهم الرجل لقيادة القاعدة، فهو ذو معرفة دقيقة بكثير من خبايا و أسرار التنظيم بسبب دوره القيادي إلى جانب ابن لادن طيلة السنوات الأخيرة. و على هذا المستوى يمكن القول أن خلافة الظواهري لصاحبه و أستاذه تمثل إعلانا واضحا على استمرار القاعدة في النهج الذي بدأته مع مؤسسها الأول. فالظواهري لم يكن غائبا عن مركز القرار، بل إنه احتل الواجهة منذ عدة سنوات خصوصا في الخرجات الإعلامية للتنظيم. حيث تكررت رسائله الصوتية و المرئية في عدة مناسبات بشكل أهله ليكون ناطقا رسميا باسم القاعدة. لذلك لم يكن الإعلان عن الزعيم الجديد مفاجئا، إذ كان أمرا عاديا أن يترقى الظواهري بعد مقتل ابن لادن من الصف الثاني في التنظيم إلى مركز القيادة الفعلية استنادا إلى دوره و قربه الشديد من الزعيم الراحل.
تولي الظواهري مهمة القيادة، يفرض مجموعة من الأسئلة حول مستقبل التنظيم. لكن المرجعية النظرية التي تتأسس عليها القاعدة تجعل هذه الأسئلة بدون جدوى. فهي تتبنى فكرا متطرفا يجد سنده النظري في الأدبيات الوهابية التي تؤكد على ضرورة استخدام القوة لمواجهة الأعداء... و من تم فلا أفق لهذا التنظيم خارج " الفكر الجهادي" الذي يقدم نفسه من خلاله كمدافع عن الإسلام و المسلمين. أي أن المرحلة التي سيقود خلالها هذا الطبيب المصري عمليات القاعدة لن تختلف كثيرا عن سابقتها. و على الرغم من النجاح الكبير الذي أحرزته الولايات المتحدة في حربها على الإرهاب عندما وصلت إلى عدوها الأول، فإن ذلك لا يعني الكثير بالنسبة للذين يؤمنون بفكر القاعدة، فمقتل الزعيم لا يعني نهاية التنظيم. و ذلك ما أكد عليه بيان " الاستخلاف" الذي صدر عن القاعدة، ونشرته مختلف وسائل الإعلام ، حيث جاء في إحدى فقراته:" خير الوفاء للشهداء الأبرار ولسيرة الشيخ المجاهد أسامة بن لادن، هو الاستمرار على درب الجهاد في سبيل الله، و نصرة المسلمين و المستضعفين." و واضح أن الظواهري لن يحيد عن الخط الدموي للتنظيم. و ربما فقدت القاعدة دور الشخصية الكاريزمية التي تميز بها أسامة بن لادن، لكن شخصية الأمير الجديد لا تقل شأنا، فقد أوجد الظواهري لنفسه مكانة أساسية داخل التنظيم بسبب دوره البارز في استقطاب الجهاديين، و خصوصا أولئك الذين التحقوا به من " تنظيم الجهاد الإسلامي " في مصر، و الذي كان يتزعمه قبل مغادرة بلده إلى السعودية، ومنها إلى باكستان.
لقد ملأت القاعدة الفراغ الذي خلفه تغييب مؤسسها أسامة بن لادن، و بالإعلان عن تنصيب الظواهري زعيما جديدا لها، تكون هذه الحركة قد بدأت فصلا جديدا من مواجهتها المفتوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي سيكون هدفها المقبل بدون شك هو إسقاط أمير التنظيم الجديد، تماما مثلما كان ابن لادن مطلبها الرئيسي طيلة السنوات الماضية. لكن المؤكد أن الظواهري لن يكون إلا حلقة في سلسلة أمراء الدم الذين تصنعهم الوهابية، و الذين استطاعوا أن يسوقوا لصورة قاتمة عن الإسلام و المسلمين. و ما دام تفكير التكفير يستوطن العقول، فإن قواعد القاعدة ستنبت كالفطر في كل مكان. محمد مغوتي.17/06/2011.
التعليقات (0)