كلمح البصر أنتهت مهلة المائة يوم التي حددها السيد رئيس الوزراء لنفسه ولحكومته لتقديم ما يثبت أهليتها للمرحلة القادمة بعد تظاهرات ساحة التحرير ولنا أن نتساءل في نهايتها ماذا تحقق...
لنبدء بالملف الأهم ومحرك التظاهرات التي أنطلقت في شباط وهو الملف الخدمي...
بالطبع لن تتحسن الكهرباء في 100 يوم فما لم يتحقق بثماني سنوات لن يتحقق بكل تأكيد بمئة يوم..كما أننا لا نتوقع أنشاء طرق سريعة حديثة وواسعة خلال تلك الأيام المئة...لكن أن تبقى النفايات متروكة في كثير من الشوارع وأن تبقى الحفر تملأ شوارعنا وأن نستمر بعملية تعبيد الطريق وحفره لمد خطوط الماء أو المجاري فتلك مهزلة لن نقبل بها..
أن توضع علامات الطريق الفسفورية (والتي سرعان ما ستتلف نتيجة سوء التعبيد الذي لن يتحمل درجات حرارة الصيف اللاهب) في شوارع تملؤها الحفر وتفتقر أحيانا لأرصفة نظامية فذلك ليس إلا ضحك على ذقون الناس وتبديد لأموال الدولة..بالطبع هنا يحضرني موضوع وددت كثيرا أن أكتب عنه ولم تسنح لي الفرصة..
على الطريق القادم من مدينة البصرة والمؤدي الى مطار البصرة والى الطريق السريع (عبر العمارة أو الناصرية) وأيضا الى جامعة البصرة (مجمع الكرمة) يوجد جسر يمثل بداية الخط السريع يسمى محليا بجسر الكزيزة..
في هذا الجسر فجوة أو فراغ صغير لأستيعاب تمدد مادة الجسر عند أرتفاع درجات الحرارة لكن الأهمال حل تلك الفجوة الى حفرة لابد من تخفيف السرعة عندها الى أقصى حد ممكن...
قطع هذا الجسر لأكثر من مرة من أجل معالجة الأمر ومنحت مقاولات بملايين الدنانير ولكن في كل مرة تعود المشكلة الى المربع الأول بعد بضعة اسابيع...شخص واحد فقط أقدم على حل مؤقت لكنه فعال ورخيص للغاية...
شاب يعاني من تخلف عقلي من أهالي منطقة الكرمة يرتدي جلبابا ويحمل مسحاة كان يأتي كل بضعة أيام ليردم تلك الحفرة (الطسة بالتعبير العراقي) بتراب يأتي به من الجزرة الوسطية ومقابل ذلك يعطيه بعض سائقي السيارات 250 دينار (حوالي 20 سنتا)...
هكذا وبكل بساطة وبأقل من ساعة واحدة أستطاع هذا الشاب "المتخلف عقليا" أن يقوم بما لم يقم به 5 محافظين تعاقبوا على إدراة مدينة البصرة وبتكلفة شبه مجانية ومن دون أن يتسبب بقطع الطريق..
بالطبع هذا الحل مؤقت وغير مجدي ولكنه في نفس الوقت أفضل من خسارة مبالغ طائلة على حل آخر لايختلف عنه إلا بالتكلفة..
حتى هذا الحل المؤقت لم نحصل عليه خلال فترة المئة يوم...بالطبع كان هناك عمليات طلاء لبعض الأماكن..رسم خطوط بعض الطرقات الرئيسية (من دون معالجة الحفر والتخسفات فيها) وضع لافتات لمشاريع ستقام عن قريب...كمشروع لأكساء طرق وأنشاء أرصفة حي سكني صغيرلا تتجاوز مساحته كيلومترا مربعا ونصف أو أثنين على الأكثر وحددت مهلة المشرع بسنتين ونصف...لاتستغربوا..سنتين ونصف لأكساء هذا المربع السكني الصغير...ولاحظوا أن العملية مجرد أكساء طرق موجودة أصلا وليس إنشاء طرق..بالطبع ما أنجز من المشرع على حد علمي لافتته فقط..
بالمناسبة معظم الوزارات قامت بتقديم أنجازاة دوائرها في فترة المئة يوم وفي أحدى الدوائر الحكومية الهامة طلب أحد المدراء العامين من مسؤولي شركته قائمة بأنجازاتهم خلال المئة يوم ولما أستسروا منه عما سيدرجوه في القائمة أوضح لهم...سجلوا أعمالكم اليومية..صيانة،تنظيف،،نصب وأستبدال وحدات.."قابل نريد نسوي قمر صناعي"...هذا كان رد السيد المدير العام الذي قد يكون نقله عمن هو أعلى منه منصبا..
أما عن الواقع الصحي فحدث ولاحرج...الأجهزة في المستشفيات معطلة..الأدوية غير متوفرة..المستشفيات تعاني من نضح في مياه المجاري في الطابق الثاني وهو ما يؤدي الى تلوث في صالة العمليات في الطابق الأول..
مع ذلك أستطاعت وزارة الصحة تهيئة قافلتين طبيتين لتسيرهما للبحرين...
