دخل قانون منع أرتداء النقاب في بلجيكا حيز التنفيذ هذا اليوم ، وبذلك تصبح ثاني بلد أوربي يسري فيها هذا القانون بعد فرنسا .
بالرغم من أني لا أرى أي داعي ديني أو أجتماعي للنقاب ، ألا أني أجد نفسي معترض بشدة على هذا القانون ، ليس لأني مسلم ، أو معارض لجزء مهم من السياسات والممارسات الأجتماعية الغربية ، بل لسبب آخر تماماً عبر عنه السيد توماس همربرج ، مفوض حقوق الإنسان في البرلمان الأوربي خير تعبير قائلاً .
"الحظر بدلا من أن يحرر النساء ، فهو يعزل ويسبب وصمة للواتي يلبسن البرقع أو النقاب ، وأن الأحكام المسبقة حول المسلمين تستمر في تقويض روح التسامح في أوروبا ".
ألا أنني ليس أمامي ألا أن أقر بحق سويسرا في منع بناء المآذن ، ومنع فرنسا وبلجيكا لأرتداء البرقع ، وحق كل أوربا في منع أقامة الأذان على الرغم من سماحها للكنائس بقرع أجراسها ، لأن من حقها فرض القوانين اللتي تراها متناسبة مع ثقافتها ومجتمعها وتأريخها وحاضرها ودينها ، خاصة أذا كان هذا القانون جاء ترجمة لرغبة الأكثرية من أفراد المجتمع في هذه البلدان.
أرادت صحفية بلجيكية التنكر في زي امرأة منقبة ، لفهم لماذا تسبب "قطعة ثياب" كل هذا النقاش ، وكتبت الصحفية تجربتها في تحقيق صحفي نشرته جريدة "ستاندارد" الهولندية ، وصفت فيه ردود فعل الناس ، قائلة إنها كانت عبارة عن " نظرات استنكار ، وفضول ، وكراهية ، وهمسات ، وأصابع تشير إليها ، ومشاة عاديون يصورونها ".
وأضافت " سمعت بعض المارة يقولون ، لماذا يُفعل هذا الشيء هنا ".
وبعدما أوقفتها الشرطة في المرة الثانية ، قال لها أحد أفرادها "هل أنتن تدركن (المسلمات) حجم الاستفزاز الذي تسببنه"، وصفت الصحفية ردود فعل المارة، وكيف صرخت امرأة في الثلاثينيات موجهة كلامها للشرطة "أعطوها مخالفة كبيرة " .
وأذا كان لبس النقاب يؤدي الى كل هذا الأستنكار، والفضول ، والكراهية ، والأهم من كل ذلك الأستفزاز في المجتمع الأوربي ، فلن يكون من اللائق أن نصر على النقاب ، خاصة وأن البدائل الشرعية موجودة .
لم يكن الكلام عن بدأ سريان قانون الحجاب في بلجيكا هو الغاية من كتابة هذا الموضوع ، ولكننا أردنا من ذكر هذه التفاصيل أن تكون مدخلاُ لموضوع آخر هو مناداة البعض في بلداننها العربية والمسلمة بما يسمونه حق الأفطار العلني في رمضان .
أكاد أجزم أن معظم " وليس كل " المنادين بحق أوربا في منع المآذن والنقاب بل وحتى الحجاب والصلاة أذا أرادت ، هم ذاتهم المنادين بأحقية غير المؤمنين برمضان من المسلمين او غير المسلمين في الأفطار العلني في هذا الشهر العزيز على قلوب الأكثرية من شعوبنا العربية والمسلمة .
لاأريد أن أسهب في أهمية رمضان الروحية والدينية والثقافية والتأريخية والأجتماعية بالنسبة للمسلمين في كل مكان ، ولكن يكفي أن لرمضان طقوساً يحترمها كل المسلمين ، وأن أي أفطار علني أمام الصائمين لابد وأن يثير مشاعر مماثلة للمشاعر اللتي يثيرها النقاب والأذان وتثيرها المآذن في في نفوس الأوربيين .
وكما أقررنا بحق أوربا في فرض ما تراه مناسباً من قوانين تحمي بها ثقافتها , على الرغم من أن قسماً ملموساً من مواطنيها هم من المسلمين ، لابد وأن تحترم الأقلية من المواطنين والمقيمين في بلادنا من غير المؤمنين بصيام رمضان ، تقاليد وثقافة الأكثرية من المواطنين اللتي ترى في الأفطار العلني قلة أحترام لمشاعر الأكثرية ، وأنتهاكاُ لقدسية هذا الشهر الفضيل .
وكما قال بعض المارة في بلجيكا حين رأوا الصحفية المتنكرة بالنقاب ، فأن من حق أي مسلم ملتزم أن يقول ، " لماذا يُفعل هذا الشيء هنا " ؟! .
كما أن المطالبة بوقف الأبتزاز ، وبالغرامة الكبيرة للمفطر علناً ، حقاً مشروعا للصائمين ، أ سوةً بحق الشرطة والمرأة البلجيكية عندما أوقفت الصحفية المتنكرة بالنقاب .
(( رمضان كريم على أيلاف وأهلها ، وعلى البشرية جمعاء ، وعلى أخوتنا في الوطن من غير المسلمين ، وشهر خير وبركة على أمة لا أله ألا الله ، وصيام مقبول ، وعتق من النار .. اللهم آمين يارب العالمين)).
http://www.alittihad.ae/details.php?id=71403&y=2011
التعليقات (0)