بالعودة الى الكهرباء التي لم ننتظر تحسن ساعات تزويدها لكننا أنتظرنا إدامة لخطوطها تجنبنا الأنقطاعات المتكررة والعطلات المستمرة بالمحولات الكهربائية في مختلف المناطق والتي تتسبب في أنقطاعات الكهرباء أثناء ساعات التجهيز الشحيحة أصلا..بالطبع لم يتغير شئ..نفس المحولات الصينية المتهالكة ونفس الخطوط التي لا نحتاج أعصارا كي تنقطع..
هذا على صعيد الخدمات....
سياسيا لا يحتاج الأمر الى كثير من المتابعة لنعرف أن محنة ما بعد الأنتخابات لازالت مستمرة ولازال البلد بلا حكومة مكتملة ولازالت الحكومة بلا وزارء للوزارات الأمنية ولازال الساسة يتبادلون الأهانات ويطلقون التصريحات النارية من خلال شاشات التلفزة ووسائل الأعلام...
أما أمنيا فرغم كل ما توفر للحكومة والكتل السياسية من ظروف ملائمة لتوجيه الضربة القاضية للجماعات الأهرابية المسلحة إلا أنها فشلت في أستغلال الأمر..
فالحراك في المنطقة وأنشغال الأنظمة الأقليمية بأمنها الداخلي وتحصين أنفسها ضد الثورات الشعبية قد شغلها عن التدخل بالشأن العراقي كما أن ما يجري في سوريا التي تضم كثيرا من قادة تلك المجاميع الإرهابية جعل هؤلاء مشتتين خوفا من تغير الوضع وأنقلاب الأمور ضدهم وأحتمال عدم توفر مأوى جديد لهم كل تلك العوامل كانت تصب في مصلحة الحكومة لأخذ زمام المبادرة والتحول الى مرحلة الهجوم لسحق تلك المجاميع..بالطبع يجب أن لاننسى تصفية بن لادن وعدم أختيار خلف دائم له حتى الآن مما يعني وجود خلافات تنظيمية من الممكن أستغلالها لتفتيت التنظيم وتصفية خلاياه في العراق..كل هذا لم تستغله الحكومة وأنشغلت الكتل في صراعات لا طائل منها مما فسح المجال لتلك الجماعات لتضرب أكثر من مرة في عدة مدن عراقية أضافة لقيامها بعمليات التصفية والأغتيالات بكواتم الصوت..
وما زاد الطين بلة الموقف الحكومي الجبان أمام الأستعراض الذي نظمه أتباع مقتدى الصدر في صورة تعيد للأذهان سطوة المليشيات عامي 2006 و2007..لقد ضرب المالكي بعرض الحائط كل من وصت له لأن كل من شوت للماكلي صوت له لتنفيذه عملية صولة الفرسان وما تلاها من عمليات أسهمت في ضرب جيش المهدي وتخليص المدن من سيطرة عناصره الذين هم بالأغلب من أرباب السوابق وعتاة المجرمين..
لا أريد أن أطيل ولكن هناك موضوع لابد من الأشارة اليه وهو موضوع الفساد الإداري الذي لم يحرك فيه ساكن ولم يتم محاسبة أو أحالة أي من السراق الى المحاكم كما أننا لازلنا نسمع عن تشكيل لجان تحقيقية من دون أن نسمع النتائج التي توصلت لها تلك اللجان..كما أن أي من الوعود القاضية بتخفيض النفقات الغير ضرورية وترشيق الحكومة والغاء بعض المناصب لم تطبق بالعكس أستمرت سياسة التبذير والتعينات التي ما أنزل الله بها من سلطان كما أن أيفادات السادة المسؤولين وسفراتهم التي لاتسبب إلا مزيدا من هدر الأموال لم تتوقف..
لقد طلب المالكي 100 يوم لتقييم أداء حكومته...ووعدنا خيرا بعد المئة يوم..وها هي قد أنقضت من دون تحقيق شئ يذكر...
نتمنى على السيد رئيس الوزراء أن كان غير قادرا على توفير ما يحتاجه الشعب فليكن صريحا على الأقل وليقر بفشله أو ليحدد أسباب الفشل بشكل واضح وصريح من دون أتهام جهات( شبحية) لايتم تسميتها بأنها السبب وراء الفشل...
لا أحد يتوقع أن نحقق قفزة نوعية في غضون مئة يوم دولة الرئيس لكنك أنت من الزمت نفسك بهاكما أننا لم نلمس منكم أي خطوة لتصحيح المسارات الخاطئة على الأقل التي تسيرون بها..كما أننا لم نسمع منكم عن جداول زمنية واضحة ومحددة وملزمة لحل مشاكلنا الأساسية كمشكلة الكهرباء والسكن والرعاية الصحية...الخ
وأيضا لم تعلن خلال المئة يوم الماضية عن أي خطة للنهوض بأي من مجالات الحياة في العراق...
الشئ الوحيد الذي حصلنا عليه في هذه المئة يوم دولة الرئيس.....هو المزيد من الوعود فقط..
وعود لاغير
التعليقات (0